ممهدات كارثة سنة 61 هـ
الظروف التي هيأت لمجيء يزيد
* ـ قراءة المتأخرين لنتائج العمل ، والصورة الظاهرية تجعل بعضهم ينتهي إلى أن بيعة يزيد كانت شرعية ! أو أن خروج الحسين كان على غير المصلحة ..
قال الحسن البصري ( كما في تاريخ الطبري 4/ 208 ) : أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة : انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء ، حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة ، واستخلافه ابنه بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير وادعاؤه زيادا وقد قال رسول الله : الولد للفراش وللعاهر الحجر . وقتله حجرا ويلا له من حجر .
بعد مرور عشر سنين من إمارة معاوية عزم على بيعة يزيد بولاية العهد حتى عقدها له سنة 56 هـ .. ، فقام لأجل ذلك بالتخلص من كبار المسلمين المنافسين المحتملين :
1/ فسعى في اغتيال الامام الحسن بواسطة جعدة بنت الأشعث . كما عن الشيخ المفيد في الارشاد .
2/ دس إلى سعد بن أبي وقاص سما ( مقاتل الطالبيين ) !! فمات في سنة 55 . وعمره 74 سنة تقريبا ( ابن عساكر ) أو 83 كما عن ( أحمد بن حنبل ) .
3/ قتل عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ( مع أنه كان منحرفا عن علي ومواليا لمعاوية ) بن عبد البر في الاستيعاب : إن معاوية لما أراد البيعة ليزيد خطب أهل الشام وقال لهم : يا أهل الشام ! قد كبرت سني ، وقرب أجلي ، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاما لكم ، وإنما أنا رجل منكم ، فأروني رأيكم ، فأصفقوا واجتمعوا وقالوا : رضينا عبد الرحمن بن خالد ، فشق ذلك على معاوية ، وأسرها في نفسه ، ثم إن عبد الرحمن بن خالد مرض ، فأمر معاوية طبيبا عنده يهوديا وكان عنده مكينا أن يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها ، فأتاه فسقاه فانخرق بطنه فمات .
بعض المؤرخين يقول إنه مات في أيام معاوية عدد كبير من أعيان وكبار المسلمين بالسم !
4/ ضرب معاوية بعض الطامحين من بني أمية في ولاية العهد بعضهم ببعض ، ليصفو الجو ليزيد ، كمثال ذلك : ضرب مروان بن الحكم بسعيد بن العاص .. راجع أحاديث أم المؤمنين للعسكري 1/333.. كان مروان واليا على المدينة من سنة 42 إلى 49 هـ فعزل بسعيد بن العاص إلى سنة 54 ـ ثم عزل سعيد بمروان إلى سنة 57 ، وعزل مروان بالوليد بن عتبة سنة 57 .. وكان قد أمر سعيدا بهدم دور مروان ، فلم يفعل ، فعزله وأمر مروان بهدم دور سعيد بن العاص ، فلما أراد تنفيذ ذلك جاءه هذا بكتاب معاوية له بهدم دور سعيد !
5/ كان من المرشحين للمعارضة زياد ، ولذلك لم يعلن معاوية بيعة يزيد ، على الملأ إلا بعد وفاة زياد سنة 53 .
6/ سعيد بن عثمان كان أيضا يطمع في أن يعهد إليه وكان يأمر عبيده ومواليه أن ينشدوا : والله لا ينالها يزيد حتى ينال هامه الحديد ...إن الأمير بعده سعيد
فجاء إلى معاوية قائلا : علام تبايع ليزيد وتتركني فإنك لتعلم أن أبي خير من أبيه وأمي خير من أمه وأنا خير منه ، وإنك إنما نلت ما أنت فيه بأبي !
فقال له : أما أبوك خير من أبيه فيوم من عثمان خير من معاوية، وأما قولك أمك خير من أمه ففضل قرشية على كلبية بين ، وأما أن أكون نلت ما أنا فيه بأبيك فإنما هو الملك يؤتيه الله من يشاء ! فخرج غاضبا .. فأرسل إليه أن لك خراسان .. فقال :
ذكرت أمير المؤمنين وفضله فقلت جزاه الله خيرا بما فعل ..
مراسلة معاوية مع الحسين عليه السلام :
( رجال الكشي ) كتب مروان لمعاوية أن عمرو بن عثمان بن عفان ذكر أن رجالا من أهل العراق ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين وأنه لا يأمن وثوب الحسين .. فاكتب إلى برأيك فأجابه أن لا يعرض للحسين وأن يترك الحسين ما تركه .. وكتب للحسين انه : انتهت إلى امور .. إنك إن تنكرني أنكرك وإن تكدني أكدك فاتق شقك عصا هذه الأمة ..
