من آثار التسبيح والاستغفار 7
التاريخ: 1/5/1440 هـ
تعريف:

من آثار التسبيح والاستغفار


كتابة الفاضلة تراتيل السماء
حديثنا ضمن سلسلة ثواب الاعمال وعقاب الاعمال كان يدور حول التسبيح و تعرضنا الى شيء عما عرف بالذكر اليونسي  وهو ذكر نبي الله يونس ﴿  فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فاستجبنا له و نجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين  ﴾ الأنبياء 87 ,  نتابع اليوم الحديث عن بعض الاثار التي ذُكرت وتذكر للتسبيح و نتحدث أيضا عن ذكر اخر وهو ا لاستغفار  .
بالنسبة الى ذكر التسبيح فان القران الكريم يبين عددا من الاثار التي ترجى من تسبيح الانسان لله عز وجل , أولها ما ذكرناه في  هذه الآية المباركة ﴿  فاستجبنا له و نجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين  ﴾ فبخصوص التسبيح المذكور في الاية تذكر انه بهذه المقدمات وهذه النتيجة تتم نجاة المؤمنين .
فشخص في داخل ظلمات ثلاث بحسب الظروف الطبيعية فان إمكانية النجاة شبه معدومة ومع ذلك تمت نجاته ونُجي من تلك الغموم والهموم المتراكمة
الانسان المؤمن في هذه الحياة يتعرض لمناشىء كثيرة تسبب له الغم والهم , احد طرق النجاة الغيبية من الهموم والغموم هو تسبيح الله وذكره والاعتراف بين يدي ساحته بظلم الانسان لنفسه هذه اول نتيجة يتحدث عنها القران الكريم
وهناك نتيجة أخرى قريبة منها وهي ما ذكرته اكثر من اية في القران الكريم ﴿ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ﴾ الحجر 97  فالله يسلي نبيه الكريم فيقول عز وجل : نحن نعلم مقدار الاثار والكلام السيء والفاحش الذي يحصل عليك وعلاج ذلك –الاشاعات و الحملات اللفظية واللسانية و تشويه السمعة – هو ان تسبح بحمد ربك  بقول (سبحان ربي الأعلى وبحمده , سبحان ربي العظيم وبحمدة )
التسبيح مما يجعلك بعيد عن اثار ضيق الصدر , وافضل انحاء التسبيح هو عندما تكون ساجدا ﴿ وكن من الساجدين ﴾ , عندما يحصل لك ضيق ومشاكل وصلت اليك او احد تكلم عليك فاهوي الى الأرض ساجدا لربك و سبح بحمد ربك فهذه وصفة قرآنية من الله عز وجل لنبيه
وقريب منها في آية أخرى ﴿  اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ طه 130 فهنا ذكر مختلف الأوقات الليل والنهار و قبل طلوع الشمس و قبيل غروبها و اطراف النهاء واناء الليل , ليكون ذكر التسبيح عندك على طرف اللسان والنتيجة المترتبة على هذا الامر هي ( لعلك ترضى ) أي سيحصل لك الرضا.
ما هي العلاقة بين التسبيح والرضا , بين التسبيح و بين نفي ضيق الصدر , هذا يحتاج الى بحث خاص لذا لن نتعرض الى ذكره الان.
