الزيارات معرفة امامة ومشاركة موقف
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 20/2/1435 هـ
تعريف:

الزيارات معرفة امامة ومشاركة موقف

مناسبة الأربعين

تفريغ نصي الفاضلة فاطمة الخويلدي

تصحيح الأخ الفاضل أبي محمد

 

المقدمة:

روي عن الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام أنه قال:

( أدنى ما يثاب به  من زار الحسين عارفاً بحقه وحرمته  وولايته إنه يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر). 

    يشهد العراق وكربلاء بالذات تجمعاً بشرياً يعد الأضخم على مستوى الكرة الأرضية في أيام الأربعين حيث نعلم أنه في يومٍ من الأيام وقف فردٌ وحيدٌ في الميدان لكي يقول: ( هل من ناصرٌ ينصرنا وهل من ميعنٌ يعيننا - فقط  معينٌ واحد وناصرٌ واحد وذابٌ واحد - هل من ذابٌ فيذب عن حرم الله وحرم رسوله )، فلم يجد غير الرماح جواباً ولا غير السيوف متعطشةً  لدمه الشريف، وقد أستشهد وحيداً في ذلك الميدان، تموّج صوته وتحرك في الزمان ندائه وإذا بالطواغيت تحاول كتمانه والقضاء عليه، فيعلوها ويتجاوزها ويتفوق عليها، وإذا بهذه الجموع التي نرى اليوم بفضل وسائل الاتصال وفرت لنا هذه الصور وهذه المشاهد لكي تقول لنا أن راية الحق لا يمكن أن تسقط ما دامت بيد أهل البيت عليهم السلام، وأن نداء الحق لا يمكن أن يخمده الظالمون، وأن نور الله لا يمكن أن يطفئه الكافرون.

  هذا هو الحسين نور الله في ظلمات الأرض هذا هو نداءه، نداء العزة والكرامة.

    الإمام الحسين اليوم هو معروفٌ بشكلٍ واضح في صفوف شيعته بشكلٍ خاص وفي صفوف المسلمين بشكل عام، وأدنى من ذلك في صفوف بني البشر وسوف يأتي ذلك اليوم الذي تتعرف فيه عامة المسلمين وبني الإنسان على الحسين فيأتون أيضاً كما أتى شيعته ملبين لبيك يا أبا عبد الله. 

   هذا النداء الذي ينطلق من القلوب لا ريب أن غيرنا أيضاً في مثل هذه اللحظات عشرات بل مئات المآتم على مستوى الكرة الأرضية في أوربا كما هي في أفريقيا وفي أسيا كما هي في كل قارات الدنيا كلها تلبس لباساً حسينياً واحداُ وتحمل روحاً واحدة، لكي تقول ما قالته العقيلة زينب سلام الله عليها حينما كانت تقرأ في كتاب الغيب أسطر الحقيقة ( فكد كيدك وأسعى سعيك وناصب جهدك فوالله  لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا يرحض عنك عارها ) وهذا خطابٌ ليس لشخص يزيد وإنما عنوان لكل اليزيديين والطواغيت في كل الأفاق وفي كل الأزمنة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعظم الحسين وأن يبارك لزواره ويحفظهم وأن يحفظ منهج الحسين إنه على كل شيئٍ قدير.

جزاء زيارة الحسين عليه السلام:

 زيارة الحسين سلام الله عليه من الأمور التي حث عليها أهل البيت عليهم السلام بشكلٍ كبير ووردت الروايات في شأنها بنحوٍ يظنه الإنسان شيئاً كبيراً جداً فإن تعبير ( من زار الحسين كأنما زار الله في عرشه) وتعبير ( أدنى ما يثاب به زائر الحسين - إذا كان - عارفاً بحقه وولايته وحرمته إنه يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) هذه التعبيرات وأمثالها وهي كثيرة جداً تثير السؤال عن ما هي المعادلة بين هذه الزيارة وبين هذا الثمن والجزاء الذي يعطيه الله عز وجل لهذا الأمر؟

