(16)أنا مطلقة .. هذه معاناتي !
المؤلف: Shaikh Fawzi Alsaif
التاريخ: 21/9/1437 هـ
تعريف:

أنا مطلقة .. هذه معاناتي!

كتابة الاخت الفاضلة امجاد حسن

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم المصطفى محمد

وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين

ومن المواضيع المهمة جدا في هذا الأمر ما يرتبط بمعاناة المرأة المطلقة بعد طلاقها. سنشير إلى هذا الجانب في حديثنا هذا، مبينين النتائج الخطيرة التي تترتب على مثل هذه الحالة.

في البداية، نريد أن نحدد فئة الحديث. الحديث عمن؛ لأن المطلقة قد تكون بطلبها هي وكراهتها للزوج وهذا ما يسمى بالطلاق الخلعي. وقد يكون غير ذلك، وهو: أنها راغبة في استمرار العلاقة الزوجية، لكن الزوج يقوم بطلاقها، فهذان قسمان. وهناك تقسيم آخر، وهو: أن تكون مدخولا بها، زفت إلى زوجها، وأخرى تكون غير مدخول بها. إذ هناك عدد غير قليل من حالات عقد الزواج، تنتهي إلى الطلاق، قبل الزفاف. يعني في الفترة الفاصل بين حصول العقد - عقد النكاح - وبين الدخول. في هذه الفترة يحصل سوء تفاهم، عدم انسجام، عدم قدرة على ترتيب الأمر، فيحصل الطلاق. وقد يكون هناك أولاد على فرض الدخول، أو لا يكون هناك أولاد.

حديثنا من هذه الأقسام الستة، حول قسم واحد، تجتمع فيه المعاناة في أوضح صورها، وهي: المرأة التي طُلقت بغير رغبة منها في الطلاق، وقد دُخل بها وزُفت إلى زوجها وأنجبت ولدا أو أولادا. هذا القسم هو الذي سيكون محور حديثنا. جهة الحديث ونطاقه أيضا، هو: في مجتمعاتنا المسلمة الخليجية، وما يصطلح عليه بالتي تعيش في مثل منطقة الشرق الأوسط. لا مثل النساء المسلمات – مثلا – في أوربا وبلاد الغرب؛ لأن الأنظمة هناك تتيح للمرأة المطلقة مجالات واسعة من الضمان الاجتماعي، كبيرة جدا بحيث لا ينطبق عليها بعض ما سنذكره. حتى أن بعض قوانينهم، وأحيانا قد تطبق على المسلمين، تنتهي إلى أن الرجل إذا طلق زوجته وقد أقامت معه خمس سنوات فصاعدا، يجب عليه أن يعطيها نصف ثروته. هذا قانون موجود عندهم، من عقار وأسهم وأموال وغير ذلك. أحيانا هذا أيضا يطبق على المسلمين. بينما حديثنا ليس ضمن هذه البيئة.

غرض الحديث أيضا، هو: أن نشير إلى جانب خفي في البداية، واضح، شديد الوضوح فيما بعد. عندما تقدم المرأة – مثلا – على الطلاق وترحب به ولا تتحمل هذا الأمر، هي لا ترى هذه المعاناة. متى ترى المعاناة؟ بعدما انتهت المسألة، بعد أشهر من الطلاق. عندما الزوج يقوم بطلاق زوجته، ويسرحها، هو لا يستشعر مقدار المعاناة الكبيرة التي ستحصل لهذه المرأة، والتي لو تصبَّر عليها شيئا ما، وتحملها شيئا ما، لم تكن لتقع في مثل هذه الأزمات. الحديث غرضه: أن يتوجه الأب – والد الزوج، والد الزوجة، والدة الزوجة، ووالدة الزوج – إلى أن الكلام: طلقها، أو اطلبي الطلاق منه، أو أصري على الطلاق منه، هذه كلمة أولها سهل ولكن نهاياتها نهايات مرعبة. الغرض: هو تسليط الضوء على هذه المعاناة.

