حركة التوابين روح الحياة في الكوفة 27
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 27/1/1442 هـ
تعريف:

27 حركة التوابين روح الحياة في الكوفة

كتابة الفاضلة أم سيد رضا

حديثنا يتناول بإذن الله تعالى موضوع ثورة التوابين الذين نهضوا للأخذ بثأر الحسين عليه السلام، وهذه النهضة والحركة هي من الآثار التي خلَّفتها نهضة الحسين عليه السلام وولَّدها الشعور بالإثم على أثر خذلان الحسين عليه السلام، فمن المعروف أن أهل الكوفة قد كتبوا إلى الإمام الحسين عليه السلام بداية من شهر رمضان سنة 60 للهجرة عندما وصلت إلى الإمام الحسين عليه السلام كتب أهل الكوفة ورسائلهم بأعداد كبيرة وهو لا يزال في مكة المكرمة، وبعض هذه الكتب فيها أشخاص متعددين ويعلنون فيها ولائهم للحسين عليه السلام وانتظارهم لمقدمه ويوقع فيها أحياناً عشرون شخصاً أو ثلاثون شخصاً من أعيان القبائل في الكوفة، وقد اجتمع للإمام الحسين عليه السلام أعداد كبيرة من هذه الرسائل، ومن جملة من كتب للإمام الحسين عليه السلام هم: سليمان بن صرد الخزاعي، المسيب بن نجبة الفزاري، رفاعة بن شداد، عبد الله بن وال التيمي وعبد الله بن سعد الأزدي وآخرون، وهم يعتبرون بأنهم رؤوس نهضة التوابين كما سيحصل فيما بعد، وقد كتبوا للإمام الحسين عليه السلام كتاباً مشتركاً مما يجعلنا نفهم أنه كان بينهم تنسيق قبل كتابة هذه الرسالة، وبالفعل وصلت هذه الرسائل للإمام الحسين عليه السلام على أثر ذلك أصبحت وجهة الكوفة هي الوجهة الأقرب، وهذا يعني أن رسائل أهل الكوفة ليست هي الأساس في نهضة الحسين عليه السلام، فنهضته لها منطلقاتها الخاصة وبواعثها الخاصة، لكن رسائل أهل الكوفة إنما حددت إتجاه حركة الحسين الجغرافية، أي أنه كان من المحتمل أن يبقى الإمام الحسين في مكة أو ربما يذهب لليمن أو يرجع للمدينة أو يذهب للبصرة، فكل هذه المناطق لم يكن فيها ترجيحات كما هو الحال في الكوفة لأنها كانت معروفة بأنها شيعية الهوى ولو على المستوى النفسي والقلبي، وكما نعلم أنه كان فيها عدداً معتد به شهداء النهضة الحسينية، إضافة إلى ذلك أن أهل الكوفة وأعيانها وأشرافها دعوا الإمام الحسين  عليه السلام برسائل خطية ولذلك كانت الكوفة أرجح من غيرها.

جاء الإمام الحسين عليه السلام بإتجاه العراق حتى يقصد الكوفة وتحركت السلطة الأموية بسرعة وقام يزيد وجعل عبيد الله بن زياد على الكوفة لأن يعلم إن وصل الحسين عليه السلام إلى الكوفة فستتغير المعادلة بالكامل، فوصل ابن زياد إلى الكوفة مبكراً وسيطر عليها وعزل واليها النعمان بن بشير الذي كان لديه نوع من المسالمة والملاينة، وفي هذه الأثناء شنَّ حملة اعتقالات واسعة في صفوف شيعة أهل البيت عليهم السلام، فعدة مئات تم اعتقالهم وسجنهم والقسم الآخر أخفوا أنفسهم لأنهم رؤوا أنهم لو ظهروا سوف يُعتقلوا وربما يقُتلون ومنهم حبيب بن مظاهر وأشباهه، وتشير القرائن إلى أن هذه النخبة كسليمان بن صرد وأشباهه قد أخفوا أنفسهم لكيلا يصيبهم مكروه من ابن زياد.

