مولد الامام الرضا عليه السلام والتقريب بين أتباع المذاهب

محرر الموقع
* تمرعلينا ذكرى ميلاد الامام الرضا عليه السلام ، وقد سمي الرضا كما قيل لأنه رضا لله في سمائه وللمؤمنين في أرضه ، أو لأنه رضي به المخالف والمؤالف أو رضي به المأمون . ومن الواضح أن تولية الامام الرضا عليه السلام العهد كانت في بدايتها مظهرا من مظاهر إنهاء القطيعة الظاهرية والعداء المعلن بين خطي الخلافة والإمامة في الأمة .. سواء كان هذا خدعة كما عليه مشهور المؤرخين وكتاب السير الشيعة ، أو كان اقتناعا من المأمون بشخصية الامام الرضا كما عليه قسم منهم ، وأكثر مؤرخي الجمهور .. وكانت طريقا لمعرفة عامة الناس بفضل الامام الرضا عليه السلام ، حيث تحول ديوان المأمون إلى منبر لنشر فضائل أهل البيت عليهم السلام ، وظهور تفوق الامام على غيره .. ولم يكن هناك حاجز نفسي يحول بينهم وبين تقدير الامام . * ربما يكون من أغراض التقريب بين أتباع المذاهب هذا الأمر بحيث يتعرف عامة الناس على الفكر الديني من دون حواجز دينية ونفسية . يتساءل البعض من الطائفتين ما هي فائدة السعي إلى مؤتمرات التقريب ؟ 1/ في البداية لا بد من فهم ماذا يعني التقريب ؟ فهل هو تذويب المذاهب ؟ بحيث يترك الشيعة بعض معتقداتهم ، والسنة البعض الآخر ويتفقون على أشياء معينة ؟ لا ريب أن هذا ليس هو المقصود ، وإنما المقصود منه هو إيجاد الأجواء المناسبة للتقارب بين أتباع المذاهب ، بحيث تكون العلاقة بينهم ليست عدائية ويبقى كل متمذهب على مذهبه ، مع عدم اعتدائه ـ ولو باللفظ ـ على أتباع المذهب الآخر . والامتناع عن التظاهر بالعداء لرموز المذهب الثاني . 2/ ربما يشكك البعض في فوائد هذا السعي ، فمن الجانب الشيعي ينبري البعض قائلا إنه مع كل هذه المؤتمرات لا زال الآخرون يكفروننا ، ويبدعوننا ، وينبري من الجانب السني آخرون ليقولوا بأن مؤتمرات التقريب هي ستار عن التبشير الشيعي! فتجد من يشكك من الطرفين .. والحقيقة أن كلا الطرفين المشككين خاطئان .. وذلك أن الأمة لا تخلو من أحد طريقين استراتيجيين ، ينتهيان إلى نتيجتين مختلفتين ويستخدم فيهما أدوات مختلفة فنهاية طريق التفرق والعداء ما وجدناه في العراق ولازال ، وباكستان ، وأفغانستان وبعض الدول الأخرى ، وأدواته الشتم والتحريض والمناكفات وتبادل الاتهامات ، ونهاية طريق التقريب هي إيجاد الجو المناسب ليستفيد كل طرف منه ، ويعيش الناس فيه في حال من الاسترخاء النسبي ..بل والتمكن من الاستفادة من الفكر الذي يملكه الآخر من دون حواجز أو عقد ! 3/ ربما ينتقل البعض من الحديث في الفوائد العامة إلى التشكيك في النتائج الفعلية ، وأنه لم يحصل شيء ولم نتقدم خطوة في هذا الاتجاه ! والجواب هو ما يقال عادة ـ وهو صحيح ـ عند الحديث عن نتائج التوجيه والارشاد ، وأنه ما لنا لا نرى آثارا واضحة لكل هذه الخطابات والمنابر والكتب ، والمواعظ ! وجوابه هناك : أنه تُرى كيف كان الأمر لو لم تكن هذه الخطابات والتوجيهات ؟ ونقول هنا أيضا : ماذا كان الأمر لو لم يكن هناك نداءات للوحدة ـ بالمعنى الذي ذكرنا ـ ؟ وماذا كانت النتائج لو كان جميع المسلمين يتجهون في طريق التفرقة ؟ إننا نعتقد أن الطريق الطويل والصعب هو الذي ينتج أهدافا عالية .. أما إشباع النفس بالعداء لهذا والتحرك ضد ذاك فهو من أسهل الطرق .. ولكنه ليس أحسنها !