كيف حول الحسين نقاط الضعف الانساني إلى سلاح

محرر الموقع
من نقاط الضعف لدى الانسان : الألم . والأطفال ، والنساء . ( إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ) . ـ الألم هو الحالة الطبيعية التي تعرض لكل من يتعرض للأذى ، سواء الأذى البدني أو النفسي ، ولكن الكلام هو فيما يتبعه بعد ذلك .. وما يترتب عليه ( هون علي ما نزل بي أنه بعين الله ) . ( نصبر على قضائه فيوفينا أجور الصابرين ) . استفادة أهل البغي من خوف الانسان من الألم ، لردعه عن الحق ، ( التعذيب هو استغلال هذا العنصر بالنسبة للشخص المعذب ، وبالنسبة لمن بعده حتى يخاف فيتنازل عن الحق ) .. القرآن يحل القضية بهذا النحو وهكذا الامام الحسين : بعين الله .. ـ الأطفال : يضحي الانسان بحياته أحيانا من أجل المحافظة على أطفاله وأولاده ، وربما يكون هذا عامل ضعف عند قسم من الناس ، فيهدد من خلال الأطفال ، ليتنازل عن الحق والهدى . ـ النساء كانت من نقاط الضعف التي يتم من خلالها الضغط على صاحب القضية ، أو طالب الحق في أنهن سوف يتعرضن للهتك ، والتكشف . وهذه النقطة هي التي كانت تدفع بعض القبائل العربية قبل الاسلام إلى أن يئدوا بناتهن خوفا من سبيهن ووقوعهن في أسر العدو ، وبالتالي مهانتهن ، وانتهاكهن . وفي الشعور الاسلامي حيث يحرص على صيانة النساء وحمايتهن اتخذ هذا الأمر بعدا دينيا إضافة إلى حالته الطبعية ، فيفترض أن يشكل ضغطا إضافيا على أصحاب الحق في أن لا يسلموا نسائهن لسيطرة العدو .ولقد استخدمت بعض الحكومات في العصر الاسلامي كالأمويين ، سجن النساء كضغط على أزواجهن للتسليم والتراجع . ماذا صنع الحسين (عليه السلام) ؟ لقد حول الحسين تلك النقاط التي يفترض أنها تصنع الضعف في حياة الانسان إلى نقاط قوة في ثورته ، بل حولها إلى أسلحة إضافية : بالنسبة للألم : لقد أضاف الحسين الآلام إلى ثورته سلاحا وقوة ، عندما أظهر تفاصيل الألم الذي حصل له وحل عليه وعلى أهل بيته وأصحابه ونسائه ، ولم يُخف ذلك ، ولم يخف منه . فقد بكى عندما ذهب لتأبين حبيب بن مظاهر ، بكى واستعبر وقال : عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي ، وبكى عندما جاء إليه ولده علي الأكبر مودعا ، وفي المرة الأخرى عندما جاء عطشانا ، وبكى عندما رأى طفله الرضيع كالطير المذبوح مطوقا بسهم المنية . وتألم لحال النساء ، وأظهر كل ذلك . وأظهر ألمه من فقد الماء عنه وعن أصحابه ونسائه ، كما أظهر ذلك أصحابه أيضا .. ولعل أحدا يتصور ـ خاطئا ـ أن ذلك ضعف في الحسين وأصحابه ، ولكن الصحيح أنه ذروة الانسانية فلو لم يتألم الحسين لفقد أصحابه ، ولو لم يبك على أهل بيته ولو لم يشعر بالمعاناة لأجل نسائه ، لما كان انسانا سويا . إن الانسان السوي هو الذي يبكي على أخيه الصالح المجاهد ، وعلى ابنه المقاتل ، وعلى طفلته العطشى . ويتألم لفقد الماء . لكن هل يتحول هذا الألم إلى كابح عن السعي لتحقيق أوامر الله ؟ أو إلى معيق عن الالتزام بالموقف الجهادي والرسالي ؟ هذا هو الأمر المهم . لو حصل هذا لكان الحسين ضعيفا أمام ألم الأطفال وألم النساء وألم العطش ولكنه قال في كل موقف : هون علي ما نزل بي أنه بعين الله  . وقال ( رضا بقضائك وتسليما لأمرك ) وقال ( والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ..) وقال إني مقاتل برغم الألم : ( إني زاحف مع قلة العدد وكثرة العدو وخذلان الناصر ) . ونحن هنا نختلف مع بعض المحققين الذي يصرون على أن الحسين لم يطلب الماء ، ولم يُظهر ذلك .بناء على تصور منهم بأن ذلك يعني الضعف ، ونحن نقول إن تحقيق المسألة ينبغي أن يمر بالرواية التاريخية أولا فإن وجدت وكان عليها آثار الصحة ، فلا مانع من ذلك إذ لا يشكل هذا موضع ضعف ، بل كما قدمنا من أن الحسين أظهر هذا الألم ، وصبر عليه . وحوله فوق ذلك إلى تعرية لعدوه ، وكشف له على حقيقته ، وأنه لا يمتلك من المناقب الأخلاقية أي شيء .لقد أظهر الحسين قسوة عدو غير مبررة أبدا .. فماذا يعني أن يمنع الماء عن طفل رضيع ليموت عطشا ؟ في معركة كانت بين الرجال ؟ ماذا يعني أن يتم التعرض للنساء ( والنساء ليس عليهن جناح ) كما قال (عليه السلام) ؟ لقد قذف الحسين (عليه السلام) بنسائه في أتون الثورة ، ومنذ البداية ( شاء الله أن يراهن سبايا ) .فحول النساء اللاتي هن نقطة ضعف عادة إلى سلاح ونقطة قوة ، عندما أصر على أن يكن في الثورة ، وأن يتحدين الصعاب ، ويتحملن الألم والسبي ، ويتحولن بذلك إلى نقطة فضح للعدو مستمرة ، فكل متر يقطعونه في الطريق هو شاهد على إجرام بني أمية ، وكشف لحقيقتهم في البعد عن الاسلام .