عقاب الكسب الحرام
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 3/3/1441 هـ
تعريف:

عقاب الكسب الحرام

(من سلسلة ثواب الاعمال وعقابها )

تفريغ نصي الفاضلة تراتيل

 في الخبر الذي نقله الشيخ الصدوق اعلى الله مقامه في كتابة ثواب الاعمال ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله في اخر خطبة له في المدينة قال:" ومن اكتسب مالا حراما لم يقبل الله منه صدقة ولا عتقا ولا حجا و لا اعتمارا وكتب الله له بعدد اجر ذلك اوزارا وما بقي منه بعد موته كان زاده الى النار ومن قدر عليها وتركها مخافة الله كان في محبة الله ورحمته ويؤمر به الى الجنة "

حديثنا في ضمن الحديث عن عقاب الاعمال وصل بنا الى موضوع اليوم ( كسب المال الحرام )

الناس في هذه الحياة صنفان , صنف يتحرى الحلال والطيب فيتحرى مواضعه الى ان يحصل على رزقه ويعيش على هذا الأساس مكسبه حلال و مشربه حلال و مأكله حلال عموم حياته هو ضمن هذا الاطار فالخط العام في حياته انه يسعى وراء الامر المحلل . وهناك قسم اخر من الناس يرى ان الصبر على مكابدة الحلال والسعي وراءه يطول بين ان يكسب حلالا في كل يوم بمقدار بسيط وبين ان يسرق في صفقة واحده كان يسرق بنكا او يختطف انسان غني و هو يقنع نفسه ان الله غفور رحيم و يوعد نفسه بانه سيذهب للزيارة ليغفر الله له و يتوجه الى الحج ويقف بعرفات ليعفوا عنه الله ويتصدق هنا و هناك اعتقادا بان القضية تنتهي و هذا غير صحيح

وهنا واقعه سنذكرها  فهناك قصة ان احدهم سرق قرصين فتصدق بأحدهما -وحسب النقل ان كان صحيحا -ان الامام الصادق عليه السلام كان يلاحظ ذلك فلما راءه يفعل سأله ماذا تصنع ولماذا ؟ فقال : ما صنعت الا جميلا ,فانا اخذت قرصين فسُجِلت عليّ بسيئتين ثم تصدقت بواحده فحصلت على عشر حسنات و لذا عندما نطرح من العشر حسنات سيئتين سيبقى لدي ثمان حسنات بالإضافة الى القرص موجود عندي - هذا ربح لطيف في نظره - فجاءه الجواب : انما يتقبل الله من المتقين

فالصدقة من مال غيره ليس فقط لا تثاب عليها بل تعاقب عليها ولا تحصل على أي شيء من وراءها . سنقرأ حديث بعد قليل به شيء غريب

انسان كسب مالا محرم - سنأتي على كسب المال الحرام لاحقا - مثلا باع خمرا او حصّل على ثروة طائلة بالحرام ثم  جاء بنى مسجدا -عندنا "من بنى مسجدا ولو كمحبس قطاة بنى الله له بيت في الجنة " و ذهب للحج واعتق عبيدا حيث في الخبر عندنا " من اعتق عبدا مسلما  اعتق الله له من كل عضوا من المعتق عضوا من نار جهنم " فيعتقد بانه طهّر هذا المال الحرام فهناك قسم من الناس يعتقدون بان هذه الاعمال تغسل ذنوبهم ولكن في الحديث المنقول بانه  لا يقبل منه شيء لإنه مال حرام والمال الحرام لا يدخل في ملك الانسان  " من اكتسب مالا حراما - أي اصل الكسب حرام - لم يقبل الله منه صدقة  ولا عتقا ولا حجا ولا اعتمارا  وكتب الله بعدد اجر ذلك اوزارا وما بقي منه بعد موته كان زاده الى النار  "

لو باع انسان مخدرات او خمر او باع ارض ملك شخص اخر فانه ليس من حقه التصرف في هذا المال لإنه ليس من ملكه مثله مثل من يقوم بسرقة مال من جيب احدهم ثم يقوم بتوزيعها على الاخرين كصدقة فهذا حرام على السارق , اضف على ذلك انه بدل ان يحصل على حسنات فانه سيحصل على سيئات و اوزار,  فلو صلى في ذلك المسجد عدد  مائة شخص وكان ثواب صلاتهم في أي مسجد هو 100 الف حسنه فانه ليس فقط لا يحصل على ثواب المائة مصلي بل ان هذه الحسنات تتحوّل الى سيئات و تكون اوزارا عليه

