13 النفس المطمئنة الامام الحسين عليه السلام
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 13/1/1439 هـ
تعريف:

النفس المطمئنة : الامام الحسين عليه السلام

كتابة الأخت الفاضلة هديل الزبيدي /  العراق

قال الله العظيم في كتابه الكريم ….بسم الله الرحمن الرحيم

{ يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي }

حديثنا بإذن الله تعالى يكون في ظلال هذه الآية المباركة عن النفس المطمئنة في الخبر عن الإمام أبي عبدالله الصادق صلوات الله وسلامه عليه أنه { اقرأوا في فرائضكم ونوافلكم سورة الفجر فإنها سورة الحسين عليه السلام }

من هذا استوحى عدد من العلماء شدة الارتباط بين هذه السورة من جهة وماورد فيها من مضمون ولاسيما في نهايتها التي هي في صورة النداء الإلهي للنفس المطمئنة وبين تسميتها بسورة الحسين سلام الله عليه ، نشير إلى أن النفس في القرآن الكريم قد تم وصفها بأوصاف متعددة الا ان أبرزها ثلاثة أوصاف وصفت بها النفس الإنسانية في القرآن الكريم .

الوصف الاول هو النفس الامارة بالسوء 

والوصف الثاني النفس اللوامة 

والوصف الثالث هو النفس المطمئنة 

بالنسبة الى النفس الامارة ورد ذكرها في سورة يوسف كما هو المعروف { وما أبرئ نفسي ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي } 

امارة صيغة مبالغة من آمرة فعال وما جاء على وزنه أمار ، عمار ، قتال ، غير ذلك هي من صيغ المبالغة التي تفيد كثرة حصول الفعل فمثل ، ان النفس لامارة نفس كلمة أمارة وهي صيغة مبالغة من آمرة تفيد ان هذه النفس يتكرر منها الأمر يصدق على مرة ومرتين وثلاث تأمر لكن أمارة فيها حالة من الاستمرار والتتابع والتكرار والكثرة فلا يقال لمن يأمر مرة او مرتين او ثلاث لايقال هذا أمار والنفس إذا أمرت صاحبها بالسوء مرة او مرتين او نحو ذلك لايقال لها امارة بالسوء ، وانما اذا كثر ذلك منها كثر امرها وكثر ائتمار تلك النفس بالسوء آن اذن يقال لها أمارة ، نفس هذه الاية هي فيها اكثر من جهة لتأكيد المعنى وتشديده وتكثيره وتأكيده كلمة (إن) وكان يمكن أن يكتفي بقوله النفس أمارة لما جاء حرف (إن) من المؤكدات (إن و أن) النفس يكتفي أن يقول أمارة لايحتاج ان يأتي لام لما ألحق بها لام هذه تسمى ( لام التأكيد ) في اللغة فعندنا تأكيد ب إن وتأكيد آخر بإضافة اللام وتأكيد ثالث في صيغة أمارة الذي بدل ما كان يستخدم آمارة جعلها أمارة والنفس مطلق النفس ، لذلك صح أن يستثني إلا ما رحم ربي ، يعني من أدركته الرحمة وهذب نفسه وسيطر عليها وقمع غلواها وشهواتها فرحمه الله سبحانه وتعالى بذلك هذا يكسر عنفوان أمر النفس بالسوء ، فهذا وصف جاء في القرآن الكريم للنفس و الأصل في النفس هي هكذا انها تميل الى الهوى تميل الى الشهوة تميل الى ما يسرها عادة الارتقاء يحتاج له الى بذل جهد (تصعد تحتاج الى درج وتحتاج الى بذل جهد لكن عندم تنزل لاتحتاج  ترمي نفسك لاتحتاج الى ان تضغط على نفسك لتنزل ) كما هذا الحال في الامر العادي الخارجي في الامور الاخلاقية والمعنوية ايضا هكذا ، الالتزام يحتاج له الى جهد العفاف يحتاج له الى  جهد اما ان لايلتزم الانسان ان لايؤمن الانسان يذهب وراء هواه بشكل طبيعي لايحتاج الى بذل جهد في ذلك تنساق النفس ( مي مرة تصبه من فوق مرة تصعده الى فوق ، عندما ترميه لايحتاج الى جهد لكن بعكس ذلك يحتاج الى مجهود) الا ما رحم ربي هذا الاستخدام الاول في وصف النفس { ان النفس لأمارة } منها اخذ ان هناك نفسا أمارة .

