من تاريخ الحوزة العلمية في القطيف
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 5/2/1443 هـ
تعريف:

من تاريخ الحوزة العلمية في القطيف

كتابة الفاضلة أم سيد رضا

حديثنا يتناول شيئاً مختصراً عن الحوزة العلمية في بلدنا في القطيف وفي أي المراحل الزمنية كان هناك ازدهار علمي في المنطقة.

في البداية نقدم لذلك بمقدمة عن النظام العام في الحوزات العلمية، فمثلما أن في التعليم الرسمي المعتاد تتقسم مراحل الدراسة إلى إبتدائية ومتوسطة وثانوية وجامعية، فإنه في الحوزات العلمية أيضاً توجد مراحل سيطوي من خلالها طالب العلم هذه المراحل حتى يصل إلى الدرجة العليا وهي درجة الإجتهاد، وما يقال من أن الحوزات العلمية ليس فيها نظام أو أن نظامها اللا نظام لا يعني أمراً فوضوياً، وإنما يعني أن هناك نظاماً متبعاً يسلكه الجميع ولكن من يستطيع أن يتجاوزه بجهده واجتهاده ودأبه فلا يحصره النظام، فمثلاً لو أن شخصاً كان ذكياً فإنه في المدارس الرسمية لا يستطيع أن يقفز ثلاثة إلى أربعة صفوف مرة واحدة، ففي الحالة الطبيعية لا يسمح بذلك، ولكن في الحوزة العلمية لا يوجد عبودية للنظام بهذا المعنى، فلو أن شخصاً جاء في أول سنة وقال أن لديه قدرة علمية وذكاء يستطيع من خلاله أن يطوي ثلاث مراحل خلال سنة واحدة فلا أحد له الحق أن يمنعه من ذلك، وقد وُجِد هذا بالفعل.

عندنا من التجارب المذكورة أيام المرحوم المقدس الأردبيلي رضوان الله تعالى عليه، فقد كان يدرس على طبيعته وطريقته ضمن النظام العام فجاء له اثنان من الطلاب أحدها الشيخ حسن بن الشهيد الأول، والطالب الثاني السيد محمد العاملي صاحب كتاب مدارك الأحكام، فجاؤوا إليه ورأوا أن الطريقة التي يستخدمها للطلبة لا تناسبهم فهم أذكى من ذلك، فقالوا له بأن هذه الطريقة لا تناسبهم لأنهم ليسوا من مقيمي النجف ويريدون أن يرجعوا إلى بلدهم في أسرع فرصة كما أن لديهم قدرة علمية، فطلبوا منه أن يتباحثوا في الكتب من أولها إلى آخرها فإن استصعب عليهم موضوع أو درس فسيرجعون إليه فيها، فوافق على طلبهم بينما سخر باقي الطلبة منهما فقال لهم المقدس الأردبيلي بأنه سيأتي يوم وسترون هذين الإثنين يؤلفان الكتب بينما أنتم من تسبقونهم في الدراسة بخمس أو أربع سنوات ستدرسون الكتب التي يؤلفانها، وقد حصل هذا بالفعل فقد طويا المراحل الدراسية بسرعة واشتركا في درس المقدس الأردبيلي (البحث العالي) ولما انتهوا قام كل واحد منهما بتأليف كتاب، فالأول ألف كتاب (معالم الدين) وهو يدرس إلى أيامنا هذه عند بعض الطلبة، والآخر ألف كتاب (مدارك الأحكام) الذي وصل إلى المقدس الأردبيلي وقد درسه بعض التلامذة الذين كانوا يسخرون منهما.

الشاهد هنا على أن ما يقال عن الحوزة العلمية بأن نظامها اللا نظام أو لا يوجد نظام فيها فإن الأمر لا يعني الفوضى وإنما يعني أن النظام لا يستعبد طالب العلم، فكل على جهده وقدرته كما أنه يستطيع أن يختار من يدرسه ويختار الوقت المناسب له لأن المهم فيها أن يفهم الطالب ما هو مطروح.

