فدك قضية مادة أو محاكمة دولة ؟
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 15/5/1439 هـ
تعريف:

 فدك قضية مادة أو محاكمة دولة     

تصحيح الفاضلة خديجة العيد

 

من خطبة لسيدنا ومولانا امير المؤمنين سلام الله عليه (وما أصنع بفدكٍ وغير فدك ، والنفس مظانّها(1) في غدٍ جَدث(2) ، تنقطع في ظلمته آثارها ، وتغيب أخبارها ، [وحفرة لو زيدَ في فُسحتها ، وأوسعت يدا حافرها ، لاضغطها الحجر والمدر(3) ، وسدّ فُرَجَها(4) التراب المتراكم )

قضية فدك هل هي قضيةُ ماديةٌ ومطالبةٌ بارضٌ زراعيةٌ ؟؟

وتسير ضمن اطار الدعوة القضائية التي يطالب بها مدعٍ جهةٍ أخرى أو أن أمر هذه القضية أمرٌ أعظم من ذلك .

أولاً لنبدأ الحديث عن فدك من الناحية الجغرافية ومن الناحية التاريخية ثم بعد ذلك نتساءل ماهي الدوافع التي دفعت السيدة فاطمة الزهراءعليها السلام للمطالبة بها ؟؟

ولماذا أثارتها في أول أيام الخلافة بعد رسول الله )ص)؟ وهل تستحق القضية كل هذا الضجيج تاريخياً الذي بقى إلى أيامنا هذه أو أنها لا تستحق ؟؟

لنتعرض في البداية لتعريف هذا الموضوع من الناحية الجغرافية ومن الناحية التاريخية.

فدك عبارة عن مدينة الآن تسمى الحائط وتقع بين المدينة المنورة وبين منطقة حائل تبعد عن حائل حوالي 250 كيلو متر وتاتي بعد خيبر بمسافة هذه التي تسمى فدك تاريخياً الآن تسمى بالحائط  وفي ذلك الزمان كانت قرية وفي هذا الزمان تحولت الى مدينة.

