الفساد المالي وإعاقة التنمية
الفساد المالي موضوع مفصل لا يمكن الاحاطة به في هذه العجالة ، ولكن يتم الحديث عنه بمقدار ما يتصل بإعاقته للتنمية في بلادنا المسلمة .. ومسؤولية أرباب المال وهم الشعب تجاه إدارته .. الفساد المالي : يمكن أن يلاحظ على نحو : ما قبل الإدارة ، وما بعد يبدأ الفساد بنظرية عند الفاسد ، وهي متعددة : النظرة للوطن وإمكاناته هي التي تعين حالة الفساد ، فالذي ينظر له باعتبار أنه بستان له ولقومه لا ريب يأخذ ما يجده ( قال مالك الأشتر لمروان أتجعل ما أفاء الله علينا برماحنا وسيوفنا بستانا لك ولقومك ؟)، هذا على مستوى المسؤول ، وأما على مستوى العامة فالنظرة إليه ضمن قيم القبيلة والصحراء ، وأن الشجاع هو المغتنم ! فإذا وقع في يدك شيء فلا ينبغي أن تتأخر عنه ! ما هي تجليات الفساد المالي : • حدد خبراء مكافحة الفساد أنواع الفساد بما يلي : • 1/ جرائم الرشوة،2/ واستغلال النفوذ وإساءة استعمال السلطة، 4/ والإثراء غير المشروع، 5/ والتلاعب بالمال العام واختلاسه أو تبديده أو إساءة استعماله، بما في ذلك الجرائم المحاسبية، وجرائم التزوير، والغش التجاري، وإلى غير ذلك من الأفعال والممارسات غير المشروعة، التي تضر بالتنمية وتتسبب في انحرافها عن مسارها الصحيح. * ( ما يغيب عن الأذهان أن الفساد بأشكاله المختلفة هو مشكلة آفة تنحدر من الأعلى للأسفل في المجتمع، حيث أن ممارستها على مستويات رسمية عالية هو الذي شرعن وجودها وانتشارها في مستويات دنيا في مختلف الأجهزة وأحيانا كثيرة خارجها. وهو ما يتفق العاملون في هذا المجال على تسميته بالفساد الاكبر الذي يولد أشكالا مختلفة من الفساد الصغير من ناحية الكيف أو الكم. وحيث أن الكبار لديهم من الامكانيات والصلاحيات ما يمكنهم من تخطي الكثير من الاجراءات الروتينية المتبعة، فإن بمقدورهم دوما التصرف وتجاوز المحاذير، خاصة مع وجود الحصانة القانونية التي تحميهم من أي مساءلة، الأمر الذي يؤكد على أهمية أن تكون هناك أجهزة رقابية فعالة لديها صلاحيات واضحة لمحاربة ومكافحة الفساد على مختلف المستويات، مع ملاحظة خطورة اقتصار مهام هذه الأجهزة على مراقبة الدوائر الوسطى والسفلى من الإدارات والمؤسسات في مقابل ابتعادها عن متابعة وملاحقة رعاة الفساد الأكبر. من مقال للأستاذ جعفر الشايب ما يلي : لمواجهة هذه المشكلة : 1/ المطالبة بفتح الملفات الكبرى : مثل صفقات الأسلحة، ومبيعات النفط، والمشاريع العملاقة، والاستيلاء على الأراضي العامة، والاعتمادات المباشرة ومصاريف بارالمسؤولين. 2/ تشريع قانون الكشف عن الذمة المالية : حتى يمكن القول بعده : من أين لك هذا ؟ قضية الخليفة الثاني مع أبي هريرة ، في إثرائه في الفترة التي بقي فيها في البحرين . وهذا الأمر موجود في الغرب ! 3/ مؤسسات رقابية : رسمية رسالة الامام علي لأحد ولاته ، بلغني أنك تجعل مال الله غنما لمن اعتامك من أعراب قومك ، فوالله لئن كان ما بلغني حقا لأشدن عليك شدة ..وشعبية : دور الناس في هذا الأمر لا يصح أن يعتبر الانسان نفسه غريبا عن هذا الشيء ! أو أن الامر لا ينفع ، على الاقل تكلم وثق ، افضح ، فإن عمل الفاسدين إنما يتم في السر ! ، يذكرنا بقول مالك الأشتر لمروان : أتجعل ما أفاء الله علينا بستانا لك ولقومك .. ـ الإصرار على قوانين مكتوبة يكون منها قوانين المحاسبة والمتابعة .. وتقوية دور المجالس النيابية لكي تكون جهة مراقبة على الأموال العامة وثيق حالات الفساد من كل من يطلع عليها .. ونشرها قدر الإمكان . ـ تشكيل مؤسسات مجتمع مدني ، تمارس ما يشبه دور حكومة الظل في المتابعة والمراقبة ..ومن ثم المطالبة بالمحاكمة .. كيف يعيق الفساد التنمية ؟ : 1/ تناقص الاعتمادات المالية الواصلة للمشروعات الاجتماعية : قصيدة مشهورة حاصلها أن السلطان أمر بمليون لأصحاب الحاجة ، وتناقصت بحسب الوسائط إلى أن وصل لمن أمر له : رسالة تعاطف ! وهكذا الحال بالنسبة للمشاريع العامة ، ما يسمى بمقاولات الباطن ! 2/ الأسوأ استزراع جيل من النافذين وكبار المسؤولين لا يستطيع أن يعمل شيئا بدون سرقة ، وهؤلاء لاينفع معهم النصائح لأنهم هم الذين يسوقونها ويحفظون كتاب الله ، وأحاديث الأمانة .. ووراءهم أحيانا جيش من الوعاظ والمشايخ !! وهذا الجيل يشكل الطبقة التي بيدها الأعمال والأموال والارتباطات ! يتحولون بالتدريج إلى ميليشيا متعارفة متعاونة ..