عندما انتهت قضي كربلاء واستُشهِد الإمام الحسين عليه السلام، خرج القسم الأكبر ممن كانوا في السجن ومنهم المختار الثقفي ، ومنهم من شارك في ثورة التوابين فيما بعد، عندما خرج هؤلاء من السجن وسمعوا بأخبار الفاجعة والمأساة بتفاصيلها التي نقلتها السيدة زينب وأم كلثوم والإمام زين العابدين وفاطمة بنت الحسين عليهم السلام، ونقلها أيضاً من كانوا في المعسكر الأموي كحميد بن مسلم الأزدي وهو أشبه بمراسل صحفي في جيش بني أمية وليس من أصحاب الإمام السجاد عليه السلام كما يقول البعض ومنهم شيخ الطائفة الطوسي رضوان الله عليه الذي كتب في كتابه (الرجال) أن حميد بن مسلم من أصحاب الإمام علي بن الحسين، ولكن هذه الكلمة (من أصحاب) إذا استُعمِلت في الرجال تختلف عما إذا استُعمِلت في العقائد والتاريخ، فإذا استُعمِلت في الرجال يقال فلان من أصحاب الإمام أي أنه ممن عاصره كما كتبوا بأن أبو جعفر المنصور العباسي من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ينما هو الذي قتله فكيف يكون من أصحابه، لكن هذا التعبير ( من أصحاب فلان ) في علم الرجال يُقصَد به أنه عاصره في زمنه، وبالتالي فإن حميد بن مسلم هو مراسل صحفي في جيش بني أمية وإن لم يقتل أحداً لكنه كثَّر على الإمام الحسين عليه السلام وهو محاسَب ومسؤول في هذا الجانب، يأتي السؤال هنا أنه لماذا يأخذون بأقواله إذاً؟ الجواب هو لأنه عليه قرائن الصحة وأقرب إلى نقل الواقع.

فتموجت أخبار المأساة والجرائم والفظائع وأنه أطفال قُتِلَت ونساء سُبِيَت وأجساد رُضَت، فعظم ذلك على شيعة أهل البيت في الكوفة، وكانوا درجات في التأثر فقسم منهم لم يجدوا أنفسهم معنيين الأمر ومارسوا حياتهم طبيعية، وقسم آخر حزنوا على مقتل الإمام الحسين عليه السلام، وقسم آخر كالتوابين ومعنى تواب هي صيغة مبالغة من تاب – يتوب – توَّاباً على وزن فعَّال أي يتوب مرة بعد مرة ويشتد اتجاه التوبة فيه، فنرى البعض مثلاً يرتكب ذنباً ولا يبالي والبعض الآخر عندما يرتكب ذنباً يظل هذا الذنب حاضراً عنده دائماً ويأرق مضجعه ويوقظ ضميره أي يكون في حالة توبة دائمة وتوبيخ دائم مما ينتج شخصاً توَّاباً.

عندما وصلت الأخبار لهؤلاء التوابين تفاعلوا معها بأعظم درجاتها كسليمان بن صرد الذي استشهد وعمره 93 عاماً وهو صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد كان اسمه يسار فغير النبي اسمه وسماه سليمان بن صرد الخزاعي، وخزاعة هي قبيلة يمنية معروفة بولائها لأمير المؤمنين عليه السلام ومنها دعبل الخزاعي وأمثالهم، فقد كان سليمان من أكثر المتفاعلين في القضية الحسينية وخطب لفي جماعته خطبة طويلة بليغة حاصلها: (أنه ماذا صنعنا بابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، دعوناه إلى مصرنا ووعدناه أن ننصره حتى إذا جاء أسلمناه، فقُتِل وسبيت نساؤه، والله لا عذر لنا عند الله ولا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا أن نقتل قتلته أو أن نُقتَل دون ذلك)، فكما نعلم أنه حين كانت واقعة كربلاء كان مسجوناً وهذا يعطيه عذراً لعدم نصرته للإمام، لكن شدة الولاء من جهة والإحساس العميق بالذنب وبالخسارة التي حصلت بمقتل الحسين عليه السلام حرَّك هؤلاء التوابين وأنهم غير معذورون إلا أن يقتلوا قتلة الحسين عليه السلام أو يُقتَلوا دون ذلك.