تاريخياً .. في السنة السابعة للهجرة بدأ رسول الله (ص)بمهاجمة يهود خيبر بعدأن نقضوا مواثيقهم وأخلوا بعهودهم وأصبحوا يشكلون خطراً على الوضع الاسلامي في المدينة ولم ينفع ان يعقد النبي معهم معاهدات ومواثيق تحفظ لهم حقوقهم وتمكنهم من العيش بسلام وأمان لأنهم جُبلوا على حالةٍ من الغدروانتهاز الفرص . فالنبي (ص)بعد أن انتهى من معاركه مع قريش توجه إلى خيبر واستطاع أن يكسر شوكة اليهود وأن يقضي على قوتهم .لماسمعت الأطراف والمناطق اليهودية بما جرى في خيبر وخيبر كانت المنطقة الأكثر تحصناً من الناحية العسكرية وفيهاالمقاتلين وفيها الرجال والسلاح ومعزذلم لم تصمد أمام قوة المسلمين وإدارة رسول الله (ص) وبطولة علي بن ابي طالب (ع) فخاف أهل المناطق اليهودية الاخرى من جملتهم فدك فأرسلوا إلى رسول الله (ص) إننا نصالحك على أن نخرج من هذه المنطقة على أن لاتهاجمنا [لأن الهجوم معناه قتال وفي عدد من الرجال سيقتلون]فلاتهاجمنا ونحن سنجلوا وننزح عن هذه البلدة فقبل رسول الله (ص) (في قضية مفصلة) ولذلك سُلمت هذه المنطقة الى رسول الله باعتبارهامنطقة لم يوجف عليه بخيلٍ ولاركاب و(وهذا التعبير له أحكام خاصة) يعني لم تؤخذ بالقوة العسكرية ولم تُفتح حرباً ولم يقاتل عليها وهذه حكمها عند جميع فرق المسلمين تكون خالصة صافية الى رسول الله (ص) لا يشترك معه فيها احد. اماالباقي فيها مشاركة من قبل المسلمين في القتال وبالتالي فيهاشراكة في الغنائم هم شراكة في القتال ولهم قسمة .أماهذه التي لم يُقاتل في سبيلها أحد ولم يُحارب من أجل فتحها احد فتكون خالصة لرسول الله (ص) صارت هذه القرية بما فيها من ثروات زراعية من النخيل يقول عنها الحموي في معجم البلدان{بلدةٌ فيها عينٌ فوارةٌ وفيها نخلٌ كثير }ويقول أمير المؤمنين (ع) كانت في ايدينا فدك من كل ما أضلت السماء يعني المساحة العمرانية فيها شي كثير التي تضله السماء كلها صارت بيد رسول الله خالصة صافية له بعد ذلك نزلت الآية المباركة (بإيتاء ذي القربى حقه وفُسرت بأن يعطي قرابته يمنحهم ويعطيهم شيئاً وكان أجلى مصاديق القرابة إبنته فاطمة الزهراء(ع) فنحل فاطمة فدكاً وستلمتها فاطمة وعينت فيها اشخاصاً يديرون شؤنها يعني قضايا الزراعة يدبروها ويرتبوها وغير ذلك.استلمت فاطمة الزهراء فدكابحسب استلام العرف  يعني استلام البستان استلام مفتاحه فكانت بيدها من عام 7للهجرة تقريباً إلى وفاة رسول الله قرابة ثلاث سنوات وشهور كانت بيد الزهراء  وفيها عمالها الذي يشتغلون فيها ويدبرون امرها وبعد ماتوفي  رسول الله (ص) جاء الخليفة الاول في قضية مفصلة وأخذ فدكاً وأخرج منها عمال فاطمة الزهراء وعندما طالبت الزهراء بها قال لها قال النبي (ص){نحن معاشر الانبياء لانورثزوماتركناه فهو صدقة }هذا رد على قضية الميراث سنتعرض له لاحقاً) بالنسبة إلى دعوى النحلة إن النبي أنحل فاطمة فدك حولها اليها قال آتيني بالشهود فاقامت شاهد فقالوا بعلهاشاهدٌ لها وأم ايمن شاهدة والحسن والحسين شاهدين ورد كل هؤلاء الشهود ولازلنا في متابعة المسار التاريخي الى فدك النبي سيطر عليها من اليهود بدون حرب ونحلها فاطمة واستلمتها وعينت فيها عمالها وصادرتها الخلافة في مرحلتها الاولى بكاملها وقالت نضع عائدها في بيت مال المسلمين .الخليفة الثاني نفس المسار الذي سار عليه الخليفة الاول ربما إن العائد المادي لها كان عائداً كبيراً فجعل عائدها في السلاح والكراع وفي تجهيز جيوش المسلمين للغزو والقتال.أما الخليفة الثالث لمن استلم الخلافة وهبها صافية نقية تامة إلو مروان ابن الحكم مروان من أقارب الخليفة الثالث والخليفة الثالث معروف بعطاء أرحامه ويقدمهم ويقطعهم القطائع.أخذ فدك واعطاها مروان كما أعطاه ايضا خمس بلاد افريقيا الخمس الذي كان يُؤتى به من افريقيا حين الفتح حوله بكامله في احدى السنوات إلى مروان وحول له ايضاً فدكاً فاصبحت بيد مروان ابن الحكم .لما جاء الامام علي للخلافة لم يغير الوضع الموجود وفي أيام حكومة الاموين جاء معاوية وأخذها من مروان ثم قسمها ثلاثة أقسام ثلاثة اثلاث أعطى ثلثاً لأبنه يزيد وثلثاً لعمر بن عثمان والثلث الاخير الى مروان .

دعبل الخزاعي يقول في زمن الامام الرضا (ع)  اشارةلمثل هذه القضية * أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات

فكانت فدك تُتداول فيما بين الخلفاء كل خليفة ياتي يقطعها إما لأبنه او لأحد ارحامه وبقت على هذا الوضع إلى زمان الخليفة الاموي عمر بن عبد العزيز فمن ضمن الاعمال التي قام بها رد فدك إلى بني هاشم .قيل أنه سلمها إلى الحسن المثنى الحسن ابن الحسن ابن علي بن ابي طالب .وقيل أنه سلمها إلى الامام زين العابدين (ع)وبعد خلافة عمر بن عبد العزيز رجعت من جديد استرجعها الخليفة الذي جاء بعده لانه اذا راح خليفة تنتقض احكامه  فضلوا يتقاسمونها الى عهد الخلافة العباسية ومشوا على نفس المشوار إلى زمان المهدي العباسي اراد المهدي العباسي ان يجعل من نفسه جانب عدالة فقال من كانت له مظلمة فليقل فقام الامام الكاظم (ع)وقال (مابال مظلمتنا لاتُرد قال أي مظلمة ؟قال فدك قال احكي لي قصتها فذكر الامام الكاظم (ع) كيف أن النبي سيطر عليها ومنحها نِحلة لفاطمة الزهراء(ع) ثم أخرجها منها الخليفة الاول والثاني وهكذا إلى أن استمرت ووصلت إلى يد العباسين قال إذا كان كذلك فاكتب لي حدها أين حدودها فلما حدد الامام الكاظم فدك قال هذا كثير ننظر فيها ونشوف موضوعها ماهو وبعد ذلك بقيت في يد العباسين إلى أيام تولي المامون العباسي الخلافة في ايام ولاية الامام الرضا (ع) أرجع المامون فدكاً إلى أهل البيت وأنشد الشعراء

