العلاقات المحرمة : آثارها وأسبابها
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) (المؤمنون:5ـ7 ) * نظرة إلى اسلوب القرآن في صناعة العفة اللسانية وصولا إلى عفة الفضاء الاجتماعي . من خلال استعماله لألفاظ ليست مباشرة في التعبير عن الموضوع الجنسي .
* تحديد القرآن لحكم الاستمتاع الجنسي هو أن يكون بين الأزواج أو ملك اليمين .
وأما ما خرج عن هذا الاطار فهو ( ما وراء ذلك ) ومن ابتغاه فـ ( هم العادون ) أي المعتدون والمتجاوزون لحدود الله وتشريعاته .
ومما وراء ذلك : الاستمناء ( العادة السرية ) وهو استثارة ( الرجل ) نفسه ، والمرأة نفسها بالمناظر الشهوية ، أو بالعبث بالاعضاء التناسلية إلى أن يحدث الامناء في الرجل أو إنزال الماء في المرأة والارتخاء .. وهو من المحرمات بل وردت في روايات عنيفة الألفاظ .
ومما وراء ذلك هو العلاقات المحرمة بين الشاب والشابة ، والتي لا تكون ضمن إطار الزواج ..فإن فيها أضرارا ونتائج سيئة .
* النظر إلى أن هناك فكرتين ترتبطان بالحديث في هذه المواضيع :
الأولى : تتحدث عن لزوم الستر ، والاغماض ، وهي منبعثة من أن الحديث في مثل هذه المواضيع قد يشيعها ويشجع الغير على ارتكابها ، ويظهر المجتمع بمظهر سيء .
الثانية : تقول بأن على المجتمع أن يكون صادقا مع نفسه ، فيبين مشاكله وأمراضه بنفس المقدار الذي يبين فيه نقاط قوته .. وذلك لعلاجها . لأن التستر على المرض لا يعني شيئا سوى استفحاله وتعاظمه وربما عدم السيطرة عليه .
* وبالنظر إلى الفكرة الثانية نقول : إن مجتمعنا كسائر المجتمعات ، فيه مظاهر صلاح كثيرة ، ونقاط قوة رائعة ، ولكن فيه أيضا مشاكل وأمراض ينبغي أن نتوجه إليها .
فمن تلك ما يرتبط بالمشكلة الجنسية ، ونتناولها من جهة الموقف الشرعي تجاهها ، وإلا فهناك زوايا كثيرة يمكن تناولها منها .. وقد تحدثنا في بعض السنوات عن بعض الانحرافات ( كالشذوذ بين الجنسين ، وكالزنا ) .. ونتناول هنا مشكلة أخرى وهي التحرشات الجنسية بالأطفال والبالغين ، والعلاقات المحرمة بين الشباب . والحديث عنها لا يعني بالضرورة أننا أمام ظاهرة منتشرة ، فأحيانا يتم الحديث عن المرض قبل أن يحصل وباء في المجتمع !
من آثار العلاقات المحرمة :
ـ أنتجت زيادة في نسب الطلاق ، على أثر استمرار أحد الطرفين في علاقة سابقة .. واكتشاف الطرف الآخر لهذه العلاقة ، وعدم انتهائها حتى بعد الزواج عند بعضهم .خصوصا أن هذه العلاقات لم تكن لتنتهي بالزواج .( حرمة الحديث مع امرأة متزوجة حول الطلاق ووعدها بالزواج ، حرمة العلاقات بحيث لو حصل دخول في هذه الحالة فإنها تحرم عليه مؤبدا ) .
ـ انزلاق البعض في محاذير الزنا ، وما يتبعه من الحمل :إما الاجهاض وهو غير جائز ـ إلا في حالات نادرة وعلى رأي بعض العلماء ـ أو إبقاء الجنين وهو فضيحة ، ولا يغير الأمر أن يتزوج الرجل المرأة تلك المرأة التي مارس معها الاثم ، فيما بعد .. فالجنين يبقى ابن زنا ولا يرث من أحدهما شيئا !
من الأسباب :
أولا : قلة الوعي الحياتي والحكمة ( فالبعض يعتبرها بطولة وربما أخبر عن علاقاته مفتخرا ! وهذا يكشف عن سلوك نفسي غير سليم ، أن يثبت الشخص للناس أنه محبوب /وبعض يراها تجربة وتسلية ! )
ثانيا : ضعف التواصل بين الوالدين والأولاد .. ما يسمى بقطيعة الأجيال .
ثالثا : ضعف الالتزام الديني : الدين ليس مجرد لباس يلبس بل نظام يتعامل معه ففي الدين :
ـ منع النظرة الشهوية ـ منع الخلوة ـ منع التبرج ـ منع الحديث الشهوي ـ منع الاثارة والخضوع بالقول ـ منع الابتذال في الملبس ـ المكالمات ـ التحرشات ـ
المطلوب :
* تقوية الوضع الايماني ، وتكريس الارتباط بالمراكز الدينية : ( مسجد ، حسينية ، عالم ..) .
* تيسير أمور الزواج
____________________________
ذكر البلاذري في فتوح البلدان : " أن أهل سمرقند ، قالوا لعاملهم " سليمان بن أبي السرى " إن قتيبة بن مسلم الباهلي غدر بنا وظلمنا ، وأخذ بلادنا ، وقد أظهر الله العدل والانصاف ، فأذن لنا ، فليفد منا وفد إلى أمير المؤمنين يشكو ظلامتنا ، فإن كان لنا حق أعطيناه ، فإن بنا إلى ذلك حاجة ، فأذن لهم ، فوجهوا منهم قوما إلى " عمر بن عبد العزيز " رضي الله عنه ، فلما علم عمر ظلامتهم كتب إلى سليمان يقول له : إن أهل سمرقند ، قد شكوا إلى ظلما أصابهم ، وتحاملا من قتيبة عليهم حتى أخرجهم من أرضهم ، فإذا أتاك كتابي فأجلس لهم القاضي ، فلينظر في أمرهم ، فإن ‹ صفحة 647 › قضي لهم ، فأخرجهم إلى معسكرهم كما كانوا وكنتم ، قبل أن ظهر ( 1 ) عليهم قتيبة . فأجلس لهم سليمان " جميع بن حاضر " القاضي ، فقضى أن يخرج عرب سمرقند إلى معسكرهم وينابذوهم على سواء ، فيكون صلحا جديدا أو ظفرا عنوة . فقال أهل السند ، بل نرضى بما كان ، ولا نجدد حربا ، لان ذوي رأيهم قالوا : قد خالطنا هؤلاء القوم ، وأقمنا معهم ، وأمنونا وأمناهم ، فإن عدنا إلى الحرب ، لا ندري لمن يكون الظفر ، وإن لم يكن لنا ، كنا قد اجتلبنا عداوة في المنازعة ، فتركوا الامر على ما كان ، ورضوا ولم ينازعوا بعد أن عجبوا من عدالة الاسلام والمسلمين وأكبروها
) العهود المحمدية - الشعراني - ص 541