علاقة الإنسان ومحيطه الاجتماعي(الاحتيال علاقة خاطئة)

محرر الموقع
جاء في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله : أيها الناس ، إن الوفاء توأم الصدق ، ولا أعلم جنة أوقى منه ، وما يغدر من علم كيف المرجع . ولقد أصبحنا فزمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كيسا ، ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة مالهم قاتلهم الله ! قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها مانع من أمر الله ونهيه ، فيدعها رأى عين بعد القدرة عليها ، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين. من العلاقات الخاطئة التي تربط الإنسان بمحيطه الاجتماعي هي علاقة الاحتيال .. وكما أن علاقة ( المغبونية والاستغفال ) التي تحدثنا عنها في اسبوع ماض ، هي علاقة غير مطلوبة إذ أن المغبون لا محمود ولا مأجور ، فكذلك هي علاقة الاحتيال على الآخرين هي أيضا غير صحيحة .. في تعريف الحيلة والاحتيال ذكروا أن : الحيلة : الحذق وجودة النظر والقدرة على التصرف في الأمور . وبحسب تعبير اليوم : يمكن أن يقال إن تدبر الأمر من قبل الشخص هو الذي يسمى بالحيلة في أصل اللغة .. أو أن يكون لدى الشخص خيارات متعددة في كل أمر ، ويفكر بطريقة مفتوحة .. بخلاف ذلك الشخص الذي تعيا عليه الأمور ، ولا يستطيع التصرف .وهي بهذا المعنى شيء لا بأس به بل هو مطلوب . وقلة الحيلة بهذا المعنى ، ليست حسنة ، بل هي من الأمور التي تحجز المرء عن طلب المعالي كما في الخبر عن الامام الصادق  : ثلاثة يحجزن المرء عن طلب المعالي : قصر الهمة وقلة الحيلة وضعف الرأي .( جهة نفسية ، وجهة عملية ، وجهة عقلية ونظرية ) . نعم هناك بعض الأمور التي تقل فيها الحيلة وعندئذ ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) كما قال الامام الحسين عليه السلام في كربلاء ( كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ..) . لكن بحسب التقسيم من خلال الغايات والوسائل التي تسلك يمكن تقسيم الحيلة إلى قسمين : 1/ ما يكون الغاية منه حلالا والطريق أيضا كذلك فهذا لا مانع منه ، وقد يأتي في الفقه في موارد كثيرة كما هو الحال في الفرار من الصوم بالسفر ، والفرار من الربا إلى المعاملة المحللة كأن يخالف بين الجنسين ، وإن كانت النتيجة واحدة ، وقد ورد أنه نعم الفرار من الحرام إلى الحلال . 2/ ما تكون الغاية منه محرمة ، وهذا لا يختلف أمره بين أن تكون وسيلته محللة أو لا .. ومن أمثلة ذلك الغش في المعاملات ، الكذب لتحصيل الأموال ، دعوى الاستشفاء بالقرآن لخديعة المستشفين . أخذ الشخص أموال التأمين من غير استحقاق ، الراتب من غير عمل ، الامتحان الحقيقي هو هنا ! فإنه يستقبح من الشخص أن يقال إنه سرق وكسر الأقفال ، لكنه يفعل نفس الفعل مع إحساس بالشطارة عندما يأخذ ما ليس بحقه ! استلام الرشوة مثلا لا يراه الشخص معيبا لكن السيطرة الظاهرية على ما لدى الغير منكر عنده ! لننظر لبعض الفتاوى في هذا الشأن ، وهي منقولة عن السيد السيستاني ( يراجع موقع السراج في الطريق إلى الله ) alseraj.net السؤال:هل يجيز سماحة السيد ـ دام ظله ـ لطبيب إعطاء تقرير طبي كاذب ‏أي يحوي على سرد حالة مرضية لشخص ليس به ذلك المرض ؟ ‏ الفتوى:لا يجوز إلا إذا كانت هناك ضرورة مجوزة . ‏ ‏4‏ السؤال:هل يجوز سماحة السيد ـ دام ظله ـ إستخدام التقارير الصحية غير ‏الصحيحة لتقديمها الى دولة أجنبية ـ غير إسلامية ـ لغرض الحصول على الاقامة أو تسهيلات ‏اُخرى ؟ ‏ الفتوى:لا يجوز .