الاصابة بالعين ..هل يثبتها القرآن ؟ 9
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 20/5/1438 هـ
تعريف:

 

 

سلسلة الأمراض الأخلاقية

الإصابة بالعين هل يثبتها القرآن؟

كتابة الأخت الفاضلة أمجاد عبد العال 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم المصطفى محمد

وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين

السلام عليكم أيها الأخوة المؤمنون ورحمة الله وبركاته

حديثنا هذا اليوم يتناول مسألة: الإصابة بالعين. هل يثبتها القرآن الكريم، والروايات، والعلم، أو لا؟ وهذا الحديث يقع في ذيل حديثنا حول موضوع الحسد، كأحد الأمراض الأخلاقية السيئة، التي سبق الحديث عنها. فسبق الحديث عن أصل موضوع الحسد، وعن عوامله، ومن هو الحاسد، ومن هو المحسود، وهل يؤثر الحسد في الإنسان. وقلنا: أن الحسد في تعريفه الدقيق: هو تمني شخص زوال نعمة شخص آخر، سواء وصلت هذه النعمة إليه - أي إلى الحاسد - أو لم تصل، فالمهم أن تزول هذه النعمة عن ذلك الشخص. هذا هو مفهوم الحسد وحقيقته.

وسيأتي، أن الحسد بهذا المعنى، يختلف عن العين والإصابة بها، على فرض تحققه. فقد يحسد إنسان بمعنى أنه: يتمنى زوال نعمة شخص من دون أن ينظر إليه بعين، ويتأثر ذلك الإنسان. وقد ينظر الإنسان إليه بعين، كالعين الشريرة مثلا، من دون أن يكون حاسدا. كما ذكروا: في أنه أحيانا، قد ينظر أو يَعِين، بمعنى يصيب بالعين، شخصا محبوبا له ومقربا منه. وهذا كله بعد التسليم بأصل القضية.

فكما يقول العلماء: بين الحسد والعين، عموم من وجه. بمعنى: قد يكون هناك حسد ولا يوجد عين، وقد توجد عين ولا يوجد حسد. كما لو فرضنا أن شخصا أصاب بعينه ابنه. فهو لا يحسده هنا، لكن أصابه بعينه على الفرض. وقد يوجد حسد، ويستتبعه إصابة بالعين.

ونحن نسمع كثيرا، وأنتم تسمعون كثيرا أيضا، هذه التعبيرات: ركب معي في السيارة، وقال: سيارة جميلة، آخر موديل. وبمجرد أن قال هكذا، تعطلت السيارة. وهنا لا نحتاج إلى صلوات. اللهم صل على محمد وآل محمد. أو يقول لك: دخل إلى منزلنا، ورأى فيه ثريات وإضاءات وكذا. ثم قال: كم هي جميلة هذه الثريا. بمجرد أن قال هكذا، فإذا بها تنكسر، تسقط. انظر إلى الخبر الذي يُسمع كيف هو! وأيه أكثر غرابة. أو جاءت فلانة إلى بيتنا، ورأت ابني وقالت: شعره جميل وناعم. وإذا به مثلا عصر ذلك اليوم يصاب بالحمى. وأمثال ذلك كثير. على الأقل: 70% منه مختلق، وقسم منه قد يكون صحيحا. وكلما كان أكثر غرابة كلما كان أدعى للنقل.

يعني: لو أن شخصا دخل إلى البيت، وطالع الأشياء كلها، فلم يحدث شيء. هذا لا غرابة فيه؛ ولذلك لا يُنقل. لكن لما تكون ثريا كبيرة جدا وجميلة جدا، وبمجرد أن قال فيها، وإذا بها تنفجر. هذا خبر يستحق أن يُنقل. أو أنه – مثلا - قالت إلى صديقتها: أنت طوال الفصل الدراسي حاضرة، ما غبت يوما واحدا، فإذا بها في اليوم الثاني - وهذه قصة تنقل على بعض المواقع، وفيها حبكة - وهي في السيارة تتعرض إلى اصطدام مروع جدا، والعائلة كلها تسلم منه، إلا هي تتكسر على أثره.

