روي عن رسول الله {صلى الله عليه وآله} أنه قال : {{ ياعلي ماخاب من استخار ولاندم من استشار}} وعن أبي عبد الله جعفر الصادق {عليه السلام} أنه قال: {{ما استخار الله مؤمن إلا خار الله له وإن وقع ما يكره}} صدق سيدنا ومولانا رسول الله وصدق جعفر بن محمد . حديثنا يتناول بإذن الله موضوع الاستخارة نظرًا لأن جانبًا كبيرًا من حياة المؤمنين في قراراتهم واختياراتهم يتأثر بهذا المفهوم وبهذا الموضوع . ومن النادر أن تجد شخصًا لايستخير ، فالغالب أن المتدينين والمتشرعين يقومون بهذا الأمر حتى في القضايا الكبيرة ، كقضايا تحديد المسار العلمي ، تحديد المسار العملي ، قضايا الزواج ، وأمثال ذلك من الأمور هذا يدعونا إلى الحديث عن هذه القضية في أصلها ودليلها وفي معناها وفي كيفيتها وفي مواردها الصحيحة وفي مواردها الخاطئة . (استخار) هذه الكلمة إذا جاءت في اللغة العربية فعل من الأفعال يبدأ بالالف والسين والتاء والذي يسمى باب الاستفعال هذا يعني طلب ذلك الشيء تقول (استنصح) يعني طلب النصيحة (استنصر) يعني طلب النصر (استغفر) طلب الغفران (استرحم) طلب الرحمة وعلى هذا المعدل. (استخار) بناءً على هذا طلب الخير وهذا المعنى اللغوي والجذر لهذه القضية من ناحية الاصطلاح : الاصطلاح عند المتدينين عند المتشرعة الاستخارة تعني أحد معنيين ، المعنى الأول للاستخارة تعني طلب الخير بعد قرار ، يعني أنا قررت مثلًا أن أبدأ في طلب العلم انتهيت من هذا الموضوع فأذهب فيما بعد وأصلي ركعتين أطلب من الله سبحانه وتعالى أن يجعل لي الخير في هذا الطريق فيقال استخار يعني طلب من الله أن يجعل الخير في طريقه، قرر أن يسلك طريق التجارة وانتهى الموضوع فيسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل الخير في طريقه التجاري هذا يقول استخار وهذا وارد عند الشيعة وعند غير الشيعة وقد يسمى هذا ب(الخيرة الدعائية) أو (الاستخارة الدعائية) نسبة إلى الدعاء . المعنى الآخر في الاصطلاح عند المتدينين أن الاستخارة هي عبارة عن تحصيل خيار من الخيارات واختيار طريق من طرق متعددة والجزم عليه ، لنفترض أن أمامي الآن خيارات متعددة تخرجت من الثانوية هل أدخل في الهندسة أو الطب أو أشتغل أساسًا في السوق . وما استطعت التوصل إلى نتيجة بفكري واستشرت فكانت الآراء متضاربة ومخالفة هنا الشرع يأتي فيقول لي لا تبقى متحير لا تبقى متردد لا تبقى في حالة الشك استخر حتى تحدد مسارك العملي فهنا طلب الخير من الله ليس مثل الأول وإنما يريد أن يعين لك امشِ في هذا الطريق ، أخرج من التحير إلى الحزم على أحد الطرق فإذن هذا معناها اللغوي . الروايات التي ذكرنا قسمًا منها تحتمل المعنيين( ماخاب من استخار) تحتمل معنى أن من يطلب الخير في طريقه من الله سبحانه وتعالى الله لا يخيبه . وتتحمل أيضًا معنى أن الإنسان إذا تحير وتشكك وتردد ولم يستطع أن يحدد طريقه بشكل جازم هذا عليه أن يستخير بهذا المعنى ، يأخذ خيرة على هذا الشيء ، هذا لا يخيب بالتالي ويحصل له الطريق المناسب . وهكذا في حديث الإمام الصادق (عليه السلام) أنه : ما استخار الله مؤمن (يعني مؤمن يستخير الله) إلا جعل له الخير وإن كان بعض ما يكره . هذا إذن في المصطلح بالنسبة إلى الكيفية والحكم . كيفية الاستخارة الدعائية ؟ ذكرنا أن الإنسان يصلي ركعتين ثم بعد ذلك يدعو الله سبحانه وتعالى أن هذا الشيء المقرر عليه ومجهز له يجعل الخير فيه .أنا قررت أن أتزوج أذهب و أصلي ركعتين وأقول يا رب اجعل لي الخير في زواجي هذا في خطوبتي هذه . قررت أن أواصل تعليمي العالي أصلي ركعتين ثم أدعو يا رب قدم لي الخير، اقسم لي الخير في هذا الطريق وفقني فيه ، استخار هنا بمعنى طلب الخير وهذا وارد عند أتباع مدرسة الخلفاء بالاتفاق ليس لديهم مشكلة فيه، فعندهم رواية في صحيح البخاري عن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) وعندنا أيضًا روايات يستفاد منها نفس هذا المعنى كأنما (الخيرة الدعائية الاستخارة الدعائية) محل توافق بين المسلمين . رأي المذاهب في الاستخارة : الاستخارة الاختيارية التي بمعنى أن شخصًا يريد أن يعين طريقه أولا حكمها بين اتباع مدرسة الخلفاء مختلفين فيها بعضهم كشيخ الأزهر الأسبق شيخ ( محمود شلتوت) يقول هذا لايجوز حرام أصلًا لماذا ؟ يقول لأن هذا يشبه الاستقسام بالأزلام وعندنا من المحرمات وقد ورد في القران (وأن تستقسموا بالأزلام) هذه الاستخارة التي مثلًا بالسبحة أو بأي وسيلة أخرى، هذه في رأي الشيخ شلتوت من الاستقسام بالأزلام فهو غير جائز . أما بقية علماء مدرسة الخلفاء قالوا جائز لكن ليس فيه استحباب أو تأكيد ، فهو عمل من الأعمال المباحة والجائزة . عندنا في مدرسة أهل البيت عليهم السلام رأي المشهور من العلماء أنها مشروعة بل هي محبذة ومستحبة ولذلك كانت عليها سيرة المتدينين والمتشرعة والعلماء منذ قديم الزمان كما سياتي الحديث فيما بعد . أشهر الاستخارات : وأشهر هذه الاستخارات في هذه الأزمنة المتأخرة إما الاستخارة بالسبحة (الاستخارة بالسبحة) التي تعتمد على أساس قبض مجموعة حبات من السبحة عشوائيا ثم تحسب اثنتين اثنتين إلى أن تصل إلى الحد الثاني إن كان فرديًا يعني بقيت واحدة فهذا مثلًا الموقف موقف إيجابي (خيرة جيدة) وإذا كان الباقي صفر أو زوجي بالتالي فهذا معناه أن نتيجة الاستخارة (غير جيدة) هذه من المشهور طبعًا . السبحة لا يوجد لها خصوص بأي شيء أستطيع عملها أحيانا بالحصى تستطيع عملها ، فتأخذ كومة حصى ونفس الطريقة تحسب اثنتين اثنتين ( طبعًا لا يحسبهم من البداية يعني يأخذ عدد فردي حتى تطلع الخيرة جيدة ، لا وإنما يأخذها بشكل عشوائي ) فهذه الطريقة من الاستخارة . الطريقة الثانية : هي الاستخارة بالقرآن الكريم والتي تعتمد بعد أن يتوضأ الإنسان ويطلب من الله سبحانه وتعالى أن يهديه للشيء الحسن في صحة وعافية ثم يصلي على محمد وآل محمد( ثلاث مرات ) بعدها يفتح القرآن بصورة عشوائية على صفحة من الصفحات وينظر إلى الجهة اليمنى السطر الأول أو الأول والثاني ويرى جو الآية ما هو؟ إذا جو الآية (لهم عذابٌ شديد) (ومكر أولئك هو يبور) وماشابه ذلك يعني أن هذا التوجه توجه نهي وسلبي وغير جيدة. أما إذا (جنات تجري من تحتها الأنهار) أو آيات الرحمة (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا) أو مثل ( وكان فضل الله عليك كبيرًا) أو ماشابه هذا جو الآية جو حسن مساعد فنتيجة الاستخارة تكون جيدة . هذا المشهور الآن في هذه الأزمنة هذان النوعان وهناك طرق أخرى ووسائل أخرى ، لكن هذا المشهور بينها الآن . إذن صار عندنا معرفة بأصل الاشتقاق اللغوي ومعرفة بالمعنى الاصطلاحي عند المتدينين في الخيرة أو الاستخارة الدعائية والاستخارة الاختيارية وأيضا عن حكمها بين الفريقين وكيفيتها المشهورة في هذه الأزمنة . مشروعية الاستخارة : من أين جاءت مشروعية الاستخارة ؟ بعض العلماء وفي طليعتهم المرحوم الشهيد السعيد ( السيد محمد محمد صادق الصدر) الشهيد الصدر الثاني وهو أحد تلامذة الصدر الأول وهو عالم جليل ، له من الكتب - أنا أنصح من يريد أن يطالع عن الموضوع المهدوي بشكل تحليلي متقن أن يطالع موسوعته (موسوعة الإمام المهدي) في أربع مجلدات ضخمة (تاريخ الغيبة الصغرى ) (تاريخ الغيبة الكبرى) (تاريخ ما بعد الظهور) و(اليوم الموعود) أربع مجلدات ضخمة ومتقنة الكتابة . وعنده أيضًا في الفقه كتاب (ما وراء الفقه) يعني الأدلة والوجوه. ففي بعض الأجزاء يذكر هو وغيره أيضًا أنه يستدل على موضوع الاستخارة هل هي مشروعة أو غير مشروعة بأمور: 1- عندنا روايات كثيرة منها ما قرأناه قبل قليل ومنها غيرها وهذه وإن كانت بعض أسانيدها ضعيفة وغير متقنة لكن كثرتها تعطي الإنسان اطمئنانًا بمضمونها حتى وإن كان بعضها ضعيف وغير تام السند لا يضر ، هذا واحد من الأمور. 2- سيرة المتشرعة والمتدينين من القديم إلى الآن كانت على العمل بالاستخارة ، يعني في جيلنا هذا نحن رأينا الناس يقومون بالاستخارة آباؤنا قاموا بها ، وهم رأوا آباءهم الذين هم أجدادنا أيضًا هذه السيرة قائمة عندهم ، وهكذا جيلًا بعد جيل إلى أن نصل إلى أيام المعصومين ، هذه السيرة قليل من المتدينين من قبل المؤمنين من قبل أهل الشرع الذين يسمونهم المتشرعة واصلة إلى زمان المعصومين عليهم السلام ،وهذه تنبأ عن أن هذا الأمر مشروع و جائز وليس محرمًا و ليس استقسامًا بالأزلام كما يقول الشيخ شلتوت فلا يوجد محذور شرعي هذا أمر ثاني يذكرونه. 3- الذي يذكر هنا أن الاستخارة عبارة عن استنصاح واستشارة لكن لله عز وجل . فأنت إذا احترت في أمرٍ ما تذهب إلى من يكون محل ثقة عندك فتستنصحه أي تطلب منه النصيحة فهو بلا شك يعطيك أفضل ما عنده من النصائح ، أليس كذلك ؟ فماذا لو استنصحت ربك وإذا استرشدت ربك المفروض ان الله سبحانه وتعالى يعطيك الخير ويرشدك إلى ما فيه النفع وهذا من الوجوه التي تشير إلى أن هذا الأمر من الأمور المشروعة . 4- وأخيرًا يقول هؤلاء أننا رأينا من نتائج الاستخارة الشيء الكثير في تحقيق النفع والشيء الكثير في دفع الضر عن المؤمنين بما لا يحصى كثرته ، زيد استخار في الموضوع الفلاني وكانت النتيجة نتيجة حسنة واستفاد من ذلك أو انتهى عن المورد الفلاني وبالفعل كان هناك ضرر حقيقي فيقول لك هذا يتبين منه أن نتائج الاستخارة عند المؤمنين وهي كثيرة تهديهم إلى ما فيه الخير وتجنبهم مافيه الضرر. طبعًا كل واحد من هذه الأدلة في محل نقاش ، فبعضه لا ينتهي إلى إمكانية التمسك فيه وبعضه الآخر لا . ولكن نحن الآن لسنا في صدد الحديث عن مناقشة كل دليل بذاته وإنما عرض لأصل الفكرة فإذن صار عندنا أيضًا أن هناك أدلة ووجوهًا أقامها العلماء على مشروعية هذه العملية وهي الاستخارة بل على استحبابها كما يقول بعضهم . وأضاف وجوهًا أخرى لا باس بها في فلسفة هذا الأمر لماذا مثل هذا التشريع ؟ هذا مهم لأنه سوف ينفعنا فيما بعد عند الحديث عن الموارد الخاطئة في الاستخارة . لماذا يتم تشريع مثل هذه العملية(عملية الاستخارة) وتصير مستحبة والمؤمنون يعملون بها ؟ أشار بعض الباحثين إلى وجه لطيف ، هذا الوجه يقول أن الإسلام جاء بتشريعات ترفع التردد والتحير وتجعل الإنسان على درجة من اليقين أو الاطمئنان وفي المجالات العملية على درجة من الجزم والحركة ، فالتردد غير صالح ، فإذا بقيت أفكر هل أسجل في هذه الجامعة أو لا ؟ أسجل لا أو لا أسجل…. ينتهي التسجيل وأنت لا زلت تفكر أسجل أو لا أسجل . أشترك في هذه الشركة ؟ او لا أشترك ؟ يظل الإنسان هكذا متردد متحير يتقدم خطوة يتراجع خطوتين وهكذا ... الشركة أقفلت و انتهى الأمر وفاتك ، فهذا الأمر ، حالة التردد والتحير والإحجام والإقدام ليس شيئًا محمودًا . جاء الإسلام وعمل تشريعات حتى في العبادات حتى يرفع هذه الحالة . فعلى سبيل المثال قوانين الشك والسهو في العبادات إنما جعلت في واحد من أغراضها حتى لايتحول الإنسان إلى وسواسي شكاك وبعضهم يتمكن منه هذا الداء (داء الشك والوسوسة) إلى حد أنه يقوم قبل صلاة الفجر بنصف ساعة وتطلع الشمس وهو بعد ما كبر تكبيرة الإحرام ، إما متورط في شك بالطهارة والنجاسة أو في شك في صحة الوضوء أو شك في أنه كبر أو ما كبر . هذا الأمر مذموم فينبغي إذن تشريع مجموعة من التشريعات التي تمنعه . جاء الشرع وقال إذا فاتك في الصلاة والوضوء شيء وتجاوزت مكانه وشككت فيه فلا تأبه به ، هذه نسميها ( قاعدة التجاوز) قاعدة في الفقه أنا الآن وأنا في السجود أفكر أنا ركوعي كان صحيح أو غير صحيح ؟ قرأت الفاتحة أو ما قرأت ؟ أصلًا أنا توضأت أو ما توضأت ؟ يقول لك الشارع إن الشك في شيء لم تجزه فإذا تجاوزته انتهى موضوعه ، أغلق ملفه لأن القضية لا تنتهي لولا هذا . فإذا هويت إلى الركوع وشككت أنه كبرت أو لم تكبر ؟ أو هويت إلى السجود وشككت أنك ركعت أو لم تركع ؟ متى ستنتهي من الصلاة ؟! هل أهدمها وأعيدها ؟ ما الذي يضمن لك أنك لن تعيد نفس الأمر ؟ فجعل تشريعات من هذا النوع . إذا فرغت من الصلاة يقول لك أي شك بعد الصلاة ما لا تأبه به هنا (قاعدة الفراغ) حاكمة لاعليك من الشك أثناء الصلاة بعد الفراغ منها ، في العبادات عمومًا داخل الصلاة أنت الآن جالس فتفكر سجدت السجدة الثانية حتى أتشهد أو لا؟ فيقول لك مادمت جالسًا أسجد السجدة الثانية واذبح شكك أنهي شكك ، شككت بين ثالثة ورابعة ابني على الأكثر أنوي أنك الآن في الرابعة أكمل صلاتك وحتى أيضًا تزيل الوسوسة من داخل دماغك قم وصلي صلاة احتياط ركعة احتياط وأضف إليها سجدتي سهو ، فيما بعد ذلك تنهي الموضوع . فيقول لك حتى في العبادات وهي مهمة جدًا أراد أن ينهي موضوع الشك والتحير ، في قضية الحياة عمومًا أيضًا نفس الكلام ، فإذا ظل أحدنا في حياته متحير من الأصل مثلًا هل أتوجه للعلم أو العمل ؟ في العلم أتجه للطب أو الهندسة أو للعلوم الدينية ؟ أو كذا أو كذا عمرك كله يذهب وأنت لاتزال في حالة الشك والتردد . هنا جاء الإسلام وقال أنت واحد من الأشخاص إما تستطيع بما لديك من تفكير وقواعد عقلية أن تصل إلى رأي فأحضر ورقة وقلم واحسب إيجابيات هذا الجانب وسلبياته وإيجابيات ذاك الجانب وسلبياته ثم قايس بينهما ، لماذا أعطاك الله العقل ؟ الله أعطاك العقل الذي يهديك إلى الجنة لايقدر هذا العقل أن يهديك إلى أنه هذا العمل أفضل أو ذاك العمل أفضل ؟ إن قدرت أن تصل إلى نتيجة كان بها ، أما إذا لم تصل إلى نتيجة مثل ذاك الذي قال سأل أحد الخلفاء أحد الناس قال له البالوذج أطيب ؟ أو اللوزينج أفضل ؟ ( طبختان ) ؟ قال له أنا إنسان متشرع لا أشهد على غائبين أحضرهم قدامي حتى أشهد عليهم ، فأحضروا له هذين الطبقين فأكل من الطبق الأول ووجده لذيذ قال والله هذا حجته قوية ، وأكل الثاني قال هذا أيضًا حجته قوية يظهر أنه بمرة واحدة لا يقدر الإنسان أن يشهد لأحدهما يحتاج مرة ثانية وثالثة . الآن قسم من الناس هذا الموضوع لا يقدر أن يحسمه ، هل يتزوج في هذا السن أفضل أو ينشغل بالأمر العملي والدراسي ؟ هذا له إيجابيات وذاك له إيجابيات . إذا لم يحسم الموضوع يقول اذهب إلى المرحلة الثانية { ولا ندم من استشار } استشر عندك أهل الحكمة ،أهل الرأي ، أهل الخبرة : والدك أو جدك أو عمك ، أو شخص آخر ليس من أقاربك إنسان ناجح في حياته كلامه محسوب رجل حكيم اذهب وتشاور معه ، أضف علمه إلى علمك ورأيه إلى رأيك فقد يهديك إلى الصراط الصحيح ، وصلت انتهى الموضوع كان بها، ما وصلت ووجدت مثلًا اثنين حكماء خبراء كلاهما ناجح في حياته العملية هذا يقول مثلًا توجه إلى التجارة لأن التجارة فيها ٩ أعشار الرزق ذاك يقول لا توجه إلى الدراسة العلمية العالية لأن المستقبل هو للعلم . كل واحد أعطاك أدلته وحججه وما وصلت أنت إلى نتيجة تظل متردد هنا يقول لك استخر بالقرآن أو استخر بالسبحة لهذا الجانب وانظر أو ذاك الجانب استخر عليه فيخرج بالتالي أحد الوجوه الذي يجعلني أتحرك ولا أتردد ولا أتوقف . فإذن بعض هؤلاء الباحثين يقولون أن فلسفة الاستخارة و حكمتها هي منع الإنسان من البقاء أسيرًا في تشككه وتردده وتحيره . فإذا مجتمع الفئة الشابة لنفترض فيه ٣٠٪ ،٤٠٪ ،١٠٪ من هؤلاء عندهم حالة تشكك وتردد وغير قادرين على حسم خياراتهم يعني تعطيل ثلث القوة الشبابية في المجتمع . لا... اعمل برأيك قدر الإمكان وامضِ ما قدرت ، أو استشر وامضِ ما قدرت أيضًا ، أو استخر وامضِ على ذلك . هذه الاستخارة الجيدة والمستحبة والمشروعة والتي غرضها هذا تكون في موارد صحيحة في مكانها الطبيعي وقد لا تكون في مكانها الطبيعي . الاستعمال الخاطئ للخيرة : نشير إلى الاستعمال الخاطئ للاستخارة وأنها أحيانًا تعكس المطلوب منها ، تعكسه بالعكس أحيانًا تصبح بعض المبادئ الدينية على أثر سوء الاستعمال تعطي نتائج عكسية . فمثلًا من حق الزوج على زوجته أن تستأذنه في الخروج لاسيما إذا كان ذلك يخالف حقه الزوجي ، الزوج يريد من زوجته المرأة تقول له : أنا سأخرج الآن لا يجوز لها ، يجب عليها أن تستأذنه هذا مبدأ للحفاظ على الاسرة واضح النفع ، ولكن تطبيقه أحيانًا يحوله إلى أضرار . فلو كان إنسان صاحب مزاج مثلًا : تريد زوجته أن تزور يقول لها : لا . تريد أن تصلي يقول لها : لا . لماذا لا ؟ يجيب فقط هكذا مزاجي ! أذهب الى المحاضرة الدينية ؟ لا لا أسمح لك . لماذا ؟ أنتِ من واجبكِ إطاعتي ولا تسألين لماذا . ولا يسمح لها أن تتحرك من هذا المكان ..... هذا يحول الإذن الذي هو أمر لصيانة الأسرة ينقلب إلى ظلم في بعض الحالات يعطل الإحسان والعشرة بالمعروف داخل الاسرة بسبب التطبيق الخاطئ . فأصل المبدأ صحيح لكن التطبيق الخاطئ له يعاكس أغراضه أحيانًا . الاستخارة تكون هكذا لذلك من المهم جدًا أن نلتفت إلى هذه الموارد . موارد لايصح الاستخارة فيها : ١-الامور الإلزامية والاقتضائية : الإلزاميات مثل الواجبات والمحرمات . أحدهم اتصل قال خذ لي خيرة ، قلت له : إن شاء الله بعد نصف ساعة آخذ الخيرة وأخبرك عنها ، قال لي : إن الخيرة للحج !!!!! هنا لفت نظري ،قلت له : الحج ! أنت سبق لك أن حجيت؟ قال : لا هذه أول حجة ، قلت له : أنت الآن عندك استطاعة مالية ؟ قال : نعم ، أنت بصحة جيدة ؟ قال : نعم ، قلت له : الطريق قدامك مفتوح ؟ قال : نعم مفتوح ، قلت له : أنت لا تحتاج إلى خيرة أنت يجب عليك أن تذهب في هذه السنة ولا تؤخرها أبدًا ، وأنا لا أستخير لك انتهى الموضوع ، لكن لو استخرت شخص آخر وقال لك الخيرة غير جيدة وتركها جيد لا يجوز لك أن تترك الحج لأن حديث نبينا محمد(صلى الله عليه وآله) يقول : {{من وجد زادًا وراحلة وكان مخلا سربه ثم سوف الحج فلم يذهب فليمت إن شاء يهوديًا وإن شاء فليمت نصرانيًا}}ليس حق أن تستخير فأمر الله فوق الخيرة واجب عليك أن تحج ما دمت تملك الاستطاعة المالية والبدنية والطريق أمامك مفتوح فلا مجال للخيرة أبدًا ، وأمر الله المباشر ( لله على الناس ) وهكذا الحال . أو أن يستخير أصلي صلاة الظهر أو لا أصلي صلاة الظهر؟ هذا ليس له معنى . هذا الكلام نفس الكلام في الحج بل حتى في المستحبات كأن في يوم الجمعة أستخير أغتسل غسل الجمعة وهو مستحب استحبابا مؤكدا أو لا ! لا معنى للخيرة أبدًا إلا إذا تعارض مع شيئٍ آخر . افترض تعارض مع مستحب ثاني هنا لأجل هذا التعارض أنا أستخير . أو أن درجة حرارتي مرتفعة ومن الممكن أن تزيد و من الممكن ألا يتأثر بهذا الاغتسال ، هنا محل أن يستخير اذا لم يكن عنده قدرة على معرفة رأي الطبيب أو رأي العلم في أن هذا الماء يضره أو لا يضره ، أما في الأمر الواجب فلا يصح الاستخارة فيه شيء ، وأيضًا الحرام لايصح الاستخارة فيه ، كأن أغتاب فلان أو لأ اغتابه ؟ فلامعنى لذلك أبدًا وهكذا الحال في المستحبات والمكروهات ، ففي المستحبات والمكروهات لا مع التزاحم ومع معارضة أشياء أخرى هذا واحد من الموارد لامعنى للخيرة فيها أبدًا. ٢- أن أستخير عن آخرين وأقرر لهم موقفهم. فلو جاء رجل صالح متدين خلوق عنده قدرة على الزواج ليخطب ابنتي فأقول له انتظر قليلًا ، وأقوم بالاتصال : ألو السلام عليكم ورحمة الله شيخنا ،سيدنا خذ لي خيرة ، ذاك يأخذ خيرة فتصبح غير جيدة فأقول له مع الأسف اسمح لي الخيرة غير جيدة هذا الأمر غير جائز . وهذا ليس من عندي بل هناك استفتاء من المرجعية الدينية ليس فقط لا يجوز بل إذا صار هذا متكرر تسقط ولاية هذا الإنسان على ابنته ، فكلما تقدم أحد لابنته استخار بنفسه أو اتصل لأحد المشايخ فتكون الخيرة غير جيدة ويرفض هذا المتقدم غير جائز هذا واذا تكرر صار عادة ليس فقط غير جائز بل لا اعتبار برفضه وقبوله لا ولاية له اقرأ لك النص: السؤال هكذا : نحن فتيات نبلغ من العمر ٢٥-٢٧-٢٩ وكل خاطب يتقدم إلى خطبتنا يقوم والدنا بأخذ الاستخارة هو من كيفه يأخذ استخارة وفي أغلب الاحيان تكون الاستخارة نهي ولهذا السبب نحن معطلات عن الزواج فهل تصح الخيرة من عدمه في هذا الموضوع ؟ الجواب: ينبغي للأب ان لا يستخير في أمر البنت إذا تقدم إليها من هو كفؤ لها شرعًا أو عرفًا إلا بموافقة البنت نفسها . قل لها جاء واحد لخطبتك ، ما رأيك ؟ نستخير أو لا ؟ إذا قالت : لا أنا عمري ٢٩ سنة لماذا تستخير ؟ توكل على الله . أو هي تعرف أن هذه الأسرة أسرة حسنة أو أن هذا الرجل بعد السؤال عنه كان رجل طيب ، فلا أريد خيرة ولماذا أستخير . إذ إنما يستخار لأمر (لاحظ التوجيه) حين يكون الإنسان مخيرًا شرعًا وولاية الأب تسقط شرعًا بالامتناع عن الموافقة على زواجها من كفؤها شرعًا ، فهذا الآن ليست له ولاية فأنت لا تقدر أن تستخير عندما تكون مخير لك أن تفعل هذا أو لا تفعل . والآن أنت كأب في مثل هذه الحالة لا يحق لك أن تفعل أو لا تفعل ، لا ولاية لك على ذلك ، نعم قد يكون الولد أو البنت تقولك أنت استخر عني فمن غير المناسب أن أتصل في زيد وعبيد أنت استخر لي . هنا هي وكلته في ذلك الوقت هي متحيرة مع أننا لا نعتقد أن يبدأ الإنسان بالخيرة خطأ . هذا قسم منهم يقول أنا أريد أن أرى رأي الله أولًا في الموضوع . هنا ينبغي أن يلاحظ أنه حين يأخذ الخيرة زيد من الناس فغير معلوم أن هذا رأي الله ، هذا ليس جعفر بن محمد لو كان جعفر بن محمد الصادق كان يقول لك : نعم هذه الآية قطعًا تقول : كذا وكذا ليس فيها مجال للتردد ، أما إذا أنت تسألني أنا واحد من صغار الطلبة من الممكن أن أفهم الآية بشكل وهي تريد شكل آخر لو فهمتها أيضًا أقول يحتمل أن يكون مقصود الآية هكذا لا أستطيع الجزم ، والبعض يزيد الكيل ويقول سيصير كذا وكذا وكأنما الملف أخذه مجهز . هذا بالنسبة إلى الكثيرين افتراء على الله عز وجل ، نعم هناك بعض الأفراد الأندر من النادر الكامل في الدرجات النفسية والايمانية الله يعطيهم قدرة { إن في ذلك لآيات للمتوسمين } يعطيهم بصيرة لكن هؤلاء أين هم ؟ وليس كل أحد . وبعض الناس يتصلون ويسألون عن الآية ؟ إذا أنت تعرف الآية فلم لا تستخير لنفسك ؟ والبعض يسأل أخبرني واشرح لي ما سيحصل ؟! هل عندي علم الغيب ؟ الآية الكريمة جوها العام جو إيجابي هذا إذا فهمته أنا على حقيقته أما إذا ما فهمته على حقيقته الله يستر . فهذا من الموارد التي لايصح فيها الاستخارة . 3- الاكثار من الاستخارة شيء غير ممدوح . الاستخارة حالة استثنائية عند التحير راجعوا الآن إذا تكتب في غوغل مثلًا رأي علماء الشيعة في الاستخارة سوف ترى هذا التعبير في أكثر الاستفتاءات {القدر المتيقن من مشروعية الاستخارة هي حالة التحير بعد إعمال الرأي والاستشارة} هذا القدر المتيقن أما كل شيء تعمل له استخارة ! يقول أحدهم أنا أحيانًا أتورط مع والدي حين أركب معه في السيارة انا السائق ونحن نمشي بالسيارة فجأة يقول لي : لف على اليمين . أقول له : ورانا سيارات ورانا كذا لا أقدر ، لماذا لم تقل من قبل ؟ قال استخرت الآن و الخيرة جيدة أنك تلف يمين ، طيب من الممكن ورانا سيارة قدامنا سيارة إلى غير ذلك . لا ينبغي أن تكون الخيرة عوضًا عن عقلك وفكرك ، عود نفسك على اتخاذ القرار ، فالله أعطاك عقلًا مميزًا يخدمك في أعقد المسائل لا تعطله في أبسط المسائل دعه يشتغل ، لأن هذا العقل إذا تركته وجعلته لا يعمل يتضاءل . مثل العضلات كيف أن عضلات الرياضي يوم بعد يوم تتضخم وتكبر وعضلات غير الرياضي التارك الرياضة أو الذي لايمارس الرياضة يوم بعد يوم تتراجع تضمحل تتضاءل العقل أيضًا هكذا . عالم من العلماء تراه إلى أن يصبح عمره ٩٠ أو ٩٥ سنة وكأنه بحر محيط من العلم لماذا ؟ لأنه دائمًا فكره وعقله وذهنه يشتغل ، وواحد آخر معطل هذا العقل من عمره ٧٠ سنة بدأت آثار التضييع تصل إليه ، فأنت إذا عطلت عقلك وبعضكم شباب ٢٥ سنة إلى الآن لا يستطيع أن يقرر أموره . أنت في عز انطلاقتك الذهنية والفكرية والعقلية لابد أن تنشط هذا العقل وتتعلم كيف تتخذ قرارات حتى لو خطأ في هذا المكان أو ذاك المكان ، أتحمل مسؤولية الخطأ وأتكامل وأصير حكيمًا بهذه الطريقة . فالإكثار من هذا الأمر بحيث يتحول إلى إدمان خطأ . بعض الناس عنده إدمان في هذا الجانب فلا يستطيع أن يأخذ قرار أبدًا وهذا أمر غير حسن. لاحظ مثلًا أهل البيت عليهم السلام مع أننا نعتقد أننا مثلًا إذا الإمام يأخذ خيرة بالقرآن فلا مجال للتكذيب أو المراجعة و غير ذلك ، ومع ذلك لا ترى مثل حالاتنا الموجودة الآن فكل شيء وكل قضية وكل أمر استخارة فلا نجد هذا في حياة أهل البيت . الإمام الحسين عليه السلام عمره ٥٧ سنة كم مرة استخار ؟ اقرؤا سيرة حياة الإمام الحسين (عليه السلام) وانظروا ، يمكن الخير التي نأخذها نحن في شهر واحد أكثر مما استخار فيه الإمام طيلة رحلته من المدينة إلى كربلاء . هذا واحد كان ( الله يعطيه ويعطينا العافية معه ) كان كل يوم يرسل رسالة واتساب يطلب ثلاثة خير في الجملة هكذا ، فأنا قلت له ما رأيك أن ترسل لي الخير لشهر كامل وترقمها من واحد إلى مائة وأنا أتفرغ لها يوم من الأيام من الصبح إلى الليل أشتغل عليها بحسب الأرقام !ليس استثقالا هذا الأمر ولكنه ضارٌ بالنسبة لك ، فأنت الشاب الذي يفترض أن تشغل عقلك ، هذا ضارٌ لك أن تتعود على هذا الأمر ، وهذا لا ينافي أن يمارس الإنسان مثل هذه الأمور عند تحيره وعند شكه وعند عدم وصوله إلى النتيجة ، لكن ليس بهذا النحو وبهذه الصورة . مثلًا وارد في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) وهذا ليس على سبيل الحصر وإنما الإشارة لما أراد أن يخرج من مكة المكرمة باتجاه كربلاء جاءت جماعة مختلفة للإمام الحسين (عليه السلام) ينصحونه بحسب التعبير بأن لا يخرج من مكة من جملة من جاء شخص يقال له (المسور بن مخرمة) هذا الرجل كان أموي الاتجاه لم يكن على منهج أهل البيت وهو صاحب الحديث المكذوب عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أن عليًا أراد أن يتزوج امرأة من بني أمية فغضبت فاطمة الزهراء وراحت تشتكي للنبي ت على علي ابن أبي طالب والنبي قال (فاطمة بضعة مني من أغضبها فقد أغضبني ) هذا هو صاحب الحديث يعني بدل من أن يكون الذي أغضب فاطمة كما تعلمون فلان وفلان صار علي بن أبي طالب هو الذي أغضبها . وأن النبي قال حديث في حق علي بن أبي طالب هذا هو صاحب الحديث (المسور بن مخرمة) جاء للإمام الحسين (عليه السلام) وقال له :يا أبا عبدالله لماذا تخرج أنت إلى العراق فهؤلاء أناس ليس عندهم وفاء فسيسلمونك ، ويخدعونك ، ومن الأسلم لك أن تبقى في مكة .هنا الإمام ( عليه السلام) رد عليه قائلًا: أستخير الله في ذلك ، هذا موجود في السيرة الحسينية ، استخر الله في ذلك احتمال بمعنى اطلب الخير فيكون بمعنى الاستخارة الدعائية . وهناك احتمال أن تكون بمعنى استخر الله في ذلك يعني آخذ استخارة أذهب أو لا أذهب حتى لايعطيه جواب ، نظرًا لكونه من غير أصحابه ومن غير شيعته وإخباره مبكرًا وهو بهذه الحالة ليس من الصالح هذا وارد في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) وجوابه ولكن القضية كانت محسومة عند الإمام الحسين (عليه السلام)