القسم الثاني هو النفس اللوامة والتي ورد ذكرها في سورة القيامة { لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة } وقد ذكر المفسرون اوجها متعددة في تقديم حرف النفي على اقسم لأن المعنى كأنه يوجد اتفاق عندهم على ان هذا في معنى القسم لا اقسم يعني أقسم بيوم القيامة ، ولا اقسم بالنفس اللوامة يعني واقسم بالنفس اللوامة كانما هناك ما يشبه التسالم على ان هذا من الموارد التي يراد فيها تاكيد هذا المعنى وتاكيد هذا المعنى أن يقسم ، في القرآن الكريم أقسام كثيرة موجودة {والعصر إن الإنسان لفي خسر} { والفجر وليال عشر } وهكذا عندما يراد تاكيد معنى من المعاني احد طرق تأكيد المعنى أن يقسم عليه المتكلم بقسم مقدس عنده او عنده وعند السامع فلماذا هنا قدم لا أقسم قدم لا على أقسم بيوم القيامة وعلى لا أقسم بالنفس اللوامة ذكروا اجوبة متعددة  لعلها أقربها ماخذا واسهلها تناولا هو انه كانه يريد ان يقول لا احتاج الى ان اقسم بيوم القيامة ولا ضرورة الى أن أقسم بالنفس اللوامة لأن القضية قضية واحدة وبينة ، احيانا ما يحتاج اجيب لك كذا شاهدين القضية واضحة ما يحتاج أقسم عليها الأمر من الوضوح لا يحتاج الى هالامر فهو في قوة من يقسم عليه ولكن من دون لفظ مباشر للقسم هذا ذكره بعض المفسرين الحاصل أن هنا ضم الى جانب يوم القيامة ضم النفس اللوامة ولعل وجه المشاكلة والمشابهة ما قد ذكرناه مختصرا في وقت سابق من انه كأن هناك محكمتين عند الانسان وعلى الانسان .

يوجد محكمة كبرى فيها قضاة وفيها شهود وفيها حساب وفيها متفرجون وفيها محشر من الخلائق ويؤتى بهذا الانسان المتهم بذنب من الذنوب بعمل من الأعمال الباطلة ويبدأ في التحقيق معه لما فعلت الفعل الكذائي ينكر اول الامر يأتون يوم تشهد عليهم ارجلهم جلودهم عظامهم المكان الذي كانوا جالسين فيه شهود متعددون مكان وزمان وأعضاء وفيديوهات ثلاثية الأبعاد وتصوير المشهد كامل كأنك فيه نفس هذا المشهد ذاك البعيد الذي أذنب فيه يكون حاضرا بين يديه وبين من يشاء الله اطلاعه عليهم من خلقه فهناك قضاة ويحاكم هذا الانسان قاضي وشهود ومتهم وذنب وإلى اخره نسأل الله ان يستر علينا في ذلك الموقف ذنوبا وان يكفينا شر اعمالنا وان يغفرها لنا حتى لا نطلع نحن عليها فضلا عن ان يطلع عليها الخلائق فهذه محكمة كبرى مفصلة وكل ما تحتاجه المحكمة اليه .

