الإصلاح الثقافي خطوة البداية

محرر الموقع
قال الله العظيم في كتابه الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيراً كثيراً وما يذكر الا أولو الالباب ) آمنا بالله صدق الله العلي العظيم نعم الله في الكون على قسمين: القسم الاول: متاح لكل الناس من دون حاجة إلى مواصفات خاصة ولا إلى جهد استثنائي فنعمة الهواء مثلاً لا تحتاج إلى مواصفات خاصة في الانسان ولا إلى جهد استثنائي يصرفه بل يكفي ان تكون أجهزة التنفس عنده صالحة حتى يستطيع أن يستفيد من هذا الهواء الذي جُعل لجميع الناس وهكذا الحال بالنسبة إلى الماء و نور الشمس وضوئها وكثير من النعم الالهية بل أكثر النعم الالهية المادية هي من هذا النوع أي من النوع التي لا يختص بها بشر دون بشر ولا فئة دون أخرى ولا تحتاج إلى جهد استثنائي غير عادي للحصول عليها. وهناك قسم أخر من النعم الالهية ـ وهي غالبا الامور المعنوية والمعرفية والعلمية ـ هذه لا تتوفر لكل الناس وإنما تحتاج إلى بذل جهد وأن يقوم بقصدها ويخطط لها ويشاء ذلك حتى يحصل عليها مثل الحكمة: الحكمة والتي سوف نأتي فيما بعد على تفسيرها كما هو عن الامام أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قيل ماهي الحكمة التي يؤتيها الله من يشاء وإن من يؤتيها فقد أوتي خيراً كثيراً ، فقال :(هي المعرفة"1") أي الثقافة ، والبصيرة ، والفهم عبر عنها كما تشاء. هذه لاتتوفر لكل الناس كما يتوفر الهواء والماء ونور الشمس.وانما تحتاج إلى مقدار من الجهد ومقدار من القصد ولذلك فإن الذي يؤتيها ليس كل انسان وانما من يشاء. ومن يوت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ليس كل شيء يعطاه الانسان هو خير بالضرورة ، فأحيانا يعطى الانسان شيئا فتكون عاقبته مرة لكن بعض الاشياء يصر عنها القرآن الكريم بأنها خير ومنها الحكمة. قال تعالى ( من يوت الحكمة فقد أوتي خيرا ) وليس أي خير لان المال عبر عنه بأنه خير قال تعالى ( ان ترك خيرا الوصية ) عبر عن المال أيضا بأنه خير ولكن الخير الكثير ليس المال وإنما الحكمة والكثير كثرة الهية لأن الكثير عندي لايكون كثير عندك أنا انسان من صغار التجار مئة ألف عندي شيء كثير بينما أنت رجل من كبار التجار مئة مليون عندك شيء قليل فيختلف الكثير بحسب السعة بين الناس فإذا عبر الله سبحانه وتعالى عن شيء بأنه كثير مع أن الله لو جُمع ما في الدنيا وما في الاخرة لما كان يعدل جناح بعوضة فإذا الله الذي عنده المعادلة هكذا يقول ( ان من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ) يتبين أن هذه الحكمة أي كنز هي بالنسبة للأنسان قال تعالى ( وما يذكر إلا أولوا الالباب ) إذن الحكمة: هي المعرفة قد يطلق أيضا على الثقافة بأنها الحكمة وبأنها المعرفة ونحن حديثنا يتناول جانب الاصلاح الثقافي في الامة كمقدمة لنهوضها. الثقافة لها أكثر من تعريف، أولا : الكلمة لها أصل في اللغة العربية لكن قد يبعد وقد يقرب، ذكروا اكثر من معنى لكلمة ( ثَقَفَ ). بعضهم ذكر أن التثقيف وهذا المصدر هو عبارة عن قيام صانع السهام بتحديدها وتعديلها وإزالة الشوائب منها . فعندما يريد أن يصنع السهم سواء كان من الحديد أو كان من بعض الأغصان القوية ( نبع ) فيأتي بهذا الغصن الطري ويبدأ بتعديله فيزيل الزيادات والنتوءات ثم يحدده من مقدمته هذه العملية كلها تسمى بتثقيقف السهام. ثقف السهام جهزه وعدله حتى يصبح منطلقا بقوة ويصيب الهدف. هذا أحد المعنيين. معنى أخر ذكروه في كتب اللغة فقالوا الثقافة عبارة عن الحذاقة فإذا صار المرء حاذفا و خبيرا يقولون ( ثُقُف الرجل ) يعني أصبح حاذفا هذا في التعريف اللغوي. وأما في المصطلح المعاصر ، فهم يقولون أن الثقافة هي كل ما أنتجه البشر من فكر ديني وسياسي ومداولات اقتصادية ومنتوج أدبي كل هذه يسمونها ثقافة. ولكل مجتمع ثقافته الخاصة ، فلا يوجد مجتمع من