حاجة الأمة للإمام علي(ع)
1. حاجة الأمة للارتباط بتاريخها : علي تاريخ هذه الأمة.. هل تستطيع أن تتحدث عن دعوة رسول الله في مكة من دون أن تذكر ذلك الفتى الشجاع المرافق له ، والذي لن يستطيع القرشيون بوجوده أن يحرشوا أولادهم لإيذاء النبي .. أو الذي أوصى إليه ، هل تستطيع ذلك دون يوم الدار ، وإبقائه على أماناته وودائع المكيين أو تستطيع الحديث عن بدر أو أحد أو الخندق أو غيرها من غزوات النبي دون الحديث عنه ؟
• لكن الإمام ليس قضية تاريخية تناقش كبقية القضايا التاريخية ، حدودها زمانها ومكانها وأشخاصها ؟ بل أنه كالأنبياء في هذه الجهة لا يحدهم الزمان ، ولا يحيط بتوجيهاتهم المكان ؟
2. الحاجة إلى فهم ما هو الاسلام ؟ إذا جاء الخوارج وقالوا نحن الاسلام ، وجاء الناكثون وقالوا نحن الاسلام ، وجاء القاسطون وقالوا نحن الاسلام .. فأين يكون الاسلام ؟
3. الحاجة إلى النموذج والمثال : ـ نموذج الحاكم في أمانته على أموال الناس : لأن أبيت على حسك السعدان .. / لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها ../ يا أهل الكوفة دخلت بلادكم بأسمالي هذه وراحلتي هذه فإن خرجت منها بغير ما دخلت فإني من الخائنين ./ فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا ولا ادخرت من غنائمها وفرا ولا حزت من أرضها شبرا .
• إشاعته العدالة .. معاملته لأخيه عقيل ، كان مديونا بمئة ألف ، وكان يلح عليه فيها .. والحسن عندما نزل عليه ضيف واستقر ض من قنبر رطلا من العسل ، فلما قسمها الإمام وجد أحدها ناقصا فسأل قنبر عنه ، فأخبره فنادى الحسن مغضبا .. فقال : أليس لنا فيه حق فإن أخذناه رددناه إليه .. فقال: وإن كان لك فيه حق فليس لك أن تنتفع بحقك قبل أن ينتفع المسلمون بحقوقهم .. ثم دفع لقنبر درهما وأوصاه أن يشتري أجود عسل يقدر عليه .
• نموذج العابد المتبتل : بالرغم مما هو معروف من منزلة الإمام وأنه قسيم الجنة ، والمقرب من رسول الله 1 إلا أن ذلك لم يكن ليغره بل كان في القمة من العبادة : كما نقل الفتال النيسابوري في روضة الواعظين -- ص 111 - 112:
• عن أبي الدرداء : شهدت علي بن أبي طالب " عليه السلام " بسويحات بنى النجار ، وقد اعتزل عن مواليه ، واختفى ممن يليه واستتر بمغيلات النخل فافتقدته ، وبعد على مكانه فقلت لحق بمنزله . فإذا انا بصوت حزين ونغمة سحر شجى ، وهو يقول : إلهي كم من موبقة حملتها عنى ؟ فقابلتها ‹ صفحة 112 › بنعمتك ، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك إلهي ان طال في عصيانك عمري عظم في الصحف ذنبي ، فما انا مؤمل غير غفرانك ، ولا انا براج غير رضوانك فشغلني الصوت ، واقتفيت الأثر فإذا هو علي بن أبي طالب " عليه السلام " بعينه فاستترت له لا سمع كلامه ، وأخملت الحركة فرفع ركعات في جوف الليل الغابر ، ثم فزع إلى الدعاء والتضرع والبكاء ، والبث والشكوى فكان مما ناجى به الله ان قال إلهي أفكر في عفوك فتهون على خطيئتي ، ثم اذكر العظيم من اخذك فتعظم علي بليتي ، ثم قال : آه ان انا قرأت في الصحف سيئة انا ناسيها وأنت محصيها فتقول : خذوه فياله مأخوذ لا ينجيه عشيرته ، ولا تنفعه قبيلته يرحمه الملا إذا اذن فيه بالنداء . ثم قال : آه من نار تنضج الأكباد والكلى آه من نار نزاعة للشوى . آه من غمرة من ملتهبات اللظى . قال : ثم أنعم في البكاء فلم اسمع له حسا ولا حركة . فقلت غلب عليه النوم لطول السهر أوقظه لصلاة الفجر . قال أبو الدرداء : فأتيته فإذ هو كالخشبة الملقاة فحركته فلم يتحرك وزويته فلم ينزو فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون مات والله علي بن أبي طالب فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم . فقالت فاطمة عليها السلام : يا أبا الدرداء ما كان من شأنه وقصته فأخبرتها الخبر . فقالت : هي والله يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق ونظر إلي وأنا أبكى . فقال : مم بكاؤك يا أبا الدرداء ؟ فقلت مما أراه تنزله بنفسك فقال يا أبا الدرداء : فكيف ولو رأيتني ودعى بي إلى الحساب ، وأيقن أهل الجرايم بالعذاب ، واحتوشتني ملائكة غلاظ وزبانية فظاظ فوقفت بين يدي الملك الجبار قد أسلمتني الأحباء ، ورحمني أهل الدنيا لكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية . فقال أبو الدرداء : فوالله ما رأيت ذلك لاحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله .