الحب الالهي والعنف البشري
الحب الإلهي والعنف البشري
أمام حضور حاشد من المستمعين في جامع الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بصفوى، ارتقى سماحة الشيخ فوزي السيف في رابع ليالي الشهر الحرام المنبر متحدثا عن "الحب الإلهي والعنف البشري" مبتدءا بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "أحبوا الله تعالى لما يغدوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله تعالى وأحبوا أهل بيتي لحبي".
وبين أن الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخاطب المسلم بأن يبدي الحب لله عز وجل، وقبل الحديث عن حب الإنسان لله لابد من الحديث عن حب الله للإنسان، حيث وصف الله تعالى نفسه بالرحمن الرحيم وجعل هذه الصفة مطلع سور القرآن.
كما أن لهذه الرحمة طرق وتجليات ومظاهر، منها: انعام الله على الإنسان في هذه الدنيا نعم لا تحصى، وهذا مصداق قوله تعالى: "وان تعدوا نعمة الله لاتحصوها". مضيفا إلى أن إرسال الرسل للعباد وهدايتهم هو من حب الله لعباده، ومتمثلا باخبار نبي الله محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام عن نبي الله شعيب الذي كان يبكي من شدة حبه لله حتى ابيضت عينا، فكان جزاءه عند ربه أن سخر له موسى بن عمران لخدمته عشر سنوات.
أما بالنسبة لحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهو من تجليات حب الله، فإن أحببت الله فأحبب نبيه الذي بعثه لك رسولا يهديك للجنة ويبعدك عن النار، ومثل على ذلك بقصة الأنصاري "ثوبان" الذي كان يحب النبي حبا شديدا مما جعله يحرص على رؤية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوميا، وكان سببا لنزول الآية: "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا".
بالإضافة لقصة جابر الأنصاري مع عطية حين قال جابر مخاطبا أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) "فاشهد أنا شاركناكم فيما دخلتم فيه "، وقصة الرجل القادم من خراسان للإمام الباقر(عليه السلام) وقد تشققت رجلاه فقال له الإمام الباقر: "لو ان حجرا أحبنا لحشره الله معنا".منوها إلى أنه يجب على من يحب أهل البيت أن يتجنب نواهيهم.
ثم تطرق سماحته إلى محبة المؤمنين، مستشهدا بعدة اقوال للنبي والأئمة (عليهم السلام)، منها "وهل الدين إلا الحب"، "إذا إلتقى مؤمنان متسالمان، فإن أقربهم لله أكثرهم حبا لصاحبه".
وأشار إلى أننا نعتقد بأن الدين فيه حب بني البشر حتى العاصي، وحتى عدوك إذا أردت توجيهه للخير فأنت محب له يشهد على ذلك عمل الحسين (عليه السلام) يوم العاشر من المحرم فقد كان يبكي على أعداءه ولما سئل في ذلك قال: (لأنهم سيدخلون النار بسببي)، وعلى العكس فالبعض يسلكون مسلك العنف والشدة فيحولون الأرض إلى جحيم وشقاء.
كما شدد سماحته إلى أن الإرهاب فكرة قبل أن تكون فعلا، وفكرةً تورث فعلا. متطرقا إلى النتائج المترتبة على العنف وانعدام المحبة بين البشر من هذه الأفكار، ومنها المشاهدات اليومية لحالات العنف المتولدة من الأفكار (الدينية) الشاذة وينتج عنها مانراه ونشاهده من تفجيرات وقتل واشتباكات ضحاياها من الاطفال والابرياء.
ومنها العنف الأسري الناتج عن تبني للعنف في التعامل مع افراد الاسرة وهذا بدوره ينتج عنفا متبادلا بين اعضاءها يصل الى حالات من ابسطها الطلاق والعنف بين الآزواج لتتعداها الى ممارسة العنف على الأطفال والخدم وانتاج افرادا متلبسين بالعنف والكراهية.
ان اسوأ ما يمكن تحصيله من العنف هو اعادة انتاجه في اجيال المستقبل ولا يمكن ايقاف ذلك الا بالحب وشياع المحبة بين الناس.