والدة النبي « آمنة بنت وهب »
تفريغ نصي الأخت أميرة التاروتي
صياغة الخطيب الحسيني فتحي آل عبد الله
عن الامام جعفر بن محمد الصادق صلوات الله وسلامه عليه ، قال ( إن جبرائيل نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : إن الله حرم النار على صلب أنزلك وعلى بطن حملك وعلى حجر كفلك. )[1]
مقدمة
حديثنا يتناول بعض جوانب السيدة الطاهرة آمنة بنت وهب والدة النبي صلى الله عليه وآله حيث كان نصيبها الأعلى في هذه الحياة إنها والدة النبي فكانت تنتظر ان يتغشاها الخلق الكامل رسول الله ثم بعد خمس سنوات تغادر الدنيا . توفيت في ريعان شبابها حيث لم تبقى بعد ولادة رسول الله إلا قرابة الخمس سنوات ، حين توفيت ورسول الله في هذا السن حيث كان نصيبها من هذه الدنيا وهو اعلى نصيب ممكن أن تصيبه امرأة في تاريخ البشرية، بأن تكون حاملة في احشائها أعظم مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى .
آمنة خُطبت من قبل عبدالمطلب
عندما جاء مع أبنه عبدالله خاطبا إياها من قومها بني زهرة فخطب آمنة بالمدينة المنورة لابنه عبدالله وأبنة عمها هالة لنفسه وكانتا متقاربتين في السن فأنجبت آمنة نبينا محمد صلى الله عليه وأله وهالة أنجبت الحمزة بن عبد المطلب في وقتٍ متقارب أيضا كذلك يكون النبي وعمه الحمزة متقاربان في العمر .
دور الأم في التربية
آمنة كانت من ضمن الحلقات التي ركز عليها القرآن الكريم من ارتباط النبوة بالأمومة .
إننا نلاحظ إن القرآن الكريم يركز على دور الأم في حياة الأنبياء، في أهم الرسالات السماوية قبل الإسلام وهي ، اليهودية والنصرانية .
ونجد إن القرآن الكريم قد تحدث كثيرا عن أم موسى وأوضاعها ومعاناتها واحتضانها لأبنها وعذابها في ذلك ومراقبتها ، بل وصل إلى دقائق التفاصيل في شأنها قوله تعالى ( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) [2]وأمثال ذلك مما هو كثيرا في آيات متعددة وفي سور متعددة .
وهكذا الحال بالنسبة لعيسى ابن مريم الذي يكن من أبٍ فبرز دور الأم مغطيا على كل المساحات حتى في ، حتى في قضية موسى نحن لا نجد ذكرا كثيرا لوالده وماذا صنع وإنما الذي نجده تركيز القرآن كان الحديث عن أمه.
وهكذا عيسى بن مريم عندما تحدث القرآن عن والدته بالتفصيل وفي حملها وخروجها وعودتها وتربيتها له وفي مواجهتها لذلك المجتمع الجاحد .
نحن نعلم أن القرآن الكريم ليس كتابا قصصيا ولا كتاب سيرة تاريخية .فنلاحظ كتب القصص والسير التاريخية تتعرض عادة إلى الأمهات والآباء والأبناء بتفاصيل مختلفة إنما القرآن الكريم فليس من هذا النوع ومع ذلك ركز على هذا الجانب وهو الأمومة ورعاية الأمهات للأبناء العظام وطهارة أحضانهم وعفتهن وكونهن من تلك الأرحام الطيبة والطاهرة : يعود ذلك لأسباب مختلفة منها جهتين :
1-اعظام شأن الأمومة :
إن تقوم الأم بدور عظيم جدا في بناء البشرية وعلى الأب أن يلتفت إلى هذا المعنى لأنها تقوم بشيء كبير فينبغى أن تلتفت المرأة أيضاً إلى عظمة هذه المسؤولية فتقدمها على كل شيء . فالبعض تقدم العمل على الأمومة والدراسة على الأمومة وحتى في العمليات التجملية بحيث تجعلها قبل الأمومة .
