الإمام علي(ع) المعلم الثاني للأمة
الإمام علي المعلم الثاني للأمة
تتفاوت الأمم في تشريفها لأفرادها ، وبحسب ذلك فإن المجتمع ينشأ على التوجه إلى ما فيه الشرف ، فيقال إن الرومان كانوا يؤكدون على القوة البدنية والمصارعة والشجاعة فكان ذلك ينتهي بالمجتمع إلى مجتمع محارب ومقاتل . بينما يعتمد المجتمع الغربي على قوة المال ، ووجوده فيقدر أصحاب المال ، ويتحولون فيه إلى أهل القوة والسلطة . بينما يظهر أن القيمة الأولى في المجتمع المسلم هي قيمة العلم .
• شرف العلم ينتهي إلى شرف القائمين عليه وشرف المهمة .. فالمعلم والتعليم بالتالي مهمة شريفة ولذلك جاء في الروايات ما جاء في فضل العلم ..
• بالرغم من أن العلوم تتفاوت فيما بينها بحسب موضوعها ، فأشرفها مثلا العلم الالهي ، علم التوحيد حيث أن متعلقه صفات الله سبحانه ، وبذلك يكون أشرف العلوم ، ويتلوه علم العقائد والفقه ، لما يترتب عليه من نجاة أو ندامة للعالم العامل به ، والجاهل الغافل عنه .. إلا أن سائر العلوم الأخرى أيضا لها شرف لما يترتب عليها من تزكية العقل ( فأعون الأشياء على تزكية العقل التعليم كما يقول أمير المؤمنين ) ، وخدمة الناس ، بل والوصول إلى مراضي الله .فقد جاء في الخبر أن الرجل يجيء في يوم القيامة وله من الحسنات كالركام أو كالجبال الرواسي فيقول يارب أنى لي هذا ولم أعملها ؟ قال : هذا علمك الذي علمته للناس يعمل به من بعدك .
• يكفي في بيان منزلة التعليم أن :
• الله معلم : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:31) ماذا يعني علمه الأسماء ، هل هي من دون مسميات وآثار أو معان .. وماذا ينفع ذلك ؟ إنما هو العلم بأسرار الكون ليستثمرها في طريق تكامله
• النبي معلم : وهو دعوة الأنبياء السابقين لكي يأتي معلما ومزكيا ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (البقرة:129)
•ومنة الله على عباده كانت عندما بعث فيهم رسولا معلما . (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (آل عمران:164)
•علمني رسول الله ألف باب من العلم ينفتح لي من كل باب ألف باب
• الموارد المالية لأهل البيت عليهم السلام
• من المهم أن تكون العطاءات المالية من قبل أهل البيت للفقراء وذوي الحاجة من أموالهم أوأكثرها كذلك حتى يوصفوا بالجود والسخاء ، وإلا فلو كان المال من الخمس أو الزكوات أو بالمعجزة فكيف يوصف الأئمة بالجود والكرم والسخاء ؟
• إن الموارد المالية لأهل البيت تتوزع على النحو التالي :
1/ وقوفات وصدقات الإمام علي وفاطمة الزهراء عليهما السلام ، فإن الإمام كان قد انشغل طيلة فترة قعوده عن الخلافة ( 25 سنة ) باستنباط الآبار ومعنى استنباط البئر إحياء الأرض المحيطة به كبساتين وزراعة ، وقام الامام علي بوقف هذه البساتين والمزارع صدقة لله ، مستثنيا في بعضها ما لم يحتج إليها الحسن والحسين ، وفي بعضها الآخر هي وقف على أبنائهما ، فكان للامام عليه السلام مال بينبع ، وبوادي القرى ( بين الشام والمدينة ) وأذينة ، والبغيبغة .. وغيرها . وقد ورد ذكر صدقات علي في أيام العباسيين أي بعد قرابة قرن من الزمان من تاريخ وقفها .
• وكذلك موقوفات فاطمة الزهراء عليها السلام فقد كان لها ( الفرع ) وهي قرية بين مكة والمدينة ، ولها الحوائط السبعة ( العوف ، الدلال ، البرقة ، الصافية ..الخ ) . وهذه كانت تلبي حاجة الأئمة من أبنائها وأحفادها إما لأن بعضها وقف عليهم ، وإما لأن ولايتها بيدهم فيأكلون منها ويصرفون في حوائجهم منها .
2/ كما أن عمل بعضهم ـ بحسب مقتضى الحال ـ في زراعة الأرض كان يصنع لهم موارد مالية في وقت كانت الزراعة فيه هي العنصر الأول في اقتصاديات المجتمع المسلم ، فهذا الباقر محمد بن علي يخرج ليعمل في أرضه بينما أراد بعض أدعياء الزهد ( وعظه ) ونصيحته بأن يترك الدنيا ! ، والإمام الصادق عليه السلام يراه بعض أصحابه وعليه شبه الكرابيس وهو يعمل في مزرعة له ، فيسأله فيقول : إنه يحب أن يتأذى الرجل في طلب المعيشة .والكاظم وقد استنقعت قدماه في الطين ، فيسأله أين الرجال ؟ فيقول عمل باليد من هو خير مني : رسول الله (صلى الله عليه وآله)
3/ والتجارة كانت مصدرا إضافيا للمال بالنسبة للأئمة عليهم السلام ، فهذا الصادق يعطي عذافر مولاه ألف وسبعمائة دينار فيربح فيها مائة دينار ، فيفرح بها الامام فرحا شديدا ، مع أنه إنما يفعل ذلك لأنه يحب أن يراه الله متعرضا لفوائده .. وعندما يرى بعض مواليه قد عمل في أمواله بالحلف عليها حتى ربح ربحا فاحشا رفض منه ذلك الفعل
4/ والهدايا كانت مصدرا أيضا من مصادر المال
• نعم كان الأئمة عليهم السلام ينفقون من أموال الخمس والزكوات في مصارفها المقررة لها ، ولكن هذه غير ما كانوا ينفقونه بسخاء على ذوي الحاجات مثلما نقرأ في حياة الحسن أنه خرج عن ماله لله أو أنه قاسم الله ماله ..