18الحقوق المتبادلة بين الآباء والاولاد فقها واخلاقا
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 21/9/1437 هـ
تعريف:

الحقوق المتبادلة بين الآباء والأبناء فقها وأخلاقا

كتابة الاخت الفاضلة امجاد عبد العال

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين

قال الله العظيم في كتابه الكريم، بسم الله الرحمن الرحيم: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ. وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). آمنا بالله، صدق الله العلي العظيم.

وصل بنا الكلام في ضمن الحديث عن العلاقات الزوجية إلى ما بعد الانفصال، والمسؤوليات التي تترتب على الزوجين في حفظ وصيانة الأبناء. وبدل أن نبحث في موضوع الحضانة، ارتأينا أن تحدث فيما هو أوسع، وهو موضوع العلاقة المتبادلة بين الوالدين والأولاد، والتي تضمن أيضا وتتضمن موضوع الحضانة في حال حصول الفراق – لا سمح الله – فأثرنا أن نتحدث عن موضوع العلاقات الأسرية المتبادلة بين الوالد والأولاد، بين الوالدة والأولاد، الحقوق التي تجب لك طرف تجاه الطرف الآخر.

سنعيد – ولو على سبيل الاختصار – شيئا من الحديث عما ذكرنا سابقا من أن الخطابات الدينية متعددة فمنها ما هو خطاب وعظي أخلاقي، ومنها ما هو خطاب قانوني فقهي، ومن المهم جدا أن يتم التمييز بين هذه الخطابات أثناء الحديث عن الحقوق الأسرية. كما من المهم أيضا التفريق بينها عند الحديث عن العلاقات الزوجية.

