جولة في بيت فاطمة الزهراء عليها السلام
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 2/6/1436 هـ
تعريف:

جولة في بيت فاطمة الزهراء عليها السلام


كتابة الاخت الفاضلة ندى القروص

"فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ"
صدق الله العلي العظيم

أن هذه الأية المباركة تتحدث عن نمط معين من البيوت التى لها ميزات خاصة ، بعض المفسرين أحتمل أن تكون هذه البيوت المقصودة في الأية أنها بيوت الله أي المساجد التى يذكر فيها اسمه ويأتي الرجال ويتعبدون فيها بالغدو والأصال، وأنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله .

هذه أحد التفاسير التى ذكرها بعض المفسرين ولكن البعض الأخر من المفسرين الأمامية وهم الغالب وبعض مفسري مدرسة الخلفاء رأوا أن هناك أدلة وقرآن على هذه البيوت هي بيوت خاصة، ذلك لأن البيوت الألهية والمساجد ليس فيها هذه الصفة الدائمة، وهي أن الذين يأتون إليها لا تلهيهم تجارة ولا بيع ،أي لا تلهيهم أمور الدنيا .

أن البعض من الناس يأتي إلى المسجد وقلبه متعلق بمصالحه الدنيويه،حيث كانت المساجد في زمن الصدر الأول للأسلام يحصل فيها هذا النوع من التبادل في أمور الدنيا ، وأن هؤلاء الذين يأتون إلى بيوت الله هم رجال من نوعية خاصة

*صفات هؤلاء الرجال التى ذكرت في  هذه الأية :
- هم مسبحون ، حامدون
- لا تلهيهم تجارة ولا بيع ، يقيمون الصلاة
- يأتون الزكاة ، يحافظون على حدود الله
- يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار .

أذن هذه الجماعة فئة خاصة منتخبة من قبل الله تعالى ولا تنطبق على كل الناس ، لذلك ذهب المفسرين إلى رأي أخر .وهي أشارة إلى بيوت فعلية لقوم من الناس وأن هذا التفسير أقرب من تفسيرها بالمساجد .

*هل هناك بيوت معينة عوائل وأسر أو بيوت خارجية بالمعنى الخارجي والواقعي ؟؟
نظرا لوجود من فيها من الرجال والنساء بشكل عام فأنها تحتوي على صفوة من الناس لهم هذه الصفات ،ليس همهم في الدنيا بل بالأخره لا يلتهون ببيع ولا شراء ولا بشهوة أو غيرها بل همهم ربهم يتعبدون لله تعالى بالغدو والأصال،وأنهم يقيمون الصلاة ،يأتون الزكاة يطيعون الله ، وذكر القيامة حاضرا أمام أعينهم كأنهم يرونه رأى العين فهذه أذن هي  البيوت والأسرة المعينة تسكن في منازل خاصة ، يشار إليها بالتميز دون سائر البيوت  الأخرى.

هناك بيوت وأسر أخرى فيها رجل وأمرآة ربما يكون الولد منحرف والأب صالح أو العكس ،ربما فيها أناس يتعبدون وأناس غير مقبلين على العبادة .
هذه الأية المباركة أشارت إلى تلك البيوت المنتخبة المصطفاة من الله تعالى، وقد كانت إيضا محطة لسؤال من قبل أصحاب رسول الله صلى عليه وآله وسلم فسألته جماعة كما روى الحاكم الحساكني وهو من علماء مدرسة الخلفاء وابن مردويه قال: ( أنه سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قرأ  الآية أى بيوت هذه فقال بيوت الأنبياء ، فقام أبو بكر فقال يارسول الله هذا البيت منها يعنى بيت علي وفاطمة قال نعم بل هو من أفضلها ) .
إذن هذه الرواية تشير إلى عدة إشارات أهمها تقوية رأي المفسرين الذين ذهبوا إلى أن هذه الأية تتحدث عن المساجد بل البيوت التى تحتوي عل  العائلة ومن يسكن فيها فهذا الحديث يشير الى هذه الأية وجواب النبي يؤكد أنها بيوت الأنبياء وبيت عليا وفاطمة عليهما السلام منها وأفضلها . وهناك أحاديث كثيرة وأيات تفسر هذا المعنى

* بين بيوتنا المعاصرة وبين بيت عليا وفاطمة عليهما السلام:

ورد في الأية  المباركة أية التطهير على نحو الإشارة إلى بيت فاطمة ، قال تعالى : "  ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا " نرى رفعة هذا البيت المعنوية في نفوس المسلمين قاطبة  وفي نفوس أتباع أهل البيت بوجه الخصوص بما لا يساويه أي بيت أخر من البيوت في تاريخ المسلمين من حيث الشرف والمكانة ، والرفعة والأعتقاد وكونه مصدر من مصادر التشريع الأسلامي.
وذكر في شأن هذا البيت الشريف أشارات وقصة خلدها القرآن الكريم وهي قصة الأيثار في سورة الأنسان - قال تعالى: " هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا " - ايضا قال الله تعالى :
"وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا "

- قال تعالى "  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ " هذه أشارات متعددة إما بانفس لفظ البيت وإما بالأشارة التفسيرية له من قبل رسول الله صلى عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم . هناك أيضا أحاديث عن النبي عليه  السلام ورد منها أنه قال :   (أن باب فاطمة بابي وحجابها حجابي )

*ماهي مناشئ العظمة والرفعة بين أهل الدنيا وبين هؤلاء الرجال الذين يسعون إلى الله ؟
اولا/  منشئ العظمة والرفعة في البيوت الدنيوية أنها عالية ، ومساحتها كبيرة أسوارها عالية ، وبناءها فخم وأثاثها ذات قيمة عظيمة .