 وهناك محكمة جزائية متقدمة كأنما هذه فيها جرس إنذار للإنسان وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بهذا الانسان عندما يرتكب ذنبا تعقد له محكمة هذه محكمة النفس اللوامة محكمة الضمير محكمة الوجدان عندما يذهب لكي ينام يعاتب لما فعلت الذنب الفلاني ؟ أكان ربك يستحق منك هكذا ؟ الذي انعم عليك أكان هذا جزاء الاحسان له ان تقابله بالاساءة والعصيان ؟ إذا اعتدى إنسان على شخص آخر نفس النفس اللوامة تعقد محكمة اخرى ايضا نفس الكلام لما فعلت به هكذا ؟ لما ارتكبت اتجاهه كذا وكذا ؟ هذا اذا كان الإنسان محل اللطف بحيث بعد وجدانه متيقظ بعده ضميره حاضر بعده نفسه اللوامة تشتغل واما لا سامح الله ولا قدر اذا خنق هذه النفس بكثرة الذنوب ما تلحق تعاتبه بذنب يغرقها بعشرة ذنوب الليلة الاولى والليلة الثانية والليلة الثالثة على ويش تلحق وعلى ويش تنتظر ، اذا امات هذه النفس (النفس اللوامة) خنق ضميره قتل وجدانه ، هناك قسم من الناس عادي يقولك ما أبالي ولو قتلت ضعفهم قالوا لـ مسرف ابن عقبة كان اسمه مسلم ابن عقبة المري سلطه يزيد على المدينة فقتل فيها من قتل مع أنه كان كبير السن يعني بعد هذه الحادثة هلك ، وفي نفس هذه الحادثة في واقعة الحرة وبعيدها كان يحمل في محفة من كبر سنه فواحد يساله يقول له الا تخشى ان قتلت بريء بين هؤلاء من الصحابة من أبناء الصحابة قال لو قتلت ضعفهم ما باليت ، هذا خلاص انتهى بعد حسب التعبير (مكربل) لا يوجد في داخل وجدانه شيء يعمل الذي يريد الله سبحانه وتعالى به اللطف يبقي عنده هذه النفس اللوامة بحيث إذا ارتكب ذنبا لامته وبخته قرعته عاتبته لا تدعه ينام بالليل هذا من لطف الله بالانسان وهذه النفس اللوامة طريق للصعود وللسمو إذا اتبع الإنسان نتائجها الجيدة ، تلومه هالليلة بهذا الذنب يوم ثاني يسعى لا ان لا يرتكبه وهكذا بالتدريج تكون حافزا للارتقاء وللالتزام هذا القسم الثاني مما وصف في القرآن .

القسم الثالث (النفس المطمئنة) الاطمئنان هو عبارة عن السكون بعد الاضطراب شيء كان مضطرب يطمئن يهدأ يسكن هذا في أصله والقران الكريم استخدمه في الامور المادية وفي الأمور المعنوية في أكثر من موضع ، استخدم في مثل الامور المادية وشبه المادية في القرية والمدينة مجتمع يعني قال { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها من كل مكان فكفرت بأنعم الله }

قرية في الاصطلاح القرآني ليس كالاصطلاح الجغرافي ، في الجغرافية نحن نعرف ان قرية هي عبارة عن البلدة الصغيرة ذات النفوس القليلة والتي ليس فيها عمران ولاتوجد فيها مثلا إدارات رسمية ضخمة وماشابه ذلك هذه يقال لها قرية حتى اذا كثر عدد سكانها وطغى العمران فيها وتقدم قيل هذه مدينة طلعت من كونها قرية الى ان صارت مدينة هذا في الاصطلاح الجغرافي.

أما في الاصطلاح القرآني فالامر ليس هكذا وانما القرية هي عموم المجتمعات البشرية حتى الكبيرة منها بل أحيانا يطلق على ما نسميه اليوم حضارات يطلق عليها قرى ليست مربوطة لتكون صغيرة أو شيء من هذا القبيل لذلك عندنا في القرآن الكريم كل الحديث عن القرية قرية ظالمة آمنة القرى {يبعث في أمها رسولا} وأمثال ذلك ، غالبا لا يتحدث عن المدينة بل يتحدث عن القرية والقرى وماشابه ذلك ، فوصفت القرية هنا بأنها كانت آمنة مطمئنة وضعها الاقتصادي جيد يأتيها رزقها رغدا من كل مكان (من كل مكان) اشارة الى ان السبل والطرق أيضا التي حواليها الطرق الآمنة ليس فقط الامان فيها والرزق ينتج فيها وإنما حتى ما حولها يوجد آمن ، لان احيانا قد يكون بلد في داخله آمن لكن حوله متفجر والطريق اليه طريق غير آمن هذه بالإضافة إلى بداخلها آمنة رزقها ياتيها رغد من كل مكان من داخلها او من خارجها وهذا يقتضي ان يكون ما حولها ايضا آمنا، وصفت القرية هنا بأنها مطمئنة هادئة ساكنة ليس فيها اضطرابات وهذه من النعم الكبيرة عندما يعيش الإنسان في بلد آمن مطمئن ليس فيه اضطرابات ليس فيه مشاكل الازدهار الاقتصادي يزدهر الحالة النفسية للناس تكون مرتاحة الإنتاج الثقافي والعلمي والاقتصادي كله مرهون بوجود الاطمئنان والأمان في تلك البلدة ، (نسال الله ان يديم الأمن والاطمئنان في بلادنا وفي جميع بلاد المسلمين)

