المرجعية الشيعية امان المذهب والامة
استعراض تاريخي لأدوار المرجعية وأهم رجالاتها :
نبدأ من أيام السيد المرتضى الملقب بعلم الهدى ت436 هجرية ( الثلث الأول من القرن الخامس ) . ثم الشيخ الطوسي المعروف بشيخ الطائفة. ت460هجرية ( النصف الثاني من القرن الخامس) . . ثم نلتقي بابن ادريس صاحب السرائر ت 598 ( آخر القرن السادس ) ، ثم المحقق الحلي صاحب الشرائع ت 676 هـ ( أواخر القرن السابع ) ، وبعده العلامة الحلي أوئل القرن الثامن ( ت 726 هـ ) ، ثم الشهيد الاول (محمد بن جمال الدين بن مكي الدمشقي الجزيني"( ت 786هجرية ) أواخر القرن الثامن ، صاحب (اللمعة الدمشقية) الذي يدرس حاليا في الحوزات العلمية . والمحقق الثاني (نور الدين علي بن عبد العالي الكركي )والشهيد الثاني ( زين الدين علي بن احمد بن محمدبن جمال الدين العاملي) في نهاية القرن العاشر وكذلك المقدس الاردبيلي ت993هجرية.
والشيخ البهائي الشيخ محمد بن حسين بن عبد الصمد,ت 1031هجرية ( الثلث الأول من القرن الحادي عشر ) . ثم المجلسيان الاول وهو المولى محمد تقي ، والثاني محمد باقر صاحب "بحار الانوار" في 110 مجلدات . والشيخ جعفر كاشف الغطاء , والعالم الجليل صاحب الكرامات السيد مهدي بحر العلوم ت 1228 هجرية ، والشيخ محمد حسن النجفي صاحب موسوعة(جواهر الكلام ) ت 1266هجرية . والشيخ مرتضى الانصاري ت1281هجرية. والميرزا المجدد محمد حسن الشيرازي ت1312هجرية . ( ثم الميرزا محمد تقي الشيرازي ،
وفي بدايات القرن العشرين نجد المرجعيات العملاقة في الفقه الاصول والجهاد وقيادة أمور الشيعة في اللحظات الحرجة والاوقات العصيبة التي مرت بالعالم الاسلامي آنذاك. ونذكر منهم الاخوند الشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب كتاب (كفايةالاصول) في اصول الفقه،وكتابه اساس البحث الخارج في اصول الفقه الى الان.. و السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي صاحب كتاب " العروة الوثقى" في الفقه ت 1337هجرية. والسيد ابو الحسن الاصفهاني والميرزا النائيني ،والشيخ عبد الكريم الحائري -والسسيد حسين البروجردي ومن بعدهم السيد محسن الطباطبائي الحكيم ثم السيد ابو القاسم الخوئي .
ماذا كان يحصل خلال هذه الفترات ، وما الدور الذي قامت به المرجعية ؟
1/ الموضوع الديني معرفة الشريعة واستنباط الأحكام ( الضمانة التشريعية ) : أهمية هذا الجانب ، كونه يمثل الطريق الواصل بين الله وبين العباد ، وهو خلاصة جهود الأنبياء والمرسلين على نبينا وعليهم افضل الصلاة والسلام ، وأحاديث الأئمة المعصومين ، عندما يتكلم بعضهم عن أحكام الطهارة والنجاسة يتكلمون عنها باستخفاف ماذا يعني هذا ؟ الحكم بنجاسة كذا وطهارته ، يرتبط بصلاتك وحجك .. وهو كما قال بعضهم ( توقيع ) عن الله تعالى . ونسبة الأمر إليه من دون دليل افتراء على الله .
2/ المحافظة على الكيان الاسلامي عموما والشيعي على وجه الخصوص لكيلا يندثر ، وهذا الذي جعل المجتمع الشيعي متماسكا في هذه الجهة ، بنحو لا مثيل له .. وقد ترتب النظام المرجعي خلال ألف سنة من الزمان على أساس ارتباط الناس به ، من خلال الوكلاء والحوزات العلمية ..
