بناء العقل النقدي
الغرض من الموضوع : توجيه المستمع إلى تحليل المقولات ونقدها ، والإيمان بالقضايا بعد تحقيقها ، ومحاربة بعض المقولات التي انتشرت من غير دليل : مثل تعاظم دور الرؤى والمنامات مع أنها لا حجية فيها ومنها مقولة من رأى صاحب الجواهر يتمنى أن يعاوض عمله فيه بالأزرية .. والآخر الذي نقل أن العلامة قال لولا الألفين وزيارة الحسين لأهلكتني الفتاوى ! إشاعة احتراق الرسام الدانماركي ، والمسارعة إلى تصديقها ، وهكذا انهدام السينما التي كان مقررا أن يعرض فيها الفيلم المسيء للنبي .. ووصل الاعتماد على المنامات إلى انحرافات ( فرقة القاطع الآن يعتمدون عليها ..) وعلى الخيرة !, ( وتلك التي أحبلها ميكائيل ) . أفكار الموضوع : ـ الإشارة إلى معنى العقل ، وإلى الموقع الذي جعل فيه ( به الثواب والعقاب ). ـ الإشارة إلى كيفية تربية العقل النقدي : العقل الإسلامي هو عقل نقدي ، فيه الفحص والتثبت والتدقيق ، ( ولذلك يذكر بعض الباحثين أن كلمة العقل لم تأت في القرآن بصورة الاسم ، وإنما هو في صيغة الفعل ( يعقلون ) ، وربما يكون ذلك إشارة إلى الدور المطلوب من العقل 0 نعم جاء بعبارات أخر : الألباب ، لذي حجر ، الفؤاد .. وفي الروايات : ( روايات مثل حدث العاقل بما لا يكون ) ـ و( في الأمور النقلية لا بد من البحث عن المصدر قبل كل شيء لنرى هل يعتمد عليه أو لا ؟ ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) ولا يكفي ذلك بل لا بد من عرض المضمون على القواعد العامة الثابتة ! أو السؤال عنه من أهل التخصص ! إننا نرى الإمام الباقر عليه السلام يعلم الناس أن يسألوا من أين ؟ وكيف ؟ بالرغم من اعتقادنا واعتقادهم فيه أنه إمام مفترض الطاعة وأنه لا بد من التسليم له حين يقول لأصحابه إذا حدثتكم بشيء فسلوني أين هذا من كتاب الله عزوجل ! بإسناده عن أبي الجارود قال قال أبو جعفر عليه السلام : إذا حدثتكم بشيء فاسألوني أين هو من كتاب الله تعالى . ثم قال في بعض حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال فقيل له يابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أين هذا من كتاب الله ؟ قال : إن الله تعالى يقول لا خير في كثير من نجواهم الا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس . وقال : لا تؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياما وقال : لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم . ـ ونقد المسارعة إلى التصديق ، والنشر أحيانا ، بل يعتبر أن من لم ينشر يصيبه كذا وكذا وأنه غير سليم العقيدة ! وأنه لا يحب الدين أو قادته ..الخ . ـ مطالبة الخطباء والمتكلمين بالتدقيق فيما ينقل ، وإذا أراد النقل فينبغي التمييز بين ما هو في سياق الوعظ والأمور المستحبة ، وبين ما ينتقل إلى أمور العقيدة فيستدل أحيانا فيها بالمنامات ، مع أن المنام في القضايا الفرعية لا حجية له .. * نعم هناك مشكلتان : الأولى : التخوف من أن النقد ينتهي إلى تهديم البناء ، ويفرط المنظومة الفكرية للمذهب أو الدين . ولا سيما إذا اقترن ذلك بالاستهزاء ، والتسفيه ! والثانية : أن النقد قد يجري في مساحات أوسع ، فالمعلوم أن هناك جوانب تعبدية في الدين لا يمكن أن تخضع للعقل ، فضلا عن النقد ، ولا ريب أن هذه المخاوف مفهومة ، وينبغي الالتفات لها ، لكن البديل ليس هو عدم العقلانية ، أو ترك الحالة النقدية ، وإنما هو وضع أسس: مثل أن النقد يعتمد على العلم بالمجال الذي يراد نقده ، فإذا لم يكن للشخص قدرة تحليلية تاريخية فلا يصح أن يكذب هذا أو يرد ذاك ، وإذا لم يكن له معرفة عقائدية فلا يصح أن يقبل هذا ويرفض ذاك ..وأن التعبد له مجالاته المحدودة ، وأما في باب المعارف فلا بد من التحقيق .. وهكذا . * الإمام علي عليه السلام : يخاطب أهل الجمل : كنتم جند المرأة وأتباع البهيمة رغا فأجبتم وعقر فهربتم ! ألله أمركم بجهادي ؟ أم على الله تفترون ؟