طبعا، ليس بالإمكان الإحاطة بكل الحالات، وليست القضية معادلة رياضية، تشمل كل الناس. وإنما في مثل هذه الأمور ينظر إلى حالة الأعم الأغلب. أن مثل هذه المشاكل قد تحصل غالبا، ربما في هذا المورد لم تحصل، في ذاك المورد حصل جزء منها، لا يعني ذلك أن هذه الأزمات والمعاناة غير موجودة، وإنما قد تتخلف في مورد أو موردين أو أكثر. لكننا نتحدث باعتبارنا في قضية اجتماعية عن الأعم الأغلب.

أيها الأحبة، أول ما تشهده المرأة المطلقة ما يطلق عليه بعض الباحثين: الحصار الاجتماعي للمطلقة. المرأة المتزوجة، قبل أن تتزوج لا تعيش هذا الحصار. وهي زوجة أيضا لا تعيش هذا الحصار. بعد أن تُطلق تبدأ تعيش حصارا اجتماعيا يؤذيها نفسيا باستمرار. أولا: هي مطلوب منها، هكذا يفترض المجتمع، أن تقدم سببا لكل من تلقاه: لماذا طُلقت؟ مع أنها غير مطالبة بهذا الأمر. لكن المجتمع يفترض مع كل نظرة إليها، يتذكر أن هذه: المطلقة، لماذا طُلقت؟ ما هي الأسباب؟ وإن استطاع هذا أو ذاك، أن يبحث هنا أو هناك، ويسأل من هنا وهناك، فعل ولم يتأخر في ذلك. هذا يشكل ما يشبه الحصار على هذه المرأة. هي لا تذهب لهذا الاجتماع العائلي خشية من سؤال. ولا تحضر إلى ذلك الاحتفال خشية من كلام. وأمثال ذلك. ولا سيما إذا كان جوها الاجتماعي جوا متطفلا، جوا لا يحمل الذوق الاجتماعي الذي يتغاضى عن أمر لا يعنيه. لكَ في أموركَ، ولكِ في أموركِ، من الاهتمامات الكثير الكثير الذي يغنيكَ ويغنيكِ عن السؤال: لماذا هي طُلقت؟ ولماذا تلك لم تُطلَّق؟ وماذا صنعت مع مشكلتها مع زوجها؟ ما الذي يعنيكَ ويعنيكِ في هذا الأمر؟

تعيش حصارا آخر، في بعض المجتمعات، تعبيره: أن هذه قد انتهت صلاحيتها. كانت زوجة، وكان لها – في نظر هؤلاء الناس – دور، كان لها مهنة، كان لها وظيفة، كان لها شأن، هي زوجة، وغدا تصبح أما، وستنشغل بتربية أبنائها. الآن، هي مطلقة. إذن: صلاحيتها قد انتهت. كأنه لا يوجد شيء بعد ذلك لها. وهذا أيضا يشكل ضغطا نفسيا عليها، يضاف إلى هذا الحصار الذي ذكرناه، قبل قليل.

هذا الأمر أحيانا يدفع بعض الآباء وبعض الأمهات إلى مشكلة أخرى، وهي: لكي يتخلصوا من مثل هذا الأمر، ومن مشاكل ابنتهم المطلقة، يرغبون في تزويجها بسرعة. ومع أول طارق. حتى لو كانت لا ترغب. حتى لو كان فارق السن عظيما جدا. حتى لو كان غير صالح. كأنما يضغطون عليها باتجاه: "أنه يا اللا بعد".

سبحان الله، هذه التي كنت تنتظرها بفارغ الصبر طفلة، وكنت تحنو عليها شابة، وكنت تجدها قرة عين، الآن تريد أن تتخلص منها بأي نحو من الأنحاء! وبأي طريقة من الطرق! وكأنما الآن لا مكان لها في هذا البيت. البعض من الأسر عندما تخرج هذه المرأة، وقد كان لها غرفة في منزل أبيها، الآن، بعد زواجها وطلاقها هذه الغرفة ليست موجودة لها، فإذا رجعت، ليست في محل الترحيب. ينتظرون متى تخرج من جديد إلى بيت زوج. وبعض الناس يخفون أن في البيت مطلقة، كأنما المسألة عار. وهي ليست كذلك.

