سيرة الحسين من سنة 50 إلى 60 هـ

الإشارة إلى أن من الأخطاء الدخول في امر المفاضلة بين الأئمة المعصومين / مع أن الروايات والآراء متعددة ، بين قول :بأنهم في الفضل سواء باستثناء الامام علي فهم يتميز عليهم ، وبين قول بأن الفضيلة هي بحسب الترتيب فالأول أول والثاني ثان وهكذا .. كما نقل المفيد رواية في هذا المعنى ( ليس شيء خرج من عند الله إلا بدأ برسول الله ثم بأمير المؤمنين بعده ثم بمن بعده ليكون علم آخرهم من علم أولهم ..) . وقول بأن التفضيل هو للخمسة من أهل الكساء ، ثم للمهدي ، وما بينهم يتساوون في الفضيلة .. غير أن هذا ليس هو المهم عندنا ، وإنما المهم هو لزوم الطاعة ، وحجية القول ، وفي هذا هم لا يختلفون . ويضاف إلى هذين نقطة وهي الاعتقاد أن طريقة كل منهم حين زمانه كانت المرضية ربانيا والحكيمة بشريا ، ولذلك لو افترضنا تغير الأسماء ، فإننا نعتقد بسلوك نفس الطريق .. وهذا ما يشير إليه تطابق السياسة والدور الذي قام به الامام الحسين عليه السلام في زمان معاوية ، مع السياسة التي سلكها الامام الحسن .. إجمال عناوين تلك السنوات : النشر العلمي والتصدي العقدي : بالرغم من أن الصورة المعهودة للامام الحسين هي الحالة الثورية إلا أننا نجد صورة العالم المتكلم الذي يكون مرجع العلماء في قضايا العقيدة ، روى عكرمة : بينما ابن عباس يحدث الناس إذ قام إليه نافع بن الأزرق ، فقال له : يا بن عباس ، تفتي الناس في النملة والقملة ، صف لي إلهك الذي تعبد ،فأطرق ابن عباس إعظاما لقوله ، وكان الحسين بن علي جالسا ناحية ، فقال : إلي يا بن الأزرق ، قال [ ابن الأزرق ] : لست إياك أسأل قال ابن عباس : يا بن الأزرق ، إنه من أهل بيت النبوة ، وهم ورثة العلم . فأقبل نافع نحو الحسين ، فقال له الحسين : يا نافع ، إن من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في التباس ، سائلا ، ناكبا عن المنهاج ، طاعنا بالاعوجاج ، ضالا عن السبيل ، قائلا غير الجميل . يا بن الأزرق ، أصف إلهي بما وصف به نفسه ، وأعرفه بما عرف به نفسه ، لا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، قريب غير ملتصق ، وبعيد غير منتقص ، يوحد ولا يبعض ، معروف بالآيات ، موصوف بالعلامات ، لا إله إلا هو الكبير المتعال . فبكى ابن الأزرق ، وقال : يا حسين ، ما أحسن كلامك . قال له الحسين : بلغني أنك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر ، وعلي ؟ قال ابن الأزرق : أما والله ، يا حسين ، لئن كان ذلك ، لقد كنتم منار الإسلام ، ونجوم الأحكام. الحج للتبليغ ( في مقابل نهي معاوية عن الحديث عن أمير المؤمنين ) : يذكرون في سيرة الحسين أنه حج ( 25 ) حجة ، وهذا معناه أن سنوات امامته العشر وإمامة أخيه وخلافة أبيه قد دخلت فيها ، فلما كان قبل موت معاوية بسنتين ، حج الحسين بن علي عليه السلام وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن عباس معه . ( حج ماشيا هل المقصود من مكة أو من المدينة ) وقد جمع الحسين بن علي عليه السلام بني هاشم : رجالهم ونساءهم ومواليهم وشيعتهم ، من حج منهم ومن لم يحج ، ومن الأنصار ممن يعرفونه وأهل بيته . ثم لم يدع أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن أبنائهم والتابعين ، ومن الأنصار المعروفين بالصلاح والنسك ، إلا جمعهم .