المدرسة التفكيكية وميرزا مهدي الاصفهاني
المدرسة التفكيكية وميرزا مهدي الاصفهاني
1303 ـ 1366 هـ
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (سورة النساء: 82)
الميرزا مهدي الاصفهاني من تلامذة الآخوند الخراساني ، والسيد كاظم اليزدي ، وقد درس على النائيني 5 سنوات في بدايات درس النائيني ، كما درس الفلسفة والحكمة على المختصين بها . بعد أن أجيز بالاجتهاد في سن الخامسة والثلاثين من النائيني الذي أيده في تلك الاجازة الآقا ضياء الدين العراقي والسيد أبو الحسن الاصفهاني ، انتقل إلى مشهد المقدسة ..
وبالرغم من دراسته الفلسفة والعرفان ، إلا أنه يجد أن هناك تمايزا وتفاصلا بينهما وبين المعارف القرآنية ، وفي مشهد تبلور لديه مشروع نظري ، سمي فيما بعد بالمدرسة التفكيكية . والمقصود من ذلك الفصل فيما بين معارف الفلسفة والعرفان والقرآن ، وعدم الاعتماد إلا على القرآن وأحاديث المعصومين ، كما سياتي الحديث .. ولمعرفة أبعاد هذه المدرسة ، يقال :
للتفصيل في معرفة مباني الأصفهاني يراجع كتاب ( المدرسة التفكيكية/ قضايا اسلامية معاصرة , للحكيمي )
* إن المدارس المعرفية الموجودة ثلاث :
مدرسة الوحي (الدين ، القرآن )
مدرسة العقل ( الفلسفة البرهان )
مدرسة الكشف ( الرياضة ،العرفان )
* ويعتبر المختصون بالفلسفة الاسلامية ، فلسفة ملا صدرا ، ولا سيما كتابه الحكمة المتعالية أرقى ما وصلت إليه الفلسفة في مستوياتها ، فهو في هذا سعى لأن يجمع بين ، مدرسة البرهان ، والعرفان ، والقرآن أو الوحي ، وقد جمع بين الفلسفة المشائية والاشراقية والأفلاطونية الحديثة ، والفلسفة الرواقية ، والمسالك الصوفية والعرفانية ..إضافة إلى ما استفاده من القرآن وكلمات أهل البيت عليهم السلام .. والناظر إلى المصادر التي اعتمد عليها الملا صدرا يجد شيئا كثيرا ، من كتب الفلاسفة الأقدمين ، والعرفاء والمتصوفة ..
وهذا الأمر الذي يعده أتباع المنهج مصدر قوة ، عده أتباع التفكيك نقطة الضعف الرئيسة ، فقد أكد لهم ذلك عدم أصالة الفلسفة الاسلامية ، وأنها ناتج من عناصر مختلفة ، ومناشيء متعددة ، وتساءل التفكيكيون :
1/ لماذا لم يحاول الفلاسفة المسلمون انتاج فلسفة خالصة غير معتمدة على المناشئ الخارجية ؟
2/ ولماذا لم يؤسسوا منهجا قرآنيا خالصا يفهمون الحياة من خلاله ، تماما مثلما صنع الفقهاء في استنباطهم الفقهي الذي لم يعتمد على أي نظام حقوقي آخر ؟
3/ إن كل منهج من المناهج السابقة يستمد منابعه من مصدر مباين للمصادر الأخرى ، فإذا كان كذلك فلا بد من الفصل والتفكيك بين هذه المنابع ، بحيث نتتبع المسألة في كل تيار ونرى كيف ينظر إليها ، ولا ريب أن الواجب الأول هو أن ننظر للقرآن الكريم والأحاديث الشريفة ، لكشف الحقائق . فإنه واجب أساسي .
* إن عملية المزج التي قام بها الملا صدرا وأتباع الفلسفة ، قادتهم إلى التأويل حيث أن المدارس الفكرية المختلفة لا يمكن أن تتطابق وإلا لما كانت مناهج مختلفة ، فإما أن تبقى متباينة ومتعازلة ، وهذا ما يقوله التفكيكيون أو أن تندمج وتجتمع وهذا يحتاج إلى شيء من التأويل ، بحيث تبدو كلمات هذه المدارس متقاربة وتؤدي إلى نفس المعنى ! والتأويل عدو المنهج العلمي لأن الأصل حمل كلام المتحدث على ظاهره من دون تأويل !
* فتارة يضطر لتاويل كلمات الفلاسفة لكي تنسجم مع كلمات الوحي وقد يتم الاضطرار لتأويل آيات القرآن لكي توافق ما قاله الفلاسفة ، كما هو الحال في مسألة المعاد الفلسفي مع المعاد القرآني ، إعادة المعدوم غير الممكنة فلسفيا ، والحشر الثابت قرآنيا .. ( قال الفلاسفة إن تمام السعادة أن تتجرد الروح عن البدن لتصل إلى كمالها ولأن المعاد ثابت فلا بد أن يكون روحانيا لا جسمانيا ) .
بل اعتبروا التأويل نوعا من ( تحريف الكلم عن مواضعه ) . (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ) (سورة الزمر: من الآية 23)
إن القرآن يقرر حقيقة أنه ( لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) وهذا الاختلاف لا يمكن حله بتأويل الكلمات ومحاولة جمعها بتقويل أصحابها شيئا لم يقولوه .
لا يعني هذا أن التأويل بالكلية ممنوع ، فإنه لا بد منه في بعض الحالات الاستثنائية لا أن يكون منهجا عاما
إن للقرآن منطقه الخاص ، وأدوات فهمه الخاصة ، فلا يمكن أن تستخدم أدوات أعدت لمنهج آخر في فهمه ومعرفة مضامينه !
أصول المدرسة التفكيكية :
1/ فصل الفلسفة والعرفان عن الوحي والقرآن .
2/ تفوق المعرفة الدينية على المعارف البشرية والعقلية .
3/ لزوم الاستناد إلى القرآن والحديث
4/ الابتعاد عن التأويل . والعمل بظاهر الآيات والروايات .
شخصيات المدرسة :
ميرزا مهدي اصفهاني، شيخ مجتبي قزويني، محمود حلبي، ميرزا جواد تهراني، سيد جعفر سيدان و محمد رضا حكيمي، سيد موسي زرآبادي .
* قوة هذه المدرسة في مشهد حيث نلاحظ أن تيار الفلسفة والعرفان متراجع فيها بالقياس إلى سائر المناطق ، ولا سيما في الحوزة العلمية . بل شكلوا ضغطا على بعض قنوات التلفزيون لكيلا تبالغ في بث المحاضرات ذات الطابع العرفاني