تعامل النظام السياسي مع التشيع
أولا لا بد أن نشير إلى أن هذا النظام العربي مجهول الهوية ، فلا يمكن تحديده بأنه ملكي أو جمهوري أو ديني أو علماني .
* فهو في نفس الوقت علماني لكنه طائفي ! كيف يكون ، إذ العلمانية تعني أن لا مدخلية للدين أو المذهب في مستوى الشخص واختياراته .. بينما هذا النظام العلماني نفسه في القضايا الأخرى عندما يصل إلى الموضوع المذهبي يصبح أشد من المتعصبين الأصليين !
* وهو مسلم بحسب الفرض لكنه فاسد أخلاقيا ، على المستوى الفردي والذنوب الشخصية أو على المستوى العام !
* وهو جمهوري في نفس الوقت الذي يكون فيه توريثيا ! وهذا من ابتكارات النظام العربي فإذا لم يستطع في الصناعة والزراعة أن يصنع غير التخلف فهو هنا مبتكر !
* وهو من يمارس القمع ! وفي نفس الوقت من يشكل هيئات حقوق الانسان ؟
* وهو الذي يتحدث عن الانتخابات وحرية الناس ولكنه لا يتحرك من مكانه إلا ببركة ملك الموت أو دبابات العسكر الداخلي أو الخارجي !
يستطيع الملاحظ أن يلاحظ ثلاثة أنماط من العلاقة بين النظام السياسي العربي مع التشيع الداخلي عنده ، سواء كان التشيع القديم الذي سبقه أو الذي طرأ فيما بعد على اثر التحول العقدي لقسم من الناس .
1/ الإقصاء من الحياة السياسية: يجادل البعض في أنه لا يوجد تمييز طائفي ، وأن الجميع سواسية ، والسؤال هو هل يكفي الإدعاء من هذا الطرف أو ذاك ؟ أو أنه يحتاج إلى محددات ؟ وعلائم ؟ وذلك أن موضوع الأقليات وإقصائها في الدول ليس جديدا ( فهناك أقليات عرقية ، ولغوية ، ودينية ، ومذهبية .. الخ ، فلا بد من محددات في شأنه .. وقد وضعت الدول المتقدمة معايير في ذلك .. فإما أنها تعتمد نظام الكوتا في تمثيل هذه الأقليات وإشراكها في الحياة السياسية مثل أن يحدد كذا مقعدا في البرلمان للأقلية المسيحية في البلد المسلم ، أو كذا وزراة للعنصر النسائي كما حصل في بعض البلاد .
أو أن تمثل بالنسبة الموجودة لها في المجتمع فإذا كانت تشكل 10% مثلت بهذا المقدار في البرلمان والحكومة والقضاء .. وإذا كانت أكثر فأكثر وهكذا.. هذا محدد واضح المعالم .. يمكن النقاش عليه والبناء .
2/ الفضاء الاعلامي المضاد: يظهر هذا في السماح لمخالفي التشيع أن يقولوا ما يشاؤون في حق أتباعه ، بينما لا يسمح للطرف المقابل بذلك ، فهؤلاء أصحاب بدع ، وهم صفويون ، وهم مشركون ، ولا يجوز التزويج منهم ولهم ، و. و ولو قرأت الصحافة العربية وأردت أن تجمع ما فيها من كتابات ومقالات لصعب عليك الأمر ، فقد تكاثرت الضباء على خراش فما يدري خراش ما يصيد ..
فقد كان بعض الناشطين في أزمنة سابقة يطالع الصحف ويجمع فيها ما هو ضد التشيع والشيعة ، ولكنه اليوم لا يحتاج فهي تواجهه في كل وقت يريد .
3/ التضييق عليهم في الحياة الدينية : في إحدى الدول المسلمة التي يشكل فيها الشيعة ما بين 35-40% ومن الناحية القانونية تكون فيها الدولة مكلفة ببناء المساجد للطرفين ، بحسب نسبتهم ومواقعهم ، كانت نسبة ما بني للشيعة من المساجد ( 40 ) مسجدا من أصل 1400 مسجدا بنتها الدولة وهذا يعني أنه بحدود 3% .
بل في بعض الدول لا توجد رخص للمواطنين الشيعة لكي يبنوا هم بأنفسهم !
4 / التعامل الأمني مع الموضوع الشيعي : هناك أجهزة شكلت لمواجهة التشيع ، بل هناك محاكمات حصلت لبعض الشيعة في بعض الدول المسلمة بـ ( تهمة نشر التشيع ) وفصل أساتذة جامعيون من وظائفهم لاتهامه بالترويج للمذهب الشيعي ، وهذا يذكرنا بما لم نصدقه من ( خذوهم بالتهمة واضربوهم على الظنة ) وما نقل من أن أحدهم رأى علي بن أبي طالب في المنام فابتعد عنه ، فقتل له لم ذلك ؟ قال : حتى لا أؤخذ بسببه !
تصور أن إنسانا يسجن لأنه يلطم صدره على الحسين أو يصلي على التربة أو أنه يحضر في المأتم أو يعلق السواد ..
يشتكي الشيعة في البلاد العربية من ما عبر عنه بعض الباحثين من أنه : النفي داخل الوطن .
وقال عنه شاعر معاصر :
قطيع نحن والجزار راعينا ومنفيون نمشي في أراضينا
بالطبع ليس من الضرورة أن يكون كل ما سبق في تفاصيله شيئا مخططا من أعلى المستويات ولكن يكفي أن تلاحظ الطبقات الدنيا والمتوسطة في الدول الجو العام فإذا رأت أنه يساعد على ممارسة التمييز والاقصاء ، قامت به ، حتى لو كان حقيقة من أجل مصالح شخصية وتغلف بغلاف مذهبي !