المجالس بالأمانة ؟ أو الخيانة ؟ 12
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 13/7/1438 هـ
تعريف:

11 المجالس بالخيانة أو بالأمانة؟

 

كتابة الاخت الفاضلة أمجاد عبد العال

حديثنا هذا اليوم يتناول أحد الأمراض الأخلاقية، وفي مقابلها أحد العلاجات الدينية. الموضوع هو في ذيل حديثنا عن مفردة الخيانة. الخيانة من الأمراض الأخلاقية، والذنوب الشرعية، ولها مظاهر متعددة وتجليات مختلفة. من جملة ذلك: خيانة الأسرار، وخيانة المجالس. وحديثنا سوف يكون هذا اليوم في هذا الموضوع. حياة الإنسان متداخلة مع أخيه الإنسان، وهذا يقتضي أن يشترك معه في كثير من الموارد. يشترك معه في عمل، يشترك معه في هيئة، أو مؤسسة، يشترك معه في عائلة أو عشيرة، يشترك معه في اجتماع ولقاء، في سفر. وكثيرة هي مواضع الاشتراك والاجتماع بين الإنسان وأخيه الإنسان. وبطبيعة هذا الاشتراك يطلع كل من الطرفين على أمور من الطرف الآخر، قد لا يطلع عليها غيره.

أنا أكون في سفر مع إنسان، فأكتشف من أخلاقه ومن طريقته في الحياة، أو من التزامه أو عدم التزامه، ومن حدته وغضبه ورضاه وما شابه ذلك، ما لا يتيسر لغيري ممن لم يسافر معه. أكون معه في عمل مشترك، في جمعية خيرية، في هيئة اجتماعية، في حركة سياسية، في أمر من الأمور، وتتيح لي هذه المعاشرة والمعايشة أن أتعرف على أفكاره العامة، والخاصة أحيانا. وأن أتعرف على طريقة حياته، ومواقفه وما شاكل ذلك. أجلس معه في اجتماعات، وفي جلسات ولقاءات ودروس، وغير ذلك. فأكتشف منه إما من خلال تلفظه، يتكلم كلاما فأنا أسمعه، أو من خلال ممارسته العملية ما لا يكتشفه غيري من الناس. بل أكثر من هذا، أحيانا أنا طبيب، فيأتي إلي إنسان، فيبيح لي بدخيلة نفسه وأسرار ذاته وأمراضه ومشاكله، سواء كانت بدينة أو نفسية أو غير ذلك. أنا مستشار، وهكذا.

هنا، قد يلجأ بعض الناس إلى الطريق الخاطئ، فيخونون هذه الأسرار، وهذه الأمور، ثم يكشفونها، إما ابتزازا - قسم من الناس، يحصلون على معلومات عن زيد وعمر من الناس، فيبتزه بهذه المعلومات. إذا لا تحقق لي كذا وكذا، أخبر عنك هذه المعلومات وأفشيها - أو لا، لا يريد منه شيئا، فقط يريد تحطيمه.

أنا أعرف عن فلانة، أن لديها كذا وكذا، فأحاول أن أحكم سمعتها أو سمعته من خلال إفشاء هذه الأمور التي لا يرغب ذلك الطرف في إفشائها. بل يحدث أكثر من هذا أحيانا، كما شهدنا، بعض المشتركين في أعمال، في نشاطات اجتماعية، أو دينية، أو سياسية، أو غيرها. بمجرد أن يخرج من هذا التجمع أو من هذا العمل المشترك، يذهب لكي يكتب مذكراته الخاصة فيقول: فلان عمل كذا، وفلان لم يعمل كذا، وفلان قال كذا، وفلان لم يقل كذا. بعنوان: مذكرات. هنا يُتساءل: من الذي أجاز لك أن تفشي هذه؟! أنت تريد أن تُفشي حياتك الخاصة، ذاك أمره إليك. أما أنك سمعت فلان يقول هذا الكلام، وذلك الشخص لا يرغب في إفشاء هذا الكلام، من أجاز لك أن تفشيه وتعلنه؟! هذا لا يوجد له مبرر شرعي، بل يعد من الخيانة في بعض الصور. ولذلك تأسس عندنا في الشريعة الإسلامية، ما يواجه هذا المرض الأخلاقي: الخيانة، بقاعدة أخلاقية وشرعية وفقهية. وهي الكلام المشهور والمعروف: أن "الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَات"، أو "الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَةِ".