فالأمومة ليست شيئا بسيطا، لا تقول المرأة أتيت إلى هذه الحياة لأحمل وأنجب ليس هذا الأمر مشكلة بل أنه أعظم مسؤولية تقوم به المرأة ، فلا تستهين بها تجعلها في ذيل القائمة .بل الأمومة شأن مقدس وعمل كبير لاسيما إذا أنجبت هذه الأم أمثال نبينا محمد صلى الله عليه وأله..فينبغى على الأم أن تدرك عظمة هذه المسؤلية وشرف هذا للعمل ..وينبغي على الوالد كذلك ينبغى له أن يعظم هذا الشأن ويكبره ولا يتصور إن هذه الأم بأمومتها وتربيتها ورعايتها لاتقوم بشيء مهم بل هي تقوم بشيء مهم ربما يكون أعظم من دور الأباء .
فالقرآن الكريم أراد تعظيم شأن الأمومة بقضايا أمومة الأنبياء العظام .كأمومة هاجر لإبنها إسماعيل ، و أمومة سارة ،أمومة مريم ،أمومة أم موسى .وغيرهن من النساء. ونعتقد بذلك أمومة آمنة بنت وهب لإبنها رسول الله (ص)
2- رابط قرآني بين النبوة والأمومة :
أراد القرآن الكريم أن يربط بين النبوة والأمومة وهذا مما يشير إلى أن آمنة بنت وهب لا يمكن بأي حال أن تتخلف عن أمهات الأنبياء الأخريات بل تفوقهن جميعا لتفوق ابنها على ذلك . فإذا كانت هاجر في هذه المنزلة العظيمة تبعا لابنها إسماعيل وكانت أم موسى بهذه المنزلة العظيمة لجهة أبنها موسى ومريم كذلك.
إذاً هل يمكن أن أم النبي محمد وهو افضلهم من جميع البشر أن تكون من أهل الكفار -أبدا
هل الامهات مستودعات فقط ؟
ربما يقول قائل أن الأمهات ليس لهن مدخلا في تكوين وبناء الوليد ، ربما يعتقدون أن الأم وعاء ويستشهدون بالشعر المعروف .
فَإِنَّمَا أُمَّهَاتُ النَّاسِ أَوْعِيَةٌ -- مُسْتَوْدَعَاتٌ وَلِلْأَحْسَابِ آبَاءُ
وقد نسب هذا الشعر لأمير المؤمنين كما ذكر ذلك في كتاب ( ديوان علي ) وهو كتاب شعر الأمام علي مطبوع وحاصلها أن دور الأم هو دور المستودع المخزن أما الذي يؤثر في شخصية الطفل ويبنيها ويصقلها هم الآباء.
حسب هذا الشعر الذي يزعم أنه شعر أمير المؤمنين ونحن نعتقد أنه يصعب نسبة هذا الشعر لأمير المؤمنين للأسباب التالية :
السبب الأول إن ديوان الشعر المطبوع والمنسوب لأمير المؤمنين ليس معروفاً نسبته بالكامل لعلي بن أبي طالب (ع) فبعض القصائد هي حتما لعلي ، وفي بعض القصائد ليست لأمير المؤمنين ، وبعضها يحتمل ان تكون قصائد لأمير المؤمنين
إذاً الاستدلال على ذلك بكونه موجودا في الديوان لا يكون تاما إلا إذا قلنا أن كل ما في هذا الديوان أنه لعلي والحال أن عند المحققين والكثرة منهم ،ليس كل ما في الديوان صحيح النسبة للإمام .