فرد عليه الحسين ع .. ذكرت أنه انتهى إليك عني ، فإنما رقاه إليك الملاقون المشاؤون بنميم ، وما أريد لك حربا .. وأيم الله إني لخائف الله في ترك ذلك .." ألست القاتل حجر بن عدي أخا كنده والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ؟ أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله العبد الصالح الذي أبلته العبادة ؟ وأعطيته من عهود الله ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل ثم قتلته جرأة على ربك واستخفافا بذلك العهد ؟
أولست المدعي زيادا بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف .. وقد قال رسول الله : الولد للفراش وللعاهر الحجر ..
أولست صاحب الحضرميين اللذين كتب فيهم ابن سمية أنهم كانوا على دين علي ، فكتبت إليه أن اقتل كل من كان على دين علي .. ودين علي سر الله الذي كان يضرب عليه آباءك ويضربك ..
3/ كيف بدأت قصة ولاية العهد ؟ وكيف تجتمع المصالح الشخصية مع السياسية لتصنع للأمة مستقبلا أسود ؟
يراجع كامل بن الأثير 3/ 503: سنة 56 هـ
ابتداء ذلك من المغيرة بن شعبة ، بعدما أراد معاوية عزله لكبره ( 70 سنة) وضعفه ، واستعمال سعيد بن العاص ، فذهب إلى الشام ، وقال لأصحابه لئن لم أكسبكم ولاية وإمارة لا أفعل ذلك أبدا .. ثم دخل على يزيد ، فقال له : لقد ذهب أعيان أصحاب النبي ، وإنما بقي أبناؤهم . وأنت أفضلهم وأحسنهم رأيا وأعلمهم بالسنة والسياسة ، ولا ادري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة ..
دخل يزيد على ابيه وأخبره بمقالة المغيرة ، واستدعى معاوية المغيرة ، فأعاد عليه الكلام مع إضافة أنك قد رأيت الاختلاف وسفك الدماء بعد عثمان .. فبايع له حتى لا تكون فتنة ! فقال معاوية : ومن لي بهذا ؟
ـ قال أنا أكفيك أهل الكوفة ، وزياد أهل البصرة وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك !
ـ قال معاوية : ارجع إلى عملك وتحدث مع ثقاتك في هذا .
رجع المغيرة إلى الكوفة وتحدث إلى عشرة ، وأعطاهم ثلاثين ألف دينار ( لمجموعهم ) وجعل عليهم ابنه موسى ، وذهبوا إلى الشام وزينوا لمعاوية ذلك ، فقال معاوية لموسى ـ يساره ـ بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم ؟ قال : بثلاثين ألفا ! ، فقال : لقد هان عليهم دينهم !
بقي زياد بن أبيه : حيث أرسل له يستشيره في ذلك ..فدعا زياد عبيد النميري ، وطلب منه المشورة .. حيث أن الأمر خطير ويزيد صاحب رسلة وتهاون مع ما قد أولع به من الصيد .. فالق أمير المؤمنين وأد إليه فعلات يزيد ، وقل له رويدك في الأمر !
فأشار عليه هذا بأمر آخر قائلا : لا تفسد على معاوية رأيه ولا تبغض إليه ابنه ، ولكن أنا ألقى يزيد فأخبره بما كتب لك أبوه ، وأنك تتخوف عليه خلاف الناس لهنات ينقمونها عليها ، وأنك ترى له ترك ما ينقم عليه .
ومات زياد بعد ذلك ( سنة 53 هـ )..
لماذا كانت كثرة الإقالات ؟ أرسل معاوية لمروان أن يبث في الناس بيعة يزيد ( في المدينة ) فأرسل إليه جوابا إن بني أبيك قد أبوا إجابتك إلى بيعة ابنك فانظر رأيك .. فأرسل معاوية له بالعزل ، ثم عين سعيد بن العاص على المدينة ,, وأمره ب
قال معاوية ( في دمشق عام الوفود سنة 55 ) للضحاك الفهري إني متكلم فإذا سكت فكن أنت الذي تدعو إلى بيعة يزيد ! ففعل بعدما خطب في تعظيم أمر الخلافة وشرف الاسلام ! وقام عمرو بن سعيد الأشدق ، فتكلم بنحو ذلك ، ثم ختم الحفلة ( ! ) يزيد بن المقنع العذري : هذا أمير المؤمنين ( وأشار لمعاوية ) فإن هلك فهذا ( وأشار ليزيد ) ومن أبى فهذا وأشار إلى سيفه ! / ابن الأثير في حوادث سنة 56 .
وفي يوم آخر أقام على رؤوسهم حملة الأسياف وخطب في الناس وأعلن بيعة يزيد وبطبيعة الحال لم يتكلم الحسين ولا ابن عمر ولا ابن الزبير : وقال إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم ولا يبت أمر دونهم ، وإنهم قد رضوا وبايعوا ليزيد ! فبايعوا على اسم الله ! فبايع الناس