لكن قضية النظام العام هو أن البرامج العلمية في الحوزة تنقسم إلى ثلاثة مراتب، فالمرحلة الأولى تسمى مرحلة المقدمات، والمرحلة الثانية يصطلح عليها بمرحلة السطوح، بينما المرحلة الثالثة يقال لها البحث الخارج.

المرحلة الأولى وهي مرحلة المقدمات: تفترض أن الشخص ليس عنده معلومات كافية في أمور مختلفة فيُدَّرس جملة دروس في اللغة العربية (النحو والصرف والبلاغة) لأن اللغة العربية أرضية للإستنباط في الحكم الشرعي، فحتى يفهم الأحاديث والروايات لا بد من أن يتقن اللغة العربية، ولا بد أن يفهم التشبيهات والنكت البلاغية في كلام العرب وفي كلام المعصومين، كما أنه لا بد من دراسة المنطق باعتباره يصون الإنسان وفكره من المغالطات، فهناك مغالطات مشهورة جداً، فبعض الكتَّاب كتب كتاباً في حوالي سبعين مورد من المغالطات التي قد يمشي عليها الإنسان عندما يتحدث بها مع شخص آخر بينما هي ليست صحيحة، ولذلك لا بد من أن يدرس المنطق باعتباره آله تصون الفكر من الخطأ، وأيضاً لا بد أن يدرس في مقدمات ذلك شيء من الفقه وخلاصة للأصول، فقد يكون أصل الفقه رسالة عملية مختصرة كما كانوا يدرسون في زمن سابق (تبصرة المتعلمين) للعلامة الحلي وهو متن فقهي مبسط يكون في جو الفقه بشكل عام وأيضاً مختصراً وخلاصة للأصول، ففي السنوات المتأخرة يدرس غالباً (خلاصة الأصول) للمرحوم الشيخ الفضلي وهو أحد علماء المنطقة، وفي أوقات مختلفة يدرسون خلاصات للأصول، فبعضهم يدرس (معالم الدين) للشيخ حسن بن الشهيد الثاني.

إضافة إلى ذلك قد يدرس (بدايات في الفلسفة والحكمة) حتى تكون هذه الدروس معيناً له عندما يدرس في المراحل التالية، كما ان بعضهم يضيف دراسات الحديث ودراسات الرجال، فكل هذا يكون في مرحلة المقدمات.

المرحلة الثانية (مرحلة السطوح): وهي المرحلة الأصلية التي ينبغي للإنسان أن يجتهد ويدأب فيها ويتم التركيز فيها بشكل أساسي على الفقه والأصول، فهناك أيضاً من يستمر في دراسة اللغة العربية والفلسفة وقد يدرس المنطق وقد يدرس الحديث والرجال ويدرس القرآن، لكن التركيز الأساسي فيها يكون على الفقه والأصول، فيدرس فيها مثلاً (اللمعة الدمشقية) وشرحها وأحياناً يدرس قبلها (شرائع الإسلام)، ويدرس (اللمعة الدمشقية) في مستوى متقدم وبعدها (المكاسب) للشيخ الأنصاري يدرسها في مستوى أرفع وهو فقه استدلالي معمق، كما أن في الطرف الآخر يدرس أيضاً كتب الأصول، فمن المشهورات التي تدرس (أصول المظفَّر) للشيخ محمد رضا المظفر رضوان الله تعالى عليه، ويدرس بعدها (الرسائل) للشيخ الأنصاري رضوان الله تعالى عليه، وبعدها يدرس (كفاية الأصول) إلى آخوند الخراساني، بالإضافة إلى مالم يدرسه قبل ذلك، فإن درس هذه الدروس وأتقنها بشكل جيد أصبح مؤهلاً لكي يشترك في البحث العالي الذي يسمى ببحوث الخارج.

