4/ شرح دعاء الافتتاح
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 11/11/1435 هـ
تعريف:

شرح دعاء الافتتاح (4)

 بين الإسناد والمضامين


تحرير الفاضل أحمد الحسين

 

حديثنا حول دعاء الافتتاح الذي يروى عن صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن، وفي البداية لابد ان نشير الى ان هذا الدعاء يروى عن الامام الحجة عج ، فقد ذكر السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس المتوفى سنة 664 هـ في كتابه اقبال الاعمال بسند هو هكذا: (حدثني ابو الغنائم محمد بن محمد بن عبدالله الحسني قال اخبرنا ابوعمر محمد بن محمد بن نصر السكوني رضي الله عنه قال سألت ابا بكر احمد بن محمد بن عثمان البغدادي رحمه الله أن يُخرج إلي شهر أدعية شهر رمضان الذي كان عمه ابوجعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه وارضاه يدهو بها فأخرج لي دفترا مجلدا بأحمر فنسخت منه ادعية كثيرة وكان من جملتها وتدعو بهذا الدعاء في كل ليلة من شهر رمضان، فإن الدعاء في هذا الشهر تسمعه الملائكة وتستغفر لصاحبه ثم أورد الدعاء المعروف بدعاء الإفتتاح وسمي بدعاء الافتتاح لأجل أنه يفتتح الداعي فيه بقوله اللهم إني أفتتح الثناء بحمدك وأنت مسدد للصواب بمنك وأيقنت أنك انت أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة وأشد المعاقبين في موضع النكال والنقمة .. الى آخر هذا الدعاء الذي سوف نأتي على الحديث في بعض مضامينه. 

يمكن أن يقال من ناحية رواية هذا الدعاء يمكن أن يقال عدة امور: 

الأمر الأول ان غالبية من ذكروا فيه هذا السند هم من الممدوحين وبالتالي فإنه يمكن ببعض القرائن أن يكون هذا السند معتبرا في الجملة .

وهناك طريق آخر يستفيد منه عدد من العلماء وهو مايعبر عنه بمسلك الوثوق بصدور الحديث والاطمئنان بصدوره من المعصوم وآنئذ فلا يحتاج الامر الى تجشم عناء البحث في السند فإنهم قد ذكروا ان الرواية او الدعاء اذا تم الوثوق بصدوره عن المعصوم والاطمئنان اليه امكن الاعتماد عليه كما هو مسلك عدد غير قليل من علماء الطائفة كأن يذكر هذا النص في ععد من الكتب الرئيسية التي اشتهر اصحابها بأنهم يدققون في جهة صدور الحديث والنصوص عن المعصومين او ان يكون هناك قراءن اخرى تفيد المتأمل بصدور هذا النص من المعصوم ع مثل لو ما اعتمد عليه العلماء في فترات مختلفة من الزمان وتعاملو معه على اساس انه نص من النصوص الشرعية الصادرة عن المعصومين ع 

وهناك طريق ثالث ايضا وهو مايسمى في الاصطلاح بطريق التسامح في ادلة السنن بمعنى ان الاوامر الاستحبابية التي ترد عن المعصومين ولو كانت بسند ضعيف بل واحيانا حتى بلاسند واضح فأنه يمكن التعامل معها بخصوص فيما يرتبط بأمور المستحبات في المواعظ والادعية وماشابه هذا وبناء على هذا فإننا يمكن ان نتعامل مع هذا الدعاء دعاء الافتتاح على هذا الاساس ولهذا ذكره عدد من علماءنا الاعاظم في كتبهم فمن ذلك ان شيخ الطائفة الطوسي محمد بن الحسن وهو احد المشايخ الذين تعتمد الطائفة على كتبهم ككتاب تهذيب الاحكام والاستبصار وجلالته وعظمته اشهر من ان تحتاج الى حديث، ذكر الشيخ الطوسي هذا الدعاء في كتابه مصباح المتهجد بعنوان كل ليلة من شهر رمضان وكذا ايضا ذكره في كتاب التهذيب وهو كتاب فقهي استدلالي ذكره ايضا بهذا العنوان وان لم يذكر له هذا السند الذي تحدثنا عنه

وكذلك ايضا ذكره الشيخ تقي الدين الكفعمي المتوفى سنة 905 ه في كتابه المصباح الذي هو معد لذكر الادعية والاعمال المستحبة وذكره ايضا العلامة المجلسي في كتابه بحار الانوار ونسبه في هذه الحالة الى الامام الحجة عج 

فإذا هذا الدعاء يمكن ان يتعامل معه على اساس واحد من المسالك الثلاثة باعتباره نصا من النصوص الواردة عنهم والتي يمكن ان يستفاد منها .. هذا اضافة الى مايذكره بعض العلماء خصوصا من يذهبون الى طريقة الوثوق الصدوري والاطمئنان بصدور الدعاء مايذكرونه من فخامة المعاني الموجودة في هذا الدعاء ومن بلاغة الالفاظ الموجودة في هذا الدعاء وهذا لايتيسر في الغالب الا من اوتي علما ليس من سنخ العلم العادي الذي يملكه الناس او العماء او الفقهاء.

إن قليلا من التأمل في هذا الدعاء الشريف يفيدنا معرفة بأن هذه البلاغة الواضحة في استعمال الالفاظ والتعابير من جهة وهذه المعاني التي عبئت في الالفاظ والتي تستفاد من خلال التأمل فيه .. تفيد أن هذا الدعاء لايصدر الا من مشكاة الوحي والتنزيل ومن مدينة العلم النبوي ومن لسان المعصومين ع

وإن قليلا من التأمل في هذا الدعاء يفيد ذلك المعنى الذي توجهنا اليه وذكّرنا به وهنا لابد ان نلفت الى قضية وهي ان علينا عندما نقرأ الادعية عموما ان نتأمل فيها ونتفكر فيها ونتدبر في الفاظها لان هذه الادعية مخازن معرفية وموائد علمية قدمها لنا المعصومون ع لكي نستفيد علما ومعرفة وفهما في القضايا الدينية اضافة الى كونها مدرسة تربوية اخلاقية وتنفع الانسان في تربية نفسه وفي تعويدها على الخير وفي تحقيق عبوديته لله سبحانه وتعالى، اما القراءة التعبدية التي تنشغل بالالفاظ فقط وهمها يكون اخر الدعاء – مع انها لاتخلو من الفائدة بمعنى الثواب والاجر الاخروي لمن قرا هذا الدعاء – الا انها لاتحقق الثواب الاكمل من جهة ولاتحقق الفائدة العظمة من جهة اخرى  إن الدعاء كالقرآن الكريم لاينتفع به الانسان انتفاعا كاملا الا اذا تدبر فيه وتأمل في معانيه وحاول ان يسعى لتحقيق تلك المعاني في حياته العملية.


مرات العرض: 3511
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2605) حجم الملف: 14236.91 KB
تشغيل:

22/ شرح دعاء الافتتاح
2/ شرح دعاء الافتتاح