أمثال هذه القصص، هي كثيرة ومتداولة: الراديو الذي يتعطل، والمسجل الذي لا يعمل، والجوال الذي لا يرسل، والثريا التي تسقط، والإنسان الذي يمرض، وهكذا. وبعضهم قال: العين تصيب كل شيء. حتى البناية ممكن أن تهدمها. ولا ريب أن في مثل هذه النقول كثير من المبالغات وعدم التدقيق. لكنها تُنقل.

هل يمكن أن يقول إنسان: أن هذه كلها خرافات، وما من شيء من هذا القبيل. هذه مجازفة. مجازفة أن ينفي الإنسان كل شيء، ويصعب عليه مثل هذا النفي. فهل يسَلِّم لكل ما يُقال ويُنقل؟ هذا أصعب وأشكل. فلننظر إلى ما يقوله الدين تارة، وما يقوله العلم تارة أخرى.

هل للعين حقيقة دينية أم لا؟ ثم هل لها حقيقة علمية أم لا؟ لا سيما لدى من يشكك في نسبة على الأقل – إذا ليس في الأصل – وهذا سوف نتعرض إليه أثناء نقاش الأدلة: أن بعض النافين – إما لأصل القضية، وإما لسعة هذه القضية – هؤلاء يقولون: كل شيء صلاحه وفساده له أسباب موضوعية. فالبناية تتأسس على أعمدة وقوائم ونظر هندسي، وتنهار أيضا بناء على ذلك: إما بتفجير، أو تهديم، أو اختلال في الموازين. يقول هؤلاء: نحتاج إلى دليل قوي يقول: أن من أسباب انهيار البناية، أيضا العين. مثلما المتفجرات تهدم، والعامل بقوته الحديدية، يأتي ويضع تلك الآلات التي تهدم، كذلك أيضا العين.

تعطل السيارة كذلك له أسباب موضوعية. لنفترض: سلك مقطوع، أنبوب غير موجود، "فيوز" محترق، إلى غير ذلك. أما أن تكون نظرة شخص هي من الأسباب التي تؤدي إلى تعطل هذه السيارة، فهذا يحتاج إلى دليل قوي.

حمى الولد، أيضا نفس الكلام. حمى الولد معروفة. وهي: عبارة عن رد الفعل الذي يبديه – كما يقول الأطباء – البدن عند مقاومته للفيروسات أو الميكروبات الوافدة. فخطوط الدفاع والمناعة لهذا الإنسان تعلن حالة الطوارئ. فينتج عن ذلك ارتفاع في درجة حرارة البدن. فهل هناك شيء آخر، هو: أن ينظر الإنسان إلى هذا، فيصاب بالحمى؟ هذا يحتاج إلى دليل. وأمثال ذلك مما يقال.

أحدهم يقود سيارته، وقد أخل بقواعد السلامة والقيادة الصحيحة فاصطدم. أما أن يكون هذا بسبب أن إحداهن الأمس قالت عن ابنته أنها ما غابت قط، ثم هذا القول يسبب هذا الاصطدام، فهذا يحتاج إلى دليل قوي؛ حتى يؤمن به الإنسان.

حسنا، لنذهب إلى ما يقوله الدين وما تقوله النصوص الدينية. الذين يتحدثون عن قضية العين، وأن القرآن الكريم أثبتها فيما يقولون، يتمسكون بثلاث آيات، هي الآيات الأساسية. الآية الأولى، هي: آخر آيات سورة الفلق، وهي: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ). والآية الثانية، هي: الآية التي تتحدث عن قصة أبناء يعقوب، عندما دخلوا إلى مصر وأمرهم أبوهم ألا يدخلوا من باب واحد، وقال: (يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ). فيقولون: أن هذه الآية المباركة أشارت إلى هذا؛ حتى لا يُنظروا بعين ولا يُنضلوا. ولذلك يسمى أحيانا: نضل. فبعض البيئات، تقول: نضله بعينه. أي أصابه وعانه. فقل لهم: ادخلوا من أبواب متفرقة؛ حتى لا تصيبكم العين.