على سبيل المثال، عندما نطالع في الحقوق التي تجب للوالدين على الولد، ذكرا كان أو أنثى، نلاحظ – مثلا – الآية المباركة: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ)، ونلاحظ أيضا: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، ونلاحظ أيضا: ما ورد من الروايات، والتي تتحدث – مثلا – عن هذا اللحن: "وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَالِكَ وَأَهْلِكَ فَافْعَلْ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ". هذا النوع من الخطابات لا ريب أنه يدخل في ضمن إطار الخطاب الوعظي والأخلاقي والاستحبابي. وإلا فمن المعلوم أنه لا تجب طاعة الوالدين في كل الأمور على الولد، هذا ما يقرره الفقهاء. ولذلك قال القرآن الكريم: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا)، معنى ذلك: أن الطاعة للوالدين من الناحية القانونية والفقهية ليست مطلقة. بل حتى على مستوى الخروج من المال أو الأهل. لو أن الوالد – مثلا – أن يغير تجارته، قال له: لا أريد أن تتاجر – مثلا – في السيارات، أنهاك عن ذلك. وإنما تاجر – على سبيل المثال في الفاكهة. لا يلتزم الفقهاء هنا بوجوب طاعة الولد للوالد في مثل هذا الأمر. ولو أنه خالف أمر الوالد هنا، فلا يعد عاصيا وفاسقا، بالتالي مع التعمد. نعم، ينبغي له ذلك، الأفضل له أن يستجيب لرغبة الوالدين. لكن لو لم يفعل، هنا لا يعد عاصيا لله وفاسقا بالتالي إذا تعمد ذلك. لو قال الوالد لولده، مثلا: طلق زوجتك، أنا لا أريد هذه المرأة، أو لا أريدك أن تتزوج بفلانة. وفعل الولد خلاف رغبة أبيه. لا يعد هذا عاصيا لله عز وجل ولا يعد مرتكبا ذنبا. لعلك تقول: كيف والحال أن الرواية تقول: "وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَالِكَ وَأَهْلِكَ فَافْعَلْ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ"؟ الجواب على ذلك: أن من المفضل والمستحب والمستحسن للإنسان المسلم أن يتحرى مواقع راحة أبويه، حتى لو كان ذلك يضغط على نفسه شيئا ما. ولكن لا يجب عليه ذلك وجوبا شرعيا. ولا يعد هذا من العقوق. قسم من الناس، يقول الوالد - مثلا – أو الوالدة تقول لابنتها: إذا قبلت بالزواج من فلان فإني أعتبرك عاقة لي. أو يقول الأب: إذا تقدمت لخطبة فلانة، فإني أعتبرك عاقا لي. والعاق يدخل نار جهنم. هذا الكلام ليس صحيحا. العقوق له محددات في الشرع، لا يستطيع هو أن يقرر أن هذا عقوق، أو ليس بعقوق. العقوق واضحة، مثل: أن إنسانا يؤذي والده بالكلام السيء، يسبه، يشتمه، هذا الإنسان يكون عاقا لهذه الجهة. أو أن يضرب أباه أو أمه، واضح أن هذا من مظاهر العقوق ومن محققاته. أو أنه يفعل فعلا مباحا ولكن بقصد إيذاء أبيه. فيدري مثلا أن والده أو والدته لا تحب الأمر الفلاني، لكنه يتعمد القيام بذلك الشيء، لكي يؤذيها، أو يؤذي أباه. مثلا: هو يريد أن يسافر للدراسة، ليس قاصدا أذية والده، وإنما يرى أن ذلك مستقبله، وأن هذه فرصته، ولكن والده لا يرتاح إلى سفره، ووالدته تتألم من فراقه، هذا ليس عقوقا لو سافر. الأفضل له أن يتحرى راحتهما. ولكن لو قال مثلا: هي هذه فرصتي. قد لا تتكرر. أجد في نفسي شوقا إلى الدراسة، ولكن والدتي سوف تتأذى من مفارقتي، أو والدي كان ينتظر أن يعتمد علي في بعض شؤونه، فهو لا يرتاح إلى سفري. أنا هنا عندما سافرت، لم يكن سفري؛ لأجل إيذائهما، ولا بقصد عنادهما، فلا يعد هذا عقوقا. نعم، لو كان بقصد الإيذاء، لأنه أعلم أن والدي يتأذى، أسافر. لأن والدتي تتألم، أبحث عن السفر حتى أؤلمها وأؤذيها نفسيا. هذا من محققات العقوق. وإلا في غير هذه الحالة، ليس كذلك. المحرم من الناحية الشرعية، هو عقوق الوالدين، بضرب أو بسب وشتم أو بتعمد عمل مباح لأنه يؤذيهما. لأنهما يتأذيان بهذا، أنا أقوم به. ليس لأن هذا العمل مباح، وأنا أريد فعله لأن لي فيه حاجة، ولكن هما يتأذيان بتبع ذلك. أنا في أصل اختياري لهذا العمل، لم يكن قصدي إيذاءهما، وإنما يحصل هذا الشيء. وهذا لا يعد عقوقا.

فإذن، في المرحلة الأولى، ينبغي أن نفرق بين الخطاب الأخلاقي الوعظي. وهو كثير جدا في الشريعة، ومن المستحسن للإنسان أن يتبعه قدر الإمكان: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا). قرن عبادته ربنا بالإحسان إلى الوالدين. هذا خطاب أخلاقي وعظي فيه تحريض على تحري مواضع الإحسان.