أصبح وجه الزمان قد ضحك ****برد مامون هاشم فدكا

ثم بعد المامون استرجعت للخلافة العباسية وهكذا هذا مسارتاريخي  وجغرافي لهذه القصة .فدك ليس شيئاً بسيطاً ولذلك احتمل بعضهم أن أحد الاسباب التي دعت السيدة فاطمة الزهراء للمطالبة بها قيمتها المادية العالية بعض المؤرخين يذكرون أن غلتها سنوياً 300،000دينار يعني كل شهر 30،000دينار وهذا مبلغ كبير حسب مقايس ذلك الزمان ولهذا يشيرون أن الخليفة الأول والثاني وضعوا هذه الاموال في تمويل الجيش . تمويل جيش لايحتاج الف ولا الفين درهم خوض معركة عسكرية تحتاج تجهيز سلاح وخيول وغذاء ورواتب وكل هذا يحتاج له اموال كثيرة.لمن قال نضع المال في السلاح والكراع وفي تجهيز جيش المسلمين يتبين أن هذا المبلغ كبير جداً تذره هذه الارض وهذه المنطقة .وكذلك إشارة امير المؤمنين (ع){من كل ماأضلت السماء } بالاضافة لمن تتقسم بين ثلاثة أشخاص من كبار شخصياتهم يحتاج أن تكون فيها فسحة وسعة ومقدار مالي كبير جداً حتى يوزعها مثل معاوية على ثلاثة  من المقربين له .إذاً كانت ذات عائد مادي كبير جداً ولذلك يرى بعضهم أن فاطمة الزهراء تطالب بها نظراً لعائدها المادي وأن طرف الخلافة يريد أن يحرم الخط الهاشمي من مصدر قوة مادياً كبير ولذلك سيطر عليها.هذاالتوجيه قد يكون بالفعل أن خط الخلافة كان يريد أن يحرم الخط الهاشمي من مصدر القوة المادي ولكن أن تقول أن فاطمة الزهراء طالبت بفدك باعتبارها ذات قيمة مادية كبيرة جداً هذا لايمكن قبوله لمانعرفه من توجهات السيدة فاطمة الزهراء (ع) في زهدها وعدم إعتناءها بالمال وأنها في قمة الزهد من هذا الجانب .وكذا تعبير الامام علي (ع){وماأصنع بفدك وغير فدك }حتى وأن كانت ذات قيمة مادية عالية.ماهي قيمتها والحال أن الإنسان مصيره في مستقبل الأيام إلى الموت [والنفس في غذٍ مضانها جدثا ]أي قبر تنقطع في ظلمته أثارها نهاية الانسان حفرةٌ لو أوسعت يد  حافرها لأضغطها الحجر والمدر وسد فُرجها التراب المتراكم .إذاً لا إربه لنا في هذا والشاهد على كلام أمير المؤمنين لما استلم الخلافة وصارحاكماً فعلياً لم يسترجعها إلى بني هاشم وهذا أحد الاسباب وهناك أسباب أخرى (تحتاج بحث) لكن واحد من الاسباب أن أمير المؤمنين(ع) وأن خط أهل البيت  لم يكن في صدد الحصول على مغانم وعلى أموال واستمتاعات .ولكن لو حصل هذا المال كان يبادر إلى صرفها .أما أن تكون الزهراء (ع)طالبت بفدك لأجل أنها ذات عائد مادي كبير هذا لايوافق ماهو معهود ومعروفٌ عن فاطمة وعن أمير المؤمنين (ع) إذاً لماذا ؟؟ الجواب هو الاختيار الثاني الاختيار الثاني فدك كانت عنوان ومقياس لجملة أمور::

أن خلافة تبدأ أيامها الأولى بمصادرة مال أقرب الناس إلى رسول الله (ص) لايمكن أن تكون خلافة إلهية .خلافة أول مشروعها أول برنامجها  هو التجاوز على قضية واضحة ببينة بالنسبة إلى شخصية إعتبارية عالية .ماذا سيكون حالها مع سائر الناس.فاذا كانت هذه الخلافة تفتح عهدها وتبدأ مشاريعها بهذه العملية هذه لايمكن أن تكون خلافةً وامامةً الهية.ممكن تكون كأي حكومة بشرية الآن. لو توصل المسلمون إلى هذه القضية تنتهي المشاكل.نحن نعتقد أن الخلافة التي حدثت بعد وفاة الرسول (ص) باستثناء خلافة أمير المؤمنين(ع) هي حكمٌ بشريٌ عاديٌ كسائر الحكومات التي حكمت في تاريخ المسلمين إلى يومنا هذا.إذا هذا يتفق عليه المسلمون ينتهي الاخلاف ولا يوجد خلاف بينهم .الخلاف اين ؟؟ عندما يصبح الخليفة إماماً عن الله وفعله شرعٌ وتدبيره دستورٌ وقوله دليل من الأدلة . هنا يصير كلام  أنه ليس هذا مقامه إنما مقام الامامة الربانية والخلافة الالهية وهو مختص بعلي بن ابي طالب (ع) وغيره حكام بشر لهم أخطاءهم ولهم اجتهادتهم ولا يتميزون عن غيرهم من المسلمين باي ميزة على الاطلاق. الزهراء (ع)عندما بينت قضية فدك وخطبت ووجهت الناس تريد أن تقول هذه النفطة أن الخلافة التي تبدأ في أول أيامها وتبدأ مشاريعها بالتجاوز على قضية من هذا النوع هذه الخلافة لايمكن أن تكون خلافة ربانية وإلهية  إنما هي حكومة بشرية عادية ،أكثر من هذا ايضاً خطوة اخرى هي أننا اليوم نلاحظ في العالم كله وهذا أمرٌ عقلائي أن الحاكم الأول أو رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء لو صادف أنه يتجاوز على احكام الدستور يُراجع في ذلك فان تراجع من الممكن أن يستمر وإن لم يتراجع المفروض يُعزل من منصبه مثلاً {سرق أموال الدولة إذا ثبت عليه ذلك لازم يستقيل وإذا لم يسقيل يُعزل الدستور يعين أنك لاتتمتع بميزة لأنك لاتملك ثقة الناس اذا سرقت في هذه المرة فما المانع أن تسرق مرةً ثانية ،إذا ظلمت مرة فما المانع أن تظلم مرةً ثانية .يفترض أنك تتمتع بأفضل ميزات العدالة والأمانة نظراً لأنك تتبوأ الموقع الأصلي  في الدولة.والزهراء عندما تاتي وتقول {أيها الناس هذه الخلافة هذه الحكومة تقوم بظلمٍ في حق بنت نبيكم} في قضية بهذا الوضوح في أكثر من مرحلة عالجت القضية السيدة فاطمة الزهراء إذا تبين إن هذا الطرف يُصادر هذا المكان هذه القرية هذه النِحلة بظلمٍ آن إذاً {لاينالُ عهدي الظالمين } .ولهذا الزهراء أثارت هذه القضية مع أنها زاهدة فيها وعليٌ أعانها مع أنه يقول {وما أصنع بفدك}لأن المسألة ليست مسألة أرض وأموال وقضايا مادية وإنما هي عنوان هل هذه الخلافة خلافةٌ ربانيةٌ إلهيةٌ ملتزمةٌ باحكام الدستور القرآني ؟أو هي حكومة بشريةٌ عاديةٌ تتجاوز أحكام الدستور القرآني حتى في حق بنت رسول الله. فالزهراء أثارت هذه القضية بهذا المستوى والا لم يكن لها حقيقة لولا هذه القضية لم يكن له إرب فيها ولهذا نلاحظ الزهراء أثارتها في مرحلتين .