هذه وصفت بالقرية المطمئنة هذا وصف ،  وصف في الجانب المعنوي ايضا القلب بالاطمئنان  قال { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } القلب هنا يطمئن بذكر الله عز وجل عندما تحدق به الأمور يرفع يده لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم جرب هذا عندما تحيط بك المشاكل وتنسد بين يدك الطرق سوف تجد في نفسك لو تعمقت في معنى لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم انه يفرج عن داخلك وعن قلبك ذلك الهم الثقيل ، مستحب الانسان أول ما يبدأ يومه يقول عشر مرات { لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم } وفي بعض الروايات أن الله سبحانه وتعالى يقول لملائكته استبسل عبدي وعلم انه ضعيف وآن إذن يعطيه الله من قوته ويفرج عنه (نسال الله أن يصنع بنا هذا) فبذكر الله تطمئن القلوب ، طبعا لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم أكبر في المعنى من ما نقوله في الصلاة بحول الله وقوته اقوم واقعد ، بحول الله وقوته جانب ايجابي حسب التعبير انني استقوي بالله ، ذاك لاحول ولاقوة الا بالله يعني لا يوجد شيء عنده الحول والقوة والقدرة الا الله سبحانه وتعالى وفي هذا أعظم أنحاء التوحيد والتوكل الإنسان يكون في هذا موحدا و متوكلا على الله سبحانه وتعالى ، في موضع آخر يتكلم ايضا في قضية إنزال الملائكة على المسلمين واردافهم في الحرب قال { وما جعله الله الا بشرى لكم ولتطمئن به قلوبكم } هذا الخبر ان الملائكة يحاربون الى جانبكم يقاتلون الى جانبكم يعينونكم هذا سيصنع اطمئنانا لكم في قلوبكم يقوي روحكم المعنوية لكي تنصروا دين الله سبحانه وتعالى اطمئان القلب من خلال هذا الخبر.

 في مورد ثالث يتحدث عن قضية عمار بن ياسر لما اوذي او عذب على ان يقول كلاما لا يعتقد به يمجد به مثلا اصنامهم او يذم به رسول الله صلى له عليه واله وتحت وطأة العذاب الشديد قال كلاما لا يعتقد به وجاء باكيا الى رسول الله صلى الله عليه وآله القرآن الكريم وضع قاعدة أنه هذا جائز في حق من ؟ { الا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان } والتي هي من أوضح ادلة التقية التي يعتمد عليها علماؤنا ويفتون على طبقها .