المرحلة الثالثة وهي بحوث الخارج: فقد سمي البحث الخارج كذلك غالباً لأنه لا يعتمد على كتاب، ففي الدروس السابقة كان المدرس يأتي ويقرأ من كتاب معين ثم يشرحه، لكن البحث الخارج لا يعتمد على الكتاب بل يأتي الفقيه المجتهد ويحضر مسألة لنفترض أنها من العروة الوثقى أو من منهاج الصالحين وغيره، ثم يعنون ويحدد هذه المسألة مثلاً: قال السيد الفلاني كذا وكذا، وبعد ذلك يبين ما يستدل على هذه المسألة من القرآن الكريم ومن الروايات، فإن وافق صاحب المسألة فحسناً وإن خالفه فلا بد أن يأتي بدليل على خطأ ما اختاره ويختار رأياً آخر ويبرهن عليه.

أيضاً في بحوث الخارج يحق للطلاب والدارسين أن يناقشوا أستاذهم وأن يخالفوه ويخطؤوه فيما اختار، فقد يقبلون ما يطرحه وقد لا يقبلون، فهذا يشكل عند الإنسان قدرة على الإستدلال وعلى رد دليل الخصم وأن يختار لنفسه رأياً خاصاً ويستند فيه إلى دليل معين، فيبقى طالب العلم في بحوث الخارج مدة من الزمان، فإن كان ذكياً ودؤوباً فمن الممكن أن يصبح صاحب رأي خاص وآنئذ يستشعر وجود اجتهاد عنده ويصل إلى مرحلة يقال له (مجتهد)، ثم بعد ذلك قد ينفصل عن البحث الذي كان يدرس فيه ويبدأ هو بتدريس الفقه والأصول على طريقة بحث الخارج ويعتبر واحداً من الفقهاء.

إذاً لا يوجد زمن معين للدراسة الحوزوية، فالبعض ينتهي من مرحلة المقدمات في ثمان سنوات، والبعض يحتاج إلى اثنا عشر سنة وربما بعضهم يحتاج إلى أكثر من ذلك، فكل ذلك راجع إلى دأب وجهد هذا الطالب، وكذلك بحوث الخارج فإنها تعتمد أيضاً على ذكاء ومتابعة ودأب الطالب، فإن كان يحضر كما يحضر أستاذه ويناقشه فإنه قد لا يحتاج إلا إلى سبع أو ثمان سنوات حتى يكون عنده اجتهاد.

نتوجه الآن في الحديث عن الحوزة العلمية في القطيف: 

المنطقة هنا عندها تداخل مع الأحساء وتداخل مع البحرين، وفي كل من الأحساء والبحرين حوزات علمية ووجود علمي قوي في مختلف الأدوار، ولو أردنا أن نتحدث عن كل هذه المناطق سنحتاج إلى ليالي متعددة مع أن الإنفكاك عنهما صعب لأن بعض علمائنا ربما يكونون قادمين من البحرين وبعضهم قد درَّسوا علماء الأحساء والعكس كذلك، لكن قدر الإمكان حتى تكون الفكرة محصورة في المنطقة سوف نقتصر عليها.

نحن أيضاً نلحظ أن هذه المنطقة تعد الحوزة فيها من الحوزات الطرفية وليس من الحوزات المركزية، فمن الواضح أنه توجد مناطق توجد فيها حوزات مركزية كالنجف الأشرف فتاريخها ووجود العلماء وتراثها العلمي جعلها منطقة مركزية للحوزة بل للمرجعية العليا، وكذلك الحال بالنسبة إلى قم المقدسة، بنما توجد حوزات أخرى وإن كان فيها علماء كثر إلا أنها تعتبر حوزة طرفية، ككربلاء مثلاً فبالرغم من أنها بجوار قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام وفي فترة من الزمان كانت فيها المرجعية العليا للطائفة أيضاً في أيام الوحيد البهبهاني رضوان الله تعالى عليه إلا أنها بقيت تعتبر حوزة من الحوزات الطرفية، كلك مشهد المقدسة والبحرين والقطيف وجبل عامل فكلها تعبر حوزات طرفية، ولذلك قد تبرز في فترة من الفترات هذه الحوزة ويكون الوضع العلمي فيها جداً متطور وقد تكون في فترة أخرى يصيبها لركود والخمول والتراجع، وبناء على هذا نلاحظ أن في بلادنا في القطيف في القرن الثالث عشر والقرن الرابع عشر كان أوج وجود العلماء والمقامات العلمية، بينما قبل ذلك بفترة كانت القطيف في فترة ركود، فقد كان يوجد بها علماء ولكن ليسوا بتلك الكثرة ولا بذلك المستوى، بينما في هذين القرنين وجدنا أن الحوزة العلمية في القطيف وأطرافها ونواحيها كانت حوزة متطورة وقوية.