‏ ‏5‏ السؤال:انا شخص ادرس في معهد البحرين للتدريب واحيانا اغيب عن الدراسة ‏بسبب مناسبة معينة كاستشهاد امام معين , واذهب الى المستشفى لاخذ عذر واقدمه ‏للمعهد حتى لا ينزل معدلي , علما بانني غير مريض . هل هناك اشكال في الغياب , علما بانني ‏لا اخذ اجرة على الدراسة ؟ وهل يجوز لي الغياب ؟ ‏ الفتوى:يجوز الغياب ولايجوز الكذب والاحتيال . ‏ السؤال:‏ ما حكم الغش في الامتحانات في المدارس ..علما أن هناك من يدعي أن بعض ‏العلماء من يجيز الغش في الامتحان بحجة أننا مضطهدون في الدولة ولا بد من تحصيل درجات ‏عالية للنجاح وللحصول على وظائف ؟ ولكن ما يلفت النظر ان التلاميذ لا يذاكرون او لايهتم ‏أكثرهم بالدراسة , فما حكم الغش إذا ؟ ‏ الفتوى:لايجوز الغش في الامتحان بكل اساليبه وما ذكر لايبرره‏ السؤال:أنا أعمل في شركة أرامكو في المملكة العربية السعودية.. وهذه الشركة تمنح زيادة مقدارها ألف ومئتا ريال للموظفين المتزوجين وأنا لست متزوج , فهل يجوز لي أن أقدم للشركة عقد زواج مزوّر من اجل الحصول على هذه الزيادة في الراتب ؟ الفتوى:لايجوز . السؤال:في الدول الغربيّة يحصل اللاجئ على مقدار من المال يكفي لعيشه وعيش عائلته .. بيد أن بعض اللاجئين يعملون من دون علم الدولة للحصول على مبالغ ماليّة إضافية .. وهو ما يطلق عليه بالعمل بـ ( الاسود ) ، لأن الدولة إذا علمت أن شخصاً قادراً على العمل وعلى إعالة نفسه وأهله تقطع عنه المرتب المخصص له ، ما هو رأي الشرع الاسلامي في ذلك؟ الفتوى:لا يجوز اخذ المال منهم إلاّ مع اعلامهم بالحال . .‏‎ لسؤال:1 ـ في الدول الغربية هل يجوز سرقة المواد الاستهلاكية في الأسواق المركزية والعامة والتي تملكها شركات أفرادها من أهل الذمة ؟ 2 ـ نفس صيغة السؤال رقم 1 ولكن الأفراد كفرة ملحدون ؟ 3 ـ هل يجوز الاحتيال على قوانين بلدان الغرب وممارسة الكذب للحصول على مكسب مالي أو الهرب من المسائلة القانونية ؟ 4 ـ إذن متى يجوز سرقة الكافر ؟ الفتوى: 1 ـ لا يجوز . 2 ـ لا يجوز . 3 ـ لا يجوز مخالفة قوانينهم لمن دخل بلادهم أو أقام بها صورة رسمية ، ولا يجوز الكذب إلاّ لدفع ضرر ومنه دفع الضرائب فيجوز الكذب حينئذٍ . 4 ـ هؤلاء معاهدون لا تجوز السرقة منهم كما لا يجوز من غيرالمعاهد اذا كان فيها خطر عليه أو كانت موجبة لتشويه سمعة الاسلام والمسلمين .. انتهى . مما سبق يتبين أن الإنسان قد يستبشع ممارسة الذنب الصريح لكنه ليس كذلك عندما يكون الذنب مغطى بغطاء ( شرعي ) فإنه لو قيل له اسرق من جيب صاحب الشركة لقال أعوذ بالله ، لكن لو فكر في أن يأخذ تقريرا طبيا لمدة ثلاثة أيام وهو ليس بمريض ، حتى يحصل بواسطة التقرير الطبي على استمرار راتبه في هذه الأيام ، لعد ذلك أمرا عاديا أو ربما نوعا من الشطارة والفهم ! وهنا ما هي الموقف ؟ إن أمير المؤمنين عليه السلام يقول : قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها مانع من أمر الله ونهيه ، فيدعها رأى عين بعد القدرة عليها ، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين. ربما يشير إلى نفسه الشريفة أو أمثاله ملمحا إلى أن بإمكاني أن أرى طرقا متعددة للحصول على ما أريد وليس معاوية أدهى مني ولا عمرو أمكر ، وإنني ممن يرى وجه الحيلة ، لكن يحجزني عنها مانع من أمر الله ونهيه ، إن بنائي الشرعي يمنعني ، وأخلاقياتي لا تسمح لي بذلك ، لا أنني لا أعرف الطريق .. بينما يرى الآخرون وجه الحيلة ولا يردعهم عنها رادع شرعي ولا مانع أخلاقي ، فينتهزونها .. ولكن ( ما ظفر من ظفر الاثم به ) .