الطلاق - كما ذكرنا في بعض الأحاديث السابقة – أحيانا يكون خيرا، (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ)، يغنيه عن الطرف الثاني، يغنيه بما عنده، يكون فرجا ربما لكل واحد من الطرفين. تقدم الحديث في هذا الموضوع. لا نريد أن نقول: إن الطلاق شيء حسن، كلا. نحن نتحدث عن المعاناة التي يخلقها هذا الأمر. ولكن لا ينبغي أن يكرر الأب، أو أن تكرر الأم، مأساة جديدة لهذه البنت. "لازم تزوجي بسرعة"، "وذاكو فلا إجا"، "وش يعيبه"، "الرجال ما يعيبه إلا جيبه"، "وياللا توكلي على الله"، وكأنما تشعر أنه لا بد أن تلملم أغراضها بسرعة وتتخذ القرار. هي ليس لها محل في هذا البيت. محلها هو في بيت زوجها. القديم لم يتسع لها، ليكن زوج جديد، أو زوج ثالث، المهم: لا بد أن تخرج. هذا أيضا من الحصار الذي يفرضه المجتمع على الأسرة، فتفرض الأسرة حصارا مضاعفا على هذه الفتاة.

الحمد لله، بعض العوائل، عندهم من الوعي، من المعرفة، ما يستشعرون بأن ابنتهم المطلقة تحتاج إلى رعاية إضافية، إلى عناية خاصة. إذا كانوا يعتنون بها قبل الزواج، أيام كانت فتاة، بنسبة 50%، الآن تحتاج إلى 70% عناية، تعضيد نفسي، حماية، وقوف إلى جانبها، إنفاق عليها، تقوية إلى داخلها الذي تهشم. لكن هذه معاناة قد تحصل بالنسبة إلى بعض العوائل والأسر.

من الحصار الذي أيضا يفرضه المجتمع، هذا العنوان، عنوان: مطلقة. لم تنجح في زواجها، لم ينجح زوجها في الاحتفاظ بها في بعض الحالات. خرجت. الآن بدأت تعيش حياة عملية مثلا، متقدمة، حياة مهنية، متألقة، حياة اقتصادية متعاظمة، أصبحت شخصية اجتماعية نافعة للناس. مع ذلك، مهما تصعد، تنزل، هي مطلقة، حتى لو أصبحت رئيسة البلد. هذا عند قسم من الناس: مطلقة. مع أنها حققت نجاحات استثنائية. هذا أيضا جزء من الفهم الخاطئ الذي ينتهي إلى مثل هذا الحصار على هذه الفتاة، أو على هذه الزوجة التي لم توفق في زواجها.

أسوأ من ذلك أيضا، الصديقات المحيطات بها. كان لها جو اجتماعي. كانت صديقة: فلانة، وفلانة، وفلانة. تعزمهن، ويعزمنها، تذهب إليهن، ويأتين إليها. الآن، صارت مطلقة. بعضهن بالصراحة، وبعضهن بالتلميح، أنه: لا يستطعن الإتيان إليها ولا استضافتها؛ لأنهن يخشين على أزواجهن من هذه المرأة المطلقة. وهذا منتهى القسوة.

ربما تكون بعض النساء المطلقات يطمعن في هذا الاتجاه. ولكن ليست هذه هي الطبيعة العامة. هذه الآن تحتاج إلى – كما قلنا – رعاية، عناية. بدل أن تخفف صديقتها عليها - وهذا معنى الصديقة: أن تقف معكِ - بدل أن تهوِّن عليها خطبها ومشكلتها، وتفتح أمامها أبواب الأمل، أصبحت تتحاشاها، تتهرب منها، وأحيانا توصل الكلام إليها. وهذا مما يؤسف له.

