لماذا تستقطب الاتجاهات المتطرفة الناس ؟
( النظر إلى الحالة الأوربية اليمين المتطرف ، داعش وأمثالها ، توجهات البرائية )
( احدى أهم المشاكل هي تعاظم الشعور بأن حماية الهويات يتوقف على هذه التوجهات المتطرفة ..) مع أن التطرف يحمل في داخله فناء نفسه فضلا عن حماية مجموعته !
ليس الكلام عن المذهب بما هو مذهب حتى لا تستثار حمية الأتباع ، وإنما الكلام عن توجهات أو شخصيات داخل هذا المذهب متطرفة ، ربما لا يتوافق معها الكثير أو أكثرية أتباع هذا المذهب .
ليس هذا محل تحديد من هو المتطرف ، أو أي فئة تصنع التطرف وإنما هو محاولة لاكتشاف العناصر التي تجعل الفئات المتطرفة أكثر جذبا .. فهو بحث في ( لماذا ) لا في ( من ) !
على خلاف النظرة الأولية التي تشيعها الجهات المتطرفة من أنها هي الأكثر في الأمة او في مذهبها ، أو أن مؤيديها يشكلون نسبة لا يستهان بها عملا أو تأييدا ، نحن نعتقد أن هذه الجهات هي أقليات ضئيلة ولكنها تملك أصواتا عالية . وهؤلاء مثل سيارة تأتي بعكس السير في شارع سريع فإنها وإن كانت واحدة إلا أنها تخلق من الازدحام والحوادث ما يخلقه آلاف السيارات التي تسير في الاتجاه المنسجم .. ولكن مع هذه القلة فإن الخطورة غير قليلة فإن أشياء قليلة من الناحية الكمية يمكن أن تكون مدمرة كعود الثقاب .
هناك أسباب خاصة بنوع الحركة المتطرفة ، فاليمين الأوربي مثلا يوجد لدى المنتمي إليه بعض الأسباب ليست موجودة للمتطرف المسلم السني ، وهذا لديه أسباب تختلف عن ما هو لدى الشيعي وهكذا فلا يمكن أن نقول هذه وصفة لكل الحركات المتطرفة بجميع أجناسها ! ولكن هناك عناصر مشتركة نحاول اكتشافها .. ولو ضمن دائرتنا في المجتمع المسلم .
1/ حلول تبسيطية للمسائل .. وهي تناسب العقول البسيطة للكثير ، ولهذا أيضا جهات استقطابها تكون لفئة الشباب ، وأحيانا للنساء .. الكثير من المسائل التي تحتاج إلى نقاش وتخطيط عند هؤلاء محلولة ـ نظريا ـ بكلمات أربع أو خمس .. قضايا الإيمان والكفر التي تتعطل عندها عقول الفحول عندهم من أسهل الأمور فهو يكفر أمة كاملة ، ويخطئ أخرى بناء على مسألة خلافية واحدة ..اختصار الدين في بضع كلمات : الولاء والبراء ، أو التوحيد والشرك ، والسنة والبدعة ، والبرائتية والبترية ، وأمثال هذه . قضايا النهضة تختصر بكلمات أن الإسلام هو الحل ، وهكذا . حتى إذا تمكنوا في بلد ، رأوا أنفسهم أمام عملة نقدية فاقدة للقيمة وتحتاج لدراسات وخطة اقتصادية ، ووجدوا أنفسهم أمام مشكلة في الطاقة ولا يستطيعون أن يصنعوا شيئا ليطبخ الناس طعامهم فضلا عن تحريك سياراتهم ، ووجدوا أنفسهم أما ملايين من الشباب العاطل ، وأمام مشاكل أخلاقية ، وأمام تنمية متوقفة أو مشلولة !!
2/ الطعم اللاذع ، المتميز على المذاق العام ، فيه نوع من الاثارة المغرية بالتجربة . وهذا يشبه بعض المأكولات ال( سبايسي ) ! هذه الحركات تقدم شيئا مغايرا للمألوف ، قد لا يكون صحيحا بالضرورة ولكنه مغاير بالضرورة لما هو قائم ، ويريد إلغاءه وكنسه من الساحة ..وبطريقة فورية عاجلة ووسائل دراماتيكة ! يرافق هذا الميل الموجود لدى الشباب غالبا حيث العنفوان حاضر للاثارة وما يسمى با ( الأكشن ) ، حتى قطع الرؤوس بالنسبة لبعضهم هو جزء من الأكشن !
3/ الإحباط من الأنظمة السياسية ،( وانسداد الأفق ) بل وحتى الاجتماعية والتوجهات الدينية .. فبنفس مقدار احباطه يتجه بصورة معاكسة نحو الحركات الرافضة وكلما كانت تلك الحركات أشد عنفا وأقوى زخما كان اكثر استقطابا لهذا الإحباط .
الأنظمة السياسية التي تضيق مساحات الحرية ، هي سبب يدفع الكثير من الشباب الى تبني توجهات التطرف ، لا سيما وهم يرون أن الاعتدال لم يأت بالنتائج التي يرغبون ! وهنا أيضا غباء بعض الأنظمة في أنها تكاد تقنع الناس بأنهم ما حصلوا على شيء ولا ينبغي أن يأملوا في ذلك ، فكأنها تقول للشباب لا طريق لكم غير التطرف !
إفشال : أو فشل تجارب التقارب بين المسلمين يكون مقدمة للتطرف الطائفي الحاد .
الإحباط الاجتماعي ، على أثر السياسات الخاطئة في المجتمعات فتراه بلا حاضر ولا مستقبل فينقم على كل الوضع القائم ، ويحاول تغييره خاصة وهو لا يملك شيئا ليخسره فيه !!
4/ هناك سبب خاص بالحركات الدينية أو المذهبية ، وهو الشعور بالتقصير ومحاولة التعويض عنه ، فقسم من هؤلاء يعيش مثلا حياة منحرفة ،أو خاطئة ومرة واحدة تراه متدينا متشددا وربما أطال لحيته وصار شيخا أو داعية ! إلى هنا قد لا يصبح مشكلة ولكنه يريد التعويض عن سنوات الخطيئة أو الغفلة السابقة في عدة أشهر، فيقوم بأعمال قد يكون منها حتى تفجير النفس لكي يعوض عن السابق . يكثر في حركات التطرف : أصحاب السوابق ، ( والتائبون ) !!
ربما ترى أن بعض قيادات هذه الجماعات والبارزين فيها لم يكن عمرهم في تاريخ التدين أو العلم إلا يسيرا !