من مات وقد بني مسجدا من ماله الخاص فانه يكون صدقة جارية له ولكن لو مات الشخص الذي سرق المال وبنى به مسجدا فانه يكون جاري عليه الوزر حتى يصل به الى النارالأصل هنا هو الكسب المحرم  , البعض يستعجل الحصول على المال فيتكسب المال الحرام . و للكسب الحرام اشكال متعددة منها

  • بيع الأشياء المحرمة شرعا كالمسروقات و الات اللهو و المخدرات و الخمر. الخمر لا شيء مثله فلقد لعن في الخمر سبع أصناف وهذا لم نره في أي شيء اخر من المحرمات فقد لعن الله  شاربها وساقيها و حاملها والمحمولة اليه و غارسها - اذا كان غارسها لغرض عمل خمرا منها- و المشتري لها و البائع لها والمعين على ذلك ) هذا لم نجده في شيء اخر كبيع لحم الخنزير مثلا

لدينا في الحوزات العلمية كتاب اسمة المكاسب وأول بحث المكاسب هو بحث المكاسب المحرمة عدّد فيه عددا كبيرا امما يحرم ان يكتسب الانسان من خلاله , بعضه موجود وبعضه غير موجود ونحن نشير الى الأكثر ابتلاءً

  • اخذ المال على انجاز المعاملات من غير وجه حق , كأن يعقّد الموظف الحكومي انجاز معاملات المراجعين ليأخذ منهم مالا مقابل تسهيل انجاز المعاملات لهم وهذا مكسب محرم غير جائز , وهو محل ابتلاء عند بعض الناس فالمراجع اذا كان مضطرا لذلك فانه يعطيه شيء من المال و لا اشكال في ذلك لكن الموظف حرام عليه اخذ هذا المال وهذه تسمى في العرف رشوة ولكنها في الشرع لا تسمى رشوة لان الرشوة تكون في القضاء فالراشي يعطي القاضي المرتشي مالا ليغير الحكم لصالحه , والرشوة كالكفر بالله العظيم . مثلا زوجان يذهبان للقاضي والحق على فرض انه للطرف الاول فيقوم الطرف الاخر يرشي القاضي ليكون الحق له وهو حرمة عظيمة جدا
  • الكذب والاكتساب به فهناك نسبة كبيرة جدا من اقتصاد العالم قائم على الكذب فبعض الإذاعات و الكتابات الصحفية يعلمون ان ما ينشرونه كذب ولكنهم لابد ان يكتبوه هكذا والا فالموظف لا يعطى راتب ويفصل من هذه الوكالة او الجريدة او التلفزيون فهو يعطي الكذب ويستلم الأموال , فاذا كان يعلم حقيقة الامر و تعمد الكذب فيه و في كذبه مضرة المسلمين للحصول على الاموال فهو حرام لإنه يستلم أموالا في غير حل
  • اخذ راتب من غير عمل , مثلا زيد من الناس يسجل في عدة أماكن انه موظف ولكنه فقط يوقع كل يوم في تلك الأماكن ثم في نهاية الشهر يتقاضى الراتب . او يكون موظف فعلي في احدى الأماكن ثم يأتي يوقع فقط ويجلس لا ينجز عمله بالشكل المطلوب او انه لا يحضر الى العمل من الأصل بل يجعل احد أصدقائه يوقع عنه وفي نهاية الشهر يتقاضى الراتب بل وينزعج  ويحاسب المسؤولين لو ان راتبة قد نقص منه شيء فهذه مع تعمدها والتوجه اليها يعتبر مكسبا محرم مالم يكن صاحب العمل راضيا بذلك .

ان شاء الله السامعين و الحاضرين ليسوا بهذا المستوى , ان شاء الله انتم وهم في مستوى من الاحتياط , حتى في مواطن الشبهة هم يتوقفون فضلا عن الحرام المعلوم  وهذا تهذيب اهل البيت و فكر اهل البيت , نحن فقط نذكر فالذكرى تنفع المؤمنين

نسال الله ان يجعل مكاسبنا طيبة وان يجعل ارواحنا طيبة و ذرياتنا طيبة فكل هذه الأمور مترابطة فالإنسان جسد وروح فاذا الجسد تغدى بالحرام فان الروح بطبيعة الحال ستتأثر لذا عندما البس و اغذي الذرية من الحلال الطيب فانه ينشئ طيبا وان كان من الحرام لا سمح الله فان ذريتنا تكون منحرفه , حياة الانسان الذي يتعايش من الحلال تكون طيبة

نسأل الله تعالى ان يمنّ علينا في ذلك ويرزقنا الاستقامة فيه

مرات العرض: 3833
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2578) حجم الملف: 33802.4 KB
تشغيل:

يوفون  بالنذر : الحادثة والدلالات
عقوبة مفاكهة النساء الأجنبيات