وبعض الباحثين يشير إلى نقطة فيها طرافة، يقول: أحيانا تكون بعض النساء أكثر قسوة على النساء من الرجال. مع أنه المفروض لا يكون هكذا. فهي تشعر بنفس مشاعرها، وتعيش في نفس بيئتها، وتتعرض إلى نفس المشاكل التي تتعرض لها تلك. ولكن يلاحظ هؤلاء، مثلا: موقف هذه النساء من المرأة المطلقة – عادة - موقف متحسس، ومتوجس، ومترقب، وأحيانا قاس. "لو فيها خير ما رماها الطير"، "ما تعرف تمسك زوجها عدل"، هل أنت ذهبت، ورأيت المشكلة حقيقة، لماذا تحكمين من طرف واحد؟! هل عرضت عليك القضية للحكم في الأشياء؟! لا بد أن يستمع القاضي والملاحظ إلى الطرفين. أنت سمعت من بعيد. لم تحيطي بالقضية. لا. "ما تعرف، لو فيها خير ما خلاها زوجها"، "لو أحسنت إليه ما تركها". وأحيانا هي يحل عليها نفس المشكل الذي عابت به غيرها، فتتورط به.

موقفهن من الزوجة الثانية. امرأة، زوجها ذهب وتزوج عليها، لنفترض زوجته الأولى مريضة، أو غير ذلك. النساء يكن قاسيات على هذه الزوجة الثانية قسوة غير مبررة. وكأنها - مثلا - سلبت أموالهن، اعتدت عليهن. وأحيانا لا قرابة بينهن وبين الزوجة الأولى، ولا علاقة بينهن وبينها، ولكن هناك قسوة في هذا.

على الزوجة التي لا تنجب، أيضا هناك قسوة. في كثير من الأحيان، من قبل نفس النساء. بعضهن يكن قاسيات على هذه المرأة التي - لسبب أو لآخر - لم تشأ حكمة الله سبحانه وتعالى أن تنجب. قد يكون من طرف الزوج، قد يكون من طرف الزوجة، قد يكون من طرفهما، قد لا يكون هناك خلل في أي منهما. ولكن (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ). لم تتقرر إرادة الله في أن يهب وأن يرزق هنا في هذا المكان. تأتي بعض النساء فتكون قاسية في هذا الجانب على المرأة غير المنجبة. وأمثال ذلك. وهذا يربطه بعض علماء الاجتماع بما قالوه: بأنه إعادة إنتاج القسوة. المرأة هذه، كان هناك قسوة عليها من أبيها، من أمها، من زوجها، من بيئتها، فتقوم هي بإعادة إنتاجها وتفريغها على غيرها. أقرب واحدة هذه المرأة المطلقة. أقرب واحدة تحكي على هذه الزوجة، أقرب واحدة على هذه غير المنجبة.

الصديقات هنا أيضا، يزدن من معاناة هذه المرأة المطلقة. الصديقة المؤمنة العاقلة الحكيمة تتفهم حالة هذه المرأة المطلقة، تسعفها، تحاول أن ترفعها من مشكلتها وأن تعينها على ما هي فيه. هذه مشكلة أخرى.

مشكلة ثالثة وهي مشكلة عظيمة جدا. وللأسف توجد في مجتمعاتنا، وهي: مشكلة الاستغلال الجنسي. امرأة مطلقة، في ذهن بعض الناس: هي سلعة جنسية جاهزة. ذاك المنحرف يبحث عنها، باعتبار أن هذه امرأة مطلقة كأنما بيت بلا باب. فيمكنه أن يدخل أي وقت شاء. غير المنحرف، المتدين أحيانا، وهذا مما يتعجب منه الإنسان، يستثمر هذه الحالة. ذاك البعيد امرأة موظفة لديه، تحت إدارته، الآن مطلقة، يبدأ ينظر إليها لا على أنها موظفة، وإنما ينظر إليها على أنها مطلقة، وسلعة جنسية جاهزة، فيربط ترقيتها بالأمر الجنسي، ويربط راتبها بالأمر الجنسي، أحيانا يلمح، وأحيانا يصرح، وأحيانا يهدد.