حتى فيما لو تأذى الإنسان من بعض تصرفات أبيه، ما جاء في رواية صحيحة، عن الحناط، عن الإمام الصادق (ع)، في ذيل الآية المباركة: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ)، قال الإمام (ع): "إِنْ أَضْجَرَاكَ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ". أحيانا يصعب التواصل بين الأب وبين الابن على أثر اختلاف الجيل. هذا يفكر بنحو معين، وهذا يفكر بنحو آخر. القدرة على التفاهم أحيانا قد لا تكون تامة. فيشعر بعض الأبناء بأن حديث أبيهم أو أمهم حديث ممل، مضجر، مستفز. لا لغة مشتركة بينهم. هذا من أبناء السبعين، وهذا من أبناء العشرين. هذا حركة الحياة لديه بهدوء، بتلاحق بطيء وتدريجي. وذاك من جيل السرعة والحركة والحالة العملية. هذا يفكر بنحو وذاك يفكر بنحو آخر. والأب يريد أن ينصح ابنه، ويريد من ابنه أن يستمع إليه، لكن ذاك الابن يتضجر. انظر لو – مثلا - أنت لا تعرف اللغة الألمانية لكن شخصا ما أخذ يخطب عليك باللغة الألمانية، ستضجر من عنده، لن تستطيع أن تتعاطف معه وتتفاعل. هكذا هو الضجر. يقول: حتى بهذا المستوى، أن تقول لهما: أف، أن تبدي انزعاجا على مستوى اللفظ، لا تفعل. "وَلَا تَنْهَرْهُمَا إِنْ ضَرَبَاكَ"، حتى إذا ضربك الوالد – مثلا – على أثر كبر سنه، أو غير ذلك، لا تنهر هذا الوالد، بل قل لهما قولا كريما. قل لهما: غفر الله لكما. الله يغفر لك. فأنت قد ربيت ونصحت ووجهت، (وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا). تذكر هذا التاريخ. وبالتالي هذه توجيهات أخلاقية وعظية كثيرة مرتبطة بالأبوين.

لكن في الطرف الآخر، الموضوع القانوني، حاد وبالمليمتر حسب التعبير. أين نحتاج له؟ نحتاج له في مواطن ومواضع عدم إمكانية التفاهم ووجود النزاع. الوالد توفي على سبيل المثال. الولد الآن يريد ميراثه. الأم جالسة في البيت. الميراث الوحيد الذي تركه الوالد هو هذا البيت. من الناحية الأخلاقية والوعظية، هذا الولد ينبغي أن يُنصح بأن يترك الوالدة مستقرة في البيت، إذ أن هذه هي من أنفقت عمرها عليك، وحملتك وهنا على وهن، أرضعتك حتى فصلت عنها في عامين، واحتضنتك صغيرا طوال هذه المدة. فلا تأتي في اليوم الثاني، وتطلب منها أن تحمل أشياءها لبيع البيت؛ من أجل أن تقبض نصيبك فيه. هذا من الناحية الأخلاقية: أمر معيب، غير حسن، غير جيد. لكن من الناحية الفقهية والقانونية يستطيع الولد ذلك. منصوح ومحبذ للإنسان أن لا يتحول إلى آلة صماء، ولا إلى جدار لا يشعر، (كَمَا رَبَّيَانِي) ليتذكر هذا، ليتذكر حمله، ليتذكر فصاله، ليتذكر (رَبَّيَانِي صَغِيرًا). فيلاحظ حالة الوالدة أو يوفر لها مستوى مناسب من الحياة. أما أن يأتي ويقول مثلا: لا شغل لي، وأحتاج أن أستلم سهمي ونصيبي من ميراث الوالد، وهو على سبيل المثال، بمقدار الربع فرضا، وبالتالي لا بد من بيع البيت، أما أمه فلتذهب لأي سكن، هذا مخالف للإنسانية، مخالف للأخلاقية، مخالف لهذا التاريخ الذي يتحدث عنه، ومخالف لكل الخطابات الأخلاقية الموجودة. لكن لو أن إنسانا قال: على كل حال، هذا كله في مكانه، ولكني أريد نصيبي من الإرث، لا يمكن لأحد أن يقول له: لا، لا يمكنك أن تأخذه. المنزل يباع، والأم تعطى نصيبها، ويعطى للولد أيضا وسائر الأولاد نصيبهم. فإذن لا بد من التفريق بين هذين النحوين من الخطابات.