دونها ، لكن هذه الثقافة تارة تكون صحيحة ورائدة ، وأخرى تكون ثقافة خاطئة متراجعة متخاذلة . واذا اردنا في امتنا الاسلامية أن ننهض فأول خطوة ينبغي أن تسلك هي الاصلاح والتغيير الثقافي. ولهذا ينبغي أن ننظر إلى ما هو موجود مما يصنف ضمن الثقافة الاسلامية ، فنقوم بنخله وتصفيته ، وحذف الأوهام منها ، والخرافات ، كما أيضا ينبغي إصلاح الأفكار الخاطئة التي تدعو إلى التواكل والكسل . وهذا ضروري في النهضة لأن حركة الناس وسعيهم رهين ثقافتهم وأفكارهم ،فلو نظرنا إلى ما هو الفرق بين المجتمع الغربي الأوربي المتقدم وبين المجتمع الشرقي المسلم المتأخر بحيث صار أولئك متقدمين ونحن متخلفين ؟ هل السبب في العنصر حيث أكثرهم من الأريين العنصر الأري وهذا الشرق المسلم من العنصر السامي هل تختلف ثقافتهم وفكرهم؟ أو أن السبب راجع إلى اللون ؟ أو المناخ والجغرافيا ؟ كلا إنما المختلف هو سعيهم وعملهم وحركتهم بناء على اختلاف ثقافتهم عن ثقافتنا وفكرهم عن فكرنا .وعندما نقول نختلف ثقافيا لا يعني ذلك أن كل ما عندهم خاطئ او كل ماعندنا صحيح؟ ولا العكس . ومن الحكمة أن ننظر إلى ما لدى الآخرين من علم ومعرفة وحكمة فنستفيد منها . إنكم ترون الآن فكرة باطلة في مجتمعاتنا الاسلامية وهي أنه مادام الشيء الكذائي قد قاله الغربيون فلا نريده . الاصلاح السياسي لا نريده لانه دعوة قادمة من الخارج !! هذا خلاف للمبدأ الديني القائل أن الحكمة ضالة المؤمن انى وجدها أخذها سواء كانت من الخارج او من الداخل اذن اول خطوة هي خطوة معرفية وثقافية : لابد من إصلاح الثقافات والمعارف حتى يتغير السلوك ويتغير السعي والحركة. عمار ابن ياسر هذا الصحابي الجليل بين كونه في السابق عبداً من العبيد يُباع ويُشترى بمقدار قليل من الدراهم سعيه غير معروف حاضره غير معروف مستقبله غير معروف لكن عندما ينتقل هذه النقلة يصبح كما ذكره رسول الله صلى الله عليه واله : جلدة مابين عينيه ( عيني الرسول"2") وأنفه )،مالذي تغير هل زاد يداً او نقص رجلا ؟ هل صب عليه محلول كيميائي على بدنه؟كلا إنما تغير فكره وحكمته .كان بثقافة غير هادفة فأصبح يحمل ثقافة هادفة كان كل دائرته في ان يرعى غنم سيده وان يرجع لكي يشبع بطنه فأصبح انسانا يحمل مسؤلية نشر الدين والعقيدة ويضحي من أجلها، ويفكر في هداية البشر . هذا الأصل الثقافي الذي تغير وتبدل فيه رفع منزلته غيرّ حياته وبدّل سعيه وحركته . الشئ الوحيد الذي تغير أنه جاء وقرأ القرآن فرأى فيه( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون:115) صار يحمل هدفاً في حياته وتغير سعيه أصبح يختلف عن ذلك الإنسان الذي يعتقد ( مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ)(الجاثـية: من الآية24) الإنسان الذي يعتقد (وقفوهم انهم مسؤلون) يختلف سعيه يختلف عن ذاك ، حركة هذا تختلف عن ذاك واخلاق هذا تختلف عن ذاك .. الفارق هو الأصل الثقافي والمعرفي الذي يعتمد عليه هذا الإنسان عن ذاك الإنسان ولهذا كانت المعرفة هي الحكمة ، ومن اوتي الحكمة والمعرفة والثقافة فقد اوتي خيراً كثير . بل لذلك كانت المعرفة كانت الثقافة اولى وأفضل حتى من العبادة كيف ذلك؟ المسلمون يعتقدون ان العقائد هي الأصول والعبادات هي الفروع والأصول مقدمة على الفروع .الأصول ليس مطلوبا فيها حركة يد او رجل بل حركة عقل ان يعتقد الإنسان بالله ان يعرف ربه ان يعرف مبدأه أن يعرف منتهاه ان يعرف مايُراد منه ان يعرف ما يقربه من الله وما يبعده عنه ان يعرف عما سيُسأل ان يعرف المصير الذي سينتهي اليه هذه كلها عقائد كلها معارف"3" وهي تتقدم على العبادات .في العبادة تحتاج الى حركة في الصلاة من ركوع وسجود وقيام ،وإلى معاناة بدن في الصيام،وحركة جوارح في الحج،لكن المعارف والثقافة لا تحتاج هذه الأمور انما تحتاج تحريك عقل وفكر . في الحديث عن الامام الصادق جعفر ابن محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى ابائه (رجل سال الامام: يا اباعبدالله أخبرني عن أحب الأعمال وأفضلها عند الله؟ وهنا يتبادر الى الذهن ان احب الأعمال الصلاة لأنها لو قُبلت قُبل ما سواها ،وربما يقول أحدهم ان احب الاعمال الجهاد بإعتباره بابا من ابواب الجنة . بينما جواب الإمام (ما أعلم شئ بعد المعرفة أحب من الصلاة"4") يعني اولا المعرفة احب الى الله ثم بعد ذلك تأتي الصلاة. وفي حديث آخر : .عن - رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أفضلكم إيمانا أفضلكم معرفة وعن بعض المعصومين ( عليهم السلام ) : بعضكم أكثر صلاة من بعض ، وبعضكم أكثر حجا من بعض ، وبعضكم أكثر صدقة من بعض ، وبعضكم أكثر صياما من بعض ، وأفضلكم أفضل معرفة"5". لذلك وجدنا القرآن الكريم ـ وعندما تقرأ حاول ان تتدبر ـ تابع كلمة (قالوا) فهذه الكلمة عادة ينقل فيها القرآن الكثير من الأصول الثقافية الخاطئة للكفار . القرآن عادة لا يناقش تفاصيل أخطائهم وكيف كانوا يشربون الخمر أو يزنون ، بل الغالب أنه يتعرض الى الأصول الثقافية الباطلة التي تدعو الى عمل باطل فيناقش تلك الأصول الثقافية.مثلاً هذه الرؤية العنصرية الموجودة عند بعض اليهود والنصارى والتي تبرر لهم الأعمال الباطلة يعالجها وينتقدها ( وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:111) هذه تعبر عن أصل عنصري وشوفيني باطل . وتسبب عددا من الممارسات اللا أخلاقية بالنسبة لبعضهم ممن يعتقد بتلك الأفكار منهم ( وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِما ..)ً (آل عمران:75) لماذا يقوم بهذا العمل مع أنه خيانة واضحة :( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) يقولون هؤلاء المسلمون ليس لهم حق عندنا لا يتساوون معنا نحن لنا حق عليهم وهم ليس لهم حق علينا لماذا ليس لهم حق عليكم؟ لأنهم أهل النار ونحن أهل الجنة حسب ما يزعمون . نلاحظ ان القرآن الكريم يعالج هذا الاصل الثقافي الباطل وينتقده لأنه ينتج أعمال باطلة . مثال آخر (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ) هؤلاء في حياتهم كانوا مخذولين و مهزومين تصادر حقوقهم وهم بذلك راضون وعندما يُسألون فيمَ كنتم ؟لماذا حدث عليكم هذا الظلم وهذا الاضطهاد؟لماذا حقوقكم مصادرة ؟ لديهم تبرير معتمد على أصل ثقافي باطل (قالوا كنا مستضعفين في الأرض ) يعني جُعل علينا الإستضعاف الله جعلنا هكذا !! هل يقُبل هذا الكلام ؟هل يقُبل الأصل الخاطئ ؟نقول لهم لا ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:97) فأنت تلاحظ مثلاً هذه الأصول الثقافية الخاطئة تنتج سلوكاً خاطئاً لهذا تغيير الأمة يبدأ من الاصلاح الثقافي يبدأ من التغيير في المعارف يبدأ من تبديل ما هو خطأ في ثقافتنا و أفكارنا حتى تنطلق الامة. انقل لك قضية واقعية حصلت في هذا الاسبوع اتصل احدهم يسأل :شيخنا القناعة هل هي مطلوبة او غير مطلوبة؟ اجبته مطلوبة وهي إحدى الصفات الاخلاقية . قال :اذا كان كذلك فلماذا تتحدثون عن أن الإنسان ينبغي أن يصعد ويرتقي سواء في اموره الاخروية او الدنيوية ؟ هذا خلاف القناعة في نفس الاسبوع اتى الى المسجد شاب لم يتزوج فقال انه عازم على الزواج فباركنا له وابدينا المساعدة فسالناه هل تدرس ام تعمل؟فأجاب أنه يعمل .. فسألنه اين ؟فقال في المكان الفلاني سالته ولو أن السؤال محرج كم راتبك؟ اجاب :1500ريال منذ متى تعمل ؟ اجاب:منذ سنتين فقلت له انت شاب عمرك 25سنة كيف تقتنع ان يكون مستواك هكذا ! كيف تريد تأسيس اسرة بهذا الراتب ! هل عندك مصادر مالية أخرى ؟ اجاب :لا. سألته كيف تقبل لنفسك هذا المستوى من المعيشة وانت في اول شبابك.لماذا لا تسعى في عمل آخر أو عمل إضافي ؟ اجابني :شيخنا هذا من القناعة ،القناعة كنز لا يفنى قلت له:الحمد لله ..