السبب الثاني : يذكر قسم من الباحثين في التاريخ العربي للأشعار أن هذا البيت من جملة قصيدة تنسب للمأمون العباسي ويذكر قصة تلك الأبيات [3]
فيقولون لما احتدم الصراع بين الأمين والمأمون العباسيين حدثت بينهم معارك على الحكم وانتهت بتغلب المأمون ،أثناء هذا الصراع استخدم كلا من الأمين والمأمون أسلحتهم ومن ضمن هذه الأسلحة الهجاء .
فكان الأمين الذي أمه زبيدة وزبيدة من الشخصيات المعروفة ذات الحسب والنسب وبالمقابل كانت أم المأمون العباسي جارية سندية سوداء أسمها مراجل أي أنها في التصنيف الإجتماعي بمراحل أقل من زبيدة ، فمحمد الأمين ضرب على هذا الوتر وهجا أخاه المأمون في أمه هجاءا مقذعا من جملة ماقاله هذان البيتين :
يا بن التي بيعت بأبخس قيمة * بين الملأ في السوق هل من زائد
ما فيك موضع غرزة من إبرة * إلا وفيه نطفة من واحد
إي أنك مشترك بين عشرات الرجال فكان هجاءا مقذعا،المأمون لايستطيع أن يشتم والدة الأمين لإنها من الناحية الأجتماعية شخصية ذات حسب ونسب فماذا قال ؟
وإنما آمهات الناس أوعية * مستودعات وللأبناء أباء
فلرب معربة ليست بمنجبة * وطالما أنجبت في الخدر عجماء
يعني أن الأم بتعبيره لا تؤثر في شخصية الأبناء وإنما المؤثر هو الأب الذي هو نفسه أبوك هارون .[4] ولربما امرأة عربية أصيلة لكن ولدها خنثى بينما امرأة عجماء ولكن أبناءها نجباء
فقالوا إن هذين البيتين قالهما المأمون العباسي في سياق الصراع بينه وبين أخيه ولا ربط له بقضية الأمام علي وقد ذكر ذلك بعض المحققين أمثال :الزمخشري الذي كان بحاثا في الأدب العربي وأورده فخر الدين الرازي والطبري وهم رجالا موسوعويون في مدرسة الخلفاء .
السبب الثالث : أن هذا يخالف ما عليه من توجيهات أهل البيت وكلمات أمير المؤمنين من (تخيروا لنطفكم ) وأشباه ذلك بالإضافة الى تركيزهم على أن النبي كان ينتقل من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام المطهرة فإذا كانت الأمهات فقط مستودعات ولا تؤثر فليس هناك داع للحديث عن الأرحام المطهرة
بينما حديثهم إن الأرحام الطيبة والمطهرة مهمة ومؤثرة ويشكل جانبا من شخصية الوليد بل حتى في قضية النسب بين العباسيين والعلويين كانوا يقولون أنتم لستم أبناء رسول الله لإن الأبناء منسوبين لأبيهم وأنتم أبناء علي في الوقت الذي فيه الرؤية الشيعية على خلاف هذا وأن الحسن والحسين أبناء رسول الله (ص) .
فآمنة بنت وهب صاحبة ذلك الرحم الطاهر الذي احتضن رسول الله الذي نستدل على طهارته من الحديث عن رسول الله أنه قال ( لم أولد إلا من طهرة مطهرة ) [5] وهذا موجود حتى في كتب مدرسة الخلفاء حينما نضيف هذا الحديث إلى الآية الكريمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ )[6] يعني أن المشرك غير المؤمن فيه قذارة باطنية ونجاسة داخلية لا تتفق مع الطهارة يتضح لنا أنه لا يمكن أن تكون أم النبي إلا مؤمنة لأنه يقول (لم أولد إلا من طهرة مطهرة ) وأي نجاسة أشد من الشرك ، إذاً لا يمكن أن تكون آمنة الا مؤمنة ضمن المدرسة الأمامية .