فاجتمع عليه " بمنى " أكثر من ألف رجل خطبة الإمام بمنى : سنة 58 أما بعد ، فإن هذا الطاغية قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم وعلمتم وشهدتم . وإني أريد أن أسألكم عن شي ، فإن صدقت فصدقوني ، وإن كذبت فكذبوني . اسمعوا مقالتي واكتبوا قولي ، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ، فمن أمنتم من الناس ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون من حقنا . فإني أتخوف أن يدرس هذا الأمر ، ويذهب الحق ويغلب ( والله متم نوره ولو كره الكافرون ) . أنشدكم الله : أتعلمون أن علي بن أبي طالب كان أخا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حين آخى بين أصحابه فآخى بينه وبين نفسه ، وقال : أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : أنشدكم الله : هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اشترى موضع مسجده ومنازله فابتناه ثم ابتنى فيه عشرة منازل ، تسعة له ، وجعل عاشرها في وسطها لأبي ، ثم سد كل باب إلى المسجد غير بابه ، فتكلم في ذلك من تكلم ، فقال : ما أنا سددت أبوابكم وفتحت بابه ولكن الله أمرني بسد أبوابكم وفتح بابه ، ثم نهى الناس أن يناموا في المسجد غيره ، وكان يجنب في المسجد ومنزله في منزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ...الى آخر .. التصدي للمخطط الأموي : 1/ رفض نقض العهد المبرم مع معاوية .. مجيء الوفود للامام وسؤالهم إياه الثورة ، وقوله ( إذا مات معاوية وأنا حي يأتكم رأيي ـ قاله لوفد العراق ) ، تحسس معاوية وولاة المدينة من مجيء الوفود للامام . 2/ الاستمرار في معارضة الحكم الأموي وفضحه : قول معاوية له : لقد قتلناهم وكفناهم وصلينا عليهم ؟ خصمك القوم ، لكننا لا نفعل ! 3/ المواجهة الأكبر في قضية تولية يزيد ( ولد سنة 26 هـ ) العهد : التفكير في الموضوع بدءا من سنة 51 ، حيث سافر معاوية للحج في مكة والمدينة وبدأ يلمح للموضوع .. تم اغتيال عدد من المنافسين المحتملين في الوضع الأموي : الإمام الحسن ، عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، سعد بن أبي وقاص ، كلام عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، / دس إلى سعد بن أبي وقاص سما ( مقاتل الطالبيين ) !! 0 هل هو أكيد ؟ فمات في سنة 55 . وعمره 74 سنة تقريبا ( ابن عساكر ) أو 83 كما عن ( أحمد بن حنبل ) . 3/ قتل عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ( مع أنه كان منحرفا عن علي ومواليا لمعاوية ) بن عبد البر في الاستيعاب : إن معاوية لما أراد البيعة ليزيد خطب أهل الشام وقال لهم : يا أهل الشام ! قد كبرت سني ، وقرب أجلي ، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاما لكم ، وإنما أنا رجل منكم ، فأروني رأيكم ، فأصفقوا واجتمعوا وقالوا : رضينا عبد الرحمن بن خالد ، فشق ذلك على معاوية ، وأسرها في نفسه ، ثم إن عبد الرحمن بن خالد مرض ، فأمر معاوية طبيبا عنده يهوديا وكان عنده مكينا أن يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها ، فأتاه فسقاه فانخرق بطنه فمات . • بعض المؤرخين يقول إنه مات في أيام معاوية عدد كبير من أعيان وكبار المسلمين بالسم ! تحريك الولاة ، في القضية : المغيرة بن شعبة في الكوفة ، وقيل إنه هو الذي ألقى الفكرة في ذهنه ، ثم قال ( فتقت عليهم فتقا لا يرتق ) . ارسل إلى مروان بن الحكم في المدينة ذلك ، فأخبره بإباء الناس ( هو كان يراهن على الموضوع ) فقام معاوية بعزله وخلف عليها سعيد بن العاص . وأرسل إلى ابن زياد وكان واليه على البصرة ، ولم يكن موافقا لكنه تريث ، ثم مات ابن زياد بعدها بسنتين ! حسم الموضوع سنة 56 بسفرة أخرى إلى المدينة ومكة ، في الأولى عزلهم ( الحسين ، ابن الزبير ، ابن عمر ، ابن عباس ) وكان كل واحد منهم يؤجل الموضوع ( إن بايعوك كنت رجلا من الناس ) . ثم مجلس عام ورد الحسين عليه : كأنك تنعت محجوبا أو تصف غائبا فخل يزيد وما أخذ لنفسه من القيان والمعازف ، والحمام السبق لأترابهن ، ودع عنك ما تحاول . وفي مكة : أقام عليهم سيافين على رأس كل واحد وقال : إن أراد أحدهم الرد بتصديق أو تكذيب فاضرب عنقه !