ومن الموارد قضية النفس المطمئنة { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية } كما ذكرنا فسرت هذه وأولت على الصحيح بالإمام الحسين عليه السلام ، الاطمئنان النفسي له مقدمات الذي يعتقد ان كل شيء بيد الله عز وجل وأنه لا يجري امره الا بحكمة والا على ما هو الصحيح ثم ما أصابه سواءا كان خيرا حسب الظاهر او شرا حسب الظاهر هو في الاخير ما دام فعل الله فانه راض به على كل حال ان كان فقرا رضي به او كان غنى قبله أو كان صحة او كان مرضا او كان غير ذلك هذا الذي يحقق في الإنسان قضية الرضا كما سيأتي بعد قليل في نفس الاية المباركة ، رضا الانسان بما يوجهه الله سبحانه وتعالى اليه واطمئنانه لمواعيده الان لما واحد يعدك وعدا يقول لك مثلا بعد شهر اعطيك كذا او انجز لك الامر الفلاني كذا قسم من الناس انت اصلا لا تعتقد فيه تقول هذا يبيع كلام وقسم آخر تكون بين الشك واليقين يعمل لا يعمل يسوي ما يسوي وقسم ثالث لا تكاد تكون جازما من أن هذا الرجل عند قوله وعند وعده فتطمئن الى ذلك تطمئن يعني قلبك يسكت في الحالة الاولى لا اصلا لا ترتب أثرا في الحالة الثانية تحاول تحصل ما يمكن أن يحقق هذا الامر المطلوب ، مداين احد دين وقال لك اعطيك اياه بعد شهر نفس الكلام تقول واحد اصلا هذا كلامه لا يعبى به الثاني تقول يمكن ويمكن الثالث تقول لا هذا كلامه مضبوط سوف يسدد ماعليه ، الاطمئنان هو الحالة الثالثة ان الانسان يسكن الى وعد الغير واول شيء واهم شيء ان يسكن الانسان الى وعد الله عز وجل الله وعدك مواعيد كثيرة { وعد الله الذين آمنوا ليستخلفنهم في الارض } هذا موعد ام لا ؟ انت تطمئن اليه او لا ؟ وعد الله المؤمنين انه يدخلهم الجنة وعد الله المؤمنين ان يفرج عنهم همومهم وان يستجيب دعاؤهم فانت هل انت مطمئن وساكن قلبك الى هذا ام لا ؟ يخاطب القران الكريم هذه النفس المطمئنة ب ارجعي الى ربك افضل تشبيه يمكن ان يشبه هنا لو ان انسانا اخذ كرة مثلا ورماها هكذا في حالة من الحالات ترجع وفي حالة من الحالات لا ترجع عندما تكون مربوطة بشيء بلاستيكي سوف ترجع إليك بمقدار ما ترمها بشكل قوي سترجع اليك بنفس السرعة وقد لاتكون مربوطة بشيء تذهب ولا تعود، الله سبحانه وتعالى خلق هذا الإنسان ثم جعله في هذه الحياة يسعى فيها يتنعم فيها ياكل يشرب يتزوج يبني يعمر الى غير ذلك لكن هل هذا راح في هذه الأمور وانشغل فيها ولم يعد او لا… كل هذه الامور هي طريق للعودة الى الله ، اذا اكل حمد الله فرجع الى الله اذا شرب ذكر الله فرجع الى الله ما انشغل فيه اذا تزوج اثنى على الله اذا قام بعمل من الاعمال ذكر الله سبحانه وتعالى فكل شيء حتى وهو منشغل في اثار الدنيا وقضايا الدنيا هي هذه ترجعه الى الله تذكرا وعبادة وتخضعا ، ارجعي الى ربك ليس الرجوع القهري الحتمي هذا ليس خاص بالنفس المطمئنة الان مثلا نحن نقول انا لله وانا اليه راجعون (راجعون) يعني نرجع بعد ما نموت هذا ليس خاص بالانسان النفس المطمئنة لا.. كل البشر يرجعون الى ربهم بل كل الخلائق تحيا وتحشر ، فهذا اذن ليس خاصا بالنفس المطمئنة ، الخاص بالنفس المطمئنة هي انها ترجع رجوعا طوعيا بحيث تجد مرفأها الحقيقي ومكانها الذي ترتاح فيه وتطمئن اليه عند ربها عند الله سبحانه وتعالى { ارجعي الى ربك } حالة كونها ماذا ؟ راضية عن كل ما صنع وفعل الله بها ، الرضا هذا مقام من المقامات يصعب على الكثير الوصول اليه ، انا راض عن الله في رزقي ، راض عن الله في بدني في صحتي في نسلي في عمري في اقاربي في شخصيتي في عائلتي في كذا .. ليس شيء عندي الذي مخالف فيه فيما اختاره الله الي ، اختار لي كثرة الاولاد وانا لا اريد هذا ، اختار لي قلة الاولاد وانا لا اريد اختار لي هذا البدن وهذا الشكل وانا اريد شكل آخر ، اختار لي هذه الزوجة وانا اريد زوجة آخرى ، اختار لي هذا النوع من العمل وانا اريد عملا من نوع آخر ، لا يرضى هذا الانسان قسم من الناس هكذا لايرضى ولو بلغ ما بلغ ، احيانا حتى ممن هم منعمون في غاية النعيم تاجر كبير يتمنى اقرانه لو كان لهم عشرة في المئة مما لديه حتى اذا جئت اليه شلونك وشلون احوالك ؟ والله فلان مكان انكسر وفلان مكان ضرائب وفلان مكان ما حصلنا شي وفلان مكان فلسنا وفلان مكان كذا وكذا الا شوية لازم انت تقوم وتلم له تبرعات وهو ورجل متمول ثري اغناه الله لكن غير راض عن وضعه ليس راضيا عن وضعه المادي هذا الانسان لايمكن ان يخاطب بانه ارجعي الى ربك راضية هذا ليس براض الانسان ينبغي ان يتحقق منه الرضا مما اختاره الله سبحانه وتعالى اليه من نصيبه في الدنيا او نصيبه في الدين ، ايضا الدين يحتاج الى رضا ، هل انا راض تمام الرضا عن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وعن امير المؤمنين علي وعن فاطمة وعن الحسنين وعن المعصومين عليهم السلام هذا الذي تريد ان تكرسه بعض ممارسات الادعية ان تكون راضيا بما رضي الله لك من الدين ، يوجد قسم من الناس ما رضوا عن النبي جماعة قالوا { لو انزل هذا القران على رجل من القريتين عظيم } 

لماذا هذا ؟ ماذا لو احد من زعماء الطائف احد من زعماء مكة تاجر كبير شخصية مهمة رئيس قبيلة ، شخص فقير يتيم في مقابل هؤلاء لا يرضى هذا بالنبي ، لايرضى بعلي عليه السلام وليا ، مو انت لا تجتمع النبوة والإمامة في بيت واحد ولماذا هذا دون غيره وهو لايزال صغير السن قياسا الى غيره ، لايوجد احد سوى هؤلاء الخمسة نفر اصحاب الكساء (خابصين الدنيا بيهم ) وكل شيء لأجلهم لايرضى بذلك ، في مقابل هذا يعلمنا ائمة الهدى عليهم السلام كما ورد في رواية معتبرة عن الامام موسى بن جعفر الكاظم سلام الله عليه انه من المستحبات في سجدة الشكر ان يسجد الانسان ويقول : رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبالقران كتابا وبالكعبة قبلة وبمحمد نبيا وبعلي اماما وبالحسن اماما وبالحسين اماما ويعدد الأئمة التسعة بعد الحسين الى الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف هذا خبر معتبر ووارد انه في سجدة الشكر يسجد الانسان ويقول هذا ، طبعا هذه لرواية فيها فائدتان فائدة عقائدية وفائدة اخلاقية ، الفائدة العقائدية ان فيها نص على ائمة اهل البيت عليهم السلام باسمائهم من الامام الكاظم عليه السلام ، احد النصوص او احدى الروايات الواردة في النص على ائمة اهل البيت عليهم السلام هو هذا واهميتها انها تريد ان تصنع ممارسة عند الناس يعني ليست مرة واحدة ان تقولها بل يستحب لك ان كل صلاة سجدت فيها سجدة الشكر اخر ان تقول هذا الكلام رضا بما اختاره الله لك من نبي ودين وكتاب وفريضة وامام ومعصوم هذه الفائة العقيدية ، الفائدة الاخلاقية هو مقام الرضا ان الانسان راض بهؤلاء انه لايتمرد لا يرفض لا يعارض وانما يرضى من رضيه الله له راضية نفس هذا ينتج مرضية ، تريد ان تعرف ان الله راض عنك ام لا ؟ ام انك مرضي لله ؟ اعرف مقدار رضاك عن الله عز وجل ، رضاك عن رزقه رضاك عن صحتك التي اعطاك الله اياه ، رضاك عن ما فعل بك ، ما اخذ منك وما أعطاك كم انت راض عشرة بالمئة الله يكون راض عنك عشرة بالمئة انت مرضي لله عشرة في المئة ، تسعين في المئة ايضا الله يرضاك ويرضى عنك بهذا المقدار هذه علاقة متبادلة .

