المحدث النوري صاحب المستدرك وفصل الخطاب
1245 هـ - 1320=75
انتماؤه للمدرسة الاخبارية . شرح جانب من تاريخ المدرستين الأصولية والأخبارية وجهات الفرق بينهما .
الحديث عن تأليفه المميز ( مستدرك الوسائل ) الذي جاء كمتمم لكتاب ( وسائل الشيعة ) للحر العاملي ، حيث احتوى الوسائل على ما يناهز ( 35 ) ألف حديث في أبواب الفقه الاسلامي ، من طرق أهل البيت عليهم السلام ، بينما جمع الشيخ النوري الطبرسي في مستدركه أكثر من ( 23 ) ألف حديث لم يذكرها الحر العاملي في الوسائل وهذا يبين مقدار تتبعه لتلك الأخبار من جهة ، وجهده الكبير في إيجاد وتصحيح طرق سندية لها .
وأيضا كتابه الآخر المهم ( خاتمة المستدرك ) الذي جاء كبحث رجالي مفصل ـ ضمن رأي المدرسة الأخبارية ـ في ثمانية مجلدات كبيرة .
وبالاضافة إلى هذين الكتابين المهمين ، فقد ألف 30 كتابا آخر ، ومن تلك الكتب التي وقعت محلا للمناقشة والمعارضة كتابه المعروف ( فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب ) . وذلك لأن هذا الكتاب مخالف لما عليه الرأي العام لدى الشيعة الإمامية . ولهذا فقد تم الرد عليه منذ تأليفه وإلى يومنا هذا بكتب مستقلة ، كما فعل ذلك معاصره الفقيه الشيخ محمود الطهراني ، أو في مقدمات الكتب التفسيرية كما فعل المجتهد الشيخ محمد جواد البلاغي .
• أصل الكتاب كما يقال ـ كان إجابة على سؤال : لماذا لم يصرح باسم الامام علي في القرآن الكريم ؟ فأجاب عليها بأن ذلك راجع إلى أن الكتاب الذي بين أيدينا قد حدث فيه نقص من قبل القائمين على جمعه في الأزمنة الأولى ! ولكي يثبت هذه الفكرة فقد أورد من الأدلة ما يؤيد هذه الفكرة ، وقد بدأ بالاستشهاد بما جاء في كتب مدرسة الصحابة من قولهم بوجود سور كاملة قد حذفت ، كما في رواية أبي موسى الأشعري التي يرويها الحاكم في المستدرك على الصحيحين ، وكما في المنقول عن أم المؤمنين عائشة . ثم عطف عليها بما جاء في بعض كتب الامامية مما يؤيد فكرته !
• وبالنسبة لما أورد من الروايات الموجودة في بعض كتب الامامية ، فقد درسها العلماء ، وخرجوا بهذه النتائج :
• 1* أنها تنتهي إلى : كتاب السياري أحمد بن محمد ( القراءات ) وهو معنون عند رجاليينا بالوضع والضعف ! / والثاني كتاب علي بن أحمد الكوفي وهو غال فاسد المذهب ! وكتاب دبستان المذاهب ، وكتاب مشارق الأنوار للبرسي ,, وهذه الكتب لا اعتماد عليها ، ومؤلفوها كذلك . فإذا كان الأمر كذلك فهي ساقطة عن الحجية ، لكن لما كان مسلك النوري مسلكا أخباريا كان الأمر مختلفا عنده ـ كما ذكرنا في الفرق بين المدرستين الأصولية والاخبارية ـ .
2* إن أكثرها جار على التأويل والتطبيق مثل ( اليوم أكملت لكم دينكم ـ بولاية علي بن أبي طالب ـ وأتممت عليكم نعمتي . وبعضها الآخر بناء على اختلاف القراءات !
3* ثم إن نفس المحدث النوري قد تراجع عن هذه الفكرة ، وهناك قرينتان على ذلك : منها تصريح تلميذه الشيخ محسن ( آقا بزرك ) الطهراني ، بأنه سمعه يقول : كان الأولى أن أسمي الكتاب ( فصل الخطاب في عدم تحريف كتاب رب الأرباب ) . والقرينة الأخرى : أنه في بعض كتبه المتأخرة قال : بأنه لم يذكر في القرآن اسم احد من الصحابة سوى ( زيد ) ، وهذا يخالف ما سبق أن قال بأن اسم علي مذكور في القرآن ..
وعلى أي حال : إن كانت هاتان القرينتان كافيتين في إثبات تراجعه عن فكرة النقص في القرآن ، فهو وإلا يكون خاطئا في هذه الفكرة ، ومخالفا للرأي العام السائد بين المسلمين .
• وهناك جهة أخرى في حياة المحدث النوري : وهي اهتمامه بالقضية الحسينية ، فقد كان حريصا على أن تكون رواية المقتل بعيدة عن المبالغات غير الواردة ، ولهذا ألف كتابا اسمه ( لؤلؤ ومرجان ) ، هاجم فيه بعض الخطباء الذين من أجل الإبكاء ، يلجؤون إلى اختلاق المصائب أو المبالغة في الموجود منها ، مما ينتهي بهم إلى الكذب . وقد استشهد الشهيد الشيخ مرتضى مطهري بجانب من كلمات النوري في كتابه الملحمة الحسينية .
• وكما كان هو بنفسه راثيا للحسين ، وممن يصعد المنبر في منزله .