فجمعوا السلاح وبدؤوا بالدعوة للإنتقام من قتلة الحسين عليه السلام ولكن بشكل غير معلَن، وجعلوا موعدهم بعد أربع سنوات، وقد كان هذا الكلام في السادس والعشرين من شهر ربيع الأول في سنة 61 للهجرة، وقد عيَّنوا أمر البدء بالنهضة والحركة في وجه الأمويين بعد أربع سنوات أي في سنة 65 للهجرة، فحدث اختلاف هل يبدؤوا بالإقتصاص من قتلة الحسين عليه السلام الذين هم داخل الكوفة كعمر بن سعد وحكيم بن الطفيل وزيد بن رقاد وحرملة، وكان هناك رأي آخر وهو رأي سليمان بن صرد الذي استقروا عليه فيما بعد بأنهم يجمعوا السلاح والقوات ويتكلموا في الناس ويقصدوا يزيد في الشام أو عبيد الله بن زياد في البصرة ويقاتلوهم ويحاربوهم، لأنهم لو بدؤوا بقتال من كانوا في الكوفة ستنكشف قضيتهم وآنئذ سوف يعاقَبون، فقتالهم لزيد وعبيد الله بن زياد أولاً يجعل أمر قتال الباقين سهلاً لأنهم بعد ذلك لن يكون لهم ناصر ولا معين.

فبدأ التوابون بجمع الأسلحة واستطاعوا أن يجمعوا ستة عشر ألف نصير من أنصارهم، وفي عام 64 هلك يزيد بن معاوية واضطرب حبل الأمويين وجاء بعده ابنه معاوية بن يزيد الذي لم يمكث إلا شهر وأيام ثم اعتزل حتى قُتِل غيلةً من قِبَل داخل الأسرة الأموية، واتفقوا مؤقتاً على أن يكون مروان بن الحكم هو الوالي.

هنا قال سليمان بن صرد وأنصاره بأنه حان وقت قتالهم، وقرروا أن يخرجوا في شهر ربيع الأول وقيل الثاني من سنة 65 للهجرة، وأعلن سليمان بن صرد النفير وأرسلوا إلى المدائن وكان الرجل الكبير فيها هو أحد أبناء حذيفة بن اليمان وهو من أصحاب الإمام علي عليه السلام الخلَّص، كان ابنه سعد بن أبي حذيفة بن اليمان وقد وافق على مساعدتهم، وأرسلوا أيضاً إلى جماعة في البصرة واتفقوا معهم، أي أن القضية كانت من عدَّة جهات، فعسكروا في النخيلة وهي معسكر خارج الكوفة إذا أُريد الذهاب للقتال يجتمع الناس فيها وقد ورد ذكره في سيرة أمير المؤمنين عليه السلام وفي غيرها من السيَر.

يظهر أن الخبر وصل للمدائن والبصرة متأخراً فلم يستطيعوا اللحاق بهم، وقد تخلف أيضاً الكثير من الذين كانوا معهم في الكوفة فعندما كان الأصل 16 ألف وإذا بالعدد يتقلص إلى أربعة آلاف، وهذا يبين أن هناك مسافة بين الإدعاء والكلام وبين التنفيذ، وهذا يحصل في الكثير من المجتمعات فلو فرضنا أن شخصاً يريد أن يقيم عزاءً في بلدة وفيها ألف شخص قد يحضر 200 شخص مثلاً، لذلك ابتلاء الإنسان في إيمانه ليس بالكلام بل بالفعل، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: (( كبر مقتاً أن تقولوا ما لا تفعلون )).