الآية الأولى: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)، حملوها على أنه: إذا حسد الحاسد، فإنه ينظر المحسود بعينه فيؤذيه. وقد سبق أن تحدثنا في هذه الآية المباركة، وقلنا: لا شيء يثبت هذا المعنى. وإنما الظاهر منها هو الشرور والأفعال التي تترتب على حسد الإنسان، والتي تحدث عنها القرآن الكريم في قضية قابيل، وقضية أبناء يعقوب، بل وقضية إبليس وآدم أيضا، بأن يقوم الحاسد بعمل شرير ينتهي به إلى قتل ذلك المحسود، أو إيذائه، أو ضربه، أو سجنه، أو تشويه سمعته. أو غير ذلك. فنفس هذه الآية، ليس فيها أمر واضح بالنسبة إلى العين. وإذا ثبت موضوع العين، فذاك الوقت تكون أحد الشرور التي يستعاذ منها.

الآية الثانية، فيما يذكرون، وهي آية أبناء يعقوب. فقالوا فيها: لما كانوا سيدخلون إلى مصر وهم في هيئة معينة، وعددهم 12 أخا، أو 11، فسيحسدون ويعانون، يعني: تضربهم عين. ولذلك قال لهم نبي الله يعقوب: لا تدخلوا من باب واحد، وتفرقوا. أي قسموا أنفسكم. كل ثلاثة، أو اثنين، يدخلون من باب مختلفة. وقيل: إن البلدة كان لها أربعة أبواب.

فالذين يخالفون هذا التوجيه. يقولون: لا توجد دلالة واضحة على هذا المعنى من الآية؛ لأن القرآن الكريم قال لهم: ادخلوا من أبواب متفرقة ولا تدخلوا من باب واحد. لماذا؟ هذا لم يتحدث فيه القرآن الكريم. فأن تكون الجهة فيه، هي جهة العين، وأنهم يُنظر إليهم بعين حاسدة وحاقدة وكذا، فيقولون لك: من أين لك هذا؟! هذا تفسير المفسرين. ولا توجد عليه دلالة واضحة من القرآن الكريم.

بل ربما يخطو أصحاب هذا النظر المخالف خطوة إلى الإمام، فيقولون: علام يحسدون أبناء يعقوب؟ وهم - ضمن عرف ذلك الزمان - مجموعة من البداة! آتين من البادية، ومصر مركز حضاري مهم، وغني وثروة في ذلك الوقت. أما أبناء يعقوب فقد جاؤوا من أين؟ (وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ)، أي من البادية، التي فيها عنت، وجوع، وفقر. وفي تلك الفترة بالذات، مر بالبلد قحط أيضا. فالآن مجموعة من أهل البادية قادمين بقليل من أرزاقهم وحبوبهم؛ ليبيعوها من أجل الحصول على قليل من المال، علام يحسدون؟! فهم ليسوا في مقام ذلك، لا من حيث الشكل، كأن يكون عندهم تفوق، ولا من حيث الغنى الكبير، ولا حالة الأبهة، فعلام يحسدونهم المصريون؟

الآن إذا أحد من قرية دخل إلى عاصمة وبلد كبير، فهل أهل العاصمة يحسدون هذا القادم من القرية، وهو فقير! يحسدونه على ماذا؟! لذلك شكك بعض أصحاب النظر في أن تكون الآية واضحة في أن ذلك من أجل ألا تصيبهم العين. إذ يمكن ذلك، ويمكن لا. هذا بخصوص الآية الثانية.

