20 من بنات وزوجات الامام الحسن عليه السلام في كربلاء
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 23/1/1441 هـ
تعريف:

أ/

من بنات وزوجات الإمام الحسن عليه السلام في كربلاء


كتابة الأخت الفاضلة أم سيد رضا

 عن سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ما استفاد امرؤ مسلم بعد الإسلام فائدة أفضل من امرأة صالحة تسره إذا نظر إليها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله).
عن سيدنا أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام انه قال: (ليس للمرأة خطر في صالحتهن ولا طالحتهن، أما صالحتهن فهي أفضل من الذهب والفضة وأما طالحتهن فالتراب خير منها).
لا يزال حديثنا فيما يرتبط بحضور النساء الطيبات في ارض كربلاء ومساهمتهن في هذه النهضة المباركة للغمام الحسين عليه السلام، وتحدثنا عن بعض ما يرتبط بالإمام الحسين عليه السلام من زوجات وبنات وتحدثنا عن بعض شهيدات أيام عاشوراء وكربلاء وعن بعض بنات وزوجات أمير المؤمنين عليه السلام.
سنتناول قسماً آخر من هذه النسوة الطاهرات ونقدم لذلك شيئاً من الشرح لهذين الحديثين عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام، فأعلى فائدة وأعلى نعمة من الممكن أن يكسبها الإنسان في هذه الحياة هو الدين القويم و الصراط المستقيم لأنه بواسطته سوف يبقى خالداً في الجنة إن أحسن الإختيار، او سيكون خالداً في النار إن أساء الإختيار، فالذي ينعم الله عليه بالإختيار الصالح والصائب لهذا الطريق فقد أنعم عليه بأعظم نعمة فيجب أن نحمد الله تعالى لأنه هدانا على طريقة أهل البيت وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فإخترنا منهاج الإسلام بهذه الطريقة ونسأل الله أن يتمم علينا هذه النعمة بدخول الجنة.
بعد هذه المرتبة العظيمة من النعم فالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول أن أفضل وأحسن نعمة بعد اختيار الدين الصائب هو أن يكون هناك اختيار لإمرأة صالحة، فالمرأة الصالحة إذا اختارها الإنسان بحيث تسره إذا نظر إليها وتحفظه إذا غاب عنها فإنه سيذهب إلى عمله وإلى شأنه وهو فارغ البال وهانئ النفس ومطمئن أن كل شيء سيكون على ما تقتضيه الاخلاق والسنن، وفي الحديث الآخر عن الإمام الصادق عليه السلام فإنه يبين نعمة هذا الشيء عندما قال أن النساء بمثابة القلادة أي أنها لازمة للإنسان، فهذه القلادة اما ان تكون صالحة أو أن تكون طالحة والعياذ بالله فالمرأة الصالحة ليس لها خطر أي ليس لها قيمة وهذا التعبير يمكن ان يفهم بنحوين.
النحو الاول: أن يكون معنى ليس لها قيمة أي انها تتجاوز الأعداد وتتجاوز الأثمان كأن نقول ان هذه الماسة لا تقدر بثمن، ولذلك قال عليه السلام ليس في صالحتهن خطر فهي خير من الذهب والفضة، فالمرأة الصالحة تدل زوجها على طريق الخير وتشجعه عليه وتصر عليه فيه وقد تدخله الجنة ولهذا فإن قيمتها اعظم من الأعداد وأعظم من الأثمان.
النحو الثاني: أن المرأة الطالعة والعياذ بالله ليس لها قيمة أي ان التراب أفضل منها أي لا تساوي شيئاً لأنها قد تصعب على زوجها طريق الخير وتقلل مقدار الإيمان والإستقامة فيه.