وبالرغم من هذا العدد لم يتراجع سليمان بن صرد مع هذه الثلة الطيبة من أصحابه وأنصاره وهنا محل الآية الكريمة: (( لا يضركم من ضلَّ إذا اهتديتم ))، أي لا يجب أن يؤثر الأشخاص السلبيين في تغيير الإتجاهات الإيجابية، فقرروا أن يذهبوا أولاً إلى قبر الحسين عليه السلام وهي أول زيارة جماعية بهذا الحجم ما يقارب أربعة آلاف شخصاً ممن يذوبون عشقاً في الإمام الحسين عليه السلام، كما نرى الآن في زيارة أربعين الإمام الحسين عليه السلام كيف يمشي مئات الألوف من الناس هذه المسافات الطويلة فقائدهم عشقهم ووقودهم حبهم.

ذهب سليمان بن صرد وأصحابه إلى قبر الحسين عليه السلام وباتوا ليلة ويوماً عند قبره مابين نياحة وبكاء وزيارة وكأنما كان هذا بمثابة البطارية التي تشحن نفوسهم حماساً بإتجاه المطالبة بثأر الإمام الحسين عليه السلام، ثم انطلقوا من كربلاء بإتجاه عين الوردة التي هي على الحدود السورية العراقية الآن كان فيها تجمعاً كبيراً للأمويين يقوده عبيد الله بن زياد لمواجهة عبد الله بن الزبير الذي نهض بدءاً من سنة 63 وأعلن بأنه الخليفة وبدأ بإرسال الولاة في أماكن متعددة.

ذهب هؤلاء التوابون رضوان الله عليهم إلى عين الوردة واستراحوا فيها حتى إذا صاروا قريبين من جيش بني أمية بقيادة عبيد الله بن زياد صار الإلتحام والقتال أربعة أيام وقد كانت معركة دموية شديدة البسالة من جهة التوابين وفي طليعتهم سليمان بن صرد الذي كان يبلغ 93 من عمره والذي قال: ( أيها الناس من أراد البكور إلى ربه والخلاص من ذنبه فليتبعني وليحمل معي)، وهي أشبه بحركة استشهاد وأشبه بما نقل عن عابس بن شبيب الذي رمى درعه وحمل على الجيش في يوم عاشوراء عندما رأى أنهم لايُقبِلون عليه للقتال، فمثل هذه الحالة من الإقبال على الموت والإشتياق لله عز وجل وترك الدنيا تفسر لنا بنحو من التفسير ما نقوله عن أئمة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإن عندنا عقيدة أن أئمة الهدى عليهم السلام كانوا يعلمون بمصارعهم ولم يكونوا غافلين عنها.

إذا لما ذهب الحسين عليه السلام إلى كربلاء وهو يعلم أنه يُستشهَد فيها؟ ولماذا ألقى بنفسه إلى التهلكة؟ فالجواب هو أولاً أن هذه ليست تهلكة حتى يلقي بنفسه فيها فإن الموت ليس تهلكة، فيكون تهلكة عندما يكون موتاً غير مبَرر من الناحية الشرعية، ولكن إذا كان موتاً سيحيى به الدين والإسلام إلى يوم القيامة فهذا عين النجاة، نحن وأمثالنا نحرص على الحياة كما قال تعالى: ((ولتجدنهم أحرص الناس على حياةٍ))، لكن الحياة الحقيقية عند الإمام الحسين عليه السلام هي التي تكون في رحاب الله عز وجل، فهو لا يشتري الحياة الدنيا بفلسِ واحد وإنما يتخذها معبر لتلك الحياة الحقيقية، فإن الذي صنعه التوابون يفسر لنا هذا المعنى وأنهم قد اشتروا الشهادة وباعوا الدنيا وأقبلوا على الموت وعلموا أنهم بهذا ينجون ويفوزون ويكفِّرون عما اعتبروه تقصيراً في حق الإمام الحسين عليه السلام، فإن استطاعوا أن يقتلوا قتلة الحسين عليه السلام فنعمَّا هي وإن لم يستطيعوا فليكونوا شهداء في هذا الطريق وليبعثوا فيما بعد النفوس، فلو نظرنا أن بيننا وبين تلك الحادثة أقل من 1400 سنة ولكن مع ذلك عندما ننظر في أخبارهم وقضاياهم وقصصهم نمتلئ إكباراً وإعجاباً بهم، فنرى أنهم نجوماً في السماء بالنسبة لأمثالنا ممن يثَّاقل إلى الأرض وممن يركن إليها وممن يسعى إلى المال والشهوة والسلطان وما شابه ذلك، فهم الذين فجَّروا بركان الغضب الذي استفاد منه المختار الثقفي كما سيأتي الحديث عنه.