وهذا الكلام، "الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَةِ"، بمعنى: أنك لو جلست مع إنسان، وأسر إليك بكلام، ولم يكن يقبل بأن تنقل هذا الكلام، لا يجوز لك نقله، حتى لو كان أمرا إيجابيا. علماؤنا يقولون: حتى لو كان أمرا إيجابيا، فضلا عن السلبي. يعني مثلا: شخص قال لك: أنا أصلي صلاة الليل، ولكن لم يكن يرغب أن تخبر عنه بذلك. قال: أنا لدي علاقة طيبة مع المراجع، أنا لدي إحسان إلى الناس، ولم يكن يرضى أن تتحدث عن هذا الموضوع، لا يجوز لك أن تتحدث فيه، حتى في الجانب الإيجابي. فما ظنك بالجانب السلبي.

وقد نقلت كتب الحديث أن الكلمات التي لم يسبق بها نبينا المصطفى محمد (ص)، هي هذه الكلمة. هناك كلمات عُدَّت من الكلمات المبتكرة، والحكم التي لا سابق لها في لسان العرب. مما جاء به النبي محمد (ص)، من جملة ذلك، هذه الكلمة: أن "الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَةِ". كما أشار إلى ذلك الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه، في كتاب: من لا يحضره الفقيه. ونقل عنه متأخرون. هناك عدد كبير من الكلمات التي لم يسبق رسول الله بها. أي: هو أول من قالها في اللغة العربية. من جملتها: هذه الكلمة. وتأسس عليها أيضا قاعدة شرعية. نحن نذكر بعض ما ورد حول هذا الحديث من كتب الجمهور، ومن كتب الإمامية.

في كتب الجمهور، نقل هذا الحديث باعتبار أنه حديث حسن، وأنه يمكن العمل به. وقال ابن عبد البر، في أدب المجالسة، عن النبي (ص): "الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَات، وَإِنَّمَا يَتَجَالَسُ الرَّجُلَانِ بِأَمَانَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا افْتَرَقَا، فَلْيَسْتُرْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ". طبعا ليس فقط الرجلان، وإنما أي متجالسين. امرأة مع امرأة، تجلس معها، يتحدثان، فتأخذ كل منهما وتعطي. ثم إحداهما، تذهب لتخبر أنني البارحة جلست مع فلانة وأخبرتني بكيت وكيت وكيت.

فإذا كانت طبيعة المجلس، أو طبيعة الحديث، أو حتى إذا قالت إحداهما: المجالس بالأمانات، أو نمط الحديث يقتضي أنه نمط خاص، فلا يجوز للأخرى أن تنقله. وهكذا لا يجوز لذلك الرجل أن ينقل، ولا يبرر ذلك قول البعض: حتى تنكشف الحقائق. هذا غير مبرر، وغير جائز. أنا أنقل عن فلان هذا الكلام حتى تنكشف الحقائق، وتتضح الأمور. لا يجوز ذلك؛ لأن المجالس بالأمانات.

وهكذا أيضا، ورد في كتبنا، في وصية رسول الله (ص)، لأبي ذر، قال: "يَا أَبَا ذَر، الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَة، وَإِفْشَاءُ سِرِّ أَخِيكَ خِيَانَةٌ، فَاجْتَنِبْ ذَلِكَ". أخوك أسر إليك بسر، قال لك: هذا سر أعطيك إياه. طبعا الموقف الأولي: الأفضل للإنسان كما ورد في الحديث: "سِرُّكَ مِنْ دَمِكَ فَلَا يَجْرِينَ فِي غَيرِ أَوْدَاجِكَ". فحافظ على سرك ولا تطلع عليه أحدا. لكن لو فرضنا أنك أطلعت عليه زيد من الناس، والسر قانونه: أن يُحتفظ به. فلا يجوز لذلك السامع أن يفشيه. فإن المجالس بالأمانات. وإفشاء سر أخيك خيانة. نعم، هناك استثناءات سوف نأتي عليها فيما بعد.