هذا الأمر لم تكن لتواجهه عندما كانت متزوجة. الآن وهي مطلقة تواجه هذا. بعض أهل المؤسسات الاجتماعية، فيما نقل، ممن بيدهم أمر المساعدات، والآن هذه من الممكن أن تكون مطلقة وفقيرة، قبل هذا ما كان – من بيده المساعدة - يتحدث عن هذا الموضوع. الآن، بعدما علم أنها مطلقة، أصبح يشير إلى موضوع الجنس والاستغلال في هذا الجانب. بعض من يتزيا بزي رجال الدين، يتورط في هذا الأمر أيضا. ونحن نقول للجميع: "عيب". نقول للجميع: كونوا شهماء. الرجل رجولته في شهامته. إذا رأى أحدهم واقعا، إذا رجل لا بد أن يرفعه، لا أن يطأه بقدمه. أحيانا يتذكر الإنسان في مثل هذه المواضع: الضباع. في الأفلام الوثائقية، لو شاهدتموها، لعرفتم أن الضباع ميزتها لا تفترس. لا تمارس المواجهة، الأسود واللبؤة وغيرها: تهاجم وتفترس. أما الضباع فلا. هي تنتظر الفريسة تتوحل في مستنقع، ذاك الوقت - إذا توحلت وتعذرت حركتها - تهجم عليها تنهشها. أو فريسة تقع جريحة، عندها الضباع تأتي وتهش عليها وتجرحها. أحيانا، جيفة، الضباع تأتي وتنقض عليها.

بعض من يقوم بهذه الأمور، فيرى امرأة وقعت على الأرض، سقطت، توحلت، انتكست بها الحياة، هذه تحتاج أن تمد لك يدك، وأنت رجل برجولتك؛ حتى ترفعها من هذا الوحل. تستنقذها من مشكلتها، لا أن تأتي لتغرس سكينا في قلبها، أن تكون ضَبُعا تستغل أنها متوحلة، فتجرحها. فكثير من هؤلاء المطلقات، هي: قلب جريح، ظهر مكسور، كتلة عواطف محترقة، تحتاج إلى تعضيد.

أما أن تأتي وتساومها على هذه المساعدة التي ستأخذها بشرط كذا وكذا، فهذه ليست شهامة، ليست رجولة. الرجولة: تريد أن تتزوج؟ اذهب وتزوجها ضمن الإطار الطبيعي والعادي. بهذا، أنت ترفعها إذا هي قبلت، أو أرادت. فقسم من النساء، فعلا، هي حاضرة لأن تتزوج بأي نحو. المهم أن يكون من جهة شرعية. هذا أمرها، وإليها. لكن إذا لم تكن من هذا الصنف، وهن كثيرات، فلا تقم أنت باستغلالهن خارج الإطار، فهذا يخالف رجولة الإنسان.

إحدى النساء، تقول: أنا زوجي متوفى، وأموري تقتضي بأن أذهب في بعض الحملات للزيارة والحج ككادر، لكني لا أخبر أحدا أن زوجي متوفى، لماذا؟ لأنه بمجرد أن يعلم بعض هؤلاء عن أن هذه المرأة مطلقة أو أرملة، يرونها أمامهم وتمثل في نظرهم مثل بيت بلا باب. يمكنهم دخوله متى شاؤوا، ويصبح همهم فقط هو الحوم حول هذا المكان.

لا ينبغي، لا يصح، ليس من الأخلاق، أن تضطر امرأة كسرت، ووقعت على الأرض، إلى مثل هذا الأمر. ينبغي للمجتمع أن يكون بطريقة من إذا وجد ضعيفا انتشله، لا أن يستغل ضعفه ويقسو عليه، ولا سيما في هذا الأمر. هذا بالنسبة إلى هذه المطلقة ليس لذة جنسية، هذا إهانة، وتمريغ للكرامة، عند قسم كبير منهن.