استشهد سليمان بن صرد واستشهد أصحابه لأنهم كانوا قبل الأتباع وفي مقدمة القتال والفداء والتضحية، ثم استشهد معهم أكثر من كان في ذلك الجيش، وهذا أمر طبيعي لأن الفارق العددي في جيش بني أمية كان أقل ما قيل عشرين ألف وبعض التواريخ كتاريخ خليفة بن خياط وغيره يذكرون بأنهم كانوا ستين ألفاً، فأقل ما قيل في جيش الأمويين هو عشرون ألفاً وأكثر ما قيل في جيش التوابين هو أربعة آلاف أي كان الفرق خمسة أضعاف بين الجيشين ومن الطبيعي أن هذه الكثرة تغلب هذه الجماعة العددية، فاستشهد جمع غفير منهم إلى أن حجز في اليوم الأخير بينهم وبين الأمويين الليل ورأى بعض قادة التوابين بأن عددهم أصبح عدداً قليلاً وأنهم لو قاتلوا غداً فإنهم سوف يتفانون جميعاً، وبعدها فمن الأفضل أن ينسحبوا لجولة قادمة لاسيما وأن هناك أخباراً كانت عن أن المختار الثقفي يعد العدة لنهضة جديدة، وكان هذا الكلام قبيل خروج سليمان بن صرد وكأنما هذا القائد التوابي رأى أن من الأفضل أن يدخر هذه الجماعة بهذا المقدار من الحماس لجولة قادمة ربما يكونون مع المختار وآنئذ يحققون ما أرادوا من الإنتصار على الأمويين وقتل أعداء الحسين وقتلته.

أوقد هؤلاء الشهداء من التوابين بمواقفهم البطولية فتيل الإنتقام من قتلة الحسين عليه السلام، وقد أوقدوا فتيل يا لثارات الحسين وكان هذا الشعار أول شعار يرفع، بالرغم من أننا نعتقد أن حركة الإمام الحسين عليه السلام ونهضته فعلت فعلها في أهل المدينة، ولكن كشعار لم يرفعه أهل المدينة ولم يرفعه أيضاً عبد الله بن الزبير وإنما أول من رفع الإنتقام من قتلة الحسين عليه السلام والطلب بثأره بشكل صريح وواضح كان التوابون، فذهبوا إلى مصيرهم محشورين مع أصحاب الحسين وإن تأخر بهم الأمر عن كربلاء لكنهم يحشرون ضمن هذا الإطار محمودين على فعلهم ومشكورين على سعيهم وشهداء في طريق الحسين عليه السلام، فلا ضير في ذلك أبداً لأن الرجال مكانهم الطبيعي هو التضحية في وجه العدو والدفاع عن المبادئ كما يقول الشعار: 

لا ضير في قتل الرجال إنما            ذبح الرضيع به الضمير يضام

ويعني أن ذبح الرجال لا ينكس الرأس ولا يهزم الإنسان وإنما إذا سبيت النساء، فالإمام زين العابدين عليه السلام يقول: القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة، ولكن متى كان سبي النساء لنا عادة ومتى كان دخول عماتي إلى مجالس الأجانب لنا عادة، والله ما نظرت إلى عماتي وأخواتي إلا وذكرت فرارهن في البيداء من خباء إلى خباء ومن خيمة إلى خيمة وهن ينادين وامحمداه وعلياه واحسيناه، والمنادي ينادي أحرقوا بيوت الظالمين.

فلعنة الله على الظالمين والسلام عليكم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة.


مرات العرض: 3852
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2565) حجم الملف: 60271.31 KB
تشغيل:

معرفة الله وتوحيده في عقيدة   الإمامية
14 كيف نعرف تمامية العقل