آمنة عند المدرسة الإمامية
أن أمر آمنة أكبر من هذا بل نحن نعتقد أنه تم تخيرها في علم الله لكي تكون حاضنة وأما لرسول الله . ولو قمنا بمقارنة القرآن الكريم يقول في حق موسى ( ولتصنع على عيني ) أي أنا ربك جعلتك تحت نظري أراقبك حتى يكون لخلقك ونشؤك ونجاتك ونموك يكون تحت رعايتي وتحت عيني المباشرة ،
هذا إذا كان الحال لموسى ماهو الحال بالنسبة لرسول الله الذي قال عنه ( الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين. ) هذا فقط ليس تفسير أئمتنا وإن كنا نعتمد عليه ولكن من أجل اقناع الخصم.
كما ذكر ذلك فخر الدين الرازي المتوفي سنة بعد 600للهجرة صاحب التفسير الكبير المعروف بمفاتيح الغيب وهذا يذكر (تقلبك في الساجدين ) باعتبار الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهرة لرسول الله [7] فإذا كان موسى بن عمران وهو تابع لرسول الله وليس ندا له اي ليس على قدم المساواة ،باعتبار هذا الحديث بين الفريقين (لو كان ابن عمران حيا ما وسعه إلا اتباعي . )[8]بل أكثر نجد المسيح بن مريم يصلي خلف قائم آل محمد[9]
إذن موسى بن عمران يضع تحت عين الله وتنتقل نطفته في هذا العالم ضمن علم الله من صلب طاهر إلى رحم طاهر إلى آن يخرج رسول الله ورسول الله محمد صلى الله عليه واله أعلى وأجلى شأنا من موسى بلا ريب فوق هذا آمنة بنت وهب تنقضي ببركتها الحوائج بمقتضى رواية عن الإمام الصادق عليه السلام روى عن داود الرقي قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ولى على رجل مال قد خفت تواه [10] فشكوت اليه ذلك فقال لي إذا سرت بمكة فطف عن عبد المطلب طوافا " وصل ركعتين عنه وطف عن أبي طالب طوافا " وصل ركعتين وطف عن عبد الله طوافا " وصل عنه ركعتين وطف عن آمنة طوافا " وصل عنها ركعتين وطف عن فاطمة بنت أسد طوافا " وصل عنها ركعتين ثم ادع الله ان يرد عليك مالك قال ففعلت ذلك ثم خرجت من باب الصفا وإذا غريمي واقف يقول يا داود حبستني تعال فاقبض مالك.[11]
فعلى أثر التوسل بهؤلاء الأعاظم قضى الله له حاجته .
وهذا يفيدنا بعدة أمور
1-أن هؤلاء كلهم مؤمنون . لو كان ما وردنا إلا هذا الحديث لكفانا لإنه لا يجوز التعبد عن الكافر فعبادة الكافر باطلة وغير صحيحة سواء كانت بنفسه او بواسطة غيره
2-إن هؤلاء ممن يتوسل بهم إلى الله عز وجل في قضاء الحاجات الدنيوية العاجلة كما أنه يستحب للإنسان المؤمن ان يطوف ويعتمر عن هؤلاء العظام أو يشركهم في الثواب
حينما يختم القرآن الكريم فيقول (اللهم أشرك في ثواب ختمتي والدي رسول الله ) فأي سرورٍ تدخله على قلب النبي أعظم من ذلك بل حتى النيابة في الأعمال العبادية عنهم فهذا الباب الذي نتحدث عنه أنها بابا من أبواب الحوائج وقضاءها عند الله بتوسل بها والطواف عنها هذا أشبه بحديث آخر عن الأمام الباقر عليه السلام
( أن أمير المؤمنين أوصى أبناءه في وصيته الخاصة أن يحج عن أبيه أبو طالب وعن عبدالله وعن أمنة )[12] النبي صلى الله عليه وآله تحدث أيضا عن أمه وهذا الحديث موجود عند الطرفين .