بالطبع لا نستطيع أن نتعرض الآن إلى كل الأسماء لأن الأمر يطول ولا يمكن استقصاء هؤلاء، لكن نستطيع أن نأخذ علامات، ففي تلك الفترة كما ذكر بعض الباحثين وهو الأستاذ محمد الضو وهو من أهل هذه البلدة وقد تتبع تتبعاً جيداً عدد المدارس العلمية في المنطقة، والمدرسة العلمية هي أحد شواخص وجود الحوزة العلمية وأحد علاماتها، فأحصى نحو ثمانية عشر مدرسة علمية تم تأسيسها خلال هذه الفترة المنصرمة وبعضها لا يزال موجوداً إلى الآن، وحبذا فعلاً لو أن بعض المؤمنين يذهبون وراء هذه القضية ويحيون هذه الآثار، فمثلاً في هذه البلدة توجد بعض المدارس التي أنشأت في القطيف وتاروت، ولو أن بعض المؤمنين ممن يعجبهم تطوير الحالة العلمية يذهبون وراء هذه البلدة ويبحثون عنها ويبدؤون بإحيائها إما في نفس المبنى أو يؤخذ مبنى آخر حتى تزدهر الحالة العلمية من جديد وهكذا في سائر المناطق، فعندنا كما ذكرت نقلاً عن هذا الباحث ثمانية عشر مدرسة دينية قد بنيت خلال الفترة الماضية، فبعضها انهدم واندثر وبعضها لا يزال باقياً يمكن للإنسان أن يتابعه.

بالنسبة إلى العلماء وهذا أيضاً بحث من البحوث الجيدة لو توفر له من يعمل عليه حتى على مستوى دراسات الدكتوراه في التاريخ، فيوجد عندنا شباب سواءً كانوا يدرسون في الجامعات الإسلامية أو يدرسون في الجامعات العامة، فعندما يأتون إلى موضوع تاريخ فإنهم يبحثون عن تاريخ الدولة الأموية والدولة العباسية وغيرها، نجد أن موضوع الحوزات العلمية في القطيف موضوع خصب ومهم وفيه معلومات جيدة ولم يذكر بهذا النحو المرتب في دراسة علمية، فأنا أدعو الأخوة المؤمنين والشباب الباحثين والكتاب إلى الاهتمام بهذا الجانب وأن يذهبوا وراء عمل دراسات سواءً للجامعات أو دراسات ككتب تحوي هذا الجانب التاريخي المهمل.

العلماء الذين هم في الفترة المحددة التي ذكرناها في بداية حديثنا متعددون وكثيرون، منهم الشيخ أحمد آل طوق القطيفي رضوان الله تعالى عليه، وهو يعتبر من كبار العلماء الفقهاء والمجتهدين وقد ألف أكثر من ثلاثين كتاب وقد تم بحمد الله إعادة طباعة وتحقيق قسم منها وقد قام بذلك أخونا الفاضل الشيخ مصطفى المرهون من أهالي هذه البلدة وتم طباعتها طباعة جيدة بعنوان رسائل آل طوق القطيفي، وقد كانت وفاته رضوان الله تعالى عليه وفاة مبكرة في 1239 للهجرة وهو أستاذ جيل من العلماء الكبار، ومن أولهم الشيخ أحمد زين الدين الأحسائي الذي هو الآن فئة كبيرة من شيعة أهل البيت عليهم السلام تتبع آراءه وأفكاره وتنهج منهجه، وهذا تلميذ من تلامذة الشيخ أحمد آل طوق القطيفي وقد درس عنده فترة من الزمان، فالشيخ أحمد زين الدين الأحسائي عندما يتكلم عن أستاذه يتحدث عنه بعنوان أستاذنا الأعظم والمدرس الأفخم.