3/ قيادة العمل ضد الانحراف بالنحو المناسب لكل مرحلة . * وكانت المرجعية الشيعية عنصر الانقاذ الاجتماعي في مواجهة المشاكل التي ابتليت بها الأمة . حيث واجهت تلك المشاكل بحكمة عالية ، فانظر إلى ما صنعه شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي عندما كانت بغداد مهددة باحتراب داخلي ، سعّره قيام بعض الطائفيين والغوغاء بإيقاد الحالة الطائفية ، وأحرقت مكتبة شيخ الطائفة وكرسي تدريسه ، وكان يمكن أن تحدث الفتنة فكان أن اختار الشيخ الانسحاب إلى النجف الأشرف ، وبينما لم يتفهم بعض من حوله هذا القرار ورأوه انسحابا غير مبرر ، كان ذلك القرار منشأ لخير كثير ومبدأ للحوزة العلمية الدينية الكبرى في النجف .
وعندما كانت بلاد إيران مهددة من قبل البريطانيين بالسيطرة على اقتصادها ، من خلال قرار سلاطينها باعطاء امتياز احتكار التبغ لبريطانيا ، قام الميرزا محمد حسن الشيرازي الكبير بمقاومة ذلك واستطاع إلغاء ذلك بفتوى تصرح بأن استعماله يعتبر محاربة لصاحب العصر والزمان .. ومثله ما فعله الميرزا محمد تقي الشيرازي في مقاومته للبريطانيين في ثورة 1920 في العراق .
وقد شهد عصرنا حركة عظيمة للمرجعية الدينية تمثلت في الثورة الاسلامية التي قادها الإمام الخميني وانتصرت عام 1979 ، وأسقط فيها النفوذ الغربي ، وأحل محل ذلك الحكومة الاسلامية .
واليوم نشهد حركة عظيمة تبين دور المرجعية الشيعية في حياة هذا المجتمع ، ما حدث في النجف الأشرف حيث أقدمت المرجعية الدينية ممثلة في آية الله العظمى السيد السيستاني حفظه الله على إخراج الجميع من المأزق الصعب .
ميزات المرجعية الشيعية:
1/ قوة التأثير في الاتباع : بنحو لا نجده في أي جهة أخرى لا الحكومات تستطيع أن تؤثر على مواطنيها بهذه الطريقة ، ولا الأحزاب ، ولا العائلة والقبيلة . ولبيان ذلك نذكر مفارقة : أن الحكومة تعطي الناس من جهة المال كرواتب ، وتملك قوة التخويف لهم بالسجن والتعذيب ، ومع ذلك إذا انفرد المواطن بينه وبين نفسه لا ينفذ أوامرها التي لا يقتنع بها .
بينما ترى المؤمن المقلد للمرجع يعطي للمرجع خمس ما يزيد عن مؤنته السنوية ، التي بذل جهده في الحصول عليها وهو فرح مسرور !
ألا ترى أن جهة تعطي المال وهي قادرة على العقاب ومع ذلك لا تؤثر ، وجهة أخرى ليس لها قوة عقوبة ، ولا تعطي المال بل تأخذه ومع ذلك يتفاعل معها المؤمن طاعة واستجابة !
2/ التفوق العلمي : بالرغم من أن الظروف التي عاشتها غالبا لم تكن تساعد ـ من حيث الرفاه المادي ، والموقع المناسب ـ . إلا أن المرجعية الشيعية قدمت نماذج يقف لها الآخرون إجلالا وإعظاما . العلامة الحلي لو وزعت مؤلفاته على أيام حياته لكان عليه أن يكتب في كل يوم كتابا كبيرا . صاحب الحدائق كان يدرس الكافي قبل الفقه فوقع الكلام في جملة احتجب بغير حجاب مع بعض تلامذته واستمر إلى الظهر ثم عادوا عصرا واستمر الكلام إلى المغرب .الشيخ كاشف الغطاء كان يقول لو تلفت جميع الكتب قبلي استطيع أن أكتب الفقه برواياته من الطهارة إلى الديات .السيد مهدي بحر العلوم
3/الاستقلالية المالية :وذلك لاعتمادها على الحق الشرعي الذي يعطيه المؤمنون طواعية من خلال شعورهم بالواجب الشرعي في دفع الخمس ، ( ما نقل عن الميرزا الشيرازي مع المندوب البريطاني ) . وبعدهم عن التأثر بالمناصب والدول ، ولذلك لا تستطيع دولة أن تفرض على الناس مرجعيتهم إذا لم يختاروها !
3/ التورع والعفة : بينما تجري الأموال بين يدي المرجع بلا حدود إلا أنك تجدهم في الغالب أقل الناس مالا ، وكم رأينا فيهم أنهم عند وفاتهم لا يملكون حتى المنزل الذي يسكنونه