فيما يرتبط بحقوق الأب، أخلاقيا، نجد أحد الأدعية - وأنصح نفسي وأخوتي وأخواتي والمؤمنين جميعا أن يكرروا النظر إلى هذا الدعاء - الذي أنشأه مولانا الإمام السجاد علي بن الحسين سلام الله عليه، وهو: المذكور في الصحيفة السجادية، الدعاء الرابع والعشرون، بعد أن يبدأ بالصلاة على محمد وآل محمد (ص)، يدعو الإمام السجاد لأبويه. تعلمون أن الأبوين يطلق على الأم والأب. مع أن هناك أم وأب، إلا أن في اللغة العربية يقولون تغليب أحد الطرفين، وإلا الأم ليست أبا، ولكن أب وأم، فيغلبون أحد الطرفين، وهذا كثير. تقول: الإمامان الباقران، أو الصادقان، المقصود: الإمام الباقر والصادق، فتغلب أحد الاسمين وتثنيه. يقول: "اللهُمَّ اجْعَلْنِي أَهَابَهُمَا هَيْبَةَ السُّلْطَانِ الْعَسُوفِ"، لا أن أضع عيني في عين والدي، ولا تنكسر. أو عيني في عين أمي ولا تنزل، لا. كيف أن السلطان العسوف، شديد الظلم، الذي يخافه من عنده، لا يمكن لأحد أن ينظر في عينيه. أنا أيضا اجعلني نفس الشيء ولكن من باب الاحترام لأبويَّ، "اللهُمَّ اجْعَلْنِي أَهَابَهُمَا هَيْبَةَ السُّلْطَانِ الْعَسُوفِ" من جهة، ومن جهة أخرى: "وَأَبرُّهُمَا برُّ الأُمِّ الرَّؤُوفِ"، الأم الرؤوف كيف تتعامل مع ابنها؟ بحنان، بعطف، بعناية، برعاية، طيب. مؤكد رأيتم في أمهاتكم – جزاهن الله خير الجزاء - لا تنام الواحدة منهن إلا إذا اطمئنت على ابنها جيدا. أنت الأب وأنا الأب نجعل رأسنا على المنام، ومع السلامة. انكشف الغطاء أو لم ينكشف، ليست مسألة مزيدة. لكن هي حتى إذا تذكرت فيما بعد أنها نسيت أن تفحص ذلك الرداء، تقوم من منامها وتذهب لتعديله بشكل صحيح، هذا من رأفتها. يقول: يا رب، أناأيضا اجعلني مع والديَّ، أبرهما كما الأم الرؤوف وهي تبر أبناءها. اجعلني أطمئن عليهما، أتصل بهما، اليوم كيف حالكما؟ لو سمعت عن أحدهما أن وضعه الصحي ليس جيدا، أبدي اهتماما، أذهب إليه، آتي له بالدواء، أحاول أن أوفر له ما يمكن توفيره من سبل الراحة، أبدي اهتمامي له. بعض الناس يقول: إذا احتاج، سيتصل بي، الحمد لله الجوالات موجودة الآن، لا حاجة أن أتصل، يوجد وتساب: "كيفك؟"، إذا رد، رد. إذا لم برد، مع السلامة. لا. "أَبرُّهُمَا برُّ الأُمِّ الرَّؤُوفِ"، "وَاجْعَلْ طَاعَتِي لِوَالِدَيَّ وَبرّي بِهِمَا أَقَرُّ لِعَيْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْوَسْنَانِ وَأَثْلَجُ لِصَدْرِي مِنْ شَرْبَةِ الظَّمْآنِ حَتَّى أُؤْثِرَ عَلَى هَوَايَ هَوَاهُمَا وَأُقَدِّمَ عَلَى رِضَايَ رِضَاهُمَا وَأَسْتَكْثِرَ برَّهُمَا بِي وَإِنْ قَلَّ وَأَسْتَقِلُّ برِّي بِهِمَا وَإِنْ كَثُرَ. اللهُمَّ خَفِّضْ لَهُمَا صَوْتِي، وَأَطِبْ لَهُمَا كَلَامِي وَأَلِنْ لَهُمَا عَرِيكَتِي، وَاعْطِفْ عَلَيهُمَا قَلْبِي، وَصَيِّرْنِي بِهِمَا رَفِيقًا وَعَلَيهُمَا شَفِيقًا. اللهُمَّ اشْكُرْ لَهُمَا تَرْبِيَتِي، وَأَثِبْهُمَا عَلَى تَكْرِمَتِي، وَاحْفَظْ لَهُمَا مَا حَفِظَاهُ مِنِّي فِي صِغَرِي". البعض انتقل أبواه إلى رحمة الله - تغمد الله الماضين بواسع رحمته - لكن لم ينقطع البر. يمكن لك أن تبرهما بعد وفاتهما وتتدارك ما هو غير ممكن. الآن لا يمكنك أن تبرهما بشكل مباشر، ليسا موجودين، فبرهما وهما أموات. وذاك الذي إلى الآن والدته ووالده لا يزالان على قيد الحياة، ليتدارك هذه الفرصة، لكي يبرهما بر الأم الرؤوف، ويهابهما هيبة السلطان العسوف. هذا كله في ضمن الخطاب الأخلاقي.

