ابن ابي جمهور الاحسائي
محمد بن علي بن أبي جمهور توفي بعد 901 ،
مقدمة : أهمية سير العلماء في أنها تستدعي الانسان لكي يشحذ همته ونشاطه في الوصول إلى عالي الدرجات ، فإنه إذا رأى سيرة هؤلاء العلماء مع ما كانوا عليه من قلة الوسائل ، لا كهرباء ، ولا أمور مهيأة ، ولا حتى أمور الطباعة والكتابة كانت كما هي اليوم ، ومع ذلك أعطوا ذلك العطاء فإن هذا يستدعي منه أن يكون أكثر نشاطا وعملا ..
• خصوصية الحديث عن بعض علماء المنطقة ، هو إعلان عن الجذور التاريخية لأهل هذه الديار ، فإن التشيع في المنطقة قديم ومتواصل ، منذ زمان رسول الله صلى الله عليه وآله واستمر في عهد الأئمة المعصومين وتواصل على يد العلماء ..
• الأحسائي : حسي وجمعها أحساء ، الموضع السهل الذي يستنقع فيه الماء ولا يلبث أن ينضب ، ويمكن أن يستخرج بعد ذلك من الأرض . أو الرمل المتراكم وأسفله جبل صلد فيجتمع الماء فيه..
• وتسمى هجر ، ومنها رشيد الهجري صاحب أمير المؤمنين .
أما عن الشخصية : أثنى عليه المجلسي ، وروى عنه في البحار ، والمحدث النوري في المستدرك ودافع عنه ، والتستري في مجالس المؤمنين ، والسيد الجزائري الذي وصفه بالمحيط بالمعقول والمنقول وقد شرح كتابه العوالي ( جواهر الغوالي في شرح العوالي).
والمحقق الكاظمي في كتابه المقابيس : قال فيه : العالم العلم الفقيه النبيل المحدث الحكيم المتكلم الجليل ..
السيد المرعشي النجفي كتب مقدمة جيدة في بداية كتاب اللئالي فيه دفاع وتعظيم لشأن ابن أبي جمهور ..ووصفه بأنه : المحدث المتكلم العارف المتأله البحاث النقاد جامع العلوم السمعية والعقلية.
درس في الأحساء على يد والده أولا ثم سافر إلى العراق ودرس على يد العالم الجليل الشيخ حسن الفتال ، ثم استفاد من الشيخ أبي هلال الجزائري وهو من أساتذة المحقق الكركي ، وكان بن أبي جمهور من طبقة الشيخ الكركي ..
اشتهر بكتابه ( عوالي اللئالي ) وبمناظراته العقدية ، وخصوصا مناظرته مع الفاضل الهروي في خراسان ، والتي ينقلها احد تلامذته هناك وهو السيد محسن الرضوي .. ( جانب من تلك المناظرة : الأقطاب الفقهية - ابن أبي جمهور - ص 12 - 13
قال : أراك إمامي المذهب ؟ فقلت : نعم ، أنا إمامي المذهب فما تقول ؟ فقال : إن الإمامي يقول : إن علي بن أبي طالب ( ع ) إمام بعد رسول الله ( ص ) بلا فصل . فقلت : نعم ، وأنا أقول ذلك . فقال : أقم الدليل على دعواك . فقلت : لا أحتاج إلى إقامة الدليل على هذا المدعى . فقال : لم ؟ قلت : لأنك تنكر إمامة علي بن أبي طالب أصلا ، بل أنا وأنت متفقان على أنه إمام بعد رسول الله ( ص ) ، ولكن أنت تدعي الواسطة بينه وبين الرسول ، وأنا أنفي الواسطة ، فأنا وأنت مثبت فإقامة الدليل عليك ، اللهم إلا أن تنكر إمامة علي أصلا وتقول إنه ليس بإمام أصلا ورأسا فتخرق الاجماع ، فيلزمني حينئذ إقامة الدليل عليك . فقال : أعوذ بالله ما أنكر إمامته ولكن أقول إنه الرابع بعد الثلاثة . فقلت : إذا أنت تحتاج إلى إقامة الدليل على دعواك لأني لا أوافقك على إثبات هذه الوسائط .
• لا يزال يذكر في الكتب الفقهية والأصولية في عدد غير قليل من المواضع :
• ـ فإن عددا من الروايات عن الرسول صلى الله عليه وآله والتي لها أهمية في الاستدلال تنقل من كتابه العوالي ، ( الناس مسلطون على أموالهم ) ، و( الناس في سعة ما لم يعلموا ) ، و( الميسور لا يسقط بالمعسور ) و( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ، و( إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ) .. ( ما نقل عن أمير المؤمنين : ما عبدتك خوفا من نارك ..)
• بل له ذكر عادة في الكتب الفقهية ، في مسائل منها في مسألة عدم جواز تقليد الميت ابتداءا حيث نقل الاجماع على العدم ، ونقل ذلك عنه .. وفي بحث قاعدة لا ضرر ، حيث أن كلمة في الاسلام التي تغير من استنباط الفقيه من القاعدة ، وفي التعارض بين الروايات حيث نقل عن زرارة عن الباقر رواية ( خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر .. ثم بما يقول به أعدلهما وأوثقهما وأورعهما ، بما خالف العامة )
• قام باستخراج عدد كبير من الأحاديث من كتب السنة ، مما يتفق مع رأي الشيعة ، مثل : عدم الاكتفاء بفرك المني من الثوب وحاجته إلى الغسل ، وعدم طهارة الجلد بالدباغ ، وحرمة الصوم في شهر رمضان في السفر ، والجمع بين الصلاتين اختيارا من غير عذر .. وغيرها .
• كتب وتأليفات :
• عوالي اللئالي ( فائدة تأليفه ) ، الأقطاب الفقهية ، ( وهو على غرار قواعد الشهيد ) . التحفة الحسينية في أسرار الصلاة القلبية ( شرح الألفية والنفلية للشهيد ) ، معين الفكر في شرح الباب الحادي عشر ، وتحفة القاصدين ( في الدراية والحديث ألفه في الطريق إلى خراسان ) ، رسالة في العمل بأخبار أصحابنا ، المجلي ( في الخلاف المذهبي والعقدي ) ، أسرار الحج ..
• ربما يورد على كتاب عوالي اللئالي أنه مرسل ، وقد أجاب السيد المرعشي عن ذلك مفصلا في مقدمته ومما ذكره أنه له مشيخة ، وسبعة طرق ذكرها إلى تلك الأحاديث .. يضاف إلى ذلك أن المعيار عند ابن أبي جمهور هو الوثوق وحجية الخبر الموثوق به .