الله سبحانه وتعالى كريمٌ غاية الكرم ولكن ما هي الآثار ما هي الفوائد ما هي النتائج التي تترتب على مثل هذا العمل حتى يستحق كل هذا العطاء العظيم لزيارة الإمام الحسين عليه السلام بل زيارة كل المعصومين بدءاً من سيدنا وسيدهم رسول الله محمد صلى الله عليه وآله؟

معنى الزيارة

الزيارة هي عبارة عن حركةٍ داخلية في النفس على المستوى القلبي، وحركة خارجية في المجال الجغرافي على أن ينقل الإنسان أقدامه إلى مكان المزور وحركة علمية معرفية هي أنه يشهد ويتحدث ويعنون هذا الإمام أو هذا المعصوم بعناوين معينة ولذا تكتسب هذه الأهمية الفائقة.

 أصل الزيارة في المعنى اللغوي كما تعلمون كلمة زاره في الأصل معناه ميل وعندنا في القرآن الكريم في سورة الكهف ( وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ)[1] يعني تميل عن كهفهم فزار بمعنى ميلٌ، فلهذا أنت تقول أنا زرت فلان يعني ذهبت له يعني تحركت من مكانك إلى منطقته وإلى بيته، حتى مثل كلمة الزور قول الزور وشهادة الزور هي ميل ولكن ميلٌ عن الحق.  زيارة مثل الحسين ميلٌ إلى الحق وكلمة الزور ميلٌ عن الحق فهي عبارة عن هذه الحالة من الانتقال فيكفي أن يذهب الإنسان إلى ذلك المكان يعني أنت تقول أنا اليوم سوف أزور والدي فتقوم من بيتك وتذهب إلى بيت أبيك وهذه زيارة أنت لا تحتاج منك أن تبدأ بذكر صفاته مثل السلام عليك يا أبي أو أنت صنعت بي كذا وأنت قلت لي كذا وأنت ربيتني، فلا داعي لذلك في أصل التعريف اللغوي.

   الأئمة المعصومين عليهم السلام أكدوا على نصوص الزيارات بحيث صار حتى المعروف عندنا لما تقول زيارة الحسين يتبادر إلى ذهنك نص الزيارة (السلام عليك يا وارث آدم السلام عليك يا وارث نوح) إلى غير ذلك، مع أن أصل الزيارة لا تحتاج لهذا بالتعريف اللغوي، لو أن  إنساناً الآن ذهب من مكانه إلى كربلاء ودخل الحرم الحسيني وخرج من دون أن يتكلم ولا كلمة واحدة هذا يعتبر زائر، لماذا؟ لأن الزيارة المعتبر فيها أن الإنسان يذهب إلى جهة الإنسان المزور انتقالا جغرافياً وميلاً إليه، لكن الأئمة المعصومين عليهم السلام أكدوا على نصوص الزيارات، فرويت زيارات كثيرةٌ عنهم بأسانيد معتبرة كزيارة عاشوراء وزيارة النصف من شعبان وزيارة النصف من رجب وزيارة وارث التي ليس لها وقت معين وزيارة الأربعين وسائر الزيارات التي هي في أوقات مختلفة، هذا يبين لنا لماذا اكتسبت هذه الزيارات ثواباً بهذا العظمة وأجراً بهذا المقدار، فكما قلنا هي عبارة عن حركة قلبية منك، أنت الزائر للمزور، فأنت إذا لا تحب أحداً فلا يمكنك أن تزور من لا تحب، لا يمكن من داخل قلبك أن تقبل عليه إقبالاً قلبياً ونفسياً، أما إذا تحب أحداً من داخل أعماق قلبك فستزوره راغباً يجعلك  تتحمل وعثاء السفر وصعوبة الطريق حتى تصل إليه، وكلما عظم هذا الولاء، الحركة القلبية زاد تغلبها على العقبات، ونحن اليوم نشهد هذا الناس، يذهبون مشياً على الأقدام مسافة في بعض الحالات تصل إلى ما يقارب الـ ( 400كلم)  يأتون من أماكن مختلفة وفي طرق لم تهيأ لهذا الأمر بل بالعكس طريق مملوء بمجموعة من الإرهابيين والتكفيريين والمؤذين الذين يتقربون إلى الشيطان بإيذاء زوار الحسين عليه السلام، فأنت تذهب ماشياً على قدميك تتحمل الجوع واحتمال القتل والأذى مع إن بإمكانك أن تركب سيارة وتكون في خلال ساعة أو أقل من ذلك واصلاً إلى هناك وأكثر الناس لديهم الأموال الكافية في هذا الشأن، علماء من النجف الأشرف وتجار من البصرة والديوانية ومن خارج العراق إلى داخل العراق يذهبون مشياً، فهذا يكشف هذا عن حركةٍ قلبيةٍ ولائيةٍ قويةٍ في نفوس هؤلاء هذه الحركة يعبرعنها ( أني مؤمنٌ بكم وبسركم وعلانيتكم وبأولكم  وآخركم وشاهدكم وظاهركم وغائبكم).