ثقة الإسلام الكليني، رضوان الله عليه، في كتاب الكافي، عقد بابا، أسماه: المجالس بالأمانة. وأورد فيه عددا من الأحاديث. قسم منها معتبر، ومما جاء في ذلك الباب: عن أبي عبد الله الصادق (ع): "الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَة، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَدِّثَ بِحَدِيثٍ، يَكْتُمُهُ صَاحِبُهُ". ذاك المتكلم كان كاتما لهذا الحديث، لكنك تأتي متطوعا وتخبر به الآخرين. ليس ذلك لك. إلا بإذنه. تستأذنه، هل تسمح لي أن أنقل هذا الحديث؟ فإن جاز، وإلا فلا. "إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثِقَةً أَوْ ذِكْرًا لَهُ بِخَيْر". إذا كان ذكر له بخير، ولم ينه عن إشاعته، فلا بأس بنشر عوارف الخير والمعروف في المجتمع.

أتدري، لو أن فلانا حدثت له قصة فيها عبرة، فيها أثر طيب، لو نُقلت إلى الناس. فلا مانع أن تنقل إلا إذا نهى صاحبها عن نقلها. وهذا نلاحظه، بالنسبة إلى الإنسان المؤمن، بل حتى بالنسبة للملحد. لاحظوا. حتى للملحد، إذا قال: "الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَةِ"، ليس لك حق أن تفشي سره، وإن قال بعض العلماء: أن هذا فقط في الدائرة الإسلامية، ولكن يستفاد من حادثة وقعت بين الإمام الصادق (ع) وأحد الملاحدة، وهو ابن أبي العوجاء، عبد الكريم، أن الإمام أعطاه ذلك مع إلحاده. هذا ابن أبي العوجاء، رجل ملحد، كان يثير الشكوك في الوسط الإسلامي، ويذكرون أنهم: كانوا يتقون لسانه. يعني تشكيكاته زفرة، سيئة. إلى أن جاء إلى الإمام الصادق (ع) وكان في الحج، فجلس إليه، وكان في جماعة من نظرائه، فقال: "يَا أَبَا عَبْدِالله"، هذا من؟ ابن أبي العوجاء، المشكك، "يَا أَبَا عَبْدِاللهِ، إِنَّ الْمَجَالِسَ بِالأَمَانَات، وَلَا بُدَّ لِمَنْ كَانَ بِهِ سُعَالٌ أَنْ يَسْعَلَ"، أي أنا لدي مسألة لا بد أن أقولها، لكن لا تنقلها عني؛ لأنه في ذاك الوقت كان الذي يعرف عنه هذا المذهب، يُقطع رأسه.

أنا لدي شك، لدي مسائل، تشكيكات، وأريد أن تكون هذه بيني وبينك. أما الباقي فلا أعترف بنقاشهم. ثم بدأ يتحدث معه، إلى كم تدورون، تدوسون هذا البيدر؟ وتنفرون كالبعير إذا نفر؟ ... تشكيك في أعمال ومناسك الحج. فاستمع إليه الإمام الصادق (ع)، ثم بدأ يرد عليه ردا علميا هادئا، فالشاهد أن ذاك طلب المجالس بالأمانات حتى وهو مشكك، بل يحسب في عداد الزنادقة.