الآية الثالثة، هي الآية التي يخاطب فيها ربنا سبحانه وتعالى نبيه محمد (ص) بقوله: (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ). بمعنى: أنه هؤلاء الكفار بأبصارهم، بعيونهم، يكادون ليزلقونك، أي: ليهلكونك. يورطونك. بماذا؟ بالأبصار. فإذا كان كذلك. يقول لك: هذا يبين أن للعين تأثير، وبالتالي القرآن الكريم يتحدث عن سعي الكفار في إصابة النبي (ص) بالعين.

وإذا ضم إلى هذه ما قاله بعض المفسرين من أن بني أسد، كانوا معروفين بالعين، فلو وجه أحدهم عينه إلى شيء مثلا، يتأثر ذلك الشيء. ويقولون: لو أحدهم جُوِّع لثلاثة أيام، فإذا طلع بعد ذلك، يكون مذ ينظر إلى شيء – حسب التعبير – يلقيه على يمين. فتصور لو فُعل هذا بواحد لثلاثة أيام، ثم خرج وبدأ ينضل هذا بعين، وهذه الشجرة بعين، وتلك البناية بعين، وما شابه ذلك، وأنت ترى ما الذي يحدث. فقالوا مثلا لبعض بني أسد: أنه تعالوا وانظروا بعينكم النبي (ص)، فتحدث عن هذا القرآن الكريم.

وهذه الآية المباركة يُحتمل أن تكون بالفعل ناظرة إلى هذا. ويحتمل - كما رأى بعض الباحثين - أن تكون تعبيرا كنائيا مستعملا عند العرب. فمثلا، عندما ينظر شاب إلى امرأة نظرة شهوية محرمة. تأتي أنت وتقول له: قليلا وتأكلها بعينك. هذا تعبير مستخدم. غير أنه لا يوجد أكل بالعين. لكن هذا النظر الحاد الشهوي يعبر عنه بهذا التعبير. أو تلاحظ أحدهم بغضب. أي أنت غاضب عليه الآن وحانق. فيقول لك أحدهم: إنك تحرقه بعينك. ففي الحقيقة لا يوجد إحراق بالعين، لكن هذا تعبير عن ماذا؟ عن أن نظرتك إليه نظرة مبغض، حاقد له. وأمثال ذلك. ففي جانب الإيجاب يقول هذا الأمر: تضمه بعينك، وتدخله في عينك، وفي جانب السلب: تأكله بعينك أو تحرقه بها. وهذه كلها تعبيرات موجودة.

كذلك هنا، يريدون أن يزلقوك بأبصارهم، يعني: لما ينظرون إليك نظرة مقت وكراهية، ولو أمكنهم أن يزيلوك عن الوجود، لفعلوا. وقد نقل عن ابن عباس، لما مر على جماعة يسبون أمير المؤمنين (ع) ورد عليهم، فنظروا إليه شزرا. أي: بامتعاض، أنه: لماذا أتيت ودافعت عن علي بن أبي طالب، وقلت: إن من يسب عليا فقد سب الله وسب رسوله! فذلك يشبه هذا، إذ يقول: "نَظَرُوا إِلَيهِ بِأَعْينٍ مُزَوَّرَةٍ نَظَرَ التِّيُوسِ إِلَى شِفَارِ الجَازِرِ". فالتيس عندما ترى السكين بيد الجازر، لا تنظر إليه نظرة ترحيب، وإنما نظرة مقت وغضب. ولو تقدر على أن تهاجمه، لهاجمته. أنتم أيضا نفس الشيء.

فبناء على هذا، يقول أصحاب هذا الرأي: أن هذه الآية فيها احتمال أن تكون (لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ) بالمعنى المعروف والمشهور: أن العين سبب من أسباب الهلاك والإصابة. ويحتمل معنى آخر: وهو أن يكون هذا تعبيرا كنائيا عن أن نظر الكفار إلى النبي، نظر بغض وحقد وحنق، ولو قدروا أن يهلكوه بعيونهم، لفعلوا ذلك.