عندك كنز ونحن لا نعرف عنه. ووضحت له خطأ هذه الفكرة .. القناعة ليس هذا محلها. قال: كيف قلت له: عندنا شيئان ،عندنا علو الهمة وهذا أصل من الأصول الأخلاقية التي وردت كثير من الروايات"6" بشأنها وقد ذكر القرآن في أدعية المؤمنين (واجعلنا للمتقين اماما) ليس من المتقين بل إمام المتقين عندما وهكذا الدعاء يعلمه علو الهمة ( واجعلني من أحسن عبيدك نصيباً عندك). يقابل علو الهمة صغر النفس ودنو الهمة يكون الإنسان ما عنده همة ولا عنده نفس عالية ،دنو الهمة وصغر النفس مذموم علو الهمة ما يقابله القناعة . الذي يقابل القناعة الطمع . الطمع معناه( مد عين الانسان الى ما لدى الغير)عنده مال لكنه لا يكتفي بما عنده حتى لو كان مليار ريال فاذا راى جاره عنده بقالة يمد عينه عليها حتى يسلبها اياه هذا هو الطمع. يقول له :في هذا المورد كن قنوعا بما لديك سواء عندك ريال او مليار ( لا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا). لا تمد عينك الى ما عند غيرك. عندك زوجة ويتاح لك الزواج باخرى لا تمد عينك على زوجة جارك هذا طمع أقنع بما لديك ! عندك مال اقنع بما لديك من المال لا تسرق مال غيرك. القناعة ضدها الطمع بهذا المعنى وليس القناعة ضدها الطموح بمعنى علو الهمة ،علو الهمة في مقابله صغر النفس ،ان يكون الإنسان صغير الهمة ،ان يكون فاتر الهمة صغير النفس ، لقد وصف امير المؤمنين بأنه كان بعيد المدى .. هذا المعنى يختلف القناعة مقابلها الطمع بذلك المعنى. علو الهمة وكبر النفس في مقابلها صغر النفس ودنو الهمة .لاحظ عندما يختلف هذا المفهوم وهذا الاصل الثقافي في ذهن الانسان فيعتقد ان القناعة ان يكون صغير الهمة ودانيها ذلك الوقت حياته تتأثر هذا التاثير ،لذلك كان تصحيح الافكار تغير الثقافات من المهمات الاساسية بل الاولى لتغير أوضاع الامة. الظالمون الطغاة يحاولون أن يركزوا مفاهيم خاطئة كالتواكل و التخاذل . ويكرسوا العجز من خلال قنوات اعلامية متعددة حتى يفقد الانسان قدرته على التحرك على التغير ويشوهوا الثورات التحريرية حتى يصنعوا ثقافة باطلة تنعدم على أثرها الحركة في المجتمع لهذا وجدنا ادوار المعصومين عليهم السلام كانت تصحيح الافكار وتغيير الثقافة بالنحو الصحيح. منطق الأمويين مثلاً( بل الله قتل علياً ) الله ـ والعياذ بالله ـ يعمل المشاكل والجرائم ،بينما الفكر الصحيح يقول : انت الذي تصنع عملك ان كان صحيحاً وان كان باطلاً .. يشوه الثائر المصلح ويشوه ثورته فتأتي الزيارات( اشهد انك طهر طاهر مطهر من طهر طاهر مطهر طهرت وطهرت بك البلاد ) حركتك التغيرية طهرت البلاد من أرجاس الشرك والثقافة الباطلة الباطلة ( وطهرت ارض انت بها أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة ام تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها) -الهوامش: "1": ميزان الحكمة 1/672 "2":السيرة النبوية لابن هشام 2/ 345 "3": في ا لكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 50 - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد عن المنقري عن سفيان بن عيينة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وجدت علم الناس كله في أربع أولها أن تعرف ربك والثاني أن تعرف ما صنع بك والثالث أن تعرف ما أراد منك و الرابع أن تعرف ما يخرجك من دينك "4"الكافي - الشيخ الكليني - ج 3 - ص 264 - حدثني محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله عز وجل ما هو ؟ فقال : ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ، ألا ترى أن العبد الصالح عيسى ابن مريم ( عليه السلام ) قال : " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " "5": ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 3 - ص 1870 "6": منها ما عن أمير المؤمنين : قدر الرجل على قدر همته . وعنه : كن بعيد الهمة إذا طلبت / ولا شرف كبعد الهمة