ومن تلامذته أيضاً أحد مراجع التقليد الذي قُلِّد في القطيف والبحرين، بل قيل أن مرجعيته امتدت حتى إلى بعض بلاد إيران، وهو الشيخ محمد بن عبد علي آل عبد الجبار القطيفي، وقد كان عالماً كبيراً وكان عجيباً في التأليف والتصنيف، وقد ألف أكثر من 100 كتاب بعضها كان في أثناء السفر، فبعض من كتب عنه يقول: بتتبعنا لبعض كتبه نجد أن هذا الكتاب مثلاً كتبه في طريقه إلى البصرة يوم الإثنين في تاريخ 2/1، وكتاب آخر كتبه في طريقه إلى البصرة يوم الأربعاء في تاريخ 4/1، أي يومان بينهما وهو في حال سفر، ففي حال السفر لا يكون الإنسان عادة عنده استقرار كثير وليس عنده مصادر ولكن مع ذلك نرى أن هذا الشخص يؤلف بهذا المقدار، وبعض كتبه ككتاب (هدى العقول) وهو شرح لكتاب (الكافي) لثقة الإسلام الكليني الذي قام بشرحه في خمسة عشر مجلداً في مبحث من أصعب المباحث وهو الأصول من كتاب الكافي فيه العقائد وخلق السماوات والأرض وأسماء الله الحسنى وصفاته والإستدلال عليه والمناظرات في شأنه وغيرها أيضاً من روايات الصوم والحج وروايات الأخلاقيات والمعاشرة، فيعتبر من أصعب الفصول وقد شرحه في خمسة عشر مجلداً وهو كتاب مطبوع أيضاً ومتوفر، كما أن لديه ردود أيضاً على النصارى والمسيحيين ويصرح في ذلك بأنه قد قرأ التوراة وقرأ الأناجيل، بل له أيضاً في كتب العقائد الرد على ابن تيمية الذي حاول الرد على العلامة الحلي برداً سيئاً.

فابن تيمية كان معاصراً للعلامة الحلي رضوان الله تعالى عليه ورد عليه رداً سيئاً وقد كانت لغته لغة متشنجة في الرد على العلامة الحلي، فالعلامة الحلي اسمه الحسن بن يوسف بن المطهر، فإذا أراد ابن تيمية الرد عليه يقول: قال ابن المنجس، فمن جملة مناقشات هذا العالم الجليل الشيخ محمد بن عبد الجبار كان يناقش فيها عبد السلام بن تيمية الحراني المعروف، فهذا هو أحد تلامذة الشيخ آل طوق وقد رجعت إليه المنطقة في التقليد فهو عالم أقر له أقران بالعلم والفضل والمعرفة وحاز شهادات الإجتهاد ونافس غيره فوثق به الناس في علمه فقلدوه في القطيف والبحرين أيضاً، فهو من أهالي البحرين من آل سماهيج ولذا آل عبد الجبار لقبهم هو آل عبد الجبار السماهيجي البحراني، وقد هاجر من البحرين في الفترة التي بدأت حملات العمانيين على البحرين ضمن النزاعات التي كانت للسيطرة على الأساطيل البحرية وقد كانت تحدث حروب وغزوات وكثير من المشاكل ولذلك اضطر الكثير من العوائل إلى الهجرة إلى بلادنا بإعتبارها أكثر أمناً.