قالت السيدة فاطمة نِحلة النبي  في السنة السابعة للهجرة أعطى الرسول فاطمة فدكاً.عقدةً عند بعض المسلمين لازم نبين القرن الإسلامي الأول أنه قرنٌ نظيف نزيه مافي خلافات او مشاكل مافي قضايا. نرى بعض فقهاء مدرسة الخلفاءمثل (السرخسي في كتابه  المبسوط ) لمن يصل إلى هذا الموضوع يناقشه يقول وقد حدثت احداث نرى الاعراض عن ذكرها افضل خلنا نترك الوضع ولا نثيره لأنه سيجر وراه أسئلة وليس بامكانه أن يجيب على هذه الأسئلة بصراحة أو يجيب عليها بشكل غير صريح مايقنع القارئ . كذلك (صاحب معجم البلدان الحموي ) جميعهم لمن يصلوا إلى هذه القضية يقولوا صارت أمور وقضايا  رأينا الأعراض عنها أولى وترك ذكرها أجدى .ماهو الغرض من هذا ؟؟ أن نبين كما يرى هؤلاء أن العصر الأول كان عصراً جيداً ممتازاً ،أصحاب رسول الله هم أفضل الخلق بعد الرسول ماحد جاء مثلهم ولا احد سياتي بعدهم إلى يوم القيامة مثلهم وهذا دليل أن النبي نجح في تربيته والا إذاكان فيهم خلل وإشكال معناه أن النبي لم ينجح في التربية .هذه مغالطة هذا كلام غير صحيح ،إذا كان هذا الكلام صحيح لازم نذهب إلى رب رسول الله يقول {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ }ضمن هذه الحالة الحياتية ضمن هالبرنامج تجد الصالح والطالح والسابقة والمقتصدة وتجد المصدق والمكذب والمؤمن والمنافق والمطيع والعاصي. مانزل مع الرسول محلول كميائي ورشه على كل  من صحبه وجميعهم صاروا خوش أوادم .هذا تعطيل للسنن الاجتماعية ،تعطيل للحكمة الالهية في الخلق  ،تعطيل للقضايا المعروفة من الإنسان .الله سبحانه لايعطل قوانينه{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } أين هذا  إذا ليس لها وجود في زمان الرسول(ص) هناك من دسّ نفسه وهناك من أعتدى وهناك من تجاوز.أقام النبي الحدود على بعض أصحابه، أقام بعض الخلفاء في زمن رسول الله الحدود على بعضهم  بعضاً(قدامة بن مظعون جلده الخليفة الثاني حداً في شرب الخمر ) ماقال أنا صحابي من صحابة الرسول وأنا منزه .هذه طبيعة المجتمعات ،لكن قسم من الناس يريدون أن يزينون هذا المظهر وهو مظهر زائف كاذب .ذاك المجتمع تماماً كمجتمعنا ومجتمعنا كالمجتمع الذي عاش في زمن أمير المؤمنين فيه من كل الاشكال وكل الأنواع ومن كل الفئات أما نجي ونقول مافي الا كل خير وكذا .هذا غير صحيح كان هناك تجاوزات كان هناك اختلافات وإعتداءت .الزهراء (ع) قد بينت هذه الخلافة هي أول تجاوز عملي ،دع عنك قضية الامامة وأنهم أبعدوا أمير المؤمنين (ع)هذا اتركه على جنب بالاضافة إلى ذلك أنت تاتي وتصادر هذه النِحلة النبي (ص)أعطاها لفاطمة وصارت بيدها .عند كل المسلمين{اليد حجة على الملك }أنت جالس في بيتك مادام يدك عليه لا أحد يستطيع أن يدّعي ويخرجك منه تقول أنا يدي حجة على ملكي لهذا البيت،يدي على هذه السيارة حجة على ملكي لها أنت المطالب بالبينة أنت تدّعي أنها ليست ملكي. ذاك الذي يقول أن فدك ليس ملك الى الزهراء(ع) والحال أن عمالها فيها وقد أخذتها إذاً هو مطالب بالبينة لان هي يدها عليها واليد حجة عند جميع المسلمين على التملك .أضف إلى ذلك أقامت السيدة فاطمة شهوداً وهي لاتحتاج إلى الشهود.يقولون البينة يصير لها مكان عندما لايحصل الى القاضي علمٌ بالواقعة ،أما إذا كان القاضي يعلم قطعاً أن الامر ليس كذلك وجاؤوا ببينة شهدوا بخلاف ذلك.هذه البينة مع كلام الزهراء وهي من بيت العصمة وكلام أمير المؤمنين معصوم وكلام الحسنين  وكلام أم أيمن التي شهد لها النبي(ص)بأنها من أهل الجنة لامحل لتطلب أكثر من هذه البينة  ومع ذلك رُدت كل هذه الشهادات {فأقامت بها شهودا فقالوا * بعلها شاهد لها وابناها}مع أنه في مدرسة الامامية شهادة الزوج لزوجته مقبولة ،نعم عند بعض أتباع مدرسة الخلفاء شهادة الزوج لزوجته مع وجود تهمة غير مقبولة .هل كان أمير المؤمنين متهماً في هذه الشهادة ؟؟ بعد ذلك هذا العنوان سقط فقالت الزهراء طيب أنتم تقولون ليس نِحلة لي بقيت في ملك رسول الله وملك رسول يؤل إلى ورثته وأنا الوارث الوحيد له الباقي على قيد الحياة عندما توفي رسول الله (ص) فهذه ملك رسول الله وأنا الوارث لها .هنا طلع حديث  يقول {نحن معاشر الأنبياء لانورث ذهبا ولا فضة ولا ديناروما تركناه فهو صدقة }إذاًإن فدكاً قريةً كانت والآن مدينة تبعد عن المدينة المنورة مابينها وبين حائل في منتصف الطريق تقريباً بعد خيبر تسمى الآن الحائط في السنة السابعة للهجرة فتحها رسول الله سلماً لم يقاتل عليها أحد ومقتضى القانون الاسلامي عند الفريقين إنها ترجع الى الرسول (ص) ملكاً خالصاً لايشاركه فيها أحد ولذلك تورث ايضاً .بعد نزول الآية بايتاء ذي القربى ححقهم اعطى الرسول هذه المنطقة لفاطمة (ع) واستلمتها وعينت فيها عمالاً وبقى هؤلاء فيه لمدة ثلاث سنوات من حياة الرسول (ص) وهم من قبل فاطمة الزهراء.لما توفي الرسول (ص) الخليفة الأول أخذها وضمها إلى بيت مال المسلمين ،الخليفة الثاني  جعلها في تجهيز الجيش ،الخليفة الثالث أعطاها مروان بن الحكم ،أمير المؤمنين لم يغير  فيها شيئاً ،معاوية قسمها ثلاثة أقسام ، والخلفاء الأمويون تداولوها بينهم وبين أبناءهم باستثناء عمر بن عبد العزيز ،وكذلك الخلفاء العباسيون صنعواباستثناء المامون العباس