النتيجة التي يمكن الوصول إليها من خلال هذه الآيات المباركات: أن ليس فيها دلالة واضحة – أقول: دلالة واضحة - بحيث لا تقبل التأويل، وفيها صراحة، ووضوح. يقول باحثون: أن هذا غير متيسر من الآيات المباركات. لكن في موضوع السنة، وبالذات ما نقل عن نبينا المصطفى محمد (ص)، ولا سيما من طريق مدرسة الخلفاء، فالروايات هناك روايات صريحة، واضحة، كثيرة، من مصادر معتبرة عندهم. بعكس ما هو موجود لدى الإمامية. فالإمامية: أولا: الروايات قليلة جدا في مصادرهم، ثانيا: لم نعثر على رواية صحيحة السند، بالمقدار الذي بحثنا فيه، ثالثا: مصادر هذه الروايات ليست المصادر الأصلية، وإنما قسم كبير منها مصادرها: مصادر من درجة ثانية وثالثة. هذا بالنسبة إلى مدرسة أهل البيت (ع).

وأما بالنسبة إلى مدرسة الخلفاء – فكما قلت – روايات في صحيح البخاري ومسلم، وهما أهم المصادر الحديثية عندهم، وهي في سائر المصادر الحديثية عندهم بأسانيد صحيحة. وهذه يحتاج إلى حديث، نتحدث عنه إن شاء الله، وعما هو موجود في مصادر أهل البيت (ع)، ونشير أيضا إشارة إلى ما يراه العلم، ثم نستنتج النتيجة النهائية.

مختصر الحديث الذي قدمناه إلى الآن: الفرق بين الحسد والعين. فقد يكون هناك حسد بلا عين، وقد يكون عين بلا حسد، وقد يجتمعان في مكان واحد: هو حاسد وينظر بهذه العين المعهودة.

الأمر الآخر: أن هذا عند الناس شائع جدا. وأنهم ينسبون الأمور إلى قضية العين بحق وبباطل. ويلجأ الناس غالبا إلى المبالغة في هذا الأمر، إما في كيفية الخبر أو في تفاصيله. أو في عدده كما هو واضح.

والأمر الثالث: أن المخالفين لمثل هذا الأمر، يقولون بشكل عام: أن لكل قضية أسبابها الموضوعية. فالنجاح له أسباب، والفشل له أسباب. البناء له أسباب، والهدم له أسباب. الزواج المستقيم له أسباب، والزواج الفاسد له أسباب. الأجهزة صلاحها بشيء وخرابها بشيء آخر. ولكي نضيف سببا جديدا هو سبب العين إلى كل هذه الأمور، بحيث يصبح خراب السيارة من أسبابه: العين، وفساد صحة الإنسان الفلاني، من أسبابه: العين، وهكذا. هذا يحتاج إلى استدلال قوي. والاستدلال الموجود – كما ذكرنا – قرآنيا: ثلاث آيات. والآيات الثلاثة ليست صريحة وواضحة في هذا الأمر.

وإلى الآن، نحن لم نقل لا يوجد شيء اسمه: العين. ولم نقل: إن الأدلة القرآنية على خلاف هذا الأمر. نقول: ما يُستدل به من القرآن الكريم ليس صريحا ووافيا في إثبات هذا المطلب. فلا نقول: هو غير موجود إلى الآن. ولا نقول: إن القرآن على خلافه. وإنما نقول: ما يستدل به من خلال القرآن غير صريح. أما فيما يرتبط بالأحاديث، يأتي الكلام عنها إن شاء الله في حديث لاحق. وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

 

مرات العرض: 3428
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2576) حجم الملف: 29832.96 KB
تشغيل:

هل نحن حاسدون أو محسودون ؟ 8
الاصابة بالعين هل تثبتها الروايات او العلم ؟ 10