من آثار ونتائج التسبيح ما يذكر من انه شعور الانسان بالانسجام مع مخلوقات الله فمثلا عندما تكون في مكان معين  لا تعرفه جيدا ولا تعرف اهلة ولا يعرفونك فانه يكون انسجامك مع هؤلاء قليل , اما اذا كنتم مشتركين في عمل واحد او شيء ما فانه سيكون هناك نوع من التألف والتقارب .والتعارف. وهكذا فان هذا الكون بما فيه من مخلوقات دائب و دائم التسبيح لله سبحانه فاذا كنت انت من ضمن هذه الحركة الكونية فستكون منسجما مع الكائنات , اما اذا خالف ذلك فيكون هو مشرقا وتلك مغربة او هو مشملا وهي متيامنة  . القران الكريم يقول ﴿الَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ النور 41 , من في السماوات والأرض هي إشارة الى كل عاقل , وفي اية أخرى أشار الله الى غير العاقل فقال﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الحسنى ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ الحشر 24 فهنا إشارة الى غير العاقل في حين ان الآية السابقة هي إشارة الى عاقل من ملائكة وانس وجنّ , (والطير صافات ) ذكرنا في وقت سابق بان الطير افراده هنا لانه مجال خصب لبيان قدرة الله عز وجل خصوصا بحالة صَفِّة
الصافات تأتي بعدة معاني فتارة تكون بمعنى في صفوف وتارة بمعنى اعمق وهو الصف في مقابل الدف و تحريك الجناح أي ان الصف هو ان  يفرد الطائر جناحيه بدون تحريكهما , وبحسب قوانين الجاذبية  الطبيعية فان هذا الطير يقع و لا يبقى معلقا في الهواء لأنه لا يضرب في الهواء بجناحية للأسفل ليرتفع , ومع ذلك فانه لا يسقط الى الأرض ,
إضافة الى ذلك ما يتجلى في هذا الطير وسلوكه من قدرة الله وكماله وتنزيهه من النقص فمثلا في هجرة هذا الطير من اقصى البلاد الباردة الى اقصى البلاد الحارة فانه يرجع الى نفس المكان بدون بوصلة ولا الخرائط الالكترونية الحديثة كجوجل ماب مثلا , فهو يطير مهاجرا الآف الكيلومترات باتجاه محدد مثلا من سيبيريا مثلا الى افريقيا ثم يعود في وقت اخر الى نفس مكانه الذي جاء منه
وكثير من مجالات الطير ( ألم ترى ان.. ) أي دعوة للتفكير والتأمل والتركيز على ان من في السماوات والأرض يسبحون لله ومنهم الطير يسبح لله حيث وضحنا مسبقا معنى التسبيح فقلنا
المعنى والاحتمال الأول : ان التسبيح هو لغة خاصة لا نفهمها
المعنى و الاحتمال الثاني : هو ان نفس خلقته الكاملة تشير الى ان خالقه منزه عن النقص والخطأ
هذه بعض الإشارات الى ما يرتبط ببعض آثار التسبيح , ومن الاذكار الأخرى الاستغفار ( استغفر الله ربي واتوب اليه ) او ( استغفر الله ,اتوب الى الله ) ممكن استخدام الذكرين السابقين و الثانية تظهر من بعض الروايات  بانها أولى فقد روي ان نبينا محمد صلى الله عليه وآله كما جاء في خبر عن الامام الصادق انه كان يستغفر الله كل يوم سبعين مرة ويتوب الى الله سبعين مرة .
فهنا يوجد بحث عقائدي بان النبي يستغفر بغير ذنب وهنا يتساءل البعض بان رسول الله لماذا يستغفر وهو معصوم ؟ هنا سيأتي حديث  يشير الى مما يستغفر الانسان,  وهذه مراتب فهناك بعض الناس الكاملين شعورهم هكذا كما ورد في الدعاء ( و استغفرك لكل لذه بغير ذكرك ) فهم يصلون الى هذا المقدار , فالناس العاديين  يأكلون الاكل الطيب ويلتذون بذلك ولكن الكاملين يجدون ان الالتذاذ بالطعام هو امر غير مناسب , فالمناسب هو ان يلتذ بذكر الله عز وجل وكذلك الالتذاذ بالزوجة هو امر محلل ولكن بعض أصحاب الدرجات يعتبرون ان الالتذاذ لا يكون الا بذكر الله  فالناس لهم درجات واعلى الدرجات هي درجة نبينا محمد صلى الله عليه وآله حيث كان يستغفر الله ولم يذنب ذنبا قط
فالبعض من عامة الناس يكتفون بالصلاة اليومية ويشعرون بالرضا كونهم قاموا بها ولم يتركوها ويتهاونوا بها ولكن العبّاد عندما لا يصلّون النوافل اليومية يشعرون بانهم  في ذلك اليوم مقصرون مذنبون لانهم فقط أتوا بالفرائض فيقومون بالاستغفار على هذا الاساس , وتصعد درجات الانسان هكذا , والنبي هكذا  يستغفر من غير ذنب 
الرواي يقول :قلت :كان يقول" استغفر الله و اتوب اليه "سبعين مرة ؟ قال بل كان يقول : استغفر الله, استغفر الله سبعين مرة و اتوب الى الله , اتوب الى الله سبعين مرة ) أي ان هذا الذكر يجزئه الى جزئين فيصبح كل جزء سبعين مرة ومجموعهما مائة وأربعين مرة , تخصيص هذا أيضا بسبعين مرة ذكرناه سابقا عندما تحدثنا حول تخصيص الاذكار و خصوصية الاعداد فهنا بيان مزيد لها كما أورده ابن ابي جمهور الاحسائي في كتابه( غوالي اللالئ ) عن احد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قال :كنا مع النبي في سفر فقال لنا رسول الله : استغفروا الله , قال: فاستغفرنا , فقال النبي: اتموها سبعين مرة فانه ما من عبد او امة استغفر الله في يوم او ليلة سبعين مرة الا غفر الله له سبعمائة ذنب وقد خاب عبد او امة أصاب في يوم وليلة اكثر من سبعين ذنب .