من أولئك العلماء أيضاً الشيخ أحمد آل طعان القطيفي وقد كان واحداً من كبار العلماء تتلمذ مباشرة على يد الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري رضوان الله تعالى عليه الذي هو المؤسس للمدرسة الأصولية الحديثة، فالشيخ أحمد آل طعان أخذ الفقه والأصول عن الشيخ الأنصاري ولازمه ولازم من كان في تلك الفترة في النجف الأشرف ثم رجع إلى بلاده، وله أيضاً عدد من الكتب حوالي 30 كتاب كلها كتب قيمة وتم طباعتها وتحقيقها وإخراجها لمن أراد.

فبعد هذه الفترة يأتي العلماء المعاصرون وهم كثرة، وإذا أردنا أن نذكرهم جميعاً فسيطول الأمر ولكننا سنسرد أسماءهم:

1 - الشيخ علي البلادي البحراني رضوان الله تعالى عليه صاحب كتاب انوار البدرين المتوفى سنة 1340 للهجرة.

2 – الشيخ محمد آل نمر الذي كان في العوامية وهذا عالم من العلماء الذين استطاعوا أن يصدوا الغزاة عن المنطقة بتخطيطاته وبأفكاره بالرغم من أنه كان كفيف البصر إلا أنه كان نافذ البصيرة وقد أسس عدد متعدد من المدارس العلمية، والتي ذكرت على الأقل هي ثلاث مدارس في مناطق مختلفة هنا في بلادنا في القطيف، وقد توفي سنة 1348 للهجرة.

3 – المرحوم الفقهيه الشيخ عبد الله المعتوق وهو واحد من العلماء العظام ومن الفقهاء المجتهدين، فقد درس في النجف فترة طويلة من الزمان ثم رجع إلى بلاده وسكن تاروت، وقد رُجِعَ إليه في التقليد على نحو واسع وتوفي في سنة 1362 للهجرة.

4 – الشيخ أبو الحسن الخنيزي رضوان الله تعالى عليه وهو فقيهاً مجتهداً قوي العارضة وله دورة ففقهية، المطبوع منها عدد لا بأس به باسم دلائل الأحكام، وعنده أيضاً كتاب الدعوة إلى الوحدة الإسلامية وهو كتاب في غاية الروعة وبديع جداً، ما أحسن مثل هذه الدعوة وقد برهن عليها وأنها هي طريق أهل البيت وطريق الإسلام الحقيقي وقد توفي سنة 1363 للهجرة.

5 – من أبناء هذه المنطقة المرحوم الشيخ منصور المرهون رضوان الله تعالى عليه، فيكفي سعيه إلى تأسيس الحوزات العلمية، وما خلَّف من علماء وخطباء وأئمة جماعات ولا تزال هذه الأسرة ولادة إلى العلم، نسأل الله أن يوفقنا ويوفقهم ويوفق السامعين إلى كل خير وأن يدفع عن بلادنا كل شر.

هذا جزء بسيط جداً لا يصل إلى واحد في المئة من الجهود التي بذلت للحفاظ على هذا المذهب وهذه الثقافة والمعرفة، ففي بعض الأوقات كما ينقل الشيخ محمد بن عبد الجبار في حوالي سنة 1210 يقول: أنه على أثر الأحداث والحروب التي حدثت أصبحت الأرض قاعاً صفصفاً، فلا تجد فيها علماء ولا طلبة ولا من يدرس بل وحتى لا تجد فيها من يسترزق، فكانت الأمور صعبة في ذلك الوقت، لكن بجهده وجهد أمثاله من آبائكم وأجدادكم فقد حفظت هذه الشريعة ووصل هذا المذهب وجاء إلينا ونحن نحمد الله سبحانه وتعالى على أن وصل إلينا مذهب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.


مرات العرض: 3419
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 57588.48 KB
تشغيل:

حوزة كربلاء و النقاش الأصولي الأخباري
الحوزة العلمية في جبل عامل