حين سئل ماذا كان بدء أمرك فقال :دعوة أبي إبراهيم (ابعث فيهم رسولا منهم) وبشرى عيسى (ومبشرا برسول يأتي من بعدي أسمه أحمد ) ورؤية رأتها أمي عندما حملت بي أنها خرج منها نورا فوصل إلى بصر الشام[13]
نلاحظ هنا تعبير الحديث حيث جعل النبي كلام اثنين من أعاظم الأنبياء إلى جانب رؤية أمه فتبين جانب من المنزلة التي كانت عليها وأنها كانت تسمع الهواتف كما ورد في الروايات المبشرة بهذا النبي الموجود في بطنها هذا الموقف العام للمدرسة الأمامية
.آمنة عند مدرسة الخلفاء
تنقسم آراء مدرسة الخلفاء حول السيدة آمنة عليها السلام إلى قسمين
القسم الأول يقول بنجاتهما من النار :
لعل الأكثرية من مدرسة الخلفاء يقولون بنجاة أمنة وعبدالله بناء على أحد الآمرين : 1.ان ذلك مبني على أنهما على دين إبراهيم فهما يعبدان الله ولم يسجدا للأصنام بمعنى انها من الموحدين الذين هم على دين إبراهيم . 2.أنهما من أهل الفترة ( وهي الوقت الذي لم يكن فيه أنبياء ) وهذا مصطلح عند أهل الكلام وان النبي بعثه الله على فترة من الرسل وأهل الفترة لا يحاسبون، اي أنهم يقولون أن الإنسان لا يحاسب في هذه الفترة وهذه درجة أنزل من السابقة [14] ، وهذا الإلتزام بنجاتهم من باب نجاة أهل الفترة في حال عدم وجود الأنبياء .
أما مستوى التصنيف نجد الشافعية تقريبا كلهم يقولون بنجاة أبوا رسول الله (ص)
ويتبعهم كثير من المالكية وهؤلاء بهم جانبا من التصوف وهم بذلك يكونون اقرب إلى محبة رسول الله وأباءه .
حتى قيل لبعضهم أن فلان يقول أن والد النبي في النار قال هذا ملعون قيل كيف قال لإن القرآن يقول ( الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ)[15] فهؤلاء يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون [16]
وأي أذى لرسول الله أعظم من قول أن أباه كافر أو في النار .
وقسمٌ غير قليل من الاحناف يقولون بنجاة أبوا رسول الله وبالذات قد بالغوا وقد الفوا في ذلك كتبا كثيرة . 1.من الشافعية جمال الدين السيوطي المتوفي سنة 912هجري
وكان يشبهونه بموقعه عندهم بالحلي، من المذاهب الأمامية ألف ثلاثة كتب في نجاة أبوي رسول الله [17]
2-ابن حجر العسقلاني المتوفي سنة 825 هجري وهذا يعد عندهم أمير المؤمنين في الحديث كما سموه ، ويشبهونه في مذهبنا يشيخ الطائفة الطوسي لكثرة تأليفاته وإحاطته وموسوعيته في مذهبهم وهو من القائلين في نجاة ابوي رسول الله يرد على القائلين من الحنابلة خصوصا لاسيما في نسختها السلفية الذين يقولون أباء وأجداد النبي كفار .