الإمام الكاظم (ع)، أستشهد بحواره مع هارون العباسي. هارون العباسي استدعى الإمام الكاظم (ع) في إحدى جلساته معه، وبدأ يقول له: لماذا أنتم بنو هاشم تفضلون أنفسكم علينا أبناء علي بن أبي طالب مع أننا وأنتم أبناء جد واحد، وهو هاشم؟ أنتم تنتمون إلى أبي طالب، ونحن ننتمي إلى العباس بن عبد المطلب بن هاشم. فلماذا تفضلون أنفسكم علينا، وترون أنفسكم أحق بالخلافة وبالدين منا؟ فبدأ يجيبه الإمام (ع). فأراد هارون الاستزادة. فقال: "زِدْنِي يَا مُوسَى". فقال الإمام (ع): "الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَاتِ، وَخَاصَّة مَجْلِسُكَ". فقال هارون: لا بأس عليك. بمعنى: أن هذا الكلام لن أذهب به إلى القضاة، لن أدينك به، لن آخذه عليك وثيقة عليك. فالإمام قال له: "الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَاتِ" معناه: أن حدود هذا الكلام هو هذه المنطقة بيننا. وأمثال ذلك كثير، لا نريد الإطالة فيها.

يستنتج بعض العلماء من هذا الكلام، أن الأصل في المجالس أنه لا يجوز إفشاء ما لا يرضى به أهل المجلس. ذهبنا إلى مكان، جلسة، فيها 10 أشخاص، وأنت واحد منا. أنا قلت كلاما، وفلان قال كلاما، وزيد قال كلاما ثالثا. والمفروض أن هذا المجلس مجلس محدود، ليس مجلسا عاما. فلا يجوز لأي واحد منا أن ينقل ما قاله الآخر إلى عامة الناس إلا إذا علم منه الرضا. تقول: طرحنا القضية الفلانية، أنا كان رأيي موافق، لكن فلان خالف في ذلك بقوة. لا يجوز لك هذا الشيء. إذا كان نقل هذا الخبر يسيء إلى فلان، لا يجوز لك.

ويعقب على ذلك بعض العلماء، بأنه: الظاهر عدم خصوصية – وهذا مهم – للمجلس، فيشمل الحكم المكالمات الهاتفية والمكاتبة. يقول: نحن لسنا في مجلس. أحدهم كلمني مكالمة تلفونية، ثم أنا سجلتها عليه، ونشرتها على الإنترنت. لا يجوز لك ذلك. أو ذهبت بها إلى بعض أخواني وأصدقائي ليسمعوها. لا يجوز لك ذلك إذا كانت شيئا خاصا لا يرضى به المتكلم.

ويدخل في هذا طوائف كثيرة، قال بعضهم: يدخل في هذا الإطار، كل من كان له طريق إلى الاطلاع على أسرار الناس. الطبيب، عادة مطلع على أسرار الناس. زيد جاء لي وأنا طبيب. اكتشفت أن هذا الإنسان عنده مرض في المسالك البولية مثلا، مرض في القدرة الجنسية، مرض في الجانب الفلاني، وهو يريد كتمان ذلك. إذن، لا يجوز لي أن أخبر بمرضه، فآتي يوم الجمعة مثلا، وقت جلسة العائلة، وأقول: فلان قدم إلي، وتبين أنه يشكو من العقم، يشكو من عدم القدرة الجنسية، مصاب بالسرطان، عنده كذا، وكذا.

إذا كان ذلك المريض لا يريد الإخبار، لا يجوز لي أنا الطبيب أن أفعل ذلك. وكأنما هذا ليس فقط قانون إسلامي، وإنما قانون طبي، يسمونه: قسم أبو قراط على ما أتذكر. أنه لا يجوز للطبيب أن يفشي أسرار المريض ويقسم على ذلك. نحن قبل أبو قراط وغيره، هذا قانون إسلامي ديني، أخبر عنه رسول الله (ص).

بل أيضا العلماء، زيد يخمِّس عند العالم الكذائي. وتبين أن خمسه كذا، يعني رأس ماله كذا. هذه فرصة أن أخبر الجمعية الخيرية أن هذا إنسان متموّل. أو أخبر مثلا أصحاب المسجد الفلاني، أن هذا رصيده في البنك كذا. توجهوا إليه. لا يجوز ذلك لي.