{ راضية مرضية فادخلي في عبادي } يقول الانسان نحن عباد الله لا ...العباد تارة يكون عبودية قهرية وهذه جارية على كل البشر المنحرف والطائع كلهم عباد الله وكلهم عبيد الله لماذ عبيد ؟ لان اتى بهم الى الدنيا بدون ما يكون لهم لا اختيار ولا رأي ( اتى بك من العدم وعمل لك وجود وبعد مدة من الزمان بلا مشورتك ولا رغبتك وبلا إرادتك يحملك ويأخذك الى ذلك الصوب تحت المقبرة ) اظهر عبودية جبرية من هذا لا وجودك كان باختيارك ولا رحيلك كان باختيارك ، لا بدنك هذا انت سويته واخترته ولا اباك ولا امك ولا اسرتك ولا زمنك ولا ولا .. اي شيء لم تختره انت ، انت جئت الى هذه الدنيا عبدا مجبورا لم تصنع شيئا كما يقول الامام الحسين عليه السلام في دعاء عرفة { لم تشهدني خلقي } اي شيء يرتبط بخلقي ما اشهدتني اياه ولا استأمرتني فيه ولا طلبت رأيي ولا اعترفت بارادتي هل توجد عبودية اكثر من هذه العبودية لا مكانك ولا زمانك لا عمرك لا خلقك لاوجودك لا موتك لا لا .. الى غير ذلك كل هذا ليس بيدك هذه عبودية قهرية على كل الناس موجودة ، العباد الذين يمدحون { فادخلي في عبادي } لا العبودية الطوعية العبودية التي هو الانسان يصنعها اضافة الى هذه الاشياء بامكانه ان يطيع وبامكانه ان يعصي هذا ليس مقصور عليه ولا مقهورعليه فيطيع طاعة العبيد لله عز وجل يتذلل تذلل الارقاء لله عز وجل يخضع خضوع من لاحول له ولاقوة هذه عبادة وعبودية اختيارية هي التي تخلي هذا الانسان نعم العبد كما قال في حق الانبياء ، لاحظوا الانبياء اعظم وصف لهم { نعم العبد انه اواب } نبينا المصطفى محمد صلى الله عليه واله ، اشهد ان محمدا عبده ورسوله عبد الله ، امير المؤمنين عليه السلام يقول { الهي كفى بي عزا ان اكون لك عبدا } غاية عزي وسموي وارتفاعي هي نهاية تذللي وخضوعي وعبوديتي هذه العبودية الطوعية التي يبكي بها اعز الناس لكنه يبكي لله ، اقوى الناس لكنه في حضرة الله يبكي بكاء الثكلى هذا العبد الحقيقي { هو الضحاك ما اشتد الحراب هو البكاء في المحراب ليلا } في الحرب تلك الصلابة والقوة ويا قالع الباب ولكن في المحراب هو ذلك العبد الذليل الباكي الخاضع الذي لايملك لا حول ولا قوة ولا طولا { ادخلي في عبادي وادخلي جنتي } أبو عبد الله الحسين سلام الله عليه جسد هذه النفس المطمئنة فكان راضيا بقضاء الله عز وجل في كل امره { إلهي رضا بقضائك تسليما لامرك ، لماذا ؟ لا معبود سواك يا غياث المستغيثين } لما يضرب بذلك السهم يأتي هنا { ارجعي الى ربك راضية مرضية } يتمايل على فرسه ويقول بسم الله وبالله وفي سبيل وعلى ملة رسول الله كل القضية تدور حول الله سبحانه وتعالى { ارجعي الى ربك } هذه هي النفس المطمئنة التي اطمئنت إلى مواعيد ربها ووثقت به ورضيت منه ما رضي لها وبالتالي ذهبت اليه راضية مرضية ودخلت في علية عباد الله ودخلت في جنة الله ، نسال الله سبحانه وتعالى ان يحشرنا مع الحسين وأن يثيبنا بولايتنا له وجلوسنا في منبره وبكائنا في مصيبته الثواب العظيم والجزيل إنه على كل شيء قدير .








 

 

 

  





 


مرات العرض: 3395
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2545) حجم الملف: 84304.69 KB
تشغيل:

5 من تاريخ التشيع في مصر
سيرة السيدة زينب بنت أمير المؤمنين 1