 ما الذي يدفع المؤمنين لزيارة الحسين عليه السلام؟

   إن جوهر الإيمان والعقيدة أن تحب في الله عز وجل وأن تبغض في الله عز وجل، فهذه الزيارة بهذا المعنى من أصدق تجليات المحبة في الله عز وجل، فالحسين ليس ابن عمك ولا من أقاربك ولا من أهل منطقتك، وإنما هو إمامك الذي تدين الله بطاعته وأنت تتعبد الله بحبه فهذا مظهر من مظاهر الانتماء القلبي والمحبة الداخلية وأصدق تعبير يتجلى عن ذلك تراه في الزيارة، هناك  شخص آخر أنت لا تحبه يبذل لك أموال ويضع لك الجوائز ويضع لك المغريات لا يحركك شيء لتلك الجهة، فهنا قلبك لا يؤمن به ولا يحبه ولا يواليه ولذلك لا تتحرك حتى لو كان المكان قريب حتى لو كان هناك مغريات مادية، لكن في الجانب الآخر تبعد المسافات وتتحمل أنت صرف الأموال والأذى والمشاكل ومع ذلك تذهب لتلك المكان هذا أول جانب من جوانب الزيارة.

الزيارة تعرّف لك من هو المزور وما هو مقامه:

الزيارة هي عبارة عن تعريف لهذا الإمام أو المعصوم الذي تزوره،ونصوصها تريد أن تعرف الإنسان المؤمن حقيقة هذا الإمام وصفات هذا الإمام ونهضة هذا الإمام وأهداف هذا الإمام فهي من المصادر المهمة لمعرفة الإمامة، نحن نعرف أن المعرفة هي من أهم ألأشياء، سُأل أحد أئمتنا عليهم السلام أنه ما أفضل الأعمال؟  قال: لا أعلم بعد المعرفة شيئاً أفضل من الصلاة. فالمعرفة معرفة الله عز وجل فوق كل شيء، فأول الدين معرفة الله  ثم بعد ذلك معرفة النبي المصطفى  محمد صلى الله عليه وآله ثم معرفة الإمامة والأئمة عليهم السلام، لاحظوا الافتراق والانحراف الذي حصل في الأمة إنما نبع من عدم معرفة الإمامة ومن عدم معرفة الأئمة بل حتى  في داخل المذهب الشيعي ضمن الإطار العام الانحرافات التي حصلت من خلال الفِرق التي  تجاوزت وتعدت ولم تسر على منهج الأمامية ماذا كان خطأها وإشكالها هو في جهة معرفة الإمامة والأئمة، كيف يتعرف الناس على  الأئمة وكيف يعرفون صفاتهم وكيف يعرفون مقاماتهم ومناصبهم؟ يعرفونها من خلال مجموعة أمور منها الأحاديث الشريفة ومنها الأدعية ومنها الزيارات، ففي زيارات المعصومين عليهم السلام شيئاً كثيراً من صفاتهم وأدوارهم وما قاموا به.