ثانيا/ بيت فاطمة وعلي عليهم السلام  يقع هذا البيت الشريف على يسار القبلة في المسجد النبوي . كانت مساحة مسجد رسول الله صلى عليه وآله وسلم ٢٥ مترا طولا وعرضا في بداية الأمر كما قيل حتى تمت فيه عمارات وأضافات متعددة وكثيرة أدخلت ما حوله من جهتي اليمين واليسار في عهد عبد الملك بن مروان الأموي ، حيث كانت المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية وبطبيعة الحال كانت المدينة تحتاج إلى توسعة بسبب أزدياد عدد سكانها .
وشملت التوسعة المسجد النبوي الذي ضم فيه بيت فاطمة الزهراء عليها السلام.  أذن من خلال ذلك نفهم أن بيت فاطمة لم يكن ذات مساحة كبيرة ، وأما أثاث البيت فقد كان مفروشا بالكثيب أي الرمل ، وكانوا ينامون على جلد الكبش في الليل وفي النهار يستخدمونه في شؤون أخرى ، وأما الوسادة فقد كانت محشوة بالليف . ولهم أيضا عدة أواني خزفية للطعام فقط فهذا هو أذن أثاث هذا المنزل العلوي . أن هذا المعنى يعطينا أن السعادة الحقيقة لا تأتي باقتناء الأشياء الثمينة او كثرتها ، بل يجب أن نفصل بين السعادة والمقتنيات فالأموال لا تشتري السعادة ولا تصنعها. السعادة واحدة سواء في بيت فخم أو بيت بسيط ، فبيت فاطمة الزهراء عليها السلام يعطينا هذا المثال في المنحنى الأخلاقي.
أن هذا البيت المرفوع أخلاقيا جاءت فيه الأيات وشهدت فيه القصص ونزلت حوله الروايات. كان بيتا بسيطا في مساحته، متواضعا في أثاثه مع ذلك خلق السعادة لمن يعيش فيه .

* ماهي الحياة الطيبة التى تحدث عنها القرآن الكريم؟
أن الحياة الطيبة والسعادة الحقيقة تبنى على أسس أهمها :
- أشتراك ألأفراد فيما بينهم وعدم التذمر لأنه يفسد العلاقة ويهدم الأسرة .
- التضحية من أجل أسعاد الطرف الأخر.

فاطمة الزهراء خير مثال على التضحية والشراكة مع علي عليه السلام.
ورد في بعض  الأحاديث :(عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن فاطمة عليها السلام ضمنت لعلي عليه السلام عمل البيت والعجين والخبز وقم البيت، وضمن لها علي عليه السلام ما كان خلف الباب: نقل الحطب، وأن يجئ بالطعام، فقال لها يوما: يا فاطمة هل عندك شئ؟ قالت: والذي عظم حقك ما كان عندنا منذ ثلاث إلا شئ آثرتك به، قال: أفلا أخبرتني؟ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله نهاني أن أسألك شيئا، فقال: لا تسألي ابن عمك شيئا، إن جاءك بشئ عفوا وإلا فلا تسأليه....)

أيضا في  قصة الامام علي عليه السلام مع الرجل اليهودي شمعون عندما قال له  : علي عليه السلام ( يا شمعون أعطني صاع من شعير وأخد منك عكة صوف تغزلها فاطمة ..) أي أن أجرة الشعير تعادل أجرة حياكة الصوف وبالفعل أخد الامام علي الشعير لفاطمة وطحنته لتصنع منه خبزا ومن ثم حاكت الصوف وأعطته عليا ليرجعه الى الرجل شمعون الذي أسلم من هذا الموقف العظيم و المتواضع من قبل أبنة رسول الله وعلي عليهما السلام .
أذن نستفيد من حياة بيت فاطمة الزهراء أن الحياة شراكة وعدم التذمر .

قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ " معنى الأية أن للبيوت حرمة وبالخصوص بيوت رسول الله صلى عليه وآله وسلم ، حتى أن رسول الله لا يدخل بيت  فاطمة وهي أبنته ألأ أن يأذن له، فهو صلى الله عليه وآله وسلم  يعلمنا كيف نحترم البيوت وان لها حرمة لا يجوز أن نعتدي عليها ، خصوصا تلك البيوت المسلمة التى رفعها الله لا أن تحرق وتهتك كما حدث مع بيت سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام .

مرات العرض: 4093
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2567) حجم الملف: 49611.47 KB
تشغيل:

فاطمة : الزهراء العالمة والمباركة الحانية
دور الامام الحسن العسكري وحياته