أنا عالم، أو مستشار اجتماعي أو نفسي، اتصل بي شخص يشكو مشكلته مع زوجته، مع ابنته، مع ابنه، مع أبيه، لا يجوز لي أن أتحدث عنه. نعم، لأجل الفائدة يمكن أن يعمم الإنسان المثال، ويحذف الخصوصيات لكي يحذر الناس، وهذا قد صنعه رسول الله (ص). كان إذا جاء وأراد أن ينقل حالة اجتماعية، يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا. لماذا بعض الناس يقومون بهذا العمل، وذلك العمل، وعندهم هذه الصفة، وتلك الصفة.

أما أن آتي وأقول: فلان مثلا – حتى لو في جمع قليل- جاءني وكانت لديه مشكلة مع ابنه، أو مع أبيه أو زوجته أو هي مع زوجها. فلا يجوز لي أن أفعل هذا. وهكذا موظف البنك أيضا، لا يحق له أن يكشف رصيدي للآخرين. موظف الأحوال المدنية والأحوال الشخصية، لا يجوز له أن يخبر عن خصوصياتي. القاضي، ذهبت إليه ورفعت قضية على زيد أو عبيد، فليس له حق أن يخبر آخرين: أن فلان عنده مشكلة مع فلان جماعة، وأتاني في قضية.

الزوج والزوجة أيضا كذلك. أنا أتحدث عن زوجتي أن فيها كذا، بدنها هكذا، كلامها هكذا، صفاتها هكذا، تتكلم على فلان، تقول كذا. أو بالعكس: هي أن تتكلم عني: (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا). لا يجوز للإنسان أن يخون المجلس الذي هو فيه.

أنقل لكم أخيرا فتويين، منها ما جاء في صراط النجاة، للمرحوم السيد الخوئي وتلميذه السيد التبريزي رحمهما الله، في سؤال: هل يجب على المؤمن كتمان سر أخيه المؤمن إذا أسره، سواء أخذ عليه العهد بعدم إباحته للغير أم لم يأخذ؟ حتى لو ما قاله. افترض مثلا: أنني أعلم أن هذا من الأسرار، لكنه نسي أن يقول لي أن المجالس بالأمانات. ولم يقل لا تخبر أحدا. لكن طبيعة الكلام طبيعة سرية. فالجواب: الأحوط وجوبا الكتمان فإن المجالس بالأمانات. نفس الاستدلال بحديث رسول الله (ص).

بل أكثر من هذا، في استفتاء آخر، الجانب الإيجابي، قال: شخص يفعل المستحبات ولا يريد أحدا أن يراه أو يتحدث عنه بفعل المستحبات. مثلا: شخص تعود أن يصلي صلاة الليل، أن يتصدق على الفقراء، لكن لا يريد أن يظهر هذا الأمر، ولكن شخصا آخر تحدث عنه.

لنفترض، أنه كان معي في الحج أو العمرة. فعرفت عنه أنه يصلي صلاة الليل، ويساعد المحتاجين مثلا. ثم ذهبت أخبر الآخرين عنه. مع أن هذا أمر طيب، فهل - السائل يقول – يعتبر هذا غيبة؟ لا ليس غيبة. هل تعتبر غيبة أم لا؛ لأنه لا يجوز التحدث بفعلها. الجواب: ليس من الغيبة المحرمة. لأن الغيبة هي ما يعاب بفعله الإنسان. نعم، إذا اطلع شخص آخر عليه، وشرط عليه الكتمان، لم يجز له كشف ستره، لأن المجالس بالأمانات، لا لإنه من الغيبة.

إذا قال له: لا تخبر بهذا، أو طبيعة الموضوع كانت طبيعة سرية، لا يحب هذا الإنسان إفشاءها، فإنه يجب أن يلتزم بذلك. فمن الأمراض الأخلاقية الخيانة في إفشاء أسرار الغير، ومن علاجها كما جاء في الدين: أن المجالس بالأمانات.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لأن نكون أمناء ومأمونين، إنه على كل شيء قدير وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

 

مرات العرض: 4096
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2582) حجم الملف: 29664.62 KB
تشغيل:

سيرة الامام الهادي من الميلاد إلى الاستشهاد
أبو حنيفة النعمان إمام المذهب الحنفي 5