إذا لم تكن في معرض هذا الأمر، هذا ليس مساعدة لها، هذا هم وشجن طويل مع الأسف. ونحن نضطر إلى الإشارة إليه. لا أقول إن الحالة العامة في المجتمع هكذا، لا، ولكن قليل هذا كثير. النار من الأمور التي قليلها كثير. عود ثقاب لكن يحرق بستانا. لأن قليله كثير. هذا من الأمور التي قليلها كثير. نحن نعلم أن قسما مما ينقل فيه مبالغات. وفيه تزيُّدات، ولكن هذا الشيء القليل الواقعي هو شيء كثير. ينبغي أن يكون المجتمع قادرا على رفع الضعيف لا على تحطيمه.

آخر شيء، مشكلة العودة إلى العائلة. أيضا هذه من المشاكل التي هي موجودة في بعض المجتمعات. الأب يقول: "احنا ما عندنا امرأة تعود إلى منزلها". وهذا الكلام، كلام صحيح إذا كان بمعنى: أنني أسعى لبذل المستحيل حتى لا يحصل الطلاق: أتنازل عن بعض القضايا. إذا الأمر يحتاج إلى دفع مال، أدفع. أو إلى اعتذار أعتذر، أو إلى تعضيد وإرشاد أرشد. فهذا ممتاز.

فعلا، هذا رجل، يقول: "احنا ما عندنا امرأة ترجع إلى بيتها". ودعنا بالفعل نشتغل على أن نمنع الطلاق أن يحدث. لكن إذا وقع الطلاق، لا معنى لهذا الكلام أبدا: "أنا لا توجد عندي بنت ترجع إلى منزلها"، إلى أين تذهب؟ تذهب إلى الشارع؟ تذل نفسها؟

هذه الحالة، حالة غير صحيحة. جزء من المعاناة. لو استطاع هذا أن يمنع من عودة بناته إلى المنزل، قبل ذلك، كما قلنا، بمزيد من التوجيه، بمزيد من العطاء المادي، بمزيد من التنازل والتفاهم، هذا أمر صحيح، وكلام في منتهى الصحة. أما بعدما حصل الذي حصل، ينبغي الترحيب بهذه البنت، وتعضيدها، وإعانتها، وإشعارها بالأمل في المستقبل.

يبقى اقتراح - لو تم تحقيقه - ربما يساعد المجتمع في تجاوز هذه المشكلة، وهي: أنه كما يوجد لدينا مراكز ومؤسسات لمساعدة الفقراء، ومراكز ومؤسسات لقضايا الزواج، لو يتأسس مركز لحماية المطلقات. أولا: يقدم لهن الاستشارات النفسية؛ لكي يتجاوزن هذه الحالة التي يعشن فيها. وثانيا: يعين هذه المطلقات على تحصيل حقوقهن الشرعية؛ لأن أحيان كثيرة، المرأة لا تعرف حقها، وقد تكون الجهات الرسمية لا توضح لها هذا الأمر بشكل واضح. وجود مركز يتكفل بهذا الأمر: بالتوعية الحقوقية، بالتوعية الشرعية، بالتوعية النفسية، يتعاون معهن لاستئناف حياتهن من جديد، هذا أمر طيب.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمكن على مجتمعنا بالتعقل حتى لا يكثر الطلاق، وبالتحمل حتى لا يُتسرع في أمر الطلاق، وأن يعيننا على حماية الضعفاء. ومن هؤلاء الضعفاء المطلقات. إنه على كل شيء قدير. وصل الله على سيدنا محمد وآل الطاهرين.

 

مرات العرض: 3408
المدة: 00:37:01
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2549) حجم الملف: 33.9 MB
تشغيل:

من يعيش الأمان في الحاضر والمستقبل
من يعيش الأمان في الحاضر والمستقبل