في الطرف الآخر أيضا، الأولاد لهم خطاب أخلاقي، يوضح ما على الوالد تجاه أولاده. وهذا سوف نأتي عليه فيما بعد إن شاء الله: حول الخطاب الفقهي والقانوني وحق الولاية والحضانة، وغير ذلك.

على مستوى الأخلاق في حق الأولاد. هناك حديث آخر. لاحظوا الإمام (ع) يأخذ الجانبين. في دعاء 24 يدعو لأبويه، وفي دعاء 25 يدعو لِوِلْدِه. يقول: "اللهُمَّ وَمُنَّ عَلَيَّ بِبَقَاءِ وِلْدِي وَبِإِصْلَاحِهِم لِي وَبِإِمْتَاعِي بِهِم. اللهُمَّ امْدُدْ لِي فِي أَعْمَارِهِم، وَزِدْ فِي آجَالِهِم، وَرَبِّ لِي صَغِيرَهُم، وَقَوِّي لِي ضَعِيفَهُم، وَأَصِحَّ لِي أَبْدَانَهُم وَأَدْيَانَهُم وَأَخْلَاقَهُم"، ثلاث مراحل: الأبدان، والأديان، والأخلاق. "وَعَافِهِم فِي أَنْفُسِهِم وَفِي جَوَارِحِهِم وَفِي كُلِّ مَا عَنَيت بِهِ مِنْ أَمْرِهِم" إلى آخر دعائه سلام الله عليه. والذي يبين في هذا الدعاء جزءا من المسؤوليات المستحبة للوالد تجاه أبنائه. تريد أن تعرف ماذا ينبغي عليك من مسؤوليات مستحبة تجاه أبنائك، اقرأ هذا الدعاء رقم 25 في الصحيفة السجادية. تريد أن تعرف مسؤوليات المستحبة تجاه أبويك، اقرأ دعاء 24 في الصحيفة السجادية. وبعض الأحاديث الأخرى، مثل: حديث الإمام الصادق (ع): "قِيلَ مَا حَقُّ الوَلَدِ عَلَى الوَالِدِ؟ قَالَ: اخْتِيَارُهُ لِوَالِدَتِهِ" هذه ضمن الحقوق الاستحبابية، ضمن الخطابات الأخلاقية، "وَتَحْسِينُ اسْمِهِ، وَالمُبَالَغَةُ فِي تَأْدِيبِهِ"، في بعض الروايات: "الانْبِعَاثُ إِلَى تَزْوِيجِهِ"، وقسم من هذه التي وردت في هذه الأحاديث مسؤوليات قانونية وفقهية، وقسم منها خطابات وعظية، نتعرض إليها إن شاء الله، في وقت آخر.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا بآبائنا بارين، وعلى أبنائنا حانين مشفقين، إنه على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

مرات العرض: 3399
المدة: 00:34:43
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2556) حجم الملف: 31.7 MB
تشغيل:

(14)هل هناك طلاق جيد ؟
( 5) شفرة اللغة الزوجية أولويات الحب و الجنس