العناصر التي تتكون منها علاقة الزائر بالمزور:

 العنصر الأول: الشهادة

   أشهد أنك  قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، الشهادة عمل إعلامي  يا أيتها البشرية اعلموا افهموا إنني أعتقد وأخرج ذلك أيضاً بأن الحسين كان وارث الأنبياء بأن الحسين أقام الصلاة ويعني هو لم يصلي فقط وإنما أقام أسس الصلاة في الأمة وحفظ الدين فهناك فرق بين أعلم وبين أشهد ( إذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)[2]

هنا الزائر  يشهد الشهادة ليست فقط عقيدة ولا فقط علم وإنما إخبار الآخرين بهذا، أيها الناس أنا أعرف الإمام وأعلم ما قام به وفوق ذلك أخرجه على رؤوس الملأ وأشهد بذلك بين الخلائق، أشهد أنك قد أقمت الصلاة  وآتيت الزكاة.. الخ، هذا واحد من علامات الزائر بالمزور يخرجه هناك .

العنصر الثاني: المشاركة في الموقف

   هو حالة مشاركة في الموقف  أنت عندما تزور الإمام الحسين عليه السلام تقول أنا أشاركك في موقفك الرافض للظلم أنا أشاركك في موقفك الناعي والموبخ  لهؤلاء الظالمين على ما قاموا به نحن شركاء نحن معك في مسيرتك، أن يعتبر الإنسان نفسه بزيارته هذه وبشهادته تلك شريكاً مع الحسين وأصحاب الحسين وهذا الذي نفهمه من كلام جابر بن عبد الله  الأنصاري الذي يقول في نهاية زيارته له  للإمام عليه السلام وهي زيارة نموذجية وهو في آخرها يقول: إن شاركناكم فيما دخلتم فيه، فقال له عطية - وهو راوي من الروات  وتلميذاً له - : كيف يا جابر ونحن لم نعلوا جبلاً ولم نهبط وادياً والقوم فرق بين أجسادهم ورؤوسهم؟ قال: بلى سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أحب قوماً حشر معهم ومن أحب عمل قومٍ  أشرك معهم فيه .

اللهم إنا نشهدك إننا نحب الحسين وآل الحسين ونحب عملهم فأكتبنا معهم ومنهم،  فأنت في الزيارة عندما تخاطب الإمام عليه السلام في هذه الزيارة تسلم عليه وتشهد بمواقفه، فأنت أيضاً شريكاً في هذه العملية. 

العنصر الثالث: ابرام العقد والمعاهدة

هو عملية معاقدة ومعاهدة على الاستمرار( أني مؤمنٌ بكم وبإيابكم وبشرائع ديني وخواتيم عملي وقلبي لقلبكم سلمٌ وأمري لأمركم متبع  ونصرتي لكم معدة ) فأنا إذن مشاركٌ لكم ومستعدٌ أيضاً لمواصلة هذا المسير  إلى أن يظهر قائم آل محمد.

نموذج من النماذج زيارة الأربعين نقرأ قسم منه ونعطيه نموذجاً من نماذج الزيارات ما الذي يتحقق فيها؟  زيارة  الأربعين معروفة ومشهورة مروية عن صفوان بن مهران الجمال، قال:  قال  لي مولاي  الصادق صلوات الله عليه: في زيارة الأربعين تزور عند ارتفاع النهار وتقول هذه الزيارة .