شبهة ان الشيعة فقط من يقول بنجاة أبوي النبي
يقول ابن حجر يقولون فقط ( الرافضة) من يقول بنجاة ابواي رسول الله وهذا كذب
فالأشاعرة وهم معظم أهل السنة قائلون بنجاة ابواي رسول الله [18]ثم بدأوا يتباحثون الروايات التي عندهم فإن آمنة لم يأذن لرسول الله في الشفاعة لها
وقد ألف الشيخ حسين المصطفى من علماء القطيف كتابا بعنوان ( أم النبي ) فأوفى فيه حقها ، تأملات في زيارة النبي لقبر أمه آمنة :
ومما يذكر فيه ينقل عن علماؤهم في موضوع الروايات هناك زيارة النبي إلى أمه في منطقة الأيواء بين المدينة ومكة وهناك بكى النبي وقال هذا قبر أمي ( قال إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي )[19]
وهذا حسب رواياتهم وقالوا انها في روايات ثلاث. 1.إشكال سندي: 2.فيها وحديث عن العلماء في أن بعض رواتها قد ضعفوا من قبل شمس الدين الذهبي وهو واحد من اعلام رجالهم الكتابيين الكبار ، ومن قبل ابن معين 3.إشكال متني: 4.فيها فذهب يتخطى بين القبور ، يقولون متفق عليه أن قبر آمنة في الأبواء منفرد منعزل ليس في مقبرة ، فكيف يتخطى القبور إلى أن وصل فبدأوا يتناقشون حول هذا المعنى وقد تبين أن واضع الحديث لم يتقن وضع الحديث . 5.اشكال آية النهي عن الاستغفار للكفار: 6.قالوا ايضا أن النبي لم يؤذن في الاستغفار لها و الشفاعة لها وإنه نزلت عليه حين ذلك الأية (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ )[20]إن هذه الآية مرة قالوا أنزلت في أبو طالب وهو مات قبل ثلاث سنوات من الهجرة ومرة قالوا حينما زار أمه نزلت في المدينة.
فلسنا نعلم هل الآية مكية أم مدنية فإذا كانت مدنية لم تنزل في أبي طالب وإذا كانت مكية فلم تنزل في أم النبي آمنة .
لذلك رد هؤلاء هذه الروايات باعتبار اعتلالها المضموني والمتني وباعتبار أن الآية الكريمة تارة يشهد لها بانها نزلت في أبو طالب وتارة نزلت في آمنة .
ونحن في منجاة عن هذا الأمر ونرى أن هذه الروايات ساقطة ونرى أن آمنة كانت في أعلى الدرجات حيث كانت متخيرة منتجبة وقد كانت بعين الله عز وجل .
زارها النبي عندما كان راجعا من إحدى غزواته ومال عليها ومال المسلمون مع أن القبر ليس على طريقه إلا أنه ذهب وبكى وأبكى المسلمين معه وذكر خصائصها وخصالها فأدركته الرقة وبعبارة أخرى أول جلس من مجالس العزاء اقامه عليها رسول الله
وإن كان لم يبقى معها إلا سنوات قليلة إلا أنه كان يحمل لها ذكريات والنبي صلى الله عليه واله حينما رجع المدينة يزورها كان عمره خمسين سنة أي أنه مر عليه خمسة عقود إلا أنه لاتزال عبرته جارية وحزنه ساخنا على أمنة منذ أن كان طفلا صغيرا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٥ - الصفحة ١٠٩
[2] سورة القصص آية 10
[3] حياة الإمام الرضا (ع) - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ١٥٨
[4] حياة الإمام الرضا (ع) - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ١٥٨
[5] لم نجد الحديث نصاً ولكن وجدنا معناه في السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٧٠
[6] سورة التوبة
[7] تفسير الرازي - الرازي - ج ١٣ - الصفحة ٣٨
[8] تفسير الرازي - الرازي - ج ٢٢ - الصفحة ٢١٤
[9] شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ١٣ - الصفحة ١٩٨
[10] تواه : تلفه
[11] جامع أحاديث الشيعة - السيد البروجردي - ج ١٠ - الصفحة ٣١٢
[12] سنن الإمام علي (ع) - لجنة الحديث معهد باقر العلوم (ع) - الصفحة ٣٧٧
[13] الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٣٩
[14] حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٣ - الصفحة ٢٠٢
[15] آية أخرى (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )
[16] يعني بذلك القاضي ابن العربي
[17] رسائل الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي في نجاة والدي النبي
[18] المنح المكية
[19] السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١٧٣
[20] سورة التوبة |