إعلام النهضة الحسينية وإعلامنا المعاصر
الحركة الحسينية حركة شاملة يقودها إمام معصوم يخطط لعمله بأفضل ما يمكن أن يكون ، ولا ريب أن الموضوع الاعلامي كان من أوليات الاهتمام في هذه الحركة .. نظرا لأن الخصم وهو الأمويون في ذلك الوقت قد اعتمدوا اعتمادا كبيرا على الاعلام المضلل ، إلى الحد الذي ذكر فيه بعضهم أنهم لما وصل خبر أن عبد الرحمن بن ملجم قتل الامام عليا في المحراب ، تساءل بعضهم وهل كان يصلي ؟ وقد كان خالد بن عبد الله القسري الوالي على المدينة أيام هشام بن عبد الملك أمر ابن شهاب الزهري أن يصنف في تاريخ الاسلام والسيرة ، فقال له : إنه يمر بي ذكر علي بن أبي طالب فما اصنع ؟ قال لا تذكره إلا في الجحيم ! ونصح قوم معاوية بأن يكف عن شتم علي بعدما انتصر ودانت له الأمور ؟ فقال : كلا حتى يربو عليه الصغير ويهرم الكبير ولا يذكر ذاكر له فضلا ..( البحار 33/214 عن الجاحظ ) .
إن هذا النظام كان قد استخدم كل ما يمكن استخدامه من تزوير الأحاديث ووضعها على لسان النبي صلى الله عليه وآله ، في ذم قادة المسلمين ، وفي الثناء على بني أمية وأتباعهم ، فقام الامام الحسين عليه السلام بعمل واسع للإعلام بأهدافه والتعريف بقضيته ، مما ينفعنا في هذا الزمان الاستفادة من تلك الخطط في روحها العامة ..
وبطبيعة الحال لم يكن هذا العمل الحسيني مذكورا بتفاصيله كخطة ، وإنما علينا أن نقرأ في صفحات تلك النهضة وتفاصيلها حتى نستكشف هذا البرنامج .
1/ استخدام الخطابة المؤثرة :
2/ استخدام الصورة والموقف :
3/ الاستفادة من الزمان والمكان :
1/ في استخدام الخطابة المؤثرة : تعتبر الخطابة في ذلك الزمان ـ بل حتى في هذه الأزمنة ـ من أهم طرق التواصل بين الأشخاص والتأثير فيهم وإيصال القناعات إليهم ..
الكلام مع كل فئة بما يناسبها : فمع عبد الله بن عباس بطريقة ، ومع ابن عمر بطريقة أخرى ، مع جيش الحر بأسلوب ( تأكيده على أن أهل الكوفة هم الذين كتبوا إليه أن يقدم إليهم .. مع أنه ليس هذا هو كل السبب ) ومع الجيش الذي حضر كربلاء بأسلوب آخر ، وهكذا .. بل حتى مع الجيش الواحد كان يخطب بطريقتين حسب اختلاف الزمان والظروف فإن خطبة الحسين الأولى مع الجيش تختلف عن خطبته الثانية معهم .. ( تبا لكم أيتها الجماعة ..) حيث لم يبق إلا تسجيل الموقف التاريخي بعد انتهى احتمال قناعة بعضهم ..) .
2/ استخدام الصورة والموقف : تغيير الحسين عليه السلام زيه وهيئته إذا أراد أن يخطب أو إذا أراد أن يحمل ..
الاستفادة من خطابة من كانوا مع الأمويين ( في الموقف أو الجيش : خطبة زهير بن القين : عباد الله إن ولد فاطمة أحق بالود والنصر من ابن سمية فإن لم تنصروهم فأعيذكم بالله أن تقتلوهم ..!) ورد شمر عليه : اسكت أسكت الله نأمتك أبرمتنا بكثرة كلامك !
فرد عليه : ما إياك أخاطب إنما أنت بهيمة والله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين .
الحر الرياحي : يا أهل الكوفة لأمكم الهبل والعبر ( الثكل والبكاء ) أدعوتم هذا العبد الصالح حتى إذا أتاكم أسلمتموه وخذلتموه وحلأتموه ونساءه وصبيته عن ماء الفرات الجاري يشربه اليهود والنصاري وتتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه وها هم قد صرعهم العطش .. بئس ما خلفتم محمدا في ذريته لا سقاكم الله يوم الظمأ الأكبر .
ـ استنشادهم : أوليس حمزة سيد الشهداء عم أبي أو ليس جعفر الطيار عمي ..
ـ أخذ الطفل الرضيع ومخاطبة القوم في شأنه وأنه قد جف اللبن في صدر أمه !
ـ بل حتى صبغ الحسين لحيته ووجهه بدمه : هكذا أكون حتى ألقى الله وأنا مخضب بدمي !
3/ الاستفادة من عنصر الزمان : والمكان ، الخطابة بمنى أيام التشريق : قبل موت معاوية بسنة واحد عندما طلب أن يجمع إليه من عرف من أصحاب رسول الله والتابعين ممن عرفوا بالصلاح ، فاجتمع عنده في منى سبعمائة شخص فقال : أما بعد فإن هذا الطاغية قد صنع بنا وبشيعتنا ما قد علمتم .. وإني أريد أن اسألكم عن أشياء فإن صدقت فصدقوني ، وإن كذبت فكذبوني ، ثم ارجعوا إلى أمصاركم فحدثوا من وثقتم به بما قيل ، فما ترك فضيلة ومنقبة في أبيه وأمه وأخيه ، جاءت في القرآن أو قالها رسول الله إلا وتحدث بها ..
وهكذا ما صنع في مكة في يوم الاجتماع للحج ، حيث خطب في الناس قبل خروجه منها .
وهو في يوم التروية يخرج من مكة بينما الناس قاصدون لها .. وهذا عمل اعلامي بامتياز ..
إعلامنا المعاصر :
منّ الله سبحانه على شيعة أهل البيت بظروف جعلتهم يستطيعون إظهار وجودهم وهويتهم من خلال أصوات منابرهم ، وشاشات فضائياتهم ، وتجاوز التابو والممنوع الذي فرض عليهم طيلة قرون ماضية ..
وحتى الآن هناك ما يزيد على أربعين قناة فضائية ( شيعية التوجه بحسب التصنيف المذهبي العام ) تبث في هذا العالم .. وربما إلى حين هذا الخطاب تكون قد زادت ، وبحسب بعض الأخبار فإن المقدار الذي هو تحت الانتظار سيزيد العدد ..
كانت المرحلة الماضية منذ خمس سنوات تقريبا هي مرحلة إثبات الوجود ، وإبراز الصوت المقموع ..
* الصبغة العامة حتى الآن هي تسامحية ، وتجميلية للوجه الشيعي ، وتوحيدية ضمن الصف الواحد .. فلا هجوم فيها على أحد داخل الطائفة ..
* إلا أن التحدي الأكبر في تقديرنا ليس في ما مضى وإنما هو فيما يأتي .. وهو الإدارة الحسنة للإعلام ـ وهنا بعض الاشارات :
1/ التركيز في مقابل الكثرة
2/ التنوع في مقابل الاستنساخ
3/ التخصص في مقابل الانتشار .
المطلوب من الناس :
أ/ الدعم المادي : مع ملاحظة التكاليف العالية التي يتطلبها البث الفضائي .
ب/ الدعم المعنوي : لا يمكن أن يكون عمل بلا نواقص ، ولكن ينبغي أن تضيف حماسا وقوة ..
ج/ الدعم بالرأي :
د / الدعم بالكفاءات : التوجيه إلى التخصصات الاعلامية والفنية المرتبطة بصناعة الإعلام ( كما لدينا من المخرجين التلفزيونيين ؟ والمحاورين القادرين ؟ والمصورين البارعين ؟ )