لدينا في تاريخ النهضة الحسينة نماذج كثيرة من النساء كزوجة زهير ابن القيم الذي هو محل سلام يسلم عليه الإمام المعصوم، فزوجته ديلم او دلهم دفعته إلى الجهاد مع الحسين عليه السلام بعدما كان متردد في ذلك وأصبح من كبار الشهداء، وفي الطرف المقابل زوجة هانئ بن عروة المرادي فقد كانت من سبباً من الأسباب التي انتقل فيها مسلم بن عقيل من ذلك البيت إلى أنصاره غريباً لأن مسلم كان فترة من الزمان في بيت هانئ بن عروة ثم خرج منه لأنه سمع أن زوجة هانئ تكره بقاؤه في المنزل وبالتالي فقد حرمت النهضة الحسينية من فرصة استثنائية، فيجب على المرأة أن لا تستسهل دورها في منزل زوجها فالرعاية والعناية وتربية الأجيال والمحافظة على الأخلاق وإعطاء المجتمع شباب وفتيات صالحين وصالحات فهذا من اهم الإنتاج الذي يقوم به الإنسان، وكذلك توفير الجو المناسب للزوج حتى يسير في طاعة الله وفي رضوانه فهذا من أهم الأمور التي ينبغي لإمرأة أن تصنعها، ولذلك نلاحظ ان في كربلاء أن الكثير من الرجال الأبطال فيها كان لأمهاتهم دور مؤثر في اختيارهم لطريق الشهادة.
آل عقيل في كربلاء كانوا من أبناء مباشرين لعقيل ومن أحفاد، فإحدى بنات عقيل رثت إخوتها بعد حادثة كربلاء فقالت: ( عين جودي بعبرة وعويل واندبي إن ندبت آل الرسول، خمسة كلهم لصلب علي قد أصيبوا وتسعة لعقيل ) أو سبعة لعقيل فهناك إختلاف في نقل هذا الشعر، فهؤلاء السبعة او التسعة هم أبناء عقيل واما أبناء أحفاده فقد كانوا أكثر من ذلك فبعض المحققين أوصلهم إلى تسعة عشر شخصاً من ذكر وأنثى بإعتبار ان هناك شهيدات أيضاً في كربلاء، فأم الحسن وأم الحسين من حفيدات عقيل بن أبي طالب هن ممن حاشتهن الخيل عندما هجمت على خيام الحسين عليه السلام وداست هاتين البنتين وذهبتا شهيدتين في هذا الطريق، وأما أبناءه المباشرون فمنهم من استشهد قبل النهضة كمسلم بن عقيل ومنهم من استشهدوا بعد النهضة كعبد الرحمن وغيره، فهؤلاء في الغالب كانت أمهاتم من بنات أمير المؤمنين عليه السلام، فالمعلوم عند المؤرخين أن ميمونة  وخديجة ورقية بنات أمير المؤمنين عليه السلام قد كن نساء لأبناء عقيل لأن أمير المؤمنين عليه السلام كان كثير الإصهار لعقيل وجعفر، فمسلم بن عقيل تزوج ابنتين من بنات أمير المؤمنين على أثر موت الأولى في وقت مبكر، وأما الخمسة الذين ذكرتهم بنت عقيل في رثائها عنما قالت: ( خمسة كلهم لصلب علي قد أصيبوا ) فهذا العدد يظهر أنه ليس دقيقاً إلا إذا كانت تقصد بعضهم أي أربعة أبناء من أم البنين الطاهرة والخامس هو الإمام الحسين عليه السلام وكلهم من صلب علي عليه السلام وبالتالي فهي لا تقصد أحفاد أمير المؤمنين لانهم أكثر من ذلك بكثير ممن استشهد في كربلاء ومع ذلك أيضاً فإن هذا العدد غير دقيق لأن البعض يذكر ان أبناء الإمام علي عليه السلام تسعة أبناء منه مباشرة كإبنه من أسماء بنت عميس وابنه من ليلى النهشلية وقد استشهدوا في كربلاء ولكن الظاهر أن أبناء أم البنين عليها السلام هم الأشهر والأعرف بما فيهم سيدهم وسيدنا أبا الفضل العباس ولهذا فقد حازوا هذه العلامة وهذه الشهرة، وببركات هؤلاء الشهداء تبوأت أم البنين هذه المرتبة العالية التي لم تتبوأها أي من زوجات أمير المؤمنين عليه السلام بعد فاطمة الزهراء والتي جعلتها في ذهنية شيعة أهل البيت عليهم السلام  ومقدار العناية والإهتمام منهم تجاهها وإقامة النذور والمجالس بإسمها وتحقيق الله تعالى حاجات الناس بفضلها وببركاتها، نسأل الله تعالى أن لا يحرمنا من بركات هذه السيدة الجليلة الطاهرة وأن ينفعنا بحبها وبحب أبناءها الشهداء الأربعة الذين هم كل ثروتها.
أمهات هؤلاء الشهداء كن كأي أم اخرى حريصة على أبنائها وزوجها ولكنهن يعلمن أن دين الله عز وجل أولى وأهم وأن الشهادة في هذه الطريق مطلوبة ولذلك تغلبن على عواطفهن ومشاعرهن وشجعن ابنائهن وأزواجهن على هذا التحرك، بعكس الام التي تتغلب عليها عواطفها ولا تسمح لإبنها او زوجها أو أخيها ان يتحركوا في إتجاه الشهادة.
هناك أيضاً من امهات أولاد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، فالإمام الحسن عليه السلام استشهد في العام الخمسين للهجرة وخلف زوجات وأبناء وبنات، فيقول بعض الباحثين والمؤرخين أنه يستفاد من قرائن مختلفة وأن الإمام الحسن عليه السلام احتضن واحتوى ورعى كل هذه النساء الاتي بقين بعد الإمام الحين المجتبى بل وبناته وأبناءه وهم على أقسام، فقسم من زوجات الإمام الحسن تزوجن بعد شهادة الإمام فالتحقت بالزوج الجديد وبالتالي خرجت من دائرة كفالة بني هاشم ورعاية الإمام الحسين عليه السلام، والقسم الآخر فمنهم من تزوجها الإمام الحسين عليه السلام كأم إسحاق التيمية ومنهم من احتواهن الإمام الحسين واهتم بهن على مستوى الرعاية المالية والإهتمام الإجتماعي لهن والإهتمام التربوي لأولادهن فأصبح أولاد وبنات الإمام الحسن عليه السلام تحت رعاية عمهن الحسين فيرجعون له في الكثير من القضايا كقضايا الزواج وقضايا الحاجة المادية وقضايا التوجيه التربوي وغيرها ولهذا نجد من الطبيعي ما حدث من أمر القاسم عليه السلام كربلاء، ومن أبناء الإمام الحسن أيضاً عبد الله بن الحسن الأكبر المعروف عند المؤرخين بأنه هو الذي عقد على سكينة بنت الإمام الحسين عليهما السلام، والحسن المثنى وهو زوج فاطمة بنت الحسين وهكذا بالنسبة إلى سائر الأبناء، وعدد من أمهاتهم كن في كربلاء كرملة والدة القاسم وهو الإسم المشهور لها لأن البعض يقول بان اسمها نرجس والبعض يقول نفيلة ولكن الإسم المشهور والمعروف بين الباحثين وعلى ألسنة الخطاء هو رملة وقد كانت من سبي بلاد الروم واشتراها الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ونكحها بملك اليمين فولدت له القاسم وفي قول أيضاً انها ولدت له عبد الله الاكبر أو المكنى بأبي بكر، وقد تحدثت رملة مع ابنها القاسم في كربلاء حتى لا يتراجع عن الجهاد مع الإمام الحسين عليه السلام وكان رد القاسم عندما سأله الإمام الحسين كيف تجد الموت فقال: فيك أحلى من العسل، فهذا الرد ليس رداً عادياُ وإنما ناتج عن ثقافة ومعرفة بالدين وعن قيمة الدنيا بالنسبة إليه.
هؤلاء النساء كن في كربلاء وكن يشجعن أبناءهن ومن يرتبط بهن على أن يقوموا بالشهادة والدفاع بين يدي ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما فعلت أم البنين عندما ضحت بأبناءها الأربعة في مرة واحدة وينقل عنها من الشعر الكثير في هذا الجانب ومن ذلك ( لا تدعوني ويك أم البنين تذكروني بليوث العرين، أربعة مثل نسور الربى قد واصلوا الموت بقطع الوتين، يا ليت شعري أكما أخبروا بان عباساً قطيع الوتين ) وتقول أيضاً مفتخرة: ( يا من رأى العباس كر على جماهير النقد ووراءه أبناء حيدر كل ليث ذي لبد )، فالعباس إسم من أسماء الأسد الضرغام وأصله في اللغة الأسد، والنقد هي صغار الخراف قبيحة المنظر وخفيفة الوزن فعندما يفر عليها الأسد لا يبقى فيها أحد ثابت بل يفتك فيها فتكاً شديداً، فهي في هذا الشعر لا تتأوه وتقول بأنها قد خسرت بل تفتخر بأبناءها ولعل هذا الموقف هو الذي يجعلها مقربة لسيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام وأنها تواسي الزهراء بأبناءها الأربعة في نصرة أخيهم الحسين عليه السلام، وأن الحسين عليه السلام كان يدخر اخاه العباس إلى آخر الأوقات كما يدخر الإنسان سلاحه الأقوى إلى آخر المشوار، بإعتبار ان العباس هو الأكبر والأقوى والأشجع وقد وصفه بأنه عماد عسكره وعمود خيمته وأنه إذا صرع العباس ينتهي هذا العسكر ويؤل جمعهم إلى الشتات وتنبعث عمارتهم إلى الخراب.

مرات العرض: 3397
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2563) حجم الملف: 54867.91 KB
تشغيل:

19  بنات الامام علي وزوجاته في كربلاء
2 سيرة الامام السجاد من كربلاء إلى شهادته