فمن استغفر الله سبعين مرة فهذه حسنة ( من جاء بالحسنه فله عشر امثالها ) فتصبح سبعمائة , استغفر الله واتوب اليه هو طلب مقدم من الانسان المُسْتَغْفِر الى ربه , فلو تصورت ان هناك انسان قدم الى احد الأشخاص طلب وطلبين ثم ثلاثة حتى يصل الى سبعمائة طلب فاذا لم يستجب له ذلك الشخص فانه يتضح بانه شخص خسيس جدا فهو اما  بخيل او انه شخص غير قادر فلا يتمكن من عمل شيء له .
فعندما تطلب من الله سبعمائة طلب, هل من المتوقع ان لا يستجيب لك الله ؟ طبعا لا , لانه كريم من جهة وقادر من جهة أخرى (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ) النساء 147 . ونادر من يكون من عبد او امة ان يذنب سبعين مرة في اليوم. في حديث اخر انه كان يوصيهم بالممحاة فعندما سئل عن ماهية الممحاة قال: هو الاستغفار , فالاستغفار ممحاة الذنوب
آثار الاستغفار في القرآن
وقد تحدث القران عن اثار الاستغفار على لسان احد انبيائه ( قلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) نوح 10
وقد نقل عن الامام الحسن عليه السلام كما أورده صاحب كتاب مجمع البيان في تفسير القران  – الذي هو من التفاسير المهمة و المعتمد من الفريقين وقليله هي الكتب المعتمدة عند الفريقين – عن الربيع بن صبيح ان رجلا اتي الامام الحسن عليه السلام وشكى اليه الجذوبه -  أي ان البلد لا يكون بها مطر و الزرع قد تلف في المزارع – فقال له الامام: استغفر الله . واتاه اخر وشكا الفقر فقال له الامام: استغفر الله واتاه اخر يريد ابناً – قسم من الناس حكمة الله شاءت ان يتأخر عليهم الولد ويقعون في حرج واذى من ذلك – فقال له الامام: استغفر الله
فقلنا له -أي الصحابة الجالسون-: اتوك رجالا يشكون ابوابا ويسألون انواعا  فامرتهم كلهم بالاستغفار , فقال: ما قلت ذاك من ذات نفسى انما اعتبرت قول الله تعالى (قلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا)
فهذه من الاثار عندما يكثر الانسان من الاستغفار , و منها أيضا تفريج الهموم , وفي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله (من كثرت همومه فعليه بالاستغفار )
نسأل الله ان يوفقنا الى ذكره وشكره وان يعيننا على انفسنا بما اعان الصالحين انفسهم وان يجعل انفسنا مشغولة بذكره وان يغفر لنا على اثر استغفارنا إياه انه على كل شيء قدير وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين

مرات العرض: 3439
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2578) حجم الملف: 25825.93 KB
تشغيل:

هل يترتب جزاء الأعمال عليها مباشرة 3
استغفار المعصومین .. لماذا ؟ 8