وهل كانت مطالبة فاطمة الزهراء(ع) نظراً لقيمتها المادية عالية تبلغ 300،000 دينار 30،000 في الشهر وهي تشكل ميزانية ضخمة،أوكما قال أمير المؤمنين من كل ما أضلت السماء،هل كان الدافع لها مادياً ؟؟جواب ذلك مانعرفه من سيرة الزهراء وأهل البيت (ع) من أنهم يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة حتى في رغيف إفطارهم لايخدم هذا التوجه أبداً والشاهد على ذلك إن علياً لم يسترجعها أيام خلافته مع قدرته الظاهرية على ذلك. مطالبة الزهراء لذلك إنما كانت من أجل  أن تعلن قضية أن خلافة تبدأ أول أيامها بمشروع السيطرة على حقٍ ثابتٍ لبنت رسول الله مع شخصيتها الاعتبارية هذه .خلافة لايمكن أن تكون خلافة ربانية وإلهيه وإنما هي حكمٌ بشريٌ عاديٌ يتعرض إلى مايتعرض إليه الحكام البشريون العاديون وبالتالي ينبغي أن يعرّف نفسه إلى الناس أنهم ليس خلفاء وليس خلفاء رسول الله وإنماهم كسائر الحاكمين الذين يقومون بمثل هذه الاعمال ويترتب على هذا مجموعة متواليات .ارادت الزهراء أن تبينها من خلال إصرارها على المطالبة بقضية فدك إلى هناانتهت الزهراءبان طالبت أولاً بعنوان النِحلة والعطية التي اعطاها إياها رسول الله أيام حياته ،لمارُدت التجأت إلى دعوة أخرى لتحصيل هذا الحق وهي المطالبة بالميراث فيها مادامت هي ملك رسول الله نظراً لأنها خالصة وصافية له سلام الله عليه ومن خلال مطالبتها سلام الله عليها ارادت أن تشير وتبين الخط المستقيم الصحيح وهو خط الولاية لأمير المؤمنين .

مرات العرض: 3403
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2565) حجم الملف: 49093.75 KB
تشغيل:

كيف نعيش في الأماكن المقدسة ؟
الاربعين الحسيني : بحث تاريخي