للتوضيح فقط هناك أمران فيما يخص هذه الزيارة:

الأمر الأول:

   من الناحية السندية التقليدية هناك إعلالٌ في بعض الروات  فقسم من العلماء الذين يعتبرون فقط الوثوق حيث السند يصحح الخبر هنا لديه مشكلة وأما على المنهج الآخر الذي يقول إن وثوق السند واحد من العلائم على صحة الرواية وإلا يوجد هناك  علائم أخر مثل عمل الفقهاء  والأصحاب عليها إذا وجدنا علماؤنا وفقهاؤنا قد عملوا  على رواية من الروايات ومارسوا هذه الرواية والعمل بمضمونها  حتى لو كانت بحسب السند ضعيفة تقوى بعمل علماؤنا وفقهاؤنا  ضمن منهج موجود يتحدثون عنه في الحوزات العلمية هذه الزيارة من الزيارات التي جرى العمل عليها والتي أصبحت مخصصةً للإمام الحسين يوم الأربعين والعلماء والفقهاء  قديماً وحديثاً يزورون بهذه الزيارة .

الأمر الثاني: 

   أن المعاني التي توجد في هذه الزيارة من المعاني  والمضامين العالية التي يعسر على غير المعصوم أن ينضدها ويرتبها بهذا النحو الذي جاءت به ويوجد كلام عند بعض الفقهاء أنه أحياناً  الرواية أو الزيارة فيها نورانية في المعنى وبلاغة في الألفاظ  تشهد على انتمائها وانتسابها للمعصوم عليه السلام وفيها أيضاً معاني دقيقة وعميقة.

الأمر الثالث:

هذه الزيارة مضامينها  وألفاظها قد وردت في زيارات أخر ثابتة بأسانيد معتبرة  يعني نفس هذه الفقرات نفس هذه الكلمات نجدها في زيارات أخر للإمام الحسين عليه السلام، تلك الزيارات ثبتت بأسانيد معتبرة وهي صحيحة السند وهذه العبارات أيضاً موجودة فيها مما يجعل هذه الملاحظات الثلاث تقوي هذه الزيارة  وبناءً عليه فإنه هي التي تم العمل عليها من قبل علماؤنا.

 

بعض ما ورد في الزيارة:

 الإمام الصادق بناءً على هذه الرواية يعرف الحسين كشخص فيقول: 

( السلام على ولي الله وحبيبه، السلام على خليل الله ونجيبه، السلام على صفي الله وابن صفيه، السلام على  الحسين المظلوم الشهيد، السلام على أسير الكربات وقتيل العبرات)

توصيف لشخصية  الإمام الحسين الذي تزوره هذا صفي الله ابن صفي الله ولي الله ابن ولي الله نفس الحسين أنت الآن تزوره، لا تتصور نفسك إنسان عارف بكل هذه القضايا، الناس يأتون من كل الأماكن فهناك من هو أول مرة يتشرف بالزيارة وهناك للتو داخل في التشيع والبعض لا يوجد عنده هذه المعلومات عن الزيارة تأتي وتقدم له بطاقة شخصية عن الإمام الحسين عليه السلام ، فيأتي الدور الثاني يقول (اللهم إني أشهد)  هذه بعد أنت تظهر اعتقاداتك حتى إذا كانت ليست واضحة عندك بشكل دقيق، يقول لك وضح اعتقاداتك بالحسين، بهذه الشهادة (اللهم إني أشهد إنه وليك وابن وليك  وصفيك وابن صفيك الفائز بكرامتك- كرامة الحسين متعددة إن الله أكرم الحسين وعوضه عن شهادته أن جعل الأئمة من ذريته والشفاء في تربته واستجابة الدعاء تحت قبته  هذه كرامة للحسين لا نجدها في أي معصومٌ آخر حتى الأفضل منه وهو علي بن أبي طالب سلام الله عليه-أكرمته بالشهادة وحبوته بالسعادة واجتبيته بالولادة وجعلته سيداً من السادة - من الأئمة المعصومين - وقائداً من القادة وذائداً من الذادة وأعطيته مواريث الأنبياء - هناك تتذكر زيارة وارث- وارث كل الأنبياء فهو لديه مواريثهم جميعاً وجعلته حجةً على خلقك من الأوصياء ليس من عامة الناس هذه مرتبتين مرة تقول هذا حجة على عامة الناس وهذه درجة، مرة أخرى لا، بمواقفه بصبره بشهادته  بعطائه هذه المبالغة في العطاء لله عز وجل  جعلته حجةً على الأئمة وعلى جميع الأوصياء، وجعلته حجةً على خلقك من الأوصياء بعد ذلك يبدأ بالحديث عن دوره وطبيعة هذا العمل ( فأعذر في الدعاء ومنح في النصح وبذل مهجته فيك) لماذا ؟ فهو لم يخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما قال: ( ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة ) هذا غرضه ثم يبدأ بالحديث عن أعدائها للطرف الآخر ( وقد توازر عليه من غرته الدنيا وباع حظه بالأرذل الأدنى وشرى آخرته بالثمن الأوكس وتغطرس وتردى في هواه )  إلى آخر توصيفه في هذا المعنى.

بعد ذلك الموقف الأخير موقف المشاركة والمعاقدة والمعاهدة ( اللهم إني أشهدك إني وليٌ لمن ولاه وعدوٌ لمن عاداه أشهد أن الأئمة من ولدك كلمة التقوى وأعلام الهدى والعروة الوثقى وأشهد إني بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرائع ديني وخواتيم عملي وقلبي لقلبكم سلمٌ وأمري لأمركم متبع ونصرتي لكم معدة حتى يأذن الله)

 نهاية هذا ( معكم معكم لا مع عدوك ) انت هنا تصنف موقفك بشكل واضح أنت شريكٌ معه وأنت مستمرٌ على منهجه وأنت لا ترغب في طر يقٍ آخر غير طريقه، هنا أنت تلاحظ إن الزيارة بأبعادها قد اختصرت لك كل الدين وآنئذ لما تختصر لك نفس الدين وتجعلك على الاستقامة والطريق نعم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.

لذلك كانت الزيارات لها هذه الأهمية العظمة، ونحن نتعجب من هذه الأنظمة ومن هؤلاء السلاطين لماذا يزاحمون الناس في أديانهم وفي عقائدهم وفي زياراتهم وفيما يرتبط بأمورهم القلبية؟ ماذا يضر هذا النظام أو ذاك النظام عندما يزوروا الناس من يحبون من الأولياء والأوصياء؟ لماذا تفرض السدود والقيود والمعاداة؟  لماذا يحارب الحسين على طول التاريخ من قبل الظالمين؟ هذا أمرٌ غير مفهوم أبداً إذا أردنا ان نحلله بشكلٍ عقليٍ بالعكس هذه الزيارات سواءً للحسين وللأئمة ولغيرهم من المعصومين  عليهم السلام هي تصنع الخير والأخلاق والطمأنينة والتدين الحقيقي في نفوس الناس، ولذلك ينبغي لهذه الحكومات والسلطات أن تدفع الناس لهذه الزيارات لأن قلوبهم تغتسل بنور هذه  الأنوار الطاهرة ولأن نفوسهم ترتقي ولأن أخلاقهم تتصاعد ولأن دينهم يزكو فهو في مصلحة حتى السلطات والحاكمين في كل الأماكن نحن لا نفهم سبباً واضحاً ووجيهاً لمحاربة  الأنظمة والسلاطين لمثل هذه الزيارات ولمثل هذه المناسبات الدينية، هو في مصلحة هذه الأنظمة قبل مصلحة الناس، إذا الناس أصبحت أخلاقهم راقية وأصبح دينهم دين طيب وأصبحت نفوسهم  طاهرة حتى الهدوء الاجتماعي والسلام  في المجتمع أيضاً يسود فهم في الربح مهما يكن.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن على قادة المسلمين بالوعي والمعرفة  وأن يمن على عامة المسلمين بولاء آل محمد صلى الله عليه وآله.

 

 

[1] ) سورة الكهف آية 17

[2] ) سورة المنافقون آية 1

مرات العرض: 3381
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2588) حجم الملف: 10645.42 KB
تشغيل:

عصمة الأنبياء والأئمة بحث في المصطلح والأدلة