مشتركات الربيع العربي وثورة الحسين
أكد الشيخ فوزي السيف،أن إنجازات الشعوب العربية، في الثورة على الطغيان، وأسقاط الحكومات المستبدة، تمثل إنسجاماً نوعياً لقيم الثورة الحسينية، التي سطرها أبو الأحرار سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء في السنة 61 للهجرة.
وقال الشيخ السيف، خلال مجلسه العاشورائي في ليلة السابع من محرم، ان قيم الثورة الحسينية لازالت تنبض في الأمة على مدى أكثر من الف وثلاثماءة سنة، لترمز للعدالة، والحرية، والكرامة، ورفض الظلم، والاستعباد، والرضوخ للظالمين.
وقال أنه، منذ فجر الإسلام الأول برز اتجاهين في الأمة الإسلامية، كان الأول يتغذى من روح الإسلام وتعاليمه، ومن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ينبوعاً للكرامة ورفض الخنوع، وحمل هذا الخط على عاتقه إصلاح الفساد السياسي في الأمة، ومواجهة الطغيان والإستبداد، مستلهماً من الإمام الحسين روح الشهادة والصمود، وهو القائل: (إلا وان الدعي إبن الدعي، قد ركز بين إثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة. يأبى الله لنا ذلك، ورسوله، والمؤمنون، وحجورٌ طابت وطهرت، ونفوس أبيّة، وأنوفٍ حمية، من أنْ نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام).
في حين كان الخط الآخر، يستلهم من التيار الأموي روح التبرير للاستبداد والديكتاتورية، بحجة حرمة الخروج على الحاكم الجائر، ووجوب طاعته، وإن عصى أو طغى وتجبر، مستشهدين بأحاديث غير متفق على صحتها تقول : (تسمع وتطيع للأمير وأن ضرب ظهرك وأخذ مالك .. إلاَ أن تروا كفراً بواحاً لكم عليه من الله سلطان)،
وقال فضيلته، أن كلا الخطين أسس لنظريته فلسفةً ورؤيةً ومنهج عمل، يقوم الأول على إعلاء قيمة الحرية وكرامة الإنسان فوق كل قيمة، بينما يتلمس الآخر التبريرات والحجج لإبقاء الأوضاع على حالها وتجريم أي محاولة للإصلاح ونشر ثقافة الخنوع والاستسلام في الأمة. وقال: أن هذا الإتجاه عمد إلى تحبيط همم الناس تارة بالاحاديث الموضوعة، وأخرى، عبر إرهاب المجتمع وتخويفه من التغيير، بحجة أن التغيير وسيلة للمفاسد. وكذلك اعتبار الفرد مسلوب الارادة في التغيير.
وشدد أن خط الكرامة الحسينية يعتبر أن أول دوافع انكار المنكر واصلاح الأوضاع العامة في البلدان، تأتي من قيمة (التوحيد) التي تختص العبودية والخضوع لله وليس لسواه. كما أن التغيير وإنكار المنكر ضمان لسلامة الانسان من ان ينال مصير الظالمين يوم القيامة، وإستشهد فضيلته بحديث الإمام الحسين (عليه السلام): (من رأي منكم سلطاناً جائراَ مستحلاً لحرم الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كان حق على الله أن يدخله مدخله).
ولاحظ الشيخ، أن الفرز بين الخطين ليس فرزاً مذهبياً، فليس صحيحاً الادعاء أن الشيعة كلهم يتبنون خط الحسين وخط الكرامة، وان السنة ينتظمون في الخط الآخر، بل هو مسار فكري وفلسفي يمكن أن يشترك فيه أي اتجاه مذهبي.
كما لا حظ أن الدعوة للتغيير لا تستبطن بالضرورة الدعوة لاستخدام العنف، والقوة، ولكنها أول ما تسعى إليه هو التغيير الثقافي السلمي.
إلى ذلك، أكد أن الثورات العربية لم تكن لتحدث في هذه الأمة لو لم تسبقها قطيعة فكرية مع فلسفة وفقه الخنوع الذي ساد في الأمة. ولم تكن الشعوب العربية لتنزع طاعتها من الحكام الجائرين لو لم تتخلص من الارث الثقافي الذي يدعوها للخنوع ويشدها نحو الاستسلام بحجة الصبر والطاعة والمساكنة.
الشيخ السيف، قال، أننا نلاحظ بالتالي أن الربيع العربي، لم يكن ليحدث لو لم يتشرب بقيم العزة والكرامة والحرية ويتخلص من قيم العبودية والخنوع والاستسلام، وهي في جوهرها ما